أبرزرأي

«الوكالة الدولية» نحو إدانة طهران | أميركا – إيران: تفاوض على وقع التهديد

كتب محمد خواجوئي, في الأخبار:

رغم تحديد موعد الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، الأحد المقبل، في مسقط، إلّا أنّ مستجدّات الأيام الأخيرة أضفت عليها جوّاً من التشنّج، مع ترجيح تبنّي مجلس محافظِي «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» المجتمع حالياً في فيينا، مشروع القرار الذي أعدّته أميركا والترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا)، والذي يدين إيران لاتّهامها بانتهاك التزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي. ومن شأن ذلك أن يضاعف الضغوط على طهران، ويؤدّي بالتالي إلى ارتفاع مستوى التصعيد، وهو ما عكسته أيضاً التصريحات الأميركية التي تراوحت بين اتّهام الجمهورية الإسلامية بأنّها أصبحت أكثر حدّة في المفاوضات، وبين تهديدها بـ«قوة ساحقة» لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

وأعلن مدير الوكالة، رافاييل غروسي، في تقريرَّيه الدوري والشامل حول البرنامج النووي الإيراني واللّذين قدّمهما أمام الاجتماع، أنّ «إيران زادت خلال الشهور الأخيرة من مخزونها من اليورانيوم بنسبة تخصيب قريبة من الشقّ العسكري»، منتقداً «التعاون الأدنى من المتوقّع لإيران في مجال مراقبة برنامجها النووي»، وهو ما اعتبره المسؤولون الإيرانيون «مغرضاً»، وحذّروا من أي «استغلال سياسي» له.

غير أنّ جميع المؤشّرات تدلّ على أنّ مشروع القرار المقترح من الغرب سيتبنّاه الأعضاء الـ35 لمجلس المحافظين، لتُدان إيران للمرة الأولى خلال الأعوام الـ20 الماضية على خلفيّة «انتهاك التزاماتها» وفقاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

ومع ذلك، فإنّ المؤشّرات تفيد بأنّ القرار المنتظر، وعلى النقيض من سابقه الصادر عن مجلس المحافظين لعام 2005، لن يُحيل إيران إلى مجلس الأمن. إذ ترى القوى الأوروبية الثلاث وأميركا أنه يجب منح طهران فرصة أخيرة للتعاون مع الوكالة خلال الشهر أو الشهرين المقبلين والإيفاء بالتزاماتها؛ وبغير ما تقدّم، قد يقوم مجلس المحافظين، ومن خلال اجتماع طارئ يُعقد في حينه، باستصدار قرار جديد يُحيل بموجبه طهران إلى مجلس الأمن. وسيشكّل هذا التطور بداية مسار يستغرق أسابيع عدة، لتفعيل «آلية الزناد» قبل انتهاء سريان قرار مجلس الأمن 2231 في 18 تشرين الأول المقبل. وفي حال إلغاء القرار المشار إليه، تعود العقوبات الأمميّة السابقة إلى جانب العقوبات الأميركية الأولية والثانوية مجدّداً. لكن إذا أسفرت دبلوماسية إيران مع الغرب في الأسابيع المقبلة عن إبرام اتّفاق، فإنّ هكذا سيناريو سيحول دون تفعيل آلية الزناد.

وكان قد بدأ هذا التحدي بالظهور اعتباراً من نيسان 2018، حينما انسحبت الولايات المتحدة بصورة أحادية من الاتّفاق النووي المُبرم عام 2015، وأعادت عقوباتها على إيران. وبعد عام من ذلك، بدأت طهران، في خطوة انتقامية، بخفض التزاماتها الواردة في الاتفاق، إذ تجاهلت حدود التخصيب بنسبة 3.67% المسموح بها، وأوصلت النسبة إلى 60%، كما خفّضت مستوى تعاونها مع «الوكالة الدولية»، بما في ذلك في مجال عمليات المراقبة. وأدّى فشل المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي خلال السنوات الأخيرة، واستمرار الضغوط الأميركية على إيران، إلى استخدام الأخيرة تطوير برنامجها النووي كأداة وورقة، وألّا تتّجه كما كان متوقّعاً نحو تسوية خلافاتها مع «الوكالة الدولية» بصورة أحادية.

طلب ترامب من نتنياهو استبعاد الهجوم على إيران من جدول الأعمال

وساهمت الجولات الأخيرة من المفاوضات بين إيران وأميركا، والتي انطلقت في نيسان الماضي، للوصول إلى اتفاق نووي جديد، في بعث الأمل مجدّداً بتحقيق تلك التسوية. لكن بعد خمس جولات من المفاوضات بوساطة عمانية، لم يتبلور أي أفق يبشّر بالتوصّل إلى اتفاق بين الطرفين اللّذين تحوّلت خلافاتهما خلال الأسابيع الأخيرة بشأن التخصيب في إيران، إلى تحدٍّ كبير وعقبة تعترض المفاوضات. وبينما تُصرّ واشنطن على الإيقاف الكامل لبرنامج التخصيب، تعتبر طهران أنّ هذا البرنامج يشكّل خطّاً أحمر بالنسبة إليها. ومع ذلك، لا يزال الطرفان يصرّان على مواصلة المحادثات، ويحدوهما الأمل بالتوصّل إلى اتفاق.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، إنّ جولة جديدة من المحادثات مع الولايات المتحدة مقرّرة الأحد المقبل، بعدما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أنّها ستجرى الخميس (غداً). وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في بيان، أنّ وزير الخارجية الإيراني وكبير المفاوضين، عباس عراقجي، سيكون في النروج اليوم وغداً من أجل المشاركة في الدورة الـ22 لـ«منتدى أوسلو». وستكون الجولة السادسة من المحادثات الإیرانیة – الأميركية اللقاء الأول بين ممثّلي البلدين، بعد إرسال الإدارة الأميركية مقترحاً خطّياً إلى طهران، التي أعلنت أنها منهمكة في إعداد ردّ مفصّل عليه، في حين يُقال إنها عارضت النقطة الرئيسة فيه والمتمثّلة في وقف تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية.

وفي هذا السیاق، أكّد المساعد السياسي لوزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانتشي، أمس، أنّ الجولة المقبلة من المحادثات غير المباشرة «مهمة»، قائلاً إنّه «من المبكر الآن الحديث عن المستقبل، لكن يمكن القول صراحة إنّنا لن نتراجع أبداً عن تخصيب اليورانيوم»، مؤكّداً أنّ «طهران ستوضح الأسباب ضمن المفاوضات».
وفي ظروف كهذه، فإنّ المصادقة المحتملة على القرار لدى مجلس المحافظين ضد إيران والتهديد بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، يزيدان الطين بلّة. إذ يريد الغرب استخدام هذا الإجراء كأداة للضغط على إيران لتقبل القيود الواسعة على برنامجها النووي وبينها وقف التخصيب. بيد أنّ طهران لا تريد الظهور بمظهر الضعيف؛ وبحسب المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، فإنّ بلاده قامت بصياغة مجموعة من الإجراءات لمواجهة تبعات القرار المحتمل لمجلس المحافظين، والتي لن تتضمّن في مطلق الأحوال «تعاوناً إضافياً» مع الوكالة الدولية.

ومن جهته، اعتبر ترامب، أنّ «إيران أصبحت أشدّ حدّة في المحادثات النووية»، مضيفاً، في حديث مع محطة «فوكس نيوز»، أنها «تتصرّف بشكل مختلف تماماً مقارنة بما كانت عليه قبل أيام قليلة. وسنلتقي المسؤولين الإيرانيّين غداً ونرى». أمّا قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريللا، فرأى أنّ «وكلاء إيران في أضعف حالاتهم، لكنّ التحدي الأكبر يتمثّل في الحوثيّين»، مضيفاً، في تصريحات صحافية، «أننا مستعدون للردّ بقوة ساحقة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، إذا أمر الرئيس ترامب بذلك، واللّجوء إلى حل عسكري مع إيران ممكن، وزوّدت الرئيس ووزير الدفاع بخيارات واسعة». وتابع إنّ «الولايات المتحدّة تقف أمام فرصة استراتيجية لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي». لكنّ «القناة 12» العبرية كشفت أنّ ترامب طلب من رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، استبعاد الهجوم على إيران من جدول الأعمال.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى