بدء زمن ما بعد الإنتخابات النيابيّة… أبرز المؤشرات حول أهميّة المرحلة المقبلة
كتب محمد علوش في “الديار”:
بعد أن طغت الخلافات على “الفريق الثوري” أو “التغييري” في معظم الدوائر، ما أدى لنشوء لوائح معارضة في كل دائرة، بدل توحيد الجهود في لائحة واحدة تجمع أصوات الممتعضين والمعارضين، وتكون قادرة على إيصال المرشحين الى المجلس النيابي، يمكن القول أن “التغيير” المنشود في المجلس لن يتحقق، بحسب مصادر متابعة، والصراع سيكون بشكل أساسي بين القوى السياسية المعروفة، حتى أن الأرقام والتوقعات باتت تُشير الى أن المعركة ستطال حوالي 25 مقعداً فقط، وبالتالي لم تعد الانظار شاخصة نحو الاستحقاق النيابي الذي كان يعوّل عليه كثيراً.
لم يتمكّن كل الزخم الدولي من إنتاج معركة انتخابية تُنتج تغييراً بالأحجام السياسية، وهذا لا يعني أن الاهتمام الدولي يغيب عن الانتخابات، تضيف المصادر، إنما قد يكون له أهداف أخرى بعد أن اكتشف صعوبة تحقيق هدفه بالتغيير، وينطبق هذا الامر على القوى العربية، والخليجية تحديداً، فعودة السفراء العرب الى بيروت قبل موعد الإنتخابات ليس هدفه المشاركة بفعالية فيها، بل هدفه المرحلة المقبلة.
إذاً قبل شهر تقريباً على بدء الانتخابات، أصبح الإهتمام في مكان آخر، وتحديداً في المرحلة التي تلي الانتخابات ويُفترض أن تشهد أحداثاً متسارعة تسبق الانتخابات الرئاسية، والدلائل على أهمية المرحلة المقبلة وما تحمله من متغيرات كثيرة، أبرزها:
في السياسة الإقليمية والدولية، يقع الملف النووي الإيراني على رأس قائمة الأولويات، والمعلومات كلها تُشير الى اقتراب الوصول الى اتفاق، يليه ملف العلاقات الإيرانية – السعودية التي دخلت مرحلة متقدمة منذ أسابيع، لكن الملف لم يشهد نتائج حاسمة بعد بسبب علاقته مع الحرب اليمنية، التي دخلت بدورها طريقاً جديداً، قد نشهد بآخره اتفاقاً على وقف الحرب، ما يساعد بالوصول الى نتائج إيجابية على صعيد العلاقات الايرانية – السعودية مع ما يعني ذلك من انعكاس على الوضع في لبنان. كذلك في السياسة الإقليمية، ملف العلاقات السورية العربية وعودة سوريا الى الحضن العربي.
اما في الشؤون الداخلية اللبنانية، تقول المصادر ان هناك مؤشرات حول أهمية المرحلة المقبلة والاستحقاقات المنتظرة، أبرزها توقيع الاتفاق المبدئي بين الحكومة اللبنانية ووفد صندوق النقد الدولي، حيث يُفترض ان تبدأ ترجمة الاتفاق بعد الانتخابات، على أن يكون له متطلبات سياسية لا محال رغم كل ما يُقال عكس ذلك، فهذا الإتفاق المبدئي لم يكن ليوقّع لولا رضى أميركي سياسي. وملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، والذي عادت السفيرة الاميركية لتحريكه مؤخراً، علماً أن المعطيات تؤكد أنه لن يشهد جديداً قبل الانتخابات النيابية.
كذلك تأتي زيارة البابا فرنسيس الى لبنان لتعطي صورة واضحة حول أهمية الاستحقاقات المقبلة على البلد، فالفاتيكان الذي أكد مراراً اهتمامه بالحالة اللبنانية، لا بل أكثر من ذلك مشاركته كلاعب أساسي على طاولة البحث عن شكل نظام جديد للبنان، سيزور بيروت بعد الانتخابات، ليكون صورة واضحة حول المستقبل. بالإضافة الى ذلك لا يمكن عدم التركيز على العودة الخليجية الى بيروت، والاتصالات الخليجية برئيس الحكومة نجيب ميقاتي والتأكيد على استقرار لبنان وأمنه واقتصاده، وتأكيد دعمه للخروج من أزمته.
وتشير المصادر الى ان فرنسا تلعب الدور الأبرز في مستقبل لبنان، بسبب علاقاتها الجيدة مع كل الأفرقاء ومنهم حزب الله، وبحال فاز الرئيس الحالي بالإنتخابات الرئاسية، فإن لديه النية لعقد مؤتمر لبناني في فرنسا، قد يُنتج رئيساً وعناوين المرحلة المقبلة، خاصة أن لبنان اعتاد منذ ما بعد الخروج السوري من لبنان أن لا يصل رئيس جمهورية الا على متن تسوية، يبدو هذه المرة أنها ستكون أبعد من إسم الرئيس.
إن كل هذه المعطيات تجعل كل القوى السياسية تتحدث عن أهمية نتائج الانتخابات النيابية وما ستفرزه من أحجام ستكون مؤثرة للغاية في المرحلة المقبلة.