المرّ أحرَجَ الطاشناق… وروكز مع نحّاس في المتن؟!
يصل يوم غد الثلاثاء الأمين العامّ لحزب الطاشناق النائب أغوب بقرادونيان إلى بيروت ليقرّر بعدها خطّ التحالفات للحزب الأرمني في المتن الشمالي وبيروت وزحلة.
الحليف الثابت للتيار الوطني الحر منذ العام 2005، والأكثر تمثيلاً على صعيد الأحزاب الأرمنيّة، ليس بوارد تقديم هدايا مجّانيّة لأحد، وهو حتى اللحظة يدرس تحالفاته بما يضمن أقلّه الإبقاء على حصّته الحالية في مجلس النواب الممثَّلة بنائب المتن آغوب بقرادونيان ونائبيْ بيروت الأولى هاكوب ترزيان وألكسندر ماطوسيان.
لذلك شكّل إعلان رئيس أصدقاء الإنتربول الياس ميشال المرّ متأبّطاً يد نجله ميشال الياس المرّ، من مقرّ الطاشناق في برج حمود، عن “تحالف انتخابي عائلي تاريخي مع الطاشناق بهدف مساعدة الفقراء”، إحراجاً كبيراً لنائب المتن الأرمني فيما لم يكن الطاشناق قد اتّخذ قراره الانتخابي بعد.
خطوة واحدة من جانب التيار ستدفع الطاشناق إلى التخلّي عن آل المرّ والبقاء في الملعب العوني، وهي خوض جبران باسيل المعركة في المتن بمرشّحيْن اثنين وليس ثلاثة
دفع الأمر بقرادونيان إلى الحديث لاحقاً عبر قناة “الجديد” عن تسرّع المرّ عبر القول: “آل المرّ زاروا مقرّ الطاشناق. لكنّ قسماً من الإعلام أحبّ أن يَسمع كلام المر وما حبّوا يسمعوا كلامي. قلت حرفيّاً نحن منفتحون على الجميع ونبحث مع كلّ الأطراف إمكانية التحالف، ولا شي محسوم”.
جرت العادة أن يُعلن الطاشناق عن لائحة مرشّحيه وتحالفاته قبل 24 ساعة أو 48 ساعة من إقفال باب الترشيح. يبدو الوضع اليوم أكثر صعوبةً وتعقيداً باعتراف الحزب الأرمني الأكبر الذي رَفَع أمينه العام معادلة: “نحن أمام قانون كلّ واحد فيه فاتح على حسابه… حتى ضمن اللائحة الواحدة”.
بلغة الأرقام والأحجام، التحالف الانتخابي اليوم بين الطاشناق وحفيد ميشال المرّ سيُشكّل خطراً مباشراً على مقعد بقرادونيان بسبب صعوبة نيل اللائحة حاصلين، خصوصاً أنّ غياب “إمبراطور” المتن ميشال المر خلّف فراغاً هائلاً في البيت السياسي لآل المرّ.
يمكن فهم المقارنة أكثر حين يطلّ ميشال الياس المرّ الحفيد على الحياة السياسية بخبر على أحد المواقع الإلكترونية يتحدّث عن مسارعة المرّ “بعد معرفته بتعطّل سيارة الإسعاف التابعة للدفاع المدني في قرنة شهوان إلى الإيعاز بتصليح السيارة على نفقته الخاصة، الأمر الذي أثار إعجاب وتقدير أبناء الجوار”.
حجم الطاشناق، وفق تقديرات الحزب، 0.8 (أقلّ من حاصل)، والمرّ 0.5. والتحالف بين الطرفين سيعطي Boosting لحفيد المرّ على حساب الطاشناق، بحيث يضمن فوزه بالمقعد الأرثوذكسي الثاني على اعتبار أنّ الأول سيكون من حصّة الياس بو صعب الذي يتوجّه إلى إعلان ترشيحه بعد استبعاد نفسه من الانتخابات الداخلية في التيار الوطني الحر. عندئذٍ “النيابة” قد تذهب إلى المرشّح الأرمني على لائحة القوات، أو ربّما لائحة سامي الجميل، بمئة صوت في تكرار لمشهد فوز إدي دمرجيان في زحلة.
ففي عام 2018 فاز دمرجيان، حليف حزب الله وبيار فتّوش، بـ77 صوتاً تفضيلياً على حساب مرشّح الطاشناق جورج بوشيكيان (وزير الصناعة الحالي) على لائحة رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف التي لم تتمكّن من جمع حاصل، فيما حاز بوشيكيان على العدد الأكبر من الأصوات الأرمنية.
في المقابل، خطوة واحدة من جانب التيار ستدفع الطاشناق إلى التخلّي عن آل المرّ والبقاء في الملعب العوني، وهي خوض جبران باسيل المعركة في المتن بمرشّحيْن اثنين وليس ثلاثة.
يمكن الجزم أنّ المجتمع المدني وقوى التغيير أو المستقلّين لم يرسوا على برّ بعد، فالتخبّط في الترشيحات سيّد الموقف، والسياسة تلعب دورها في تشتيت مَن يُفترض أنّهم في مركب واحد
هذا يعني تبنّي ترشيح إبراهيم كنعان عن أحد المقاعد المارونية الأربعة، وترشيح الياس بو صعب عن أحد المقعدين الأرثوذكسيّيْن، والتخلّي عن ترشيح إدي معلوف عن المقعد الكاثوليكي. ويردّد الأخير أنّه في حال ترشّح بو صعب فلن يقدم على ترشيح نفسه.
بتقدير الطاشناق لائحة تحالف الطاشناق-التيار الوطني الحر لن “تقشّ” أربعة حواصل كما فعلت في انتخابات 2018، وفوز ثلاثة مرشّحين عونيّين هذه المرّة سيكون على حساب مقعد الطاشناق.
“تاكسي” إلى ساحة النجمة
لكنّ الأمر المؤكّد أنّ التخبّط في الترشيحات والتحالفات هو سمة ترافق التيار البرتقالي في العديد من المناطق. وحتى موعد إعلان الترشيحات الرسمية في 14 آذار هناك متّسع من الوقت للحسم. ويُلاحظ أنّ هناك قاسماً مشتركاً بين القوى الحزبية وقوى المجتمع المدني، وهو صعوبة التفتيش عن ركّاب لوائح يتمّ استغلال ترشيحهم لرفع الحاصل فقط، مع الخسارة المضمونة لهم.
هو واقع حال المرشّح سركيس سركيس، مثلاً، الذي سيقفز من حضن التيار إلى آل المرّ. وفي الحالتين تُستغَلّ قدراته الماليّة و”حيثيّته” المتنيّة لـ”تسلّق النيابة على ظهره”. وهناك عشرات الأمثلة ممّن حوّلهم قانون الانتخاب الحالي إلى مجرّد “تاكسي” يوصل المرشّحين إلى ساحة النجمة.
التيّار لم يحسم ترشيحاته
لم يحسم التيار الوطني الحر ترشيحاته الحزبية حتى الآن. ويصطدم بعقدة انقسام حليفه الحزب القومي بين جناحيْ النائب أسعد حردان وربيع بنات، التي قد تخسّره مزيداً من الأصوات، إضافة إلى المعارك الصامتة والحساسيّات بين أهل بيته الداخلي حيث يفعل الصوت التفضيلي “فعله” في زيادة منسوب التوتّر بين نواب الحزب الواحد. ويتّجه التيار إلى خوض المعركة بلائحة كاملة، وإن اضطرّ إلى الاستعانة بمرشّحين حزبيين أو غير حزبيين يكونون ديكوراً فقط للاستفادة من عدد المندوبين.
القوّات: المعركة كاثوليكيّة
على صعيد القوات، عنوان المعركة هذه المرّة هو كاثوليكي وليس مارونيّاً بعد تبنّي ترشيح الوزير السابق ملحم رياشي ورازي الحاج (ماروني). ويُرصَد هنا بدء الماكينة الانتخابية للقوات التركيز على ضرورة التصويت للرياشي بسبب تعميم أجواء عن فوز محتّم لرياشي قد تُسبّب تراخياً في التصويت له. هذا وتسعى القوات إلى الفوز بحاصلين في المتن، وهي تعاني أيضاً من حساسيّات داخلية قد تنعكس في صناديق الاقتراع.
وانضمّ إلى اللائحة القواتية هاني صليبا (أرثوذكسي)، الذي يشكّل مصدر قلق فعليّ لآل المرّ بسبب حيثيّته في بتغرين وامتداداته في المجتمع المدني، حيث “يشتغل” على الصوت المحايد من دون الأكل من الصحن القواتي في القضاء. وقبل أيام نزع رئيس بلدية أنطلياس صوراً له بتوجيهات من آل المرّ، مثيراً استياء العديد من ناشطي المجتمع المدني على مواقع التواصل الاجتماعي.
شامل في المتن؟!
يخوض حزب الكتائب المنازلة عبر النائبين سامي الجميل والياس حنكش (مارونيّيْن) في بقعة انتخابية يضمن فيها، وفق تقديراته، فوزه بحاصلين. وقد حُسِم عدم التحاق غسان مخيبر (أرثوذكسي) بلائحة الكتائب، إذ سيكون في عداد لائحة يتولّى تشكيلها الأمين العام لـ “مواطنون ومواطنات في دولة” الوزير السابق شربل نحاس. وتفيد المعلومات أنّ الأخير ينسّق بشكل مباشر مع النائب شامل روكز الذي قد ينقل ترشيحه من كسروان إلى المتن، إذ تبدو معركة الاحتفاظ بمقعده هناك شبه مستحيلة. وتضمّ اللائحة الإعلامي جاد غصن وميريام جبر وسمير صليبا.
المجتمع المدنيّ… “مجتمعات”
يمكن الجزم أنّ المجتمع المدني وقوى التغيير أو المستقلّين لم يرسوا على برّ بعد، فالتخبّط في الترشيحات سيّد الموقف، والسياسة تلعب دورها في تشتيت مَن يُفترض أنّهم في مركب واحد.
يقول مصدر معنيّ بترشيحات المجتمع المدني: “ثمّة محاولات لتشكيل لائحة واحدة متراصّة، لكن لم ننجح بعد. هناك أشخاص “طارحين حالهم قوى تغيير”، لكن بالواقع ترشيحاتهم “خفيفة” وغير مقنعة لأنّنا قد نراهم لاحقاً متحالفين أو قريبين من الأحزاب التقليدية”.
يضيف المصدر: “البعض يشتغل تحت سقف يتمّ الترويج له، وهو أنّ حزب الله يقبل بمرشّحين ليسوا معه لكن ليسوا ضدّه. ولذلك نرى مَن يحيِّد حزب الله من مرمى عمله السياسي والانتخابي”.
إقرأ أيضاً: مرشّحون في “القصر الجمهوريّ”!
عملياً، تعمل كلّ القوى الخارجة من عباءة الأحزاب وفق تكتيك يقوم على أنّ الخروقات، إن حصلت، ستكون في المقعدين الماروني والأرثوذكسي. وهذا الأمر، برأي متابعين، ممكن “إذا توحّدت لوائح المجتمع المدني، لكنّ التشكُّك المتبادل في الخلفيّات السياسية وعدم حسم الأسماء يُصعّبان هذه المهمّة”.