رأي

الشرع في ضيافة ترامب في البيت الأبيض: المصالح والآفاق

كتب كيرستن كنيب في صحيفة DW.

لن تكون زيارة الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلى البيت الأبيض يوم الاثنين (10 تشرين الثاني/نوفمبر 2025) المقبل حدثاً روتينياً عادياً. فلم يسبق أن استضاف رئيس أمريكي رئيساً لسوريا. كانت العلاقات بين البلدين متوترة للغاية خلال فترة حكم الأسد وحتى قبله بحيث لم يكن من الممكن القيام بمثل هذا الخطوة.

وقد التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في أيار/مايو من هذا العام. وتشير هذه اللقاءات المتكررة، لا سيما في واشنطن إلى رغبة الرئيسين في إرساء علاقات بلديهما على أساس جديد.

الشرع: رفع العقوبات

أعلن ترامب في أيار/مايو الماضي  رفع العقوبات المفروضة على سوريا، حسبما صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت في مؤتمر صحفي. وتهدف هذه الخطوة إلى منح البلاد “فرصة حقيقية للسلام”. وأضافت ليفيت: “وأعتقد أن الحكومة قد أحرزت تقدماً جيداً في هذا الصدد في ظل قيادتها الجديدة”.

صحيح أن العقوبات الأمريكية قد رُفعت في معظمها لكن البلاد لم تنضم بعد إلى النظام المالي الدولي. وتقول بينتي شيلر، الخبيرة في شؤون سوريا في مؤسسة هاينريش بول، المقربة من حزب الخضر: “من المرجح أن يضغط الشرع من أجل عودة البلاد إلى هذا النظام. فهذا من شأنه أن يعود بمنفعة كبيرة على البلاد”.

وتعتقد شيلر أن الشرع قد يولي أهمية لأمر آخر وهو إنهاء العقوبات التي لا تزال مفروضة عليه من قبل الأمم المتحدة. “من المرجح أن يحاول الشرع كسب تأييد ترامب في هذه القضية”.

في الواقع قدمت الولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لرفع العقوبات المفروضة على الشرع. وتسري هذه العقوبات منذ عام 2014 عندما كان الشرع لا يزال القائد الأعلى للجماعة الإسلامية “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة). وتشمل العقوبات المفروضة عليه وعلى أعضاء سابقين في هذه الهيئة حظر السفر وتجميد أصولهم. وكان الشرع نفسه قد دعا في سبتمبر الماضي خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إقامة علاقة جديدة بين المنظمة وسوريا.

ومساء الخميس (السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2025) رفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع. كما رفع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على وزير الداخلية السوري أنس خطاب. وحصل القرار على تأييد 14 عضواً بالمجلس، بينما امتنعت الصين عن التصويت.

وقد رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته في ربيع العام الجاري. 

ترامب: جبهة مشتركة ضد “الدولة الإسلامية”

من المرجح أن تحاول الولايات المتحدة هي الأخرى تحقيق مصالحها في الاجتماع. تتوقع بينتي شيلر، الخبيرة في شؤون سوريا في مؤسسة هاينريش بول، المقربة من حزب الخضر أن يحاول دونالد ترامب دمج سوريا في التحالف ضد تنظيم  “داعش” والجماعات الجهادية الأخرى.

حسب تقرير نشرته مجلة Army Recognition الإلكترونية كان هناك حوالي 2000 جندي من القوات المسلحة الأمريكية متمركزين في سوريا في كانون الأول/ديسمبر الماضي. لكن من المقرر خفض عددهم.

على المدى الطويل من المفترض أن تقوم القوات السورية بعملية التصدي لـ”الدولة الإسلامية”(تنظيم داعش). ورغم أن هذا الأمر لم يتحقق بعد إلا أن بينتي شيلر تعتقد أن المحادثات ستدور حول التعاون في هذا الصدد.

ميرتس يدعو الشرع لزيارة ألمانيا

قبل بضعة أيام دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس الشرع  لزيارة برلين لإجراء محادثات. ومن المقرر أن تتناول المحادثات بشكل أساسي ترحيل المجرمين من اللاجئين السوريين إلى سوريا. وقد عادت المناقشات حول هذا الموضوع إلى الظهور في ألمانيا في الأيام الأخيرة. بعد زيارة دمشق في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر أعرب وزير الخارجية يوهان فاديفول عن شكوكه في أن  يعود العديد من السوريين طواعية إلى وطنهم. وقال الوزير: “لا يمكن لأي شخص أن يعيش حياة كريمة هنا (سوريا)”، مما أثار استياء العديد من الشخصيات النافذة في حزبه المحافظ، الاتحاد المسيحي الديمقراطي.

وتقول بينتي شيلر إن موضوع الترحيل إلى سوريا حساس. فقد استقبلت ألمانيا في السنوات الماضية عدداً كبيراً من السوريين، ولذلك تحظى بسمعة طيبة في سوريا. “لا ينبغي الآن المجازفة بذلك بالتركيز بشكل أساسي على عمليات الترحيل. لأن ذلك بالطبع يرسل رسالة مفادها أننا سعداء بتخلصنا من اللاجئين”. بل يجب التركيز على تقديم المساعدة في إعادة إعمار البلاد وتحقيق الاستقرار، حسب رأيها. وتفسر: “لأن المستقبل السياسي للبلاد يعتمد بشكل أساسي على ذلك”.

ماذا عن علاقة دمشق بموسكو؟

ومع ذلك من المفترض أن يتم التطرق إلى مواضيع أخرى في لقاء ترامب مع الشرع، كما تفترض بينتي شيلر. “من المرجح أن ينصب اهتمام دول أوروبا الغربية بشكل أساسي على أن  روسيا لن تلعب أي دور في سوريا في مستقبل سوريا. كما أن معظم السياسيين يرون أنه لا يجب أن يكون لروسيا أي تواجد عسكري في سوريا”.

ولا يزال رد سوريا على هذا المطلب غير معروف في الوقت الحالي. فرغم الحرب العدوانية التي تشنها روسيا على أوكرانيا، لا تزال الحكومة في دمشق على اتصال بالكرملين. ففي منتصف تشرين الأول/أكتوبر التقى الشرع والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. وحسب صحيفة الغارديان البريطانية ركز بوتين بشكل خاص على القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سوريا، وهما قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية. ولم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنهما.

وحسب صحيفة الغارديان فإن الشرع يهتم في المقام الأول بأن يحاكم الرئيس المخلوع بشار الأسد وبقية أعضاء النظام في سوريا الذين فروا إلى موسكو. وقد يحاول أيضاً كسب موسكو كشريك ضد إسرائيل التي هاجمت سوريا مراراً في الأشهر الماضية.

وتقول بينتي شيلر، الخبيرة في شؤون سوريا في مؤسسة هاينريش بول، المقربة من حزب الخضر إن الحكومة السورية تولي أهمية كبيرة لإجراء محادثات مع أكبر عدد ممكن من الدول. “وهذا يدل على رغبته (أحمد الشرع) في البقاء مستقلاً قدر الإمكان وعدم الاعتماد على شريك واحد فقط. وبدلاً من ذلك يراهن بشكل ثابت على المرونة”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى