اقتصاد ومال

بلبلة محدودة النتائج في إمدادات الغاز الروسي لأوروبا غير أنها تطرح تساؤلات

لم تكن للبلبلة في حركة نقل الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي خلال الأيام الأخيرة انعكاسات كبرى على الإمدادات، لكنها تجعل مسألة البحث عن بدائل أكثر إلحاحا، كما تطرح تساؤلات حول نوايا كل من موسكو وأوكرانيا.
في العام الماضي استورد الاتحاد الأوروبي نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، بينها 140 ملياراً عبر خطوط الانابيب و15 مليارا فقط من الغاز الطبيعي المُسال. ويمثل ذلك 45 في المئة من وارداته من الغاز ونحو 40 في المئة من مجمل استهلاكه.
وبعد التدخل العسكري الوسي في أوكرانيا اقترحت المفوضية الأوروبية حظراً تدريجياً على النفط الروسي – رفضته المجر حتى الآن- لكن بدون تقديم أي اقتراح مماثل يشمل الغاز.
وتقاوم بعض الدول، مثل ألمانيا التي تعول في شكل كبير على هذه الواردات، الدعوات الاوكرانية إلى فرض حظر شامل على الطاقة.
ويؤمن مجال الطاقة لروسيا عائدات مالية بالغة الاهمية. ففي الشهرين الاولين اللذين أعقبا غزو أوكرانيا صدَّرت موسكو ما قيمته 63 مليار يورو من الطاقة الناتجة من الوقود الاحفوري، بينها 44 مليارا نحو الاتحاد الأوروبي، حسب مركز الطاقة والهواء النظيف للابحاث.
وتقلصت شحنات الغاز الروسي عبر خطوط تعبر أوكرانيا منذ الاربعاء الماضي، وخصوصاً بعد توقف محطة عبور على الحدود الروسية الاوكرانية.
قالت اوكرانيا أنها لم تعد قادرة على ضمان تسليم الكميات عبر سوخرانيفكا في منطقة لوغانسك بسبب وجود القوات المسلحة الروسية. وطلبت كييف من مجموعة «غازبروم» الروسية زيادة الكميات التي تعبر موقعا آخر هو سودجا، لكن موسكو ردت بأن ذلك مستحيل من الناحية التقنية.
وعلق أولي هفالبي من مصرف «سيب» الاسكندينافي «عادة، فإن 30 في المئة من الغاز الطبيعي الروسي المصدر إلى أوروبا عبر انابيب يمر بأوكرانيا، و30 في المئة من هذه الكمية تعبر سوخرانيفكا».
هذا يعني أن الخسارة تشكل 2 في المئة من كامل الاستهلاك الأوروبي وفق حساباته. ورغم أن الامر ليس «دراماتيكيا» في رأيه فإنه «بمثابة مؤشر إلى ما يمكن أن يحصل لاحقاً».
كذلك، اعلنت «غازبروم» أمس الأول أنها توقفت عن استخدام أنبوب آخر لايصال الغاز إلى أوروبا عبر بولندا.
لكن تأثيرات هذا القرار محدودة لأن هذا الخط (يامال-أوروبا) كان ينقل كميات ضئيلة منذ اشهر عدة، حسب مصدر في السوق. وأضاف المصدر أن «هذا الامر لن يشكل أي فرق مع استمرار تسليم شحنات الغاز في إطار عقود طويلة المدى» عبر خطوط أخرى مثل «نورد ستريم1».
ويرى بعض المحللين أن أوكرانيا المستاءة من إحجام الأوروبيين عن فرض حظر شامل على الطاقة الروسية، تتعمد إحداث اضطرابات في الصادرات التي تعبر أراضيها.
وفي هذا السياق، علّق كارستن فريتش من «كومرتسبنك» الالماني قائلاً «ربما تحاول أوكرانيا ممارسة ضغط على المجر لتوافق على حظر نفطي أوروبي يطاول روسيا».
لكن السؤال الذي لا يستيع أحد الإجابة عليه هو: هل يمكن أن تقرر روسيا وقف صادراتها نهائيا وحرمان نفسها من عائدات حيوية لمواصلة حربها؟
وأوضح كوشال راميش من مكتب «ريستاد إنِرجي» النرويجية الاستشارية أنه «يمكن أن تعمد غازبروم إلى وقف ايصال الغاز من جانب واحد. وفرص حصول ذلك ضعيفة لكنها ليست معدومة».
وأضاف المحلل «ثمة سوابق تاريخية تتصل بوقف شحنات الغاز من جانب غازبروم، إذ حصل ذلك مرارا بين 2005 و2014» والتوتر الراهن «يمهد الارضية لفصل جديد».
وفي رأيه فأن ذلك لن يباغت الأوروبيين ولديهم ما يكفي من الاحتياطات لمجمل العام، رغم أن الوضع سيكون اكثر تعقيدا للشتاء المقبل.
وتسعى الدول الأوروبية إلى تنويع مصادر الإمداد. فألمانيا مثلا ً تقول أنها قادرة على تعويض التراجع الاخير في الكميات الروسية عبر عمليات شراء من النروج وهولندا لاستكمال احتياطاتها قبل الشتاء المقبل.
وفي مواجهة الاحتمالات الصعبة يعول الأوروبيون خصوصاً على الغاز الطبيعي المُسال الذي يمكن نقله من طريق البحر في مختلف انحاء العالم. وثمة مشاريع عدة لتلقيه كما في الكسندروبوليس في اليونان ولو هافر في فرنسا.
وتريد بعض الدول أن تزيد مؤقتا من إنتاجها للغاز على غرار الدنمارك عبر الاستعانة بحقول حديثة العهد في بحر الشمال. وصوت أعضاء مجلس الشيوخ الروماني على اقتراح قانون يمهد لاستخراج الغاز من البحر الاسود.
ورأى الخبراء أن الوضع الحالي يشكل حجة إضافية للإسراع في تدشين مرحلة انتقالية على هذا الصعيد. واورد مركز «جي3إي» للابحاث المتخصص في المناخ أن «حلولاً ذاتية يمكنها أن تشكل بديلاً من ثلثي الغاز الروسي بحلول 2025».
وهناك أيضا الغاز الأقل تلويثاً المستخرج من النفايات الغذائية والذي تناهز كمياته حاليا 18 مليار متر مكعب سنويا، حسب الجمعية الأوروبية للغاز غير الملوِّث.
ويبدو أن القطاع بات «مستعدا لتأمين 35 مليار متر مكعب بحلول 2030»، أي 10 في المئة من الطلب الراهن على الغاز في الاتحاد الأوروبي وأكثر من 20 في المئة من الواردات الأوروبية من روسيا.

المصدر- أ.ف.ب

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى