رأي

المال الإنتخابي عنوان المرحلة المقبلة… وانزعاج من تحالفات البعض مع «القوات»

كتبت فاطمة شكر في “الديار”:

تتراقصُ اللوائح الإنتخابية التي تُعلنُ يوماً بعد يوم على وجع المواطن المعدوم، الذي يئس من كل شيء نتيجة الوضع الإقتصادي والمعيشي الصعب، وعودة الإرتفاع الجنوني للدولار وإنهيار الليرة بشكلٍ أكبر، وإرتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية دون حسيبٍ أو رقيب، لأن السلطة ببساطة قررت أن لا تأبه لأوجاع الناس، و «الحبل على الجرار» في الأيام المقبلة، خصوصاً إذا استمرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وازداد التوتر الإقليمي والدولي.

انتخابياً، أكدَّ مصدرٌ متابع للوضع الإنتخابي في دائرة بيروت الثانية، أن لائحة «بيروت تواجه» برئاسة الوزير السابق خالد قباني والمدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة «ستحصل على دعم مادي ومعنوي للمساعدة في الحصول على أكثر من حاصلين». وأكد المصدر «أن إتصالاتٍ تجري على قدم وساق بين السفير السعودي في لبنان وليد البخاري وبعض الفعاليات البيروتية الذين تربطهم بالمملكة العربية السعودية مصالح وأعمال، بهدف دعم بعض الجمعيات الأهلية التي تعمل داخل العاصمة، والتي تعتبر من ضمن النسيج المجتمعي البيروتي»، وتابع المصدر «أن هذه الجمعيات ستكون الداعم المالي للائحة بيروت تواجه وذلك بعد إيعازِ البخاري».

وتؤكد المعلومات، أن الإنتخابات في دائرة بيروت الثانية، والتي تشهدُ تجاذباتٍ سياسيةٍ حادة، ما يعني إنقساماً داخل الشارع السني البيروتي، لا سيما بين أنصار «تيار المستقبل» الذين قرروا عدم المشاركة بعملية الإقتراع تناغماً مع قرار الرئيس سعد الحريري، أما القسم الآخر والذي يمثل العائلات البيروتية وغيرها، فهو مقسومٌ بين لائحة النائب فؤاد مخزومي، ولائحة نبيل بدر، واللائحة المدعومة من السنيورة، وبالتالي فإن أسهم وحظوظ مخزومي التي كان يمني النفس بها قد تتقلص وتضعُف بسبب وجود مرشحٍ من «القوات اللبنانية» ضمن لائحته، وهذا ما سببَّ حالةً من الإمتعاض داخل الشارع السني البيروتي الذي يعتبر ان سمير جعجع طعن الحريري، فيما قد اتخذ قسمٌ آخر قراره بعدم التصويت والمشاركة بالإنتخابات بسبب التجاذبات والمناكفات السياسية في بيروت، مع العلم أن هناك إتصالات مكثفة تجري مع مسؤولين في الوسط البيروتي لإستدراك الوضع مع الحريري مطالبين منه المشاركة بالإنتخابات ولو بإتجاهاتٍ مختلفة لإثبات أن المواطن السني البيروتي لا يزال فاعلاً، وهو قادرٌ على السيطرة على الوضع لو شارك بكثافةٍ بالإنتخابات، وهذه الكثافة التي يعتبرونها عددياً بحوالى 3000 ناخب في بيروت.

أما بالنسبة لدائرة بيروت الأولى، فعامل المال الإنتخابي لم يعد يخفى على أحد وهو الأساس في شراء الأصوات، ويقدّرُ عدد الناخبين من الطائفة السنية الموجودين في هذه المنطقة بحوالى 9000 صوت، إنتخب منهم 6000 في إنتخابات العام 2018، وهؤلاء بأغلبيتهم سيتوزعون على انتخاب لوائح دون أي إعتبار مبدئي أو عقائدي لإختيار المرشحين، ويعتبرون الإستفادة المادية هي الأهم، ولا تعنيهم الإنتخابات النيابية السياسية لا من قريب أو بعيد، وهي ليست خياراً أو هدفاً للتغيير بحسب رأيهم.

بات مؤكداً أن اللوائح الإنتخابية في دائرة بيروت الأولى تتحكمُ بها سلطة المال، وبعضُ أصحاب المصارف الذين تربطهم علاقة ببعض اللوائح المشكلة في هذه المنطقة، لذلك تعطي هذه المنطقة إنطباعاً بأن المشاركة بالإنتخابات، ما هو الا من أجل المال الإنتخابي الذي يوزع وسيوزع.

والأنكى من هذا وذاك، أن المواطنين الذين يصطفون على أبواب الافران، وينتظرون على أبواب الصيدليات والمستشفيات، ويقفون طوابير أمام محطات المحروقات انصرفوا أيضاً للمشاركة في احتفالات إعلان اللوائح الانتخابية وفتحوا أبواب منازلهم لزوارهم من المرشحين ونسوا أو تناسوا ما يعانوه من تردٍّ قاتل في أوضاعهم الحياتية والمعيشية وعلى مستوى القطاعات المالية والإقتصادية، كل ذلك يجري بفعل الإصطفافات المذهبيةِ والطائفية التي تحفرُ عميقاً في نفوسهم، وتجعلهم أسرى لرغبات هذا الزعيم أو ذاك، وإن كان ذلك يأتي على حساب مصالحهم وحياة أبنائهم.

ومن هنا، فإن مصادر مطلعة لا تستبعد «تصاعد وتيرة الخطابات السياسية النارية في المساحة المتبقية من موعد إجراء الإنتخابات بغية شدِّ العصبِ الطائفي، لأن غالبية الأطراف تُجمعُ على أن انتخابات أيار ستكون الأشرس والأغلى ثمناً، نتيجة الواقع السياسي الراهن والواقع الاجتماعي الذي يهدد بإنكفاء الكثير من الناس عن النزول الى صناديق الإقتراع».

سيخوض المرشحون الإنتخابات، لكن المال الإنتخابي الذي يُعطى للناخبين لن يحلَّ الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها لبنان منذ العام 2019، فالأزمة المالية والإقتصادية الخانقة لن تُحلَّ ببضعة دولارات، لا بل ستزيدُ الأمور سوءاً… 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى