أبرزرأي

النزوح السوري من الاستثمار السياسي إلى جمر تحت الرماد

حسين زلغوط.
خاص رأي سياسي..
طرحت العاصفة التي هبّت في الايام القليلة الماضية حول وجود النازحين السوريين في لبنان الكثير من علامات الاستفهام سيما وان اثارة هذا الموضع جاء بشكل مفاجئ وعلى نطاق واسع ، وكأن هناك أياد خفية حركت المياه الراكدة المتعلقة بهذا الملف المحاط بكثير من الدقة والحساسية ، بغية ارباك الوضع اللبناني الداخلي من جهة وتوتير العلاقة بين لبنان وسوريا من جهة ثانية، في الوقت التي تحصل فيه اتصالات ومشاورات في اكثر من اتجاه لتأمين عودة سلسة لدمشق الى الحضن العربي بعد ان اخذت اكثر من دولة عربية القرار في اعادة تطبيع العلاقات مع سوريا بعد انقطاع في هذه العلاقات امتدت لاكثر من عشر سنوات ،وكأن هناك من يريد الدخول من باب ملف النازحين لمنع وصل ما انقطع بين البلدين الشقيقين.
بغض النظر عن الانقسام الحاصل في الرأي بين العديد من الجهات اللبنانية حول الطريقة التي يجب اتباعها في مقاربة ملف النزوح السوري ، فان هذا الموضوع لا يمكن ان يبقى فالتاً على غاربه متفلتاً من الضوابط التي يجب ان تحكم هذا الوجود عن طريق احترام القوانين ، وعليه فانه يتوجب على الحكومة والجهات المختصة عدم الاكتفاء بعقد الاجتماعات واعلان مقررات بل يجب متابعة ذلك عن كثب والعمل بشكل فوري على معالجة هذا الملف الذي يجمع الجميع على وصفه بانه قنبلة موقوتة من المحتمل انفجارها في اي لحظة.
والسؤال الذي يطرح نفسه من هي الجهة التي تقف وراء الاثارة الملتبسة لوجود النازحين في هذا التوقيت بالذات ؟ حيث تنشغل الساحة اللبنانية بالعديد من الملفات والاستحقاقات في ظل انقسامات تزيد الازمات تعقيدا لا سيما في ما خص الانتخابات الرئاسية؟ هل هي الفئات التي أيّدت دخول النازحين بهذا الشكل العشوائي ورفضت ان يكون لهم مخيمات على الحدود ، ام هي الجهات المقابلة؟
ان الجهات المستفيدة من اللعب بصاعق القنبلة الموقوتة المتمثلة بالنازحين كثيرة، منها ما هو داخلي حيث شعر البعض الان ان الاستثمار في هذا الملف قد انتهى وبالتالي فان النزوح بكل اشكاله بات يشكل عبئأ عليه  سيما وانه يتفاقم يوميا ويكبر ككرة ثلج بعد ان اصبح هذا النزوح باب ارتزاق للسوريين المقيمين في المدن والبلدات والقرى ، والخطير في هذا الموضوع ان هذه الجهات بدأت تتعامل مع الموضوع من منطق (المسيحي والسوري) كون ان رفع هذا الشعار في اعتقادهم يغري ويجعل من السهل حدوث مواجهات في اي لحظة ، وربما لجأ هؤلاء الى افتعال المشاكل مع السوريين للتشويش على المرشح الاوفر حظا للرئاسة سليمان فرنجية ليقولوا ان السوريين يزعزعون الاستقرار في لبنان وعلى من يتباهى بقربه من الرئيس السوري ان يرينا ماذا يفعل في مواجهة ذلك ، علما ان هؤلاء هم انفسهم أشاعوا في وسائل اعلام بأن فرنجية والفريق المؤيد له أوعزوا الى اثارة الموضوع للقول بأن فرنجية وحده القادر على حل هذا الامر في حال تم انتخابه رئيساً.
الى جانب ذلك فان بعض السفارات ليست بريئة مما حصل، وكذلك المعارضة السورية التي اطلق بعض المنضوين فيها دعواته للنازحين لكي يحملوا السلاح بحجة الدفاع عن انفسهم بغية وضعهم في مواجهة الجيش اللبناني الذي بالتأكيد لن يقبل باي شكل من الاشكال المس بالاستقرار العام من قبل اي جهة كانت ، وبالتالي يؤدي ذلك الى انفجار شامل على كل الاراضي اللبنانية ، سيما وان هناك معلومات لدى الجهات الامنية  تفيد بوجود سلاح لدى النازحين في بعض المخيمات من الممكن استخدامه في اي لحظة خصوصا وان غالبية الشباب من النازحين هم مدربون على السلاح اما كونهم خدموا في الجيش السوري عن طريق التجنيد الاجباري، او عن طريق داعش التي جندت الكثير من الشباب ودربتهم على حمل السلاح اما للقتال في سوريا او لتنفيذ عمليات امنية في لبنان.
وامام هذا المشهد المقلق ، حسناً فعلت اللجنة التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي في المسارعة الى وضع اليد على هذا الملف لاحتوائه بجملة من القرارات وتكليف من كلفتهم للمتابعة والذهاب الى سوريا للتنسيق، انما هذا الامر لا يجب ان يتوقف عند هذا الحد بل يجب ان يتبعه خطوات بالتنسيق مع الحكومة السورية بغية معالج هذا الملف بعيدا عن الاستثمارات السياسية لاية جهة كانت والتعامل معه على انه محض انساني وباتت الظروف ملائمة لطي هذا الامر وقطع الطريق على بعض الجهات الخارجية التي تعمل بكل الوسائل لتوطينهم في لبنان لغايات غير مفهومة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى