الحوار ليس شرطاً للإنتخاب
كتب طوني فرنسيس في صحيفة نداء الوطن.
لم يكن جمع النواب كتلاً وأفراداً في جلسة حوار، شرطاً في أي يوم من الأيام لانعقاد المجلس النيابي من أجل القيام بمهمته الوحيدة، إثر انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وهي انتخاب خلفٍ لهذا الرئيس.
يمكن لتلك الكتل وهؤلاء النواب أن يجتمعوا ساعة يشاؤون، ويمكنهم ألا يجتمعوا، فهم يمثلون تيارات مختلفة، وأحياناً متناقضة، وبعضهم يرى في البعض الآخر خصماً ينبغي عزله ومحاصرته، وربما القضاء عليه (!) نصرةً لبرنامج أو رؤية أو رئيس، وهو ما حصل شيء منه في كل حال، لكن هؤلاء جميعاً بوصفهم ممثلين للشعب عليهم واجب لا يمكنهم التهرّب منه وهو انتخاب هذا الرئيس!
لا ينصّ الدستور على حوار يسبق الانتخاب. في حالة تعيين رئيس الحكومة ينصّ على استشارات ملزمة. وفي حالتي رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي فلا نصّ غير الذهاب إلى الانتخاب والاختيار بين مرشحين، علماً أنّه حتى هذا لم يحصل في مجلس النواب منذ 31 عاماً!
لم يكن الحوار ضرورياً لدى انتخاب الرئيس نبيه بري، ولا تسمية رئيس الحكومة كانت تحتاج لتجمّعات حوارية ومؤتمر دولي، فلماذا سيحتاج اختيار رئيس الدولة، ذي الصلاحيات المحدودة، والرمزية الأساسية، إلى مؤتمر حوار إذا لم تكن في الأمر قطبٌ مخفية، الأشدّ وضوحاً بينها الإصرار على نسف الدستور وإنهاء دور المؤسسات الشرعية وأولاها مؤسّسة المجلس النيابي المخوّل انتخاب الرئيس؟
مع ذلك لا مانع في فتح أبواب الحوار على مصاريعها، وليشارك من يريد وليمتنع من يريد. فللحوار كذلك معناه في «تاج العروس»: إنه تراجع الكلام والرجوع عن الشيء والارتداد عنه… لكن ما لنا ولتفسيرات القواميس. فلنتمسك بالنوايا الحسنة. هنا لا بأس من النظر بودّ إلى دعاة المحاورة، مع الرفض الكامل لأن تكون دعواتهم بديلاً أو شرطاً، عن الذهاب مباشرة لإنهاء الفراغ الدستوري في قاعة المجلس النيابي وعلى يديه وبدخانه الأبيض.
لقد أخذ الجميع علماً بحبّ الحوار وبأربابه وسعاته. إنهم مشكورون على غيرتهم الأخوية، لكن أوان الجدّ قد حان، فاذهبوا إلى الانتخاب.