النقابات تتجاوز العجز السياسي: رئيس فوراً أو الثورة

كتبت صحيفة اللواء : مع تحوُّل الأزمة الى مأزق يتعمق يوماً بعد يوم، في المجالات كافة، لا سيما في المجال المالي والنقدي والمصرفي، طرأت على المشهد عناصر جديدة، تتعلق بتهيئة الساحة لتحركات وخضات، بدءاً من خروج نقابات المهن الحرة وروابط المعلمين والاتحاد العمالي العام عن الصمت أو الدعوة لمطالب حياتية أو زيادة رواتب، بل الى البحث بخطوات عاجلة من اجل الضغط لانتخاب رئيس للجمهورية واعادة احياء المؤسسات الدستورية، وصولاً الى الدعوة «لثورة المودعين» التي صدرت عن لقاء المودعين والمحامين امس، والمتمثلة بالانتقال «الى مرحلة الانتفاضة الحرة الجامعة بوجه مافيا الفساد، على ان تكون الاستهدافات ابعد من مجرد دخول المصارف لانتزاع بعض المال الى استهداف اصحاب المصارف بشتى الطرق» وانتظار ما قد يصدر عن القضاء في الدعاوى المرفوعة بهذا الصدد.
وبين الدعوة للاسراع بانتخاب رئيس الجمهورية، لملء الفراغ الرئاسي وتأليف حكومة والبدء بخطوات الانقاذ، ودعوة المودعين للثورة، وملاحقة اصحاب المصارف، بدا ان المنظمات القطاعية والشعبية تتحفز للتحرك، بدل الانفراجات الاجتماعية أو حتى الامنية، لاحكام الضغط على الكتل النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية. ولم تحضر قضية المودعين في الدعوات للتحرك «الأكثر ايلاماً» لاصحاب المصارف، بل في اول جلسة للجان المشتركة هذا العام لمتابعة مناقشة قانون الكابيتال كونترول . وبحصيلة النقاش اقرت اللجان المادتين الخامسة والسادسة من المشروع، بادخال تعديلات على المضمون والصياغة.
ورفضت اللجان تشريع ما يسمى «بصيرفة» بتعبير نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب. وقال بوصعب ان تغييراً طرأ على نص المادة التي تتعلق بالسحوبات من المصارف من ودائع المودعين، «فبدلاً من السقف الاعلى وضعت اللجان السقف الأدنى 800 دولار».
وقال: تمّ الوصول في المادة الخامسة من قانون «الكابيتال كونترول» إلى صيغة تؤمّن الاستقرار في سوق القطع وفقاً للسعر الفعلي للصرف وتابع:نحن ندرس وضع الضوابط على التحويلات الى الخارج والتحويلات الكبيرة لا تتم عبر المؤسسات الصغيرة. وكشف ان لجنة المال والموازنة ستبدأ الاسبوع المقبل بمناقشة القوانين التي تحدد الخسائر ومصيرها.
وأضاف: الدولة ستتحمل المسؤولية والمصارف ستكون شريكاً في هذه المسؤولية من اجل الخروج من الازمة التي نعيشها. واعلن بو صعب ان شركة «توتال» بدأت بالعمل الفعلي بالتنقيب عن النفط، ونحن بحاجة الى قوانين تشكل خريطة طريق من صندوق سيادي للنفط وغيرها. وتعود اللجان الى مواصلة البحث في مشروع القانون في جلسة تعقد الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر الاثنين الواقع فيه 9 كانون الثاني الحالي.
وفي المجال النيابي ايضاً، افادت المعلومات أنّ لجنة الأشغال النيابية قرّرت إستدعاء وزير الطاقة والمياه وليد فياض ورئيس هيئة الشراء العام جان العلية، للإستماع إلى إفادتهما الأربعاء المقبل، في ملف الكهرباء ومناقصة شراء الفيول التي ربحتها شركة «فيتول بحرين» .
سياسياً، أشارت مصادر سياسية إلى ان مواقف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله فيما يخص الانتخابات الرئاسية، تؤشر بوضوح إلى ان أزمة انتخاب الرئيس الجديد ليست قصيرة، بل ستكون طويلة نسبيا، بعدما جدد شروط الحزب التي طرحها سابقا لمواصفات الرئيس العتيد، من دون تعديل اوتغيير، ما يعني ضمنا انها ما تزال محتجزة ضمن الاوراق الضاغطة في يد النظام الايراني، بالصراع الدائر بينه وبين الولايات المتحدة الأميركية والغرب عموما، حول الملف النووي وقضايا اخرى، برغم كل محاولات نصرالله لنفي هذا الارتباط، الامر الذي يضع الاطراف المعارضة للحزب،اما الانخراط فيما يدعو اليه الحزب للتوافق بشروطه على مرشحه، أو رفض الانصياع لهذا الطرح والاستمرار بترشيح النائب ميشال معوض، أو اي شخص اخر تتفق عليه، ما يبقي أفق انتخاب الرئيس المقبل مسدودا، حتى اشعار آخر على الاقل.
واعتبرت المصادر ان تشدد الحزب بمواقفه على هذا النحو، يعني اعاقة كل محاولات رئيس مجلس النواب نبيه بري لتنظيم لقاء حواري بين الاطراف السياسيين الأساسيين، للتوصل إلى صيغة توافقية بينهم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهي محاولات قوبلت منذ طرحها، بالرفض من قوى مسيحية اساسية، في صفوف المعارضة والسلطة، لشكوكها باستحالة نجاح اي لقاء حواري تحت هيمنة حزب الله، كما اثبتت التجارب السابقة، وتفضل اذا كانت النوايا صادقة بالدعوة للحوار، ان يعقد في اطار لقاءات ثنائية مع بري، للتفاهم والاتفاق على اسم الشخصية التي ستنتخب للرئاسة، على أن يتم ترشيحه علنيا،من قبل المتوافقين عليه، ويتم انتخابه رسميا،بدل الانتظار واضاعة الوقت سدى بلا طائل، وابقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية إلى أمد غير معلوم.
واعربت المصادر عن اعتقادها بأن مواقف نصرالله الاخيرة تتلاقى مع مواقف مسؤولين اميركيين واوروبيين، مفادها بأن الملف النووي الايراني، لم يعد من ضمن أولويات اهتماماتهم في الوقت الحاضر، ما يخشى معه من التداعيات السلبية لهذا التعثر على استمرار حجز قرار الانتخابات الرئاسية اللبنانية في يد النظام الايراني، كما حصل في استحقاقات مماثلة، كان للنظام الايراني اليد الطولى بتعطيله بواسطة حزب الله، وكان كل ذلك يحصل على حساب لبنان ومعاناة اللبنانيين الصعبة، جراء مصادرة قراره.
واشارت المصادر الى ان ماقاله نصرالله عن علاقة الحزب مع التيار الوطني الحر، بعد تردي العلاقة بينهما على خلفية تمسك الحزب بترشيح حليفه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، ورفض باسيل لهذا الطرح وذهابه بعيدا في كشف مداولاته مع نصرالله بهذا الخصوص، وبالتلويح الى إسقاط تفاهم مار مخايل، فاعتبرت مواقف نصرالله بهذا الخصوص، بانها كانت بمثابة رد عنيف على مواقف باسيل الاخيرة، وزادت في التصدع بالعلاقة بين الطرفين، واستحالة اعادة ترميمها، بالرغم من كل محاولات البعض، تلطيف حدتها، و اعتبارها،بانها ابقت الباب مفتوحا، لاعادة تطبيع العلاقات من جديد مع التيار الوطني الحر.
وحددت المصادر نقطتين اساسيتين، في ما قاله نصرالله ردا على باسيل، عندما قال، نحن لانجبر احدا على التحالف معنا، ولا نريد غطاء من احد وقالت،ان وقع هذه المواقف لم يكن مريحا لدى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي يتفادى الحديث عن شعوره وردة فعله امام وسائل الإعلام برغم كل إشارات وتعابير الضيق وعدم الارتياح، والتروي في تحديد الخطوات المقبلة، وتحديد العلاقة مع الحزب بعد التشدد بتاييد ودعم ترشيح فرنجية حت الان، برغم معارضة باسيل لذلك.
قضائياً، دعا مجلس القضاء الأعلى القضاة للعودة إلى ممارسة مهامهم، بما يؤمن إستمرارية المرفق العام القضائي وتسيير عمل المحاكم وجميع الدوائر القضائية، وبما يتناسب مع حاجات ووضع كل محكمة ودائرة قضائية وفقاً للإمكانيات المتاحة، وذلك في ضوء ما تم تحقيقه لتاريخه وما جرت مناقشته في الجمعية العمومية للقضاة العدليين التي انعقدت بتاريخ 28/12/2022.
وأكد المجلس مواصلة السعي لتحقيق هذه المطالب، مشدداً على ضرورة صون التضامن القضائي الذي كان وسيبقى العامل الجوهري الأساسي، لقيام القضاء بدوره ومهامه في تطبيق القانون وتحقيق العدالة، ولو في ظل حد أدنى من المقومات الضرورية واللازمة في هذه الأوضاع الصعبة والإستثنائية.
واوضحت مصادر قضائية لـ«اللواء» ان القضاة سيعودون الى ممارسة اعمالهم في المحاكم اعتباراً من الاثنين المقبل (بعدإعتكاف استمر ستة اشهر)، بناء للتفاهم والتلاقي الذي جرى في الجمعية العمومية الاخيرة، حيث كان موقف القضاة بالعودة مطابقاً لموقف المجلس وليس مفروضاً عليهم، وبما يؤدي الى استقامة العمل القضائي والتقاضي بين الناس.