أخبار عاجلةأبرز

الرّئاسة: “بولدوزر الحزب” وتشتت معارض!

كتب فريديريك خراط لـ”رأي سياسي”:

استحقاقات عدة تنتظر لبنان، أهمها الاستحقاق الرئاسي الذي يعول عليه الكثير من اللبنانيين والقوى السياسية السيادية، علّه يغيّر النهج السائد في لبنان. العد العكسي بدأ وسط رياح أزمات داخلية وخارجية من جهة، وغربية-شرقية من جهة ثانية تعصف بوطن مغلوب على أمره، ما يجعل هذا الاستحقاق صعبا.
يبدو جليا أن كل القوى السياسية من دون استثناء تتحضر للاستحقاق الكبير وتعيره أهمية كبرى. إنما المفارقة أنه يختلف الوضع بين قوى السلطة المتراصة التي لن تؤثر المنافسة بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية بسبب كرسي الرئاسة على “طبخة” حزب الله التي لا يزال “يستويها على نار هادئة” ليقدمها عند ساعة الصفر للقوى السياسية أولا وللشعب اللبناني ثانيا، وبين تشتت قوى المعارضة والتي ينخرها تصدّع العلاقات بين قواها وإن بدأت تسعى متأخرة لرأب تلك التصدعات وتقليص الهوة بين بعضها. كما بدت واضحة دعوات المعارضة والتصاريح الداعية لوحدتها، إلا أنها تبقى عقيمة حتى الساعة، باستثناء اللقاء الذي جمع حزب الكتائب ببعض القوى المستقلة السنية والمسيحية وبعض نواب التغيير. إلا أن هذا اللقاء يبقى من دون جدوى فعلية ووازنة على الحياة السياسية إن لم ينسحب على باقي قوى المعارضة. كما لا يخفى على أحد أنه لن تستطيع قوى المعارضة من تغيير الوضع السياسي وقلب المعادلة إذا بقيت على تشتتها.
هذا وتظهر المعارضة أكثر اندفاعا وحماسة لهذا الاستحقاق من قوى السلطة وإن كانت متعثرة، والسبب هو أنه ليس لديها من شيء قد تخسره، بل أصبحت أكثر منافسة للسلطة من السابق، على عكس قوى السلطة التي قد تخسر موقع رئاسة الجمهورية لسبب أو لأخر. ولعل الفريق الأقل اندفاعا هو فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل، الذين يسعون جاهدين لعدم مغادرة القصر الجمهوري قبل تعبيد طريقه أمام باسيل. هذا وقد نقل أحد الصحافيين العرب عن لسان رئيس الجمهورية ميشال عون منذ أيام رغبته بعدم التسليم للفراغ. ويشكل هذا الموقع نقطة استراتيجية للتيار البرتقالي والضمانة الوحيدة له أمام نقمة الشارع ضده طوال ست سنوات.
تأمل اللبنانيون باستحقاق رئاسة الحكومة إلا أن هذا الاستحقاق لم تأت نتائجه على قدر الأمال، بحيث كانت المعارضة مشتتة ولم تقدم منافسة جدية بوجه مرشح 8 أذار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي رغم أنها كانت قادرة لو اتحدت مع بعضها. كما أن القوى المسيحية لم تتعاطى مع هذا الاستحقاق بالقدر العالي من الجدية، فكان أداء الكتلتين الأكبر مسيحيا أي كتلتي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر أداء منكفئ إذ لم تسم أحدا، ولو كان لكل كتلة اعتباراتها. وهذا يمكنه أن يؤثر على أداء القوى السنية المشتتة في استحقاق رئاسة الجمهورية التي يمكن للكثير منها أن لا يبذل أي مجهود أو مقاومة لمنع وصول أي مرشح لحزب الله لرئاسة الجمهورية.
فيما تتخبط المعارضة وتتعثر في خوض المعارك والاستحقاقات، يتقدم “بولدوزر” حزب الله السياسي من دون توقف ليجرف الأخضر واليابس. وخاصة أنه “المايسترو” الاستراتيجي لفريق 8 أذار والموجه لجميع خطواته في الاستحقاقات. هذا بالإضافة إلى تموضع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الجديد البعيد عن تموضع المعارضة مما يزيد الشرخ والتشتت.
كما قد حذر رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بأنه إذا استمر حزب الله في أخذ لبنان رهينة سيواجه أداء مختلفا، مضيفا: “إذا استمر حزب الله بالمنطق عينه محاولا فرض رئيسا جديدا على اللبنانيين فليتوقع أن نغير بخطابنا وطريقة عملنا”. وهنا قد يطرح السؤال على عدة احتمالات ومنها إما لجوء قوى المعارضة للتعطيل وإما إلى الشارع أو قد يكون هناك احتمالات أخرى تدرسها قوى المعارضة…
وقد تحدث رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن الضغوط التي يتعرض لها المجلس الدستوري من قبل التيار الوطني الحر وحزب الله للتلاعب بالطعون النيابية بهدف قلب ميزان القوى داخل المجلس النيابي تحضيرا للانتخابات الرئاسية. وإذا صحّت المعلومة، فأي فرص للمعارضة قد تبقى بعد هكذا ضغوط؟
مسؤولية كبيرة يلقيها الشعب اللبناني على قوى المعارضة من أحزاب سيادية وشخصيات مستقلة وقوى تغييرية، كما يحملها مسؤولية تشتتها. فإما تقف في الاستحقاق الرئاسي مستعدة لخوض معركة رئاسة الجمهورية بوجه فريق 8 اذار، أو يفوتها الأوان ويأكل اللبنانيون “الطبخة” التي أعدها الحزب له.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى