رأي

الخريطة الإنتخابيّة: المعركة المسيحيّة «أمّ المعارك»..

كتب محمد بلوط في “الديار”:

يذهب الناخبون الى صناديق الاقتراع في 15 ايار المقبل ببطون خاوية، نتيجة ثقل الازمة المعيشية التي تتفاقم بشكل متسارع متجاوزة كل الحدود.

ماذا يعني ذلك؟ بكل بساطة، هذا يعني ان نسبة الاقتراع يرجح ان تكون متدنية بشكل عام، رغم محاولات القوى على تنوعها حث انصارها على المشاركة في العملية الانتخابية، ورغم لجوء بعضها الى المال الانتخابي، مثلما يحصل في كل الاستحقاقات الانتخابية.

واذا كانت اللوائح الاعلانية الانتخابية التي تنتشر وتمتد على كل الشوارع والطرق والابنية والساحات، هي احدى وسائل الدعاية لسائر المرشحين والقوى المتنافسة، فانها في بعض الحالات وسيلة لتغطية دورها في التحشيد للمعركة المنتظرة، إذ يلجأ العديد من القوى والاحزاب والتيارات المتنافسة الى الاعتماد عليها لكسب اكبر قدر من الاصوات.

ووفقا لما يتردد في العديد من المناطق، يسعى البعض الى دفع مبالغ طائلة مباشرة للمفاتيح الانتخابية بالليرة اللبنانية بعد «تقريشها»، بحيث يعمد هؤلاء الى السوق السوداء او ربما باعتماد طرق ملتوية للاستفادة من منصة «صيرفة» لاستبدال الدولار بالعملة اللبنانية، باعتبار ان الرشوة الانتخابية بالليرة تعتبر وسيلة اوفر لهم من الدفع بالعملة الصعبة. انها حسابات انتخابية تتجاوز الاهداف الحقيقية للانتخابات ومشاركة او صنع الشعب للقرار في البلاد.

وفي هذه الحسابات، ان الذين يلجأون الى هذه الاساليب غير الشرعية وغير الاخلاقية، يستفيدون اليوم من الضائقة المالية التي يعيشها المواطنون، ويستغلونهم بابشع صور الاستغلال، ويلوثون الديموقراطية ومعانيها، مكرسين نهجا فاسدا قبل وصولهم الى البرلمان.

لقد تحوّل بعض الطامحين للنيابة افرادا او جماعات الى صرافين غير شرعيين لتحويل الاموال التي حصلوا عليها بالدولار الى ليرة من اجل ممارسة هذا الاسلوب وشراء الذمم، وسط غياب رقابة جدّية نتيجة ضعف الادوات القانونية والهيئات الرقابية التي تفتقد الحد الادنى من الامكانات عددا وعدة.

لعل هذه الوسيلة هي احدى الوسائل الاساسية التي ستعتمد لزيادة نسبة المقترعين الى جانب التحشيد الطائفي والمذهبي الذي تشهد نماذج منه على ألسنة المرشحين وفي الشعارات الاعلانية.

اما الخطاب السياسي والبرنامج الانتخابي، فيكاد يكون في ادنى الاولويات، خصوصا في ظل تشابه العديد من البرامج للقوى المتنافسة على اختلاف ميولها، وبسبب فشل التجارب السابقة مع قوى عديدة خيبت آمال ناخبيها ولم تقرن القول بالفعل.

في كل الاحوال، يسود الاعتقاد حتى الآن، ان نسبة الناخبين لن تزيد على النسبة التي سجلت في العام 2018 ، رغم كثرة عدد اللوائح الذي تجاوز عددها في الانتخابات الماضية. وصار معلوما ان انسحاب الرئيس الحريري و»تيار المستقبل» من حلبة التنافس الانتخابي سيساهم في تخفيض نسبة المقترعين السنّة، لكن المحاولات الاخيرة والمستمرة على غير صعيد تؤشر الى احتمال كسر هذا القرار بنسبة ملحوظة، خصوصا في ظل الحديث عن دور السفير السعودي العائد الى بيروت بالتعاون مع دار الفتوى في حث الناخبين السنّة على عدم المقاطعة والمشاركة في الانتخابات.

لذلك، تعتقد مصادر سياسية ان نسبة الممتنعين عن المشاركة في هذا الاستحقاق من الطائفة السنيّة تراجعت في الاونة الاخيرة بما لا يقل عن عشر نقاط.

ويقول مصدر مطلع يتابع اجواء المعارك الانتخابية التي اخذت تشتد تدريجيا، ان هناك مشاهد متفاوتة بين الدوائر والمناطق. فالساحة المسيحية تشهد منافسات شديدة بين القوى المتنافسة، لذلك يرجح أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات في الدوائر ذات الغالبية المسيحية عالية نسبيا، قد تتجاوز النسب التي سجلت في العام 2018، حيث تسعى هذه القوى الى استخدام كل الوسائل المتاحة لها لجذب الناخبين الى صناديق الاقتراع.

ويعتقد المصدر ان كل العوامل في هذه الدوائر، تؤشر الى امكان رفع نسبة الاقتراع، ما عدا العامل المعيشي وصعوبة تأمين وسائل النقل، لذلك فان القوى الاكثر تنظيما وقدرة على توفير الامكانات اللازمة لجذب الناخبين الى صناديق الاقتراع ستكسب عنصرا مهما في المعركة.

اما على الساحة السنيّة، فان كثرة اللوائح المتنافسة، مثلما يحصل في ثاني اكبر مدينة في لبنان طرابلس، تؤشر الى توزع الاصوات، وبالتالي ترجح عدم امكان اي طرف تكوين كتلة وازنة في المجلس الجديد مثلما كان يحصل مع الرئيس سعد الحريري وتياره.

ويقول المصدر ان هناك محاولة واضحة ليقود الرئيس السنيورة من خارج المجلس كتلة سنيّة بديلة لكتلة «المستقبل» من خلال تجميع المقاعد التي يأمل في ان تفوز بها لوائحه في عكار وطرابلس وبيروت، ومع «القوات اللبنانية» في زحلة وبعلبك ـ الهرمل، وصيدا. ويشير المصدر الى ان لوائحه لن تتمكن من الفوز باكثر من خمسة او ستة مقاعد، لكنه يعوّل على حركة اخرى بعد الانتخابات لاعادة جمع او استقطاب بعض النواب السنّة الفائزين من لوائح مستقلة اخرى ليكون «المرشد السياسي» لكتلة وازنة.

وعلى صعيد الثنائي «أمل» وحزب الله ، فان معركته الاساسية في الدوائر ذات الثقل الشيعي في الجنوب وبعلبك ـ الهرمل تتمحور حول تكثيف الاقبال على صناديق الاقتراع من اجل رفع الحاصل الانتخابي، وبالتالي منع حدوث اي خرق من اللوائح الاخرى. ويقول مصدر في «الثنائي» المذكور، ان تركيزنا الى جانب خطابنا السياسي وحضورنا الشعبي الكبير هو على زيادة الاقبال على الانتخابات وعدم التراخي والنوم على حرير الثقة بالفوز.

وعلى الساحة الدرزية يحاول رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» تكثيف نسبة المشاركة في الاقتراع في الشوف وعاليه لكسب اكبر نسبة من الاصوات، وتكرار نتيجة انتخابات العام 2018، لكنه يخشى معركة مرشحه في بيروت فيصل الصايغ الذي انضم للائحة السنيورة، وكذلك يسعى بقوة لعدم خرق الوزير السابق وئام وهاب وفوزه بالمقعد الدرزي الثاني محل النائب مروان حماده. 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى