رأي

السيّد وباسيل يمهّدان لنسف الطائف.. ببقاء عون

كتبت ملاك عقيل في “اساس ميديا”:

ما قاله النائب جميل السيّد من القصر الجمهوري وتصدّى له “دافن” كلّ العهود سليم جريصاتي، كان جبران باسيل قد تجاوز سقفه بكثير ممهّداً لكباش كبير في المرحلة المقبلة قد يقود إلى دفن اتفاق الطائف نهائياً.

في الواقع قال السيّد ما يلخّص جوهر موقف وواقع الرئاسة الأولى وباسيل حيال الاستحقاقات البالغة الغموض والخطورة حين اعتبر أنّ “استمرار حكومة تصريف الأعمال حتى الانتخابات الرئاسية مؤامرة على الرئيس والعهد”، مسلّماً “بعدم جواز تسليم صلاحيّات الرئاسة إلى حكومة تصريف أعمال”.

بول مرقص لـ”أساس”: إذا حصل شغور في موقع رئاسة الجمهورية من دون وجود حكومة أصيلة تتولّى حكومة تصريف الأعمال القائمة صلاحيّات رئيس الجمهورية بمقتضى المادة 62 من الدستور

من جهته، قالها باسيل من زاوية مغايرة حين اتّهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و”غيره” بـ”العمل على تجاوز الدستور باعتبار حكومة تصريف الأعمال كاملة الصلاحيّات”، قائلاً: “انتبهوا هذا يسقّط الطائف وبيخلّي كل موقع ومؤسسة دستورية قائمة من دون حدود زمنية”.

كلام لا يُقرأ منه سوى المعادلة الآتية: “صلاحيات رئاسة الجمهورية لا تنتقل إلى حكومة تصرّف الأعمال”. هذا يفتح الباب، برأي باسيل، أمام سقوط الموادّ الدستورية الناظمة لعمل السلطات وتحرّرها من كلّ المهل، ما يمكن أن يؤدّي إلى “فتوى” بقاء ميشال عون رئيساً للجمهورية في قصر بعبدا في حال لم يُصَر إلى تشكيل حكومة أصيلة قبل 31 تشرين الأول. في حين أنّ تشكيلها يمهّد لانتقال صلاحيّات الرئاسة الأولى لها إذا لم يتمّ انتخاب رئيس جمهورية جديد.

في الشقّ الدستوري يقول رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الدكتور بول مرقص لـ”أساس”: “إذا حصل شغور في موقع رئاسة الجمهورية من دون وجود حكومة أصيلة تتولّى حكومة تصريف الأعمال القائمة صلاحيّات رئيس الجمهورية بمقتضى المادة 62 من الدستور. وأصلاً أيّ حكومة تتولّى مهامّ الرئاسة الأولى على سبيل الاستثناء في حال عدم انتخاب رئيس جديد هي في طبيعتها حكومة تصرّف الأعمال فقط بمعناها الضيّق، ولا يمكن أن تتصرّف وكأنّها حكومة مزاولة”.

يُذكر أنّ المادّة 62 تنصّ على أنّه “في حال خلوّ سدّة الرئاسة الأولى لأيّ علّة كانت تُناط صلاحيّات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء”.

باسيل والتعديل الدستوري

أعاد باسيل على كعب الانتخابات النيابية طرح اقتراح تعديل دستوري لجهة تحديد مهل إجراء استشارات التكليف وتأليف الحكومة و”إذا عاندتوا متل العادة هذا يؤكد وجود نيّة من رئيس الحكومة وغيره، نحن نلمسها بوضوح، لعدم تشكيل حكومة”.

أكثر من ذلك اشترط باسيل تحصّن رئيس الحكومة المقبل بـ”الشرعية الشعبية” مع تقديم “دفعة على الحساب” يحدّد خلالها مواقفه من ثلاث قضايا: رفع الغطاء والحماية منه ومن وزير المال عن رياض سلامة، التزامه مع وزير العدل ووزير المال بإنهاء تحقيق المرفأ وإصدار القرار الظنّيّ، والالتزام بإنجاز التدقيق الجنائي، وخاصةً في وزارة الطاقة.

المادّة 62 تنصّ على أنّه “في حال خلوّ سدّة الرئاسة الأولى لأيّ علّة كانت تُناط صلاحيّات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء”

بالأرقام، خرج كلّ من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في المقلب المسيحي، وحركة أمل وحزب الله في المقلب الشيعي، بـ”شرعية شعبية” أفرزتها صناديق الاقتراع. لكن عن أيّ شرعية لرئيس الحكومة تحدّث باسيل وأصوات الطائفة السنّيّة “رُشّت” على المرشّحين واللوائح في غياب كامل لعصب تيار المستقبل وشبه تامّ لرموز الحقبة “السَعديّة”.

شروط باسيل على ميقاتي

في مطلق الأحوال، يبدو واضحاً أنّ دفتر شروط جبران باسيل لرئاسة الحكومة المقبلة لا ينطبق إطلاقاً على نجيب ميقاتي الذي لم يخُض السباق الانتخابي، وأيضاً على فؤاد مخزومي وعبد الرحمن البزري… قد يُفسّر ذلك اندلاع الخلاف حول خطة الكهرباء، بعد تقاعد الحكومة، بين فريق باسيل وميقاتي مع اتّهامات متبادلة بالكذب والفساد.

بالتأكيد “صحوة” ميقاتي المفاجئة على مصير معامل الكهرباء لم تأتِ من عدم، وقد عكست أحد أوجه شدّ الحبال بين الطرفين بعدما رفع باسيل البطاقة الحمراء بوجه نائب طرابلس السابق مع فرض شروط تعجيزية لإعادة تكليفه.

ومن باب إسقاط الميثاقية المسيحية عن إعادة تكليف ميقاتي أفتت القوات، على لسان النائب جورج عدوان، “باستحالة تكليف الأكثرية الحالية حكومة الرئيس ميقاتي مرّة جديدة بعد كلّ ما فعلته”.

عمليّاً، برز أوّل تقاطع واضح بين حزبَيْ القوات والتيار ومجموعة “التغييريين” في البرلمان وبعض المستقلّين، من ضمنهم نواب سُنّة، عند عدم تسمية نبيه بري لرئاسة مجلس النواب وميقاتي لرئاسة الحكومة. وسيبرز هذا التوجّه بوضوح في جلسة يوم الثلاثاء التي دعا إليها الرئيس برّي لانتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس.

برّي مع ميقاتي

الرئيس نبيه برّي مؤيّد لإعادة تسمية ميقاتي رئيساً للحكومة من دون أن يلاقيه موقف واضح من جانب حزب الله الذي تناول أمينه العام السيد حسن نصرالله، بعد انتهاء الانتخابات، مسألة اعتكاف تيار المستقبل والحريري، معتبراً أنّ “هذا الأمر لا يجوز لأحد في لبنان أن يمرّ عليه أو يتجاوزه. هو موضوع مهمّ جدّاً يحتاج إلى مقاربة هادئة وموضوعية ومسؤولة ويُبنى عليها”.

لا شكّ أنّ تجاوز استحقاق تشكيل حكومة يتطلّب تجاوز لغمين: انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، وتكليف رئيس حكومة للقيام باستشارات التأليف. وإذا كان حصول الشقّ الأول مضموناً يوم الثلاثاء، فإنّ التوافق بين “موزاييك” كتل المجلس على اسم رئيس الحكومة المقبل لا مؤشّرات إليه حتى الآن. فيما يتوعّد النواب “التغييريّون” بخلق مقاربات مختلفة في التعاطي منذ الآن وصاعداً مع كلّ الاستحقاقات الدستورية، وأوّل الأمثلة في جلسة انتخاب رئيس “مجلس نواب الثورة” يوم الثلاثاء المقبل.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى