رأي

الكويت والأمن الغذائي.

كتب د. عادل فهد المشعل في صحيفة الراي.

تشير بعض المصادر المتخصصة أن دولة الكويت تأتي في المركز الثاني بعد دولة قطر الشقيقة في الأمن الغذائي، وفي المركز الثامن والعشرين عالمياً بين إجمالي مئة وثلاث وثلاثين دولة.

ويأتي هذا المقياس من حيث قدرتها على توفير الأمن الغذائي لمواطنيها ليؤكد سلامة الخطط التي تنتجها الدولة عبر مؤسساتها، مثل وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية والهيئة العامة للصناعة وشركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية والشركة الكويتية للتموين واتحاد الجمعيات التعاونية والقطاع الخاص.
ولكن تبقى الخطورة حاضرة من مبدأ القدرة على الشراء، إذ ان تلك العملية وإن كان يفتقدها الكثير من الدول إلا أنها تمثل مرحلة قد تواجه الخطر لأي سبب ممكن أن يحدث مثل إغلاق المضائق البحرية أو اندلاع حروب في منطقة تنتج القمح وغيرها من الأسباب الأخرى.

وقد كتب الدكتور محمد الصائغ، قائلاً إن «دولة الكويت تعمل بشكل وثيق على تبادل الأفكار والتجارب والخبرات مع عدد من المنظمات والهيئات الدولية المتخصصة، ومن ذلك مثلاً منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فوافقت الكويت على مواصلة تعزيز برامج الشراكة المثمرة والتعاون البناء مع منظمة الأغذية والزراعة في ما يتعلق بمواكبة التحديات العالمية المتجددة، ووضع إستراتيجية شاملة للأمن الغذائي وتغير المناخ، خاصة في ظل عدم الاستقرار الذي يشهده عدد من بقاع الأرض، خاصة أن الكويت تستورد 95 في المئة من حاجاتها الغذائية، فتم إنشاء اللجنة العليا للأمن الغذائي في الكويت التي تواجه ندرة المياه وإنتاج الغذاء».

وقال خالد العتيبي، عضو البرلمان العربي عضو مجلس الأمة، ان «قضية الأمن الغذائي تعد واحدة من أهم الأزمات التي تواجه المنطقة العربية، إن لم تكن أكثرها إلحاحاً وتعقيداً نظراً لتداعياتها الشاملة وتداخلها مع العديد من القضايا والتحديات».

وكانت صحيفة «الراي» نشرت قبل عام تقريباً دراسة جهاز الأمن الوطني عن الأمن الغذائي حيث وصفها مصدر وزاري بخريطة طريق للحكومة بما تضمنته من عرض للمخاطر والحلول العملية، وهي دراسة أعدت بمشاركة ثماني عشرة جهة وشركة حكومية وخمس جمعيات أهلية، مع متخصصين كويتيين في الأمن الغذائي، حيث قدمت حلولاً آنية ومستقبلية بإمكان الحكومة تنفيذها مع الاطلاع على خبرات الدول المجاورة في قضية الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي لهذه الدول.

واعتبرت الدراسة أن تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية من شأنها التأثير على الأمن الغذائي إلا أن الكويت تمتلك فرصة مناسبة لامتصاص الصدمات غير المتوقعة لفترة قصيرة جداً، وهي بحاجة إلى البناء لتحقيق خطة أمن غذائي طويلة المدى على نطاق واسع.

وكاد العالم أن يتعرّض لمجاعة بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا لولا تدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على إيجاد اتفاقية لنقل الحبوب حيث تم توقيعها من قبل روسيا وأوكرانيا في إسطنبول بإشراف الأمم المتحدة.

والمتابع للأخبار الدولية يشعر بالقلق حين أعلنت روسيا أخيراً عدم تجديد الاتفاقية لنقل القمح، وقال الرئيس الروسي فلادمير بوتين، سنعود إلى صفقة الحبوب على الفور إذا تم تنفيذ جميع الشروط التي اتفقنا عليها سابقاً، بينما هناك اتهام لروسيا بأنها تتعمد تدمير محصول الحبوب الأوكراني والتسبب في أزمة غذاء عالمية، كما قالت وزيرة خارجية ألمانيا بأن «روسيا تبتز العالم وتحاول استخدام الحبوب كسلاح على حساب أفقر الدول».

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، «لا يزال أمام الأمانة العامة للأمم المتحدة 90 يوماً لمواصلة العمل في شأن تطبيع الصادرات الزراعية الروسية»، وهي الفترة التي خطط خلالها الأمين العام للأمم المتحدة لإعادة ربط البنية التابعة للمصرف الزراعي الروسي.

وقالت أيضاً إن «هناك مذكرة تشير إلى الاتفاقية بأنها ستكون سارية المفعول لمدة ثلاث سنوات، وإذا كان أحد الطرفين روسيا والأمم المتحدة يعتزم إنهاء تطبيقها فيجب عليه الإخطار مسبقاً بمدة ثلاثة شهور».

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها ستعتبر السفن المبحرة إلى أوكرانيا في البحر الأسود محملة بشحنات عسكرية، كما قال الرئيس الروسي «ان الاتفاق لم يحقق متطلبات تصدير الحبوب الروسية، كما أن روسيا لم تمنح الموافقة على تسجيل أي سفن نقل حبوب جديدة منذ شهر يونيو الماضي»

وقال وزير خارجية أوكرانيا انه «لا يمكن الاستمرار في مبادرة تصدير الحبوب مع الانسحاب الروسي والبدائل تحتاج لإرادة سياسية». وتناولت الصحف العالمية معلومات مفادها أن روسيا ستواجه صعوبات في طمأنة شركائها بتعويض خسارتهم، كما أن أسعار الغذاء العالمية لن تشهد صدمة شديدة نتيجة قرار روسيا التي تعاني بسبب القوميين الذين رفضوا صفقة الحبوب منذ اليوم الأول، إلا أن تداعيات كثيرة ستترتب عن خروج روسيا من صفقة الحبوب.

وتأتي ردود فعل على الموقف الروسي حيث إن الأمم المتحدة والكثير من دول العالم حضت الحكومة الروسية على التراجع فوراً عن القرار والعودة إلى اتفاقية تصدير الحبوب التي لعبت تركيا دوراً لتطبيقها، إلا أن الرفض الروسي سيؤدي إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي.

وما زالت شركات الشحن البحري تعاني من الخسائر وقد أعلنت رغبتها بمواصلة التعاون إذا سمحت لها أوكرانيا بالمغادرة وتركيا بالمرور، ولكن التعنت الروسي يبقى تحدياً كبيراً كما أبلغ الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي الأمم المتحدة وتركيا بشكل رسمي عزم أوكرانيا الاستمرار بالاتفاق وانه يجب القيام بكل شيء ممكن حتى يستمر استخدام ممر تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.

وأعلنت روسيا انها تسحب الضمانات الأمنية في ممر البحر الأسود، وأضافت أن الصفقة لم تحقق الهدف الإنساني المرجو منها في ظل التخريب الواضح، كما أن الكرملين يساند الحكومة الروسية بعدم التجديد، لذا قامت روسيا بإبلاغ الأمم المتحدة وتركيا بقرار رفض تمديد اتفاق تصدير الحبوب.

وأوضحت الخارجية الروسية أن الأمم المتحدة تتجاهل هجمات نظام كييف الإرهابية المتكرّرة باستغلال الممر الإنساني بالبحر الأسود، بل انها اتهمت الأمين العام أنطونيو غوتيريش، بانتهاك قواعد المراسلات الديبلوماسية بنشره بياناً تضمن تفاصيل رسالته الشخصية للرئيس الروسي.

وعلّق البيت الأبيض على أن رفض روسيا تمديد اتفاقية تصدير الحبوب سيؤدي إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي، كما علق الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، أن «اتفاق الحبوب كان شريان حياة للأمن الغذائي العالمي».

وانتقدت المندوبة الأميركية بمجلس الأمن الدولي ليندا توماس غرينفيلد، قرار روسيا بتعليق مشاركتها في مبادرة حبوب البحر الأسود، وأكدت ان الملايين من الناس سيعانون بسبب انسحاب بوتين من اتفاقية الحبوب.

ويرى المتخصصون أن الحلول الأخرى موجودة لنقل الحبوب بعيداً عن السيطرة الروسية إلا أنها مكلفة وبطيئة حيث النقل البري مع التأكيد على أن البحر الأسود أفضل وأسرع من النقل البري حيث إن البحر الأسود ومضيق البوسفور محل تغطية إعلامية عالمية بسبب عدم الاستقرار في ثلاثة موانئ مهمة للعالم هي (ميكولايف وسيفاستوبول واوديسا)، حيث منها تنطلق البواخر محمّلة بالحبوب إلى العالم حيث ارتفعت أسعار الحبوب بصورة مخيفة تفوق قدرة الكثير من الدول الفقيرة على الشراء فتفاقمت المخاوف.

… وعليه، توجد دول عربية قريبة من الكويت لديها أراض خصبة ومهندسو زراعة يمكن دعمها مالياً بإحضار الآلات الجديدة واستخدام التقنية الحديثة في الزراعة، كما أتمنى من وزارة الإعلام ممارسة الشفافية حول الأمن الغذائي في الكويت، عندها سيثمن الشعب الكويتي تلك المبادرة.

همسة:

يمكن تحقيق الأمن الغذائي عبر طرق عدة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى