رأي

«المليارية» الثانية… تبشّر ببقاء «الأحفوري»

كتب كامل عبدالله الحرمي في صحيفة الراي.

في غضون 10 أيام تم توقيع صفقة نفطية مليارية ثانية، حيث اشترت شركة شيفرون العملاقة شركة «امراردا هيس» بـ 56 مليار دولار، ما يؤكد على استمرارية الاستثمار في النفط الأحفوري.
وكانت الصفقة الأولى حصلت بموجبها ومقابل 60 مليار دولار «أكسون موبيل» على شركة «بوينيير».
واستعارة للمثل الكويتي «دهنا في مكبتنا» فالصفقتان تمتا على الأراضي الأميركية، حفاظاً على معظم الاستثمارات ورعايتها وحمايتها، درءاً للتدخلات الخارجية.
و«امراردا هيس» من الشركات التي سبق وأن تعاملت مع مؤسسة البترول الكويتية، وكانت تشتري النفط الخام الكويتي، وتمتلك نادي كرة القدم الأميركية «نيويورك جيتس». ولم يبن بعد أن كان النادي المعروف جزءاً من الصفقة، أو ملكاً خاصاً لصاحب الشركة.
وتعكس صفقة شيفرون المليارية هذه التوجهات بالحفاظ على صلب أنشطتها داخل النفط والغاز والاستحواذات المختلفة من أجل البقاء، ما يجرنا إلى مستقبل الشركات النفطية المختلفة مثل «بي.بي» و«شل» و«توتال» الفرنسية و«ايني» الإيطالية، حيث عليها الاندماج وبشكل سريع، لانه لم يعد من الممكن البقاء كما هي عليه.
وكذلك الشركات الأميركية المستقلة والتي عليها الدور أيضاً مثل «كونكو فيلبس» و«مارثون» و«فيلارو» حيث عليها التوحد والاندماج.
المؤشرات تلك، تقودنا إلى التساؤل عن الشركات النفطية الوطنية، وهل من توجه من ملاكها من الحكومات مثلاً ببيع جزء مما تملك إلى الشركات الأجنبية كنوع من المشاركة الفعلية وزيادة إنتاجيتها وقيمتها على المدى البعيد في ظل المعاناة من ديون مالية وعدم إمكاناتها من الحصول على قروض أو من استثمارات فعلية لزيادة معدلات إنتاجها من النفط والغاز، أو حتى قيمتها بالمشاركة الفعلية والعملية، لتصب بالتساوي في صالح الطرفين، وتحت أُطر وقوانين محدّدة حفاظاً على حقوق جميع الأطراف، وهي فكرة تطرح للتدارس بدلاً من الاندماج أو الاستحواذ الكامل، وقد تفيد جميع الأطراف تحت إطار قانوني واضح وسليم؟.
وهناك شركات نفطية وطنية كثيرة بحاجة إلى خبرات فنية تقنية مختلفة واستثمارات كبرى، والشركات النفطية العملاقة لديها الإمكانات والأهم رأسمال، وهذا ما رأيناه في العشرة أيام الماضية في صفقتي اكسون موبيل وبوينيير وشيفرون وهيس بحوالي 120 مليار دولار.
ولعل التوجه الحالي للشركات الأميركية في التركيزعلى استثماراتها في الداخل أيضاً، يساعدنا في تفهم رؤيتها.
في ظل ذلك، ما على الشركات الأوروبية إلا ان تجد مكاناً ومخزوناً واحتياطاً نفطياً للمستقبل، وإلا ستختفي كما اختفت بعض الشركات الكبرى، لأن البقاء كما هو الحال ليس خياراً وإنما موقت (!). وعليها التركيز على منطقة نفطية معينة، نظراً لأن أوروبا لم تعد قادرة على استيعابها وعليها الاستثمار والدخول في مشاركات أكبر وحتى في قارة آسيا مع ماليزيا مثلاً أو شركات يابانية مستقلة، أو البقاء في أسواق التجزئة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا القطاع لم يعد مربحاً ولا يشكّل قيمة حقيقية مضافة في الحساب الختامي، وانحداراً في قيمة الشركات المستقلة في أسواق البورصات العالمية من دون الاستثمار في النفط والغاز.
الاستحوذات الأميركية الأخيرة في النفط والغاز، ما هو إلا دليل على أن النفط باق معنا وعمره قد يمتد من دون النظر إلى أرقام ومحاولات وكالة الطاقة الدولية وتلويحاتها الأسبوعية بأن الطلب العالمي سينخفض من دون أرقام مؤكدة ومن دون وجود دليل حول التوجه نحو البدائل عن النفط.
نعلم بأن وكالة الطاقة تمثل التوجه الغربي لكن هذه الاستحواذات دليل ساطع على بقاء النفط في مكانه. لكن هذا لا يمنع من إيجاد أو الاستثمار في مجالات أخرى من أجل التنويع وقيم مضافة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى