شؤون دولية

المفوض العام لـ”الأونروا” يسوق مشروع نقل خدمات اللاجئين

حاولت رئاسة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، تهدئة الغضب الفلسطيني الرافض للخطط التشغيلية الجديدة، التي تقوم على أساس نقل خدمات اللاجئين من هذه المنظمة الدولية، التي أنشئت لخدمتهم، إلى مؤسسات دولية أخرى.
ومع تزايد الغضب، الذي ينبئ بفعاليات شعبية كبيرة في مناطق العمليات الخمس، وخاصة في قطاع غزة، رفضاً لتلك الخطط، وجه فيليب لازاريني، المفوض العام لـ “الأونروا”، رسالة إلى اللجان الشعبية للاجئين، حاول خلالها الدفاع عن خطته الجديدة، جاء فيها “أن حقوق اللاجئين الفلسطينيين هي حقوق غير قابلة للتفاوض، وما زلت ملتزماً التزاماً عميقاً بحماية حقوق لاجئي فلسطين في حياة كريمة على النحو المنصوص عليه في تفويض الأونروا”.
وأشار إلى أن الحفاظ على الحصول على خدمات الصحة والتعليم وشبكة الأمان الاجتماعي وغيرها من الخدمات الحيوية الأخرى، يعد أمراً أساسياً للحفاظ على حق اللاجئين الفلسطينيين في حياة كريمة.
وقال إن الأولوية والخيار المفضل لـ “الأونروا” هو تلقي أموال كافية للسماح لها بتقديم جميع خدماتها إلى لاجئي فلسطين في أقاليم عملياتها الخمسة، منوهاً إلى أن النقص الحاد في تمويل “الأونروا” والنقص الكبير المتوقع يعرضان قدرة منظمته الدولية لعدم القدرة على الحفاظ على جميع الخدمات، لافتاً إلى تحركاته لتأمين الأموال من المانحين، وإيجاد سبل لمواصلة تشغيل المدارس والمراكز الصحية وشبكة الأمان الاجتماعي وغيرها من الخدمات الحيوية.
وقال: “في حالة وجود عجز يهدد بفرض تعليق الأنشطة الحيوية، فإن أحد البدائل التي يجري استكشافها هو قيام الأونروا بتعزيز الدعم القائم بالفعل من قبل وكالات الأمم المتحدة الأخرى لخدمات محددة حيث تتمتع وكالات الأمم المتحدة الأخرى هذه بالخبرة وإمكانية الوصول إلى الأموال”.
وحاول طمأنة جمهور اللاجئين، بالتأكيد أنه لن يكون هناك نقل للمسؤولية إلى كيانات أخرى، وأن “الأونروا” ستظل الوكالة الأممية الوحيدة التابعة للأمم المتحدة المكلفة من قبل الجمعية العامة بتنفيذ الولاية المسندة إليها لخدمة اللاجئين.
وأشار إلى أن ذلك الأمر يثير القلق في المنطقة. وقال إنه يؤكد دوماً في الأمم المتحدة أن “الأونروا هي شريان الحياة للاجئي فلسطين”، مؤكداً أيضاً على أن وضع لاجئي فلسطين وحقوقهم ستظل قائمة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم، مشيراً إلى أن نقل تقديم الخدمات لا يعني تغيير تفويض “الأونروا”، وقال: “أي تغيير في ولاية الأونروا لا يمكن أن يحدث إلا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي ليس من اختصاصي، بصفتي المفوض العام للأونروا، التحريض على مثل هذه التغييرات”.
وتقول “الأونروا” إنها تواجه عجزاً مالياً كبيراً، بسبب قلة أموال المانحين، وتخلف الكثيرين عن الدفع، وإبلاغ آخرين بتقليل الدعم المالي هذا العام.
وفي هذا السياق، قال مستشار “الأونروا” الإعلامي عدنان أبو حسنة، إن هناك عجزاً مالياً حالياً يقدر بقيمة 100 مليون دولار، لافتاً إلى أن وضع منظمته الأممية “حرج ومقلق للغاية”، وقال: “الدول المانحة تركز حالياً على أوكرانيا، ولذلك نبحث عن مصادر تمويل جديدة حتى من خلال منظمات الأمم المتحدة”، وقال إن ذلك يعني أن شيئاً لن يتغير على الأرض.
