رأي

العبور الأخير… حسابات تبديد الوقت؟

كتب نبيل بو منصف في “النهار”:

تبدأ مع نهاية هذا الأسبوع فترة الأربعة أشهر الأخيرة من الولاية الدستورية للرئيس #ميشال عون، بكل ما تحمله من استحقاقات ودلالات في مرحلة العبور الى ما يُفترض أن يكون عهداً جديداً، وإلا فإن المجهول – المعلوم سيكون متربّصاً مجدّداً بمصير #لبنان واللبنانيين. لسنا في وارد استباق الاستحقاق الرئاسي على طريقة ضرب المندل قبل أربعة أشهر ناجزة من موعد نهاية ولاية الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية وتسليمه المفترض دستورياً قصر بعبدا لخلفه الرابع عشر بطريقة متمدّنة حضارية سلسة تعيد الاعتبار الى أهم الإجراءات الدستورية إطلاقاً في الانتقال الديموقراطي للسلطة.

ولكن قبل أربعة أشهر فقط من الموعد الحاسم الذي يبدأ العدّ العكسي له نيابياً ودستورياً بعد شهرين بما يتيح انتخاب رئيس جديد بدءاً من مطلع أيلول، سيغدو بديهياً أن يظلل هذا الاستحقاق كل شاردة وواردة، وصغيرة وكبيرة، داخلياً وخارجياً، في الواقع اللبناني بما يحتم تالياً التخوّف الطبيعي من أن تكون بداية هذا الأسبوع تحديداً انطلاقة لمعركة سياسية في غير مكانها بالغة الأذى والعقم ستشكلها عملية تشكيل الحكومة الجديدة. ذلك أن الظروف الشديدة الالتباس التي واكبت إعادة تكليف الرئيس #نجيب ميقاتي تعكس بما لا يقبل الشك أننا أمام لوحة سياسية فوضوية تنذر في حال تماديها بالمزيد من تفتت وتشتت هائلين على مستوى ما كان يفترض أن يشكل الأكثرية الجديدة، ولكن أيضاً فإن التشرذم سيطارد هذه المرّة قوى الثامن من آذار التي لن يقوى عمودها الفقري “#حزب الله” على توظيف ضعف جبهة خصومه فيما تتفجّر معارك أهل التحالف الممانع عند بوابة الاستحقاق الرئاسي. فمع كل الهدايا الغبيّة والطوعية أو المفتعلة التي قدّمتها جهات من الأكثرية الجديدة للتحالف السلطوي القائم، بدأت مع الاستحقاق الحكومي الراهن مرحلة لن تنطبق عليها المعادلة نفسها التي جعلت هذا التحالف يرتع بتشرذم خصومه ويفيد من التجارب الفورية التي أعقبت الانتخابات النيابية حتى لو ثبت أن قوى الأكثرية الجديدة غير قابلة لنفض أخطائها بسرعة بفضل فكر عقيم يستوطن جهات معروفة فيها. ما سيصطدم به الفريق السلطوي الحالم مجدداً بالهيمنة الكاملة على حكومة انتقالية سيأتيه هذه المرة من واقع لا يمكن معه مرور حكومة أحادية سواء بفعل قرار قوى عدة من المعسكر المناهض للتحالف السلطوي القائم عدم المشاركة في الحكومة أو بفعل الدفع المتعمّد من قوى 8 آذار للاستفراد بآخر حكومات العهد. هذه الحكومة التي يتردّد أن الرئيس ميقاتي يهيّئ لتشكيلها من مزيج وزاري من قديم وحديث سيكون مصيرها، سواء قُيّضت لها الولادة أم أجهضت، المؤشر الحاسم لانطلاقة المعركة الرئاسية عملياً ورسمياً مهما ترتّب على ولادتها أو إجهاضها من مفاعيل. وإن كان الأسبوع الحالي سيوفر بعض الدلالات التي يمكن الركون إليها لاستكشاف طلائع نيّات الأفرقاء “الأكثر ترشيحاً” لإدخال استحقاق التأليف في دوامة تضييع الوقت تمهيداً لضرب تأليف حكومة جديدة لا ترضخ للاشتراطات، فإن عامل الوقت لن يلبث هذه المرّة أن يحاصر الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وكل القوى التي ستقرّر خصوصاً الانخراط والمشاركة في الحكومة لئلا تنزلق عوامل التوظيف السياسي للحظة المتوهّجة من أيديهم كحبّات الرمل المتهاوية في ساعة رملية. لقد بدأ العد التنازلي لمعركة الحسابات الرئاسية وليس أكثر إثارة للسخرية من أن تبقى الحكومة المستقيلة الحالية الاحتمال الأكثر رجحاناً لتمرير العبور الى نهاية تشرين الأول!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى