أبرزشؤون لبنانية

الحكومة بين التهديدات الأمنية والمأزق السياسي

يواجه لبنان تحديات أمنية متفاقمة على جبهتيه الجنوبية والشرقية، حيث تتعرض خاصرته الجنوبية لاعتداءات إسرائيلية متكررة تؤجج التوتر الإقليمي، بينما تزداد المخاطر الأمنية على حدوده الشرقية بسبب التوترات المستمرة في سوريا. في ظل هذا المشهد المعقد، تقف الحكومة اللبنانية أمام تحديات كبرى، تتطلب قرارات حاسمة وإصلاحات ضرورية.

فقج شهدت الجبهة الجنوبية تصعيدًا إسرائيليًا ملحوظًا، تجلى في سلسلة من الخروقات والاغتيالات بالطائرات المسيّرة، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين واستمرار حالة القلق الأمني. التصعيد الإسرائيلي يأتي في سياق محاولاتها فرض نفسها كقوة مهيمنة في المنطقة، وهو ما يضع لبنان أمام خيار صعب بين ضبط النفس والتصعيد الدفاعي.

وعلى الجبهة الشرقية، مع تزايد الاشتباكات المسلحة على الحدود مع سوريا، ينعكس استمرار حالة الفوضى الأمنية في سوريا، وامتداد تأثيراتها إلى الداخل اللبناني.

في ظل هذه التحديات، تواجه الحكومة اللبنانية اختبارًا حقيقيًا في التعامل مع الأزمات الأمنية والاقتصادية المتشابكة. فبينما تسعى إلى تنفيذ إصلاحات ملحّة، مثل تعيينات الهيئات الرقابية ومكافحة الفساد، فإنها تصطدم بعوائق سياسية واقتصادية تجعل من مسار الإنقاذ مهمة شاقة.

وتعمل الحكومة على معالجة الأزمة الاقتصادية عبر حزمة إصلاحات تشمل تحسين الجباية الضريبية، رقمنة وزارة المالية، ومعالجة أزمة سعر الصرف والدين العام. لكن هذه الإجراءات تواجه عراقيل مرتبطة بالفساد والمحاصصة السياسية.

وفي محاولة لتفعيل مؤسسات الدولة، بدأت الحكومة بتعيين قادة الأجهزة الأمنية، وتستعد لاختيار حاكم جديد لمصرف لبنان. غير أن نجاح هذه التعيينات مرتبط بقدرة الحكومة على تنفيذها بعيدًا عن الاعتبارات السياسية والمحاصصة الطائفية.

أمام هذا الواقع، تُطرح سيناريوهات عدة للمستقبل القريب:

فهل سنشهد تصعيد أمني على الجبهتين الجنوبية والشرقية، ما قد يجرّ لبنان إلى مواجهة عسكرية جديدة؟

و هل من الممكن تحقيق اختراق دبلوماسي، سواء عبر الجهود الدولية لاحتواء التصعيد مع إسرائيل أو عبر مفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية لتأمين دعم اقتصادي.

بين التهديدات الأمنية المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الخانقة، يجد لبنان نفسه في موقف دقيق يتطلب رؤية سياسية واضحة وإجراءات إصلاحية جادة. غير ان نجاح الحكومة في اجتياز هذه التحديات يعتمد على قدرتها على تحقيق التوازن بين إدارة الأزمات الأمنية، تنفيذ الإصلاحات، واستعادة ثقة المجتمع الدولي والمحلي على حد سواء.

*رأي سياسي*

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى