“بروفة” انتخاب بري كرسالة رئاسية
كتب غسان حجار في “النهار”:
يرى رئيس “#التيار الوطني الحر” صهر العهد ورجله القوي، النائب جبران باسيل، الى نفسه لاعباً أساسياً في اختيار رئيس الجمهورية المقبل، إن لم يحالفه الحظ بالوصول شخصياً الى قصر بعبدا، وهو صرّح قبل يومين بأنه غير مرشح طالما أنه لم يعلن ذلك للملأ. واذ اختصر المسألة بأنها “ليست أكلة طيّبة لاننا اختبرنا أن الموقع استُعمل لإفشال المشروع، ولكن لن نقبل بأن يفقد الموقع ميثاقيته وقوته التمثيلية، والمشروع هو الأهم”. وقد اصرّ على رفضه الاتيان برئيس غير قوي يحفظ التوازنات، ولا يُستولد في كنف الآخرين، وهي العبارة التي لطالما رددها النائب السابق لرئيس #مجلس النواب إيلي الفرزلي في معرض دفاعه عن القانون الارثوذكسي الذي يحفظ لكل طائفة أن تختار نوابها، وأن تسمي وزراءها لاحقاً، إحقاقاً لحقوق المذاهب والطوائف في بلد التسويات الطائفية.
والذي حصل في انتخابات رئاسة مجلس النواب أظهر أن “الأقلية” الحالية لا تزال أكثرية. وهذه معادلة يصعب فهمها في غير لبنان، إذ إن الأقلية فرضت خيارَيها في انتخابات رئيس المجلس ونائبه، قبل ان تظهر فاعليتها بشكل فاضح في انتخابات اللجان النيابية ورؤسائها، اذ انضمت قوى معارضة لأحزاب السلطة الى المنظومة للمحافظة على مكتسباتها في رئاسات اللجان.
لكن الخطير في ما حصل، هو أن الرئيس بري تمكن من بلوغ الـ65 صوتاً من دون “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، أي القوتين المسيحيتين الأكبر. وعملية الاقتراع شكلت “بروفة” لما يمكن أن يكون عليه الاستحقاق الرئاسي المقبل، إذ يمكن للأقلية الحالية اختيار الرئيس الذي يناسبها وتؤمّن له الأصوات اللازمة، في اتفاق ضمني بين الثنائي الشيعي، وحلفائه من السنّة، وكتلة “اللقاء الديموقراطي”، والطاشناق، و”المردة”، وبعض المستقلين.
وبالتالي يمكن إقصاء القوى المسيحية من “تيار” و”قوات” وكتائب. وهذا ما يمكن أن يولّد لدى هذه القوى مجدداً الشعور بالغبن والاضطهاد، ويدفعها مجددا الى الاصطفاف في خندق واحد.
مغزى هذا الكلام أن رئيس “التيار الوطني الحر” لم يعد ذلك اللاعب الفاعل الذي يظنه، إلا اذا قررت الأحزاب المسيحية مقاطعة الجلسات، واعتبارها فاقدة الميثاقية، لتعطيل الاستحقاق من أساسه. وهذا الامر يحتاج ضمناً الى اعادة ربط النزاع خصوصا مع “القوات اللبنانية”.
وبعد، فإن الاستحقاق الرئاسي قد يعود الى الداخل، هذه المرة أيضاً، في ظل تعقيدات تحيط بالاتفاق النووي الايراني – الاميركي، وعدم الاتفاق على ساحات عدة بينها لبنان، وكذلك تعثّر الحوار السعودي – الإيراني، ما يعني أن الاتكال على الخارج، وربط الرئاسة بتطورات إيجابية في تلك الملفات، يمكن أن يتحوّل سراباً.
واذا كان الجميع يراهن على عدم قدرة “حزب الله” هذه المرة، على فرض رئيس للجمهورية، ولو أنه يملك قدرة التعطيل حتماً، فإن إطالة أمد الفراغ، وربط أي مساعدات لما بعد الاستحقاق، وتسريع عملية الانهيار، يمكن أن تقود الحزب وحلفاءه مجدداً الى خيار رئيس مواجهة. وهذا آخر الدواء، لأن الحزب يدرك قبل غيره، أن الأزمة المالية المستفحلة، لا يمكن أن تُحل في الداخل، ولا في الكلام الإيراني المنمّق عن مساعدة لبنان، ويؤكد الكلام الأخير للسيد حسن نصرالله عن الثروة النفطية وما يمكن أن تدرّه على البلد، صحوة متزايدة الى أهمية توفير “السيولة النقدية” من أي باب أتت، لأن محاولات الاستعاضة عن الدولة ومؤسساتها، بمؤسسات بديلة لسد النقص، لم تنجح، والمساعدات من غير الدول العربية بمفتاح دولي لم، ولن تجدي نفعاً.