أخبار عاجلةأبرزشؤون لبنانية

بالتفاصيل… هذه استراتيجية الحكومة للنهوض بالقطاع المالي

لفتت صحيفة “الشرق الاوسط” الى انه في انتظار حسم مجرى التطورات المقبلة ووجهتها، تقر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في مذكرتها الإنقاذية التي حصلت الصحيفة على نسخة منها، بأن القطاع المالي تعرض إلى ضرر كبير، جراء الركود الاقتصادي العميق، وتدهور سعر الصرف، وانكشاف ودائع المصارف التجارية لدى مصرف لبنان، والحاجة إلى إعادة هيكلة الديون السياديّة. وهو ما يتطلب إعادة رسملة وإعادة هيكلة كبيرة، ستؤدي إلى تقليص حجم هذا القطاع.
لكن الحكومة تستخلص نتيجة ملتبسة، ليس بتقدير إجمالي الخسائر التي تتعدى 70 مليار دولار، إنما بتصنيفها كفجوة لدى الجهاز المصرفي حصرياً. وذلك رغم اعترافها بأن الخسائر ناجمة عن تخلف الدولة عن سداد الديون السيادية نتيجة سياسات مالية غير منتظمة على مدى سنوات عديدة، في حين أنّ الخسائر الضخمة التي تكبدها مصرف لبنان هي نتيجة قيامه بعمليات مالية هدفت إلى جذب تدفقات رأس المال للحفاظ على سعر الصرف الثابت المبالغ في قيمته، ولتمويل العجز في الموازنة. مع التنويه بأن محافظ القروض الخاصة بالمصارف التجارية ستؤدي إلى خسائر إضافية، يصعب تحديد قيمتها في هذه المرحلة.
وتشير المذكرة إلى وجوب الاعتراف بهذه الخسائر بهدف التخلّص من عنصر الشَكّ الذي يَحوم حول الاقتصاد، لقاء تعهد بتطبيق استراتيجية النهوض بالقطاع المصرفي بالوقت المُناسب، وذلك بالاستناد إلى حل الترابط بين ميزانيات المصارف التجارية والديون السيادية وميزانية مصرف لبنان، وإعادة رَسملة البنك المركزي، وتحسين عملية إعداد تقاريره المالية لإعادة بناء الثقة. كذلك إعادة هيكلة ورسملة المصارف التجارية القابلة للاستمرار، وذلك من خلال جلب رأس مال جديد بعد استيعاب الخسائر القائمة.
وإذ تنشد الحكومة احترام الشفافيّة المطلقة خلال تطبيق هذه الاستراتيجية، فإنها تتجنب تماماً إظهار أي موقف رسمي أو إشارة إلى المطلب الاقتصادي والمصرفي بأولوية تأسيس صندوق استثماري للأصول السيادية، يضمن مساهمة الدولة في حمل الجزء الوازن من الفجوة المالية، باعتبار أنها هي الجهة المدينة بنحو 100 مليار دولار، بتمويل رئيسي من البنك المركزي وجزئي من البنوك وسندات الدين الدولية البالغة نحو ثلث الدين العام، والمحمولة من مؤسسات محلية وأجنبية، أو المشرعة عبر موازناتها السنوية للإنفاق على كلفة حماية الاستقرار النقدي وتثبيت سعر صرف الليرة.
وتكتفي ورقة الحكومة بالتزام احترام تراتبية الحقوق والمطالب عند استيعاب الخسائر، إنما تقر مسبقاً بالتوجه إلى إلغاء رأس مال حاملي الأسهم وسندات الديون الثانوية، ومن ثمّ ودائع الأطراف ذات الصلة. وبالتوازي وجوب عدم استخدام دعم الحكومة إلا إذا كان متسقاً مع القدرة على تحمّل الديون لإعادة رسملة مصرف لبنان الذي يستفيد منه جميع المودعين. بينما يجري حل المصارف التي تعتبر غير قابلة للاستمرار، بما يتماشى مع القانون الطارئ لإعادة هيكلة المصارف الذي سيقره مجلس النواب، والذي من المرجح أن يؤدي إلى أن يحصل المودعون في هذه المصارف على مبالغ من ودائعهم.

  • حماية صغار المودعين
    وبعدما خفضت الحكومة سقف الحماية للودائع القابلة للحماية من حد 500 ألف دولار، بحسب الاقتراح السابق للحكومة السابقة، إلى مستوى 100 ألف دولار فقط، اكتفت في الورقة المعدلة بالحديث عن حماية صغار المودعين إلى أقصى حد ممكن، في كل مصرف قابل للاستمرار، وذلك تبعاً للتقييم الرقابي. ولهذه الغاية، سيتمّ وضع حد أدنى لحماية موحدة، تنطبق على جميع ودائع المودع الواحد في أي من المصارف التي تعتبر قابلة للاستمرار. ولن تستفيد من هذه الحماية أي زيادات طرأت على رصيد المودع بعد تاريخ 31 مارس (آذار) من العام الحالي.
    وفي المرحلة التمهيديّة للعملية، تتضمن خطة الحكومة «إلغاء تعددية أسعار الصرف الرسمية، بحيث يكون هناك سعر صرف رسمي واحد فقط، يتمّ تحديده على منصة (صيرفة)، ولحينه ستكون منصة (صيرفة) قد تحولت إلى منصة تداول أساسية واحدة لعمليات القطع. كما سيتوجب وضع مجموعة من الافتراضات حول طريقة إعادة هيكلة سندات (اليوروبوند). في حين أن المعايير الدقيقة لهذه العملية يرجح أن تكون غير معروفة، فمن المهم أن تتعامل الحكومة مع حاملي السندات لتكون قادرة على وضع فرضيات معقولة».
    وتلتزم الحكومة إعادة تكوين رأس مال مصرف لبنان؛ حيث تشير التقديرات التي أجرتها إلى ضخامة رأس المال السلبي المتراكم لديه؛ حيث يزيد عن 60 مليار دولار أميركي، غير أن القيمة الحقيقية بحاجة إلى مزيد من التدقيق. لكن الملف المرجح أن يلقى اعتراضات واسعة من قبل المصارف ومودعيها، أن الحكومة تقترح للمعالجة إلغاء أو شطب جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف، وذلك لتخفيض العجز في رأس مال مصرف لبنان، وإغلاق صافي مركز النقد الأجنبي المفتوح للمصرف. كما تنطوي هذه الاستراتيجية على إعادة رسملة جزئية بسندات سيادية قدرها 2.5 مليار دولار أميركي، يمكن زيادتها إذا اتسق ذلك مع قدرة الدولة على تحمّل الديون. أما ما تبقى من الخسائر السلبية في رأس المال فسوف تُلغى تدريجياً على مدى 5 سنوات.
    وتتضمن الخطوة التالية: «تحديد حجم احتياجات إعادة رسملة المصارف كل على حدة، وإعادة صياغة ميزانياتها. وذلك عبر إجراء تقييم لخسائر كل مصرف على حدة، وتحليل لبنية الودائع وهيكلية الودائع لأكبر 14 مصرفاً (ما يمثّل 83 في المائة من الأصول) سوف تجريه لجنة الرقابة على المصارف بمساعدة شركات دولية مرموقة، تشمل مشاركة مراقبة من الخارج. وتالياً إعادة رسملة داخلية كاملة للمصارف. وهذا يعني ضمناً، فيما يتعلق بالودائع التي تتخطى الحدّ الأدنى المستفيد من الحماية، إما تحويلها إلى أسهم (Bail-in) (من خلال حذف جزء منها أو التحويل إلى أسهم) و/أو تحويل ودائع العملات الأجنبية إلى الليرة اللبنانية بأسعار صرف ليست تبعاً لسعر صرف سوق القطع». كما سيتم الطلب من المساهمين السابقين أو الجدد أو كليهما، الالتزام بضخ رأس مال جديد في المصارف التي اعتبرتها لجنة الرقابة على المصارف قابلة للاستمرار، وذلك بناءً على التحليل الاستشرافي لخطط عمل هذه المصارف، بعد إعادة الرسملة الداخلية. وفي هذا الصدد، سيتمّ الاتفاق على خطط لإعادة الرسملة موثوقة ومحددة بإطار زمني على وجه السرعة، لاستعادة الحد الأدنى من كفاية رأس المال. بينما سيجري حل كافة المصارف غير القابلة للاستمرار من خلال الإجراءات الفورية التي سوف تطبق بمقتضى القانون الطارئ لإعادة هيكلة المصارف، وذلك في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
    وفي الخطوة الأخيرة، تلتزم الحكومة بتعزيز الإطار التنظيمي الكامل للقطاع المصرفي، من خلال مراجعة التشريعات المصرفية الأساسية، وأطر الرقابة، واتخاذ القرارات، وتأمين الودائع. وذلك عبر تعزيز المهام والصلاحيات والحوكمة، والوصول إلى المعلومات والحماية القانونية، واستقلالية ومساءلة لجنة الرقابة على المصارف، وزيادة كفاءتها من حيث التدخلات المبكرة، وذلك بحلول شهر سبتمبر 2023.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى