التحفظات الإيرانية والرفض الإسرائيلي!
كتب طوني فرنسيس في نداء الوطن.
دولتان عربيتان ودولة «إسلامية» تحفظتا على البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية التي انعقدت في الرياض، من بين 57 دولة شاركت في الإجتماع بينها كبرى الدول العربية والإسلامية، من السعودية إلى مصر ومن تركيا إلى باكستان فأندونيسيا…
التحفظ التونسي لم يكن مفهوم الدوافع. البعض قال إنه نموذج للقرارات التي يتخذها الرئيس قيس سعيد، ومنها قرارات داخلية ليس فيها ما يبررها. تحفّظت تونس على كل بنود بيان الرياض الـ31، ووافقت فقط على ما يتعلق برفع الحصار عن غزة وإيصال المساعدات الإنسانية. موقف قيس سعيد يصعب تفسيره وهو القادم من بلد إقترح رئيسه الحبيب بورقيبة، قبل حرب 1967، قبول العرب بقرار التقسيم الصادر عام 1947، والذي يمنح الفلسطينيين نصف مساحة بلادهم أي أكبر من مساحة لبنان بثلاثة آلاف كيلومتر.!
البلد العربي الثاني الذي أبدى تحفظاته كان العراق. رئيس الوزراء محمد شياع السوداني رفض تمسّك البيان الختامي بحلّ الدولتين ومسائل أخرى. هو لم يكن متوقّعاً منه غير ذلك إذعاناً لهيمنة الميليشيات الإيرانية التي وافقت على تعيينه كقائم أو «مدير لأعمال المقاومة». وستتضح الصورة في اليوم التالي عندما أذاع الناطق بلسان الخارجية الإيرانية رفض حكومته لعدد من البنود الأساسية ومنها حلّ الدولتين. على ماذا تعترض قائدة محور المقاومة تحديداً؟
إنها تعترض على حلّ الدولتين أولاً! وتطرح استفتاء للسكان الأصليين حول مستقبل فلسطين، في مشروع يقترب من صيغة المغفور له معمر القذافي، حليف إيران التاريخي، التي اقترح بموجبها استفتاء ودولة واحدة باسم «إسراطين»!
تتحفظ إيران ثانياً على المبادرة العربية للسلام التي تمّ إدراجها كأحد مرتكزات حلّ الدولتين وشرطاً لأي سلام مفترض وهي مبادرة أقرّتها القمم العربية منذ 2002 وبالتالي هي جزء من مرجعيات القرارات الدولية.
التحفظ الإيراني الثالث هو على تمسك المجتمعين وغالبية دول العالم بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. ترفض إيران ذلك لأنها تقدّم «تنظيماتها» بديلاً، فتُسقِط تاريخاً طويلاً من النضال الفلسطيني من أجل أن تكتسب المنظمة ذلك الإعتراف الدولي الجامع بها وبقضية الشعب الفلسطيني.
لا تضعف التحفظات الإيرانية الإجماع العربي والإسلامي الذي تجلّى في مقررات القمة، لكن تحفظاتها تشير إلى مضي إيران في سياستها «الثورية» المذهبية الخاصة التي قد تزعج إسرائيل في الشكل، لكنها، في العمق، تلتقي تماماً سياسة الحكومة الإسرائيلية!
فقبل حكومة رئيسي بزمن طويل، واليوم في وجود نتنياهو، تتمسك إسرائيل بلاءاتها الثلاث:
لا لمنظمة التحرير. لا للدولة الفلسطينية وحلّ الدولتين ولا للمبادرة العربية للسلام…
إنها أعجوبة الإلتقاء التي لا يمكن لغير «صاحب القدرة» اجتراحها وإيجاد الدواء الشافي لها!