بين التمديد وباسيل…الرئاسة تخير اللبنانيين
تنقشع الرؤية يوماً بعد يوم، وينفض السياسيون عنهم غبار الصفقات والمقايضات، إلا أننا اللبنانيين لم يعلموا بأن رئيس الجمهورية ميشال عون حين قال “أعطوا ما لقيصر لقيصر” يعني أنه يريد اعطاءها لصهره النائب جبران باسيل، وهذا ما روج له في زيارته إلى قطر التي كان من المفترض أن تكون رياضية، إلا أنها أتت تسويقية في أكبر عملية “Marketing” لفكرة التمديد أو وصول باسيل إلى بعبدا.
وبالنسبة إلى المقايضات التي تقع في خانة الابتزاز والتي مصدرها الشالوحي، باتت واضحة بانها ستأتي على حساب القضاء والشعب وضحايا انفجار المرفأ، إذ كثر الحديث عن صفقة يروج لها رئيس التيار الوطني الحر، وهي قبوله بكف يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، مقابل حصوله على “ميغاسنتر” وتعديل قانون الانتخاب لينتخب المنتشرون وفق آلية 6 نواب بدلاً من 128 نائباً، وبالتالي يظن باسيل أن بهذه العملية يحصل على عدد من النواب ويعيد بريق شعبيته الباهتة والتي خسر منها الكثير جراء سلوكه السياسي المدمّر، وبهذه الصفقة، تعود الحياة إلى الحكومة التي باتت بلا روح، كالشعب اللبناني الذي يعيش من قلة الموت.
البداية من قطر، حيث عزف عون على أوتار التمديد والتسويق لباسيل، إذ رصدت مصادر سياسية “كلمات متقاطعة بين السطور يحاول من خلالها رئيس الجمهورية ميشال عون تحضير الأرضية لصفقة نيابية – رئاسية تقوم على معادلة: إما أسلّم بيدي مقاليد الرئاسة لجبران باسيل أو أمدّد ولايتي لتجنّب الشغور الرئاسي”.
ومن هذا المنطلق، رأت المصادر أنّ تصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة تسير على “خط بياني واضح المعالم يسعى إلى شبك الاستحقاقات الدستورية في سلة تسويات واحدة”، تهدف بشكل خاص إلى استدراج حزب الله إلى تقديم “وعد رئاسي مماثل لذاك الذي قطعه الحزب لإيصال عون إلى قصر بعبدا، على أن يضمن هذه المرة إيصال باسيل إلى القصر مقابل مقايضات بدأت تلوح في الأفق قضائياً وانتخابياً على المستوى الداخلي، واستراتيجياً على المستوى الخارجي، سيّما في ضوء أوراق الاعتماد المتراكمة التي يقدمها رئيس “التيار الوطني الحر” في سبيل طمأنة “حزب الله” وآخرها إبداء جهوزيته بأعلى صوت للتصدي لكل من يقول إنّ لبنان محتل إيرانياً”.
وفي سياق متصل، الأعمى من لا يريد أن يرى لا فاقد البصر”. للوهلة الأولى، قد ينطبق هذا القول على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في نفيه لوجود احتلال إيراني للبنان. لكن إنكار باسيل لا يتأتى من فقدانه البصر، بل لأهداف سلطوية ومصلحية شخصية، على حساب المصلحة اللبنانية العليا.
وسخرت شخصية سياسية مخضرمة، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، من “البطولات الدونكيشوتية الكرتونية التي يدَّعيها بخفّة لافتة رئيس التيار الوطني الحر، محاولاً شدَّ عصب ما تبقى من تياره ورفع معنوياته المنهارة، ومعتقداً أنه لا يزال بإمكانه تمرير الكذب، على طريقة (اكذب اكذب سيعلق شيء ما في أذهان الناس)”.
ولفتت المصادر ذاتها، إلى أن “باسيل يحاول المستحيل لترميم وضعيته الشخصية ووضعية تياره، بعد التراجع الكبير لشعبيته ومؤيديه منذ وصول رئيسه السابق النائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وطريقة إدارة الدولة والتخلِّي عن قرارها السيادي لمصلحة حليفه حزب الله ورهن القرار الوطني لصالح محاور خارجية على حساب مصلحة اللبنانيين، والتي كان لباسيل شخصياً اليد الطولى فيها، ما وضع لبنان في عزلة دولية غير مسبوقة في تاريخه وأوصله إلى الانهيار”. لقراءة المقال اضغط على هذا الرابط: خاص ـ باسيل “دونكيشوت” في عصر الإنترنت
من جهتها، ووفقاً لمصادر مطلعة لـ”الديار”، لا يريد رئيس مجلس النواب نبيه بري منح تكتل لبنان القوي «ورقة» ابتزاز جديدة كما حصل في الجلسة النيابية الأخيرة التي فتحت الباب أمام الخلاف على احتساب النصاب القانوني أثناء التصويت على التعديلات التي أدخلت على قانون الانتخاب، وثمة ارتياب جدي من نية مبيتة لاسقاط التسوية «بالضربة القاضية» في البرلمان. وبالتالي فان عدم تقديم باسيل التزاماً رسمياً، وعبر القنوات المعتادة، للحضور والتصويت، فهذا سيؤدي حكماً الى فشل التصويت، ولهذا لن يغامر بري بالدعوة الى عقد جلسة.
وبين رائحة المقايضة، وإعادة فتح الأبواب أمام جلسات الوزراء، تبدو الحكومة على شفير الهاوية، من هنا، يستمر السعي الى العثور على مخرج «توافقي» يرضي القضاء والمعترضين عليه في آن واحد، ويوفق بين استمرار الحكومة وبقاء البيطار في الوقت نفسه.
وعلى ذمّة الرواة لـ”الجمهورية”، فإنّ ميقاتي وخلال أحد الاجتماعات التي جمعته مع عون في قصر بعبدا، اتصل برئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود وأبلغ اليه بأنّ هناك مسعى يجري من أجل إيجاد حلّ لمسألة البيطار على أساس الالتزام بالدستور والصلاحيات القضائية، وحضّه على التفاعل إيجاباً مع هذا المسعى، ثم اعطى الهاتف لرئيس الجمهورية الذي خاطب عبود في المنحى نفسه، فأجابه رئيس مجلس القضاء الأعلى: «وصلت الرسالة»، وهو ردّ بدا في حينه ملتبساً وخاضعاً للتأويل.
وبحسب الرواية، انفرد ميقاتي بوزير محسوب على حزب اساسي وقال له، “بدي منك شي أرنب”، فأجابه الوزير، “دولة الرئيس، المطلوب إقصاء المحقق العدلي القاضي طارق بيطار وهذا يحتاج إلى “رِكاب”.
توازياً، ظهر العجز في اللقاء بين ميقاتي وبري في عين التينة، فلم يخرج «الدخان الابيض» حكومياً، وفق “الديار”، بعدما ابلغ بري ميقاتي انه «مش ماشي الحال» والتعطيل جاء من بعبدا، فتفرملت الدعوة الى جلسة حكومية كانت مرتقبة بعد عودة عون من قطر، وسط غضب مشترك بين الرئيسين من «التعطيل» السياسي- القضائي الذي يخوضه الفريق السياسي والقانوني للرئيس ميشال عون والذي حال برأيهما دون «فك الالغام» القضائية من طريق العودة الى جلسات الحكومة.
صحياً، قلّما سجّل لبنان، منذ انتشار فيروس كورونا، يومَي السبت والأحد، أرقاماً فاقت بارتفاعاتها تلك المسجلة خلال أيام الأسبوع، إذ رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجيأن لا يبدي تفاؤلاً إزاء المتحور الجديد، لكنه في المقابل لا يرى ضرورة اتخاذ أي إجراءات استثنائية أو شديدة القساوة، لأن الموضوع لا يزال في نطاق مقبول.