لكن تلك التصريحات لم تلاق أي اهتمام من الفلسطينيين، الذين يشعرون بقلق بالغ، ويتخوفون من مخطط يهدف إلى إنهاء عمل هذه المنظمة الأممية، التي شكلت لخدمتهم عام 1949، ويعتبرونها الشاهد الدولي على مأساة طردهم في عام 1948 من أراضيهم على أيدي العصابات الصهيونية.
وفي هذا السياق، رفض مسؤول ملف اللاجئين في حركة الجهاد الإسلامي القيادي أحمد المدلل، ما يقوم به المفوض العام، مؤكداً أن “الأونروا” منذ تأسيسها بقرار أممي “هي صاحبة الولاية الكاملة للقيام بدورها في إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حتى يعودوا إلى ديارهم التي هجروا منها قصراً قبل 74 عاماً” .
وأكد أن التوجه لتوزيع خدمات “الأونروا” على منظمات أممية أخرى، بسبب مزاعم الضائقة المالية، يعد “نذير شؤم” على استمرار عمل “الأونروا” مستقبلاً، خاصة مع مطالبات بعض الدول الأوروبية بأن يتولى مهام “الأونروا” المفوضية السامية للاجئين أو البحث عن بدائل وعناوين أخرى تتولى عمل “الأونروا”.
وقال: “تكمن خطورة ما ينادي به لازارينى وعمل على تنفيذه بإدخال شراكات أممية أخرى تتولى بعض مهام الأونروا، بأنه يعطي مبرراً للدول المانحة للتحلل من التزاماتها بدعم الأونروا وخصوصاً أننا على أبواب اجتماع اللجنة الاستشارية القادم”، لافتاً إلى أن هذا الأمر من شأنه أن يؤثر على تصويت الجمعية العامة في شهر ديسمبر القادم والداعي لتجديد التفويض لـ “الأونروا” .
ورأى أن ما يحدث يأتي في سياق الضغط على “الأونروا” لـ “لتخلي عن دورها وإنهاء عملها كونها الشاهد المهم على قضية اللاجئين الفلسطينيين”.
وقال: “المطلوب من المفوض العام بدلاً من توزيع مهام الأونروا على شراكات أممية أخرى، أن يضغط باتجاه تحديد ميزانية مستدامة يتم إقرارها من الأمين العام للأمم المتحدة، تكون ضمن الميزانية العامة للأمم المتحدة كما كل المؤسسات الأممية الأخرى حتى يتم تجاوز الأزمات المالية التي تمر بها الوكالة الأممية”.
يشار إلى أن قيادة الفصائل في قطاع غزة تخطط بالشراكة مع لجان اللاجئين، لتنظيم سلسلة فعاليات غاضبة رفضاً لخطط المفوض العام.
من جهته، قال فتحي كليب، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، إن مواقف المفوض العام بشأن الشراكات مع منظمات في الأمم المتحدة “ليست مجرد اقتراحات بل مشاريع تتحرك في الميدان وجرى درسها بعناية في غرف مغلقة ليتم تقديمها على أنها جزء من سلة حلول لمعالجة الأزمة المالية”، متهماً “الأونروا” والمفوض العام، بأنهم تصرفوا بطريقة تفتقد إلى “اللياقة السياسية” حين تجاهلوا الإجماع السياسي والشعبي الفلسطيني برفض تلك المواقف.
وكانت دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية، قد أعلنت رفضها بشكل قاطع لخطط المفوض العام، بنقل صلاحيات “الأونروا” لحكوماتها أو لأي منظمة دولية، وأكدت أنه ليس من صلاحيات المفوض العام أن يطرح حلولاً لمعالجة العجز المالي في ميزانية “الأونروا”.
كما حذرت جامعة الدول العربية من المحاولات والمخططات والمشاريع الإسرائيلية المتواصلة بتصفية “الأونروا”.
و”الأونروا” أنشئت من قبل الأمم المتحدة عام 1949، بعد طرد العصابات الصهيونية للفلسطينيين في عام 1948، من قراهم ومدنهم، ما أدى إلى تشريدهم في مخيمات عدة في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان، وتقوم ولايتها على تقديم الخدمات لهؤلاء اللاجئين والمقدر عددهم حالياً بنحو ستة ملايين لاجئ، لحين التوصل لحل عادل لقضيتهم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى