بيانٌ ثم بيان

ساعاتٌ قليلةٌ تفصل بين البيانات الصادرة عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف اللبنانية الأخرى، والهدف هو ضرب سعر صرف دولار السوق السوداء ولو اضطر الامر لزيادة دولار صيرفة بأرقامٍ خيالية، فبعد ان اصدر سلامة بيانًا جاء فيه، الحاقًا بالبيان السابق الذي نصَّ على شراء مصرف لبنان لكل الليرات اللبنانية مقابل الدولار الاميركي على سعر Sayrafa وهو ٣٨٠٠٠ل ل و بناءً على المادتين ٧٥ و ٨٣ من قانون النقد والتسليف التي اصدر من خلالها التعاميم المذكورة. وتحديدًا وتطبيقًا للبند “ب” يمكن لجميع المواطنين التوجه الى بنك الموارد AMBank في كل فروعه لأجراء هذه العمليات فورًا اذ ان المصرف المذكور وافق على تنفيذ هذه العمليات.
فعلى كل مواطن لم يتجاوب معه مصرفه المعتاد ان يتجه فورًا الى بنك الموارد.
ودعا البيان المصارف المستعدة لأخذ خطوة مماثلة بالتفضل من مصرف لبنان بالطلب كي يوافق عليها.
ما جاء في هذا البيان شكّل صدمة كبيرة للمضاربين في السوق السوداء، الذين تلقوا ضربة ثانية بإعلان بنك MEAB في كل فروعه إجراء هذه العمليات فورا وذلك بعد ان استحوذ المصرف على موافقة حاكم مصرف لبنان على تنفيذ هذه العمليات ضمن معايير الامتثال الكامل لقوانين النقد وتبييض الاموال المرعية الاجراء، لينخفض على اثرها الدولار بشكل سريع الى عتبة ال ٤٣٠٠٠ وينازع للبقاء عليها، لكنه سيعود قريبًا ومع مطلع الاسبوع الى ال ٤٠٠٠٠، والسؤال الابرز، هل سيستطيع سلامة الحفاظ طويلًا على هذه الاجراءات، وهل سيرضخ السوق ونصل الى دولار مُوحد بين صيرفة والسوق الموازية.
انخفاض اسعار النفط عالميًا وانخفاض الدولار ايضًا شكلا ضربةً موجعةً لكارتيلات المحروقات فقد اعلنت وزارة الطاقة خفض سعر صفيحة البنزين ١٣٧٠٠٠، والمازوت ١٥٢٠٠٠، كما انخفض سعر قارورة الغاز ٩٠،٠٠٠ وذلك بعد قرار الوزارة اعتماد سعر البنزين على صيرفة بالنظر لتمكن شركات المحروقات كغيرها من شراء الدولار من مصرف لبنان، لكن راحة محفظة المواطن لا تُناسب على الاطلاق عصابات السرقة التي اقفلت محطاتها ورفعت خراطيمها، مُعلنةً انها لن تشبع من سرقة الفقراء، فلا نستطيع وصف فرحتهم فور ارتفاع سعر الصفيحة، ولكن اذا انخفضت ارباحهم قليلًا يقيمون ثورة ويتبكبكون على شاشات التلفزة، ويقيمون جنائز على نيةِ دفن الوطن وعودة الازدحام.
اذاً مع مطلع السنة الجديدة نحن امام اختباراتٍ عدّة، تبدأ من قدرة سلامة على ضبط سعر موحد للدولار والسيطرة عليه، والامتحان الاكبر يقع على عاتق ساسة البلد الذين يتوجب عليهم تأمين هذه البيئة لحاكم المركزي من خلال التوافق على سلّة تبدأ بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية وصولًا لتشكيل حكومة وطنية.
المصدر: خاص رأي سياسي