أبرز

الدواء والدولار…ولهيب الاسعار

خاص رأي سياسي

نائلة حمزة عبد الصمد

في ظل الوضع المأزوم الذي يعيشه اللبناني، ما أن ينتهي المواطن من أزمة حتى تأتيه أخرى… ولا يجد القيمون على القطاعات في هذا البلد إلا زيادة الأعباء على المواطن لتأمين ما يجب تأمينه…
فبعد خطوة تسعير المواد على سعر الدولار في السوق السوداء، وكذلك المحرقات والملابس وغيرها من السلع، بدأت نداءات الصيادلة للمطالبة بدولرة سعرالدواء منعا لخسارتهم في ظلّ فقدان الأدوية، واضطرار المواطن المريض لتأمينه من أدوية بديلة يستحصل عليها من سوريا وتركيا وايران ودول أخرى، بسعر أقل وذلك بسبب إرتفاع الأسعار الجنوني غير المضبوط الناتج عن الجشع والسياسة والمصالح في هذا القطاع، مما أفسده، وباتت الصيدليات والمواطن ضحيته.
وبما أنّ لكل مشكلة حلّ فيما يخص إرتفاع الأسعار، يستطيع المواطن الذي لا حول له الحصول على الدواء المزمن من وزارة الصحة وبطريقة شاقة. وإن لم يتواجد يستطيع حينها إيجاد الدواء في بعض المستوصفات أو الصليب الأحمر اللبناني الذين يحصلون على الدواء من خلال تقديمات وزارة الصحة أو المؤسسات الدولية.
وفيما قامت وزارة الصحة منذ أيام بتوسيع نظام التتبّع MEDITRACK وشموله أدوية وأمراضا مستعصية جديدة وتشديد الوزير فراس الأبيض على ان الدواء أولوية ، وانه من غير المقبول أن تتحوّل الصيدليات إلى مراكز صيرفة أي بيع بالدولار، عمدت وزارة الصحة الى رفع سعر دولار الدواء على منصتها الى ٨٨٠٠٠ ليرة ، في خطوة اعتبرت أنها ستقوم بمساعدة الشركات والصيادلة على حد سواء.
نقيب الصيادلة جو سلوم وفي حديث لرأي سياسي، رفض دولرة أسعار الأدوية، معتبراً أن هذه الخطوة بمثابة “اذلال للصيدلي وللمريض” ، لافتاً في الوقت عينه الى ان الدواء ليس سلعة لكي تكون تحت رحمة صرافي السوق السوداء “، على حد تعبيره.
سلوم شدد على أنه لطالما وقف في وجه مطالبة العديد بدولرة الأدوية، ومن الإذلال إجبار المواطن او الصيدلي على إستجداء الدولار من صرافي السوق السوداء للحصول على الأدوية. ولكن اذا كان تسليم الأدوية من قبل الشركات مرتبط بذلك بسبب إرتفاع الدولار الكبير، فليكن طالما لم يُترك لنا خيار آخر.
ولإلقاء الضوء على هذا الموضوع، استشرنا أحد الصيادلة حول المشاكل التي تواجهه، لفت إلى أن “المشكلة الأساس تكمن بغلاء الدواء لأنّ تسعيرته أصبحت على سعر دولار السوق السّوداء، والذي يحدّد هذا السعر وزارة الصحة اللّبنانية، بالإضافة الى فقدان عدد كبير من الأدوية من الصيدليّات، ويعود السّبب إلى تمنُّع الشركات والمستودعات من بيعها بحجة أنّ الدولار إلى ارتفاع مستمر، وهي تنتظر في كل مرة تسعيرة جديدة من الوزارة للبيع بالسعر الأعلى. وإلى أن تصدر التسعيرة الجديدة، يعاود الدولار بالإرتفاع سريعاً، فيتكرّر السيناريو نفسه، ويختفي الدواء من الأسواق ليبقى كيفيّة معالجة الداء.
ومما لا شك فيه، أن تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية بدأت للأسف تظهر بوادرها منذ أكثر من سنة ونصف، والسبب يعود إلى عدة نقاط مهمة أولها رفع مصرف لبنان الدعم بشكل جزئي عن المواد الأولية للصناعات الوطنية والدوائية وبنفس الوقت تقليصه لدعم الأدوية المستوردة وهذا الأمر أدى إلى تدني الاستيراد وتردد الشركات بحجز للكميات المطلوبة نظرًا لعدم التزام مصرف لبنان بتعهداته المالية تجاه الشركات.
ومن هنا، فإن استمرارية تزويد السوق بالدواء لن يؤدي إلى تعثّر الصيدليات وعجزها عن متابعة تلبية حاجات المرضى، و اتخاذ الإجراءات اللازمة بسرعة، بغية لجم انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية وحماية الاقتصاد بكل مكوناته، وفي طليعتها المؤسسات الصحية والصيدلانية لتمكينها من الاستمرار في أداء مهامها وتلبية حاجات المرضى.
أما موضوع تحديث جداول أسعار الأدوية لا يتعلّق فقط بالعملية المالية أو بمؤشرات الربح والخسارة بل يهدد قدرة الصيدليات كافّة على الاستمرار، والاّ الإفلاس الحتمي للمؤسسات وتوقّفها التام عن العمل.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى