اليابان توازن بين التحفيز الاقتصادي وإشارات التشديد النقدي.

تزداد الإشارات الواردة من اليابان حول أمرين: أولاً، فتح الباب واسعاً أمام تعديل سياسات البنك المركزي، والتخلي المحتمل عن التيسير النقدي الفائق، وثانياً المضي قدماً في مزيد من إجراءات التحفيز الاقتصادي الجديدة. وقال محافظ بنك اليابان كازو أويدا، في مقابلة صحافية مطلع هذا الأسبوع، إن البنك قد يحصل على بيانات كافية بحلول نهاية العام، يحدد بموجبها ما إذا كان يمكنه إنهاء أسعار الفائدة السلبية.
وتسببت هذه التصريحات في تحقيق الين يوم الاثنين أكبر مكاسبه اليومية مقابل الدولار، منذ 12 يوليو (تموز) الماضي، مع صدى واسع مرحب في جميع الأسواق. ويتعرض الين لضغوط هائلة أمام الدولار، نتيجة لازدياد فروق أسعار الفائدة مع الولايات المتحدة، منذ أن بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) دورة الرفع الحاد لأسعار الفائدة في العام الماضي، بينما تمسك «المركزي الياباني» بسياساته النقدية بالغة التيسير.
وفي المسار الموازي لتعديل السياسات النقدية، ذكرت وكالة «كيودو» للأنباء يوم الثلاثاء، أن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا يدرس الإبقاء على وزير المالية شونيتشي سوزوكي في منصبه الحالي، في تعديل وزاري وشيك. ومن شأن الاستمرارية في وزارة المالية أن تؤكد تركيز الإدارة على السيطرة على الانخفاض الحاد في قيمة الين، وتجميع حزمة جديدة من الإجراءات لتخفيف الضربة الناجمة عن ارتفاع تكاليف المعيشة.
ومن المقرر أن يجري كيشيدا تعديلاً وزارياً يوم الأربعاء، لأسباب، منها دعم معدلات تأييده المتراجعة، على الرغم من أن معظم الوزراء الرئيسيين في الحكومة من المتوقع أن يحتفظوا بمناصبهم، في إشارة إلى أنه لن يكون هناك إصلاح جذري للسياسات الاقتصادية. وذكرت صحيفة «يوميوري» في وقت سابق، أن كيشيدا قرر الاحتفاظ بكبير أمناء مجلس الوزراء هيروكازو ماتسونو.
ومنذ أن أصبح وزيراً للمالية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، أشرف سوزوكي على تدخل الحكومة في شراء الين العام الماضي، وأصدر مؤخراً تحذيرات شفهية عندما وصل الين إلى أدنى مستوى له في 10 أشهر مقابل الدولار الأسبوع الماضي. ويتعافى الاقتصاد الياباني بشكل متأخر من جراح جائحة «كوفيد-19»، على الرغم من أن ارتفاع تكاليف الوقود والغذاء أثر على الاستهلاك.
وفي حين يعمل ضعف الين على تعزيز أرباح المصدرين، فإنه يلحق الضرر بتجار التجزئة والأسر من خلال رفع تكاليف الوقود والمواد الخام المستوردة.
وتجاوز التضخم هدف بنك اليابان البالغ 2 في المائة للشهر السادس عشر على التوالي في يوليو، مما فتح المجال أمام البنك المركزي للتخلص التدريجي من برنامج التحفيز الضخم؛ ولكنه زاد الضغط على الإدارة لتخفيف الألم على الأسر. وقال كيشيدا الشهر الماضي إنه يعتزم ضح حزمة من الإجراءات الاقتصادية في سبتمبر (أيلول) الجاري، تشمل دعماً للحد من فواتير البنزين والمرافق العامة.
وفي غضون ذلك، تراجع العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات من أعلى مستوى في أكثر من 9 سنوات ونصف يوم الثلاثاء، بعد أن أوقف مزاد سلس لسندات 5 سنوات سلسلة من المبيعات الضعيفة، مما عزز المعنويات. واستقر العائد القياسي لسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات عند 0.705 في المائة، بعد أن وصل في وقت سابق إلى 0.72 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ 7 يناير (كانون الثاني) 2014. وفي الوقت نفسه، انخفض العائد على سندات الخمس سنوات بمقدار نقطة أساس واحدة إلى 0.27 في المائة بعد المزاد، متراجعاً عن أعلى مستوى قياسي له في 8 أشهر عند 0.29 في المائة. وكانت المزادات الأخيرة ضعيفة؛ حيث ينتظر المشترون على المدى الطويل ارتفاعاً نهائياً في العائدات، بعد أن قام بنك اليابان -وهو حتى الآن أكثر تشدداً بين البنوك المركزية العالمية- بتعديل سياسته للتحكم في منحنى العائد في أواخر يوليو الماضي.