رأي

الكويت بحاجة لرئيس وزراء سياسي وفيلسوف ومبادر

كتب حسن علي كرم في صحيفة السياسة الكويتية:

بتسمية رئيس مجلس وزراء جديد في الايام القليلة المقبلة، اربعة رؤساء وقفوا على منصة الاستجواب، واذا نزلوا من على المنصة مرفوعي الرأس من دون ما يطولهم “عدم الرغبة بالتعاون” من نواب المجلس، الا ان ذلك لا يعني ان السادة رؤساء مجالس الوزراء الفائزين بالثقة هو انهم قد انجزوا المهمة الكاملة المطلوبة من كل واحد منهم.
رئيس مجلس الوزراء مهمته ليس ان يتصدر طاولة الاجتماعات، او يتقدم وزرائه على موائد الطعام، فتلك مهمة بروتوكولية لا اكثر، انما هو في العادة، وفي كل حكومات العالم، يعتبر بمثابة الـ”مايسترو” يتولى قيادة الفرقة، وهذا يعني الا يسمح بأي صوت، أو نغمة نشاز تصدر.
صحيح ان الدستور الكويتي لم يخول رئيس الوزراء الحقوق الكاملة التي تخول لرؤساء وزراء ذات الانظمة الحزبية، فالدستور الكويتي دستور بسيط، والقرار السياسي محصور بيد امير البلاد، فهو يحاسب الوزراء، ويقيلهم ويقبل استقالتهم، بينما في الحكومات البرلمانية رئيس مجلس الوزراء هو الحاكم الفعلي، ويبقى لرئيس الدولة السلطة الوجاهية بالمشاركة مع الحكومة.
تعقيدات الدستور الكويتي، لا تتيح لرئيس مجلس الوزراء ان يبرز قدراته السياسية والابداعية، فمهمته ترؤس جلسات مجلس الوزراء، و لا يُسائل او يحاسب وزراءه على اخطائهم، فالمحاسبة محصورة بين امير البلاد ومجلس النواب، لذلك الذين يطالبون بحكومات برلمانية يعلمون في مثل هذه الظروف يستحيل منح مجلس الامة سلطة سياسية كاملة.
ان رئيس الدولة وفق المذكرة التفسيرية للدستور بمثابة والد للجميع، ولهذا لن يسمح الطغيان البرلماني، وتقسيم المجتمع الى دويلات طائفية او قبلية او فئوية، فالكويت حالة نادرة في المحيط السياسي ولها خصوصية لا ينبغي بأي حال من الاحوال التخلي عنها، وسوف يبقى الدستور الصادر قبل ستين عاماً بمثابة الخط الاحمر الذي لا يسمح بتجاوزه.
لكن هل هذا يعني ان نبقى كما يقول المثل الشعبي “على طمام المرحوم”، قطعاً لا والف لا، للكويت خصوصية، لكن تلك لا تعني ان ندفن في الرمال ولا ننهض، فالكويت كانت وسوف تبقى دولة ناهضة رغم انف الحاسدين، وكون التطور والنهوض يسير بطيئا فذلك لا علاقة له بالدستورلا يمنع التطور والسير نحو التطور، وفتح خط التقدم.
ان العقول الجبارة وحدها تحقق التقدم، وان الاقدام عكس التردد، والابداع ضد الجمود، والكويتيون اثبتوا على مدى سني عمر بلادهم انهم مبدعون ومقدامون، فلا شيء يمنع في الظرف الحالي ان تشق طريقها، وتثبت للعالم انها لا تزال هي كويت الابداع، وكويت النهوض، والمستقبل.
كل ذلك لن يتحقق في غياب الحكومة التضامنية والرأي الواحد، وهذا يعني ان تشكيل الحكومات ينبغي ان يكون على اسس جديدة، لا محاصصة ولا ترضيات، ولا حكومة من كل قطر اغنية.
رئيس مجلس الوزراء الذي بمثابة القائد والـ”مايسترو” عليه ان يختار اعضاء فرقته على اساس فكر وشخصية رئيسهم، من هنا ينبغي ان نشير ان الكويت في ظرف تدفع اخفاقات العقود الاربعة الاخيرة، وامامها فرصة نادرة لاختيار رئيس مجلس وزراء يتمتع بمواصفات وقدرات ادارية وخصوصية لا توجد في غيره.
من هنا اقول ان الكويت تحتاج الى رئيس مجلس وزراء سياسي وفيلسوف ومبادر، وان لا يسمح للرجعية الدينية فرض هيمنتها على سياسة الدولة.
الكويت تعاني من وجع هو هيمنة التيارات الرجعية على مفاصل الدولة، لذا لا تقدم ولا نهوض في ظل الانغلاق، والتفسيرات الدينية الاحادية.
نريد دولة ومجتمعا اصحاء، لا يعوقهما فكر ظلامي قادم عبر الصحراء.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى