رأي

“الثنائي” يعود إلى عزلة ما قبل “مار مخايل”

كتب غسان حجار مقالاً في صحيفة “النهار” قال فيه انه “يبرر “التيار الوطني الحر” ورقة التفاهم مع “#حزب الله” في كنيسة مار مخايل – الشياح في 6 شباط 2006، بالحؤول دون حرب أهلية جديدة. وفي تفسير هذا التبرير انه بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتوجيه أصابع الاتهام الى سوريا وحليفها الحزب، ووقوف الرئيس نبيه بري على مسافة في محاولة لإبقاء خطوط التواصل مفتوحة، ولعدم عزل المكوّن الشيعي الأبرز داخل الطائفة، وعدم “إلباس” الحزب، ومن خلاله الشيعة، جريمة الاغتيال، وايضا عدم الارتماء في الحضن السوري في أجواء داخلية وخارجية غير مؤاتية لهذا الامر، وتحالف القوى الاخرى في البلد، الاكثر فاعلية آنذاك، زمن التقهقر السوري، أي “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب، وضمناً “التيار الوطني الحر”، وجد الاخير أن سياسة العزل المتمددة والآخذة في الاتساع، ستقود البلاد حتماً الى مواجهة تكون مقدمة لحرب اهلية جديدة، اذ إن الحزب يمكن ان يلجأ الى حرب خارجية أو اقتتال داخلي يفكّ عزلته.

والواقع ان ورقة التفاهم تلك، كان الحزب أحوج ما يكون اليها، لأنها وفرت له الغطاء المسيحي، وبالتالي لم يعد معزولاً، ولأن التفاهم “شرّع” له سلاحه عبر الاعتراف به والاتفاق على جعله ورقة نقاش من خلال طرح مؤجل للاستراتيجية الدفاعية. وقد أتى الاعتراف من الطرف الذي كان من أشرس المعترضين عليه، معتبراً إياه سلاحاً غير شرعي، وأداة لقمع الآخرين، وامتداداً للنفوذ الايراني، وللعصا السورية.

لكن بعد مرور 15 سنة على التفاهم، تبدلت الامور كثيرا. وبدل أن يستمر الحزب في تحرره من العزل وسياسات الرفض له، ويوسّع آفاقه وتحالفاته، حمل معه الى ذاك المستنقع “التيار الوطني الحر”. فالتيار اليوم يعادي كل الاطراف، من “المستقبل” الى “القوات” والاشتراكي والكتائب. لكن الأنكى انه فقد ايضا حلفاء “حزب الله”، وما كان يُسمى قوى 8 آذار، فعلاقته مع حركة “أمل” في أسوأ مراحلها، والاتصال مقطوع مع “تيار المردة”، والطاشناق بدأ يتمايز في مواقفه، والقومي بجناحيه يتوقع اعترافاً داعماً لكنه لا يلقاه، حتى الوزير السابق وئام وهاب صار ينتقد العهد وتياره عبر المنابر. اضف الى ذلك ان التيار مرفوض عربياً ودولياً، ورئيسه جبران باسيل مكبّل بعقوبات اميركية.

والسؤال: ماذا عن الحزب؟ الحزب يعيش الحالة نفسها، ولكن بمقاييس أشد ضراوة، لانه الأصل، وما اصاب التيار لم يكن إلا لارتباطه بالحزب الإلهي. والحزب يعيد مجدداً عقارب الساعة الى الوراء، الى ما قبل ورقة التفاهم، أي الى زمن العزلة. فعلاقاته التي تحسنت مع معظم المكونات اللبنانية لوقت غير قصير، تراجعت مجدداً الى حدّ القطيعة، وحلفاؤه من السنّة والمسيحيين والدروز، باتوا يفضلون الانكفاء عن الظهور في هذا الموقع، والمقاومة صارت عبئاً، بدل ان تكون فخراً للبنانيين، وعاد موضوع السلاح الى الواجهة، وبات الحزب اليوم مضطرا الى الرد على الرئيس نجيب ميقاتي، و”توضيح الامور” للنائب جبران باسيل، والضغط على القضاء، وتعطيل الحكومة، والخروج عن منطق الدولة عبر خلق أدوات مالية خاصة به، واستعمال المعابر غير الشرعية علناً…

هل هي سياسة يعتمدها بأمر من الولي الفقيه لمآرب لا نعلمها؟ أم هي سياسة داخلية لها أهدافها؟ أم هو غرق في الوحول اللبنانية لنقص الخبرة في العمل السياسي، أو لنقص في فهم التركيبة اللبنانية؟ ربما بات الحزب، وقبل الدعوة الى مؤتمر تأسيسي، يحتاج الى مؤتمر داخلي للبحث المعمّق في ما أوصل اليه البلاد والعباد.”

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى