أبرزرأي

التفاتة ج .ج جنبلاط وجبران متى تصبح استدارة؟

بقلم سناء ضو – خاص “رأي سياسي”:

بقي الملف الرئاسي في لبنان في ثلاجة انتظار ما ستؤول إليه حرب غزة وجبهة الجنوب. ومهما أعلنت المقاومة أنها لا تريد استثماراً سياسياً للميدان، إلا أنها لم تقنع أخصامها، ولا حتى أصدقاءها، لأن هذه هي طبيعة العمل السياسي، والمقاومة تراهن على الخروج منتصرة من الحرب، ومن الطبيعي لأي فريق أن يستثمر في انتصاره. ولكن في لبنان القوة ليست في السلاح وحسب، وهناك موازين قوى يفرضها نظامنا الطائفي، وخطوط حمر لا يمكن القفز فوقها، حتى لو امتلك فريق ما صواريخ فضائية.
نكاد نجزم أنه لن يكون هناك نقاش جدي في موضوع الرئاسة، إلا بعد انتهاء الحرب. ولكن لو افترضنا أن الحرب انتهت اليوم بانتصار المقاومة، هل يستطيع محورها الإتيان بمرشحه سليمان فرنجية رئيساً؟ بالطبع لا فاللعبة العددية في المجلس النيابي الحالي تفرض تحالفات ، كانت قبل الحرب مستحيلة، ولكنها باتت اليوم صعبة.
فهي التفاتة وليست استدارة مواقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي مهما شهدت علاقته بحزب الله طلعات ونزلات إلا أن قضية فلسطين تبقى قضية مركزية لحزبه عبر تاريخه، وهذا عامل يجمعه بالمقاومة، وعلاقته بالرئيس نبيه بري علاقة لصيقة، بحكم التحالف التاريخي والمصير المشترك لزعيمين مخضرمين، يعرفان من الأسرار عن بعضهما وعن خفايا السياسة اللبنانية ما يجعلهما حليفين بالقوة، وقويين بتحالفهما. والسؤال هل لو صوت نواب اللقاء الديمقراطي مع بعض المستقلين لصالح مرشح الثنائي هل نرى سليمان بك في بعبدا؟ عددياً يمكن أن توصل اصوات الثنائي وحلفائه المسلمين وبعض المسيحيين البك إلى القصر، ولكن العبرة ليست في الوصول وحسب، بل في القدرة على الحكم، وفي احترام الميثاقية التي نصّ عليها الدستور اللبناني في مقدمته، فكيف يُنتخب الموقع المسيحي الأول بأصوات غير المسيحيين، أو أصوات مسيحية غير وازنة؟ من هنا التعويل على التفاتة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل نحو الثنائي، والتي أيضاً لم تصل إلى مستوى استدارة كاملة، فباسيل وجنبلاط يتأرجحان بحنكة، بين صد ووصل، لمعرفة مآل الأمور، وحفظ موقع كل منهما وما يمثلان في أي تسوية مقبلة.
وبحسب مواقف باسيل الأخيرة نستنتج أن الرجل منفتح على الحوار، الذي دعا إليه الرئيس بري، وكذلك غير معارض لتشريع الضرورة، ولكن رفضه لترشح فرنجية يجعل من الخيار الرئاسي الثالث أمراً ممكناً، مع استبعاده قائد الجيش العماد جوزاف عون، ولكن كل ذلك يتوقف على حجم ما سيناله التيار الوطني مقابل أي تسوية، وهناك جوائز الترضية التي قد تجعل باسيل يقبل بفرنجية او بجوزاف عون، ومنها وعد بدعم وصوله إلى سدة الرئاسة لاحقاً، وأن تكون له حصة الأسد في المواقع المارونية الشاغرة أو التي ستشغر لاحقاُ… أما جنبلاط فيهمه أن يبقى عرينه متماسكاً، فلا قلاقل في الجبل تهزه، ولا زعامات تنافس زعامة ابنه تيمور، وجائزة الترضية قد تكون وعداً بقانون انتخابي يحفظ زعامة آل جنبلاط، فضلاً عن احترام رأيه في التعينات الأمنية والإدارية التي تخص الدروز، من دون تخلي حزب الله عن حلفائه من الدروز.
أما محاولات الرئيس بري لاستيعاب حزب القوات، من خلال ما نقله عنه أخيراً نواب اللقاء الديمقراطي من أنه لا يريد حواراً من دون القوات، ولا يريد عزلها، فكلنا نعرف، والرئيس بري يعرف، أنها لزوم ما لا يلزم، فلا القوات ستقتنع، ولا الرئيس بري يهمه أن تقتنع، إذا استطاع هو إقناع شريك مسيحي وازن هو التيار الوطني الحر.
كل ما تقدم يبقى في إطار التكهنات،والعين على اليوم الثاني من وقف إطلاق نار دائم في غزة ينسحب على جبهة لبنان.ومهما علت أصوات المدافع لا بد سيعلو صوت الدبلوماسية عاجلاً أم آجلاً ضمن تسوية أمنية-سياسية، تعيد ترتيب الوضع على الحدود وفي الداخل، وثمة دول عديدة مهتمة باستقرار الوضع في لبنان، مثل قطر الشريكة في التنقيب عن النفط وعن دور سياسي لها في المنطقة، وفرنسا الخائفة على حصتها من نفط لبنان ودورها التاريخي في البلد، وطبعاً الولايات المتحدة التي تخشى دخول لبنان كلياً مدار الفلك الإيراني والروسي،والحريصة دائماً على قواعدها ومكتسباتها وأمن إسرائيل.وإذا حصلت التسوية الدولية، فكل فريق سيحفظ رأسه وسيتلطى بالأقوى، وهذا ما قد يعزز آمال فرنجية بالوصول إلى هدفه، أو وصول مرشح آخر مدعوم من الثنائي.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى