رأي

الموت جوعاً من أجل الوطن!

كتب حمود أبو طالب في صحيفة عكاظ.

«حزن عميق سيطر على السودانيين، بعد سماع نبأ وفاة الموسيقار خالد سنهوري جوعاً داخل منزله في أم درمان، التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لأنه لم يتمكن من تناول طعام منذ أيام، وفق مقربين منه، واضطر شقيقه إلى دفنه أمام منزله، لصعوبة نقله إلى المدافن العامة. هذا المصير بات كثير من سكان العاصمة يخشون أن يصيبهم، في وقت عجزوا فيه عن توفير المواد الغذائية، مع إغلاق المتاجر، وأزمة النقود».

ربما تم تداول هذا الخبر المؤلم واقتبستُ هذه الفقرة منه من صحيفة الشرق الأوسط، ربما لأن الموسيقار (رحمه الله) شخص معروف وإلا فهناك أعداد كبيرة من الأشقاء السودانيين البسطاء الذين لا يعرفهم أحد لاقوا نفس المصير، الموت جوعاً، في المناطق المحاصرة بحمم النيران التي لا تسمح بالخروج لتدبر لقمة عيش. شيء مرعب أن يحدث هذا في بلد كان يُطلق عليه سلة غذاء العالم لخصوبة أرضه ووفرة مياهه وثروته الحيوانية، لكنه أبتلي بأنظمة حكم أفقرته وأرهقته بأسوأ المشاكل. إنها أبغض تجليات المآسي حينما يموت الإنسان جوعاً في بلد كهذا.

بكل تأكيد لا يهم جنرالات الحرب في السودان مثل هذا الخبر حتى لو علموا عنه، ولا يهمهم كم مات من السودانيين بسبب القذائف أو الجوع أو غيره. لا مرتبات ولا تموينات غذائية ولا مستشفيات تعمل ولا دواء في صيدلية ولا شارع آمن يستطيع الإنسان الخروج إليه للحصول على أي شيء يساعده على تأخير موته.

الجيش والدعم السريع كلاهما يزعمان أنهما يحاربان من أجل السودان والمواطن السوداني، هدنة مؤقتة لا تصمد تتلوها هدنة أخرى تنقضها القذائف من الأرض والجو. لكم أن تتخيلوا فقط أن الطائرات الحربية التي يفترض أن تواجه العدوان الخارجي تقوم بقصف المواطن، من أجله وأجل وطنه، فأي زمن رديء يعيشه المواطن السوداني.

الجنرالات المسترخون في غرف العمليات من الطرفين محصنون تماماً، متفقون على ألا تطالهم نيران الحرب، وبالتأكيد يتناولون أفخر الطعام وينعمون بغفوات تحت هفيف أجهزة التكييف. وماذا يهمهم لو مات مواطن أو ألف أو مليون جوعاً، أو حتى تحول السودان كله إلى يباب.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى