رأي

البراغماتيّة تهزم «إسرائيل» وتربّح لبنان نفطه

كتب نور نعمة في “الديار”:

الخط 23 هو الانسب للبنان ليستفيد من ثروته النفطية ضمن براغماتية بعيدا عن العواطف والشعبوية، لان وطننا بامس الحاجة للنفط والغاز، وكلما اسرع في التنقيب عنه امتلك في يده «موردا من ذهب» يمكنه من مواجهة المخاطر الاقتصادية التي تفتك به وتهدد وجوده.

والبراغماتية هي الحل الوحيد الذي يجب على الدولة اللبنانية اتباعه لتحقيق اهدافها دون ان تسمح للاحتلال بان يستفيد من هدر الوقت في لبنان، لكي يبيع النفط لاوروبا ولغيرها، في حين يبقى لبنان غارقا في سجالات خط 29 او خط 23 والتي ستكون ساقطة ولا معنى لها في الترسيم البحري، اذا لم يغتنم لبنان هذه الفرصة الذهبية الماثلة امامه.

وعلى سبيل المثال وفي هذا السياق، عندما قال الرئيس التونسي الراحل حبيب بورقيبة للفلسطينيين من قلب فلسطين في اريحا عام 1965 بأن يرضوا بالتقسيم الحاصل للاراضي الفلسطينية التي سلختها بريطانيا واعطتها لليهود فضلا عن توجيههم الى زيادة مطالبهم كلما شنت الفصائل الفلسطينية هجوما وربحت الارض التابعة لها اساسا، الا ان خطابات التخوين انهالت عليه ، واعتبر انه باع القضية الفلسطينية، اذ اتهمته الفصائل الفلسطينية بانه عميل صهيوني، بينما كان بورقيبة يريد ان يحثهم على اعتماد البراغماتية في مواجهتهم للعدو الاسرائيلي دون ان يدعوهم الى السلام معه.

الحال ان بورقيبة اعطى مثالا قضية بلاده تونس قائلا حينذاك: «لو رفضنا في تونس، عام 1954 الحكم الذاتي، باعتباره حلا منقوصا، لبقيت البلاد التونسية الى يومنا هذا، تحت الحكم الفرنسي المباشر، ولظلت مستعمرة تحكمها باريس… وهذه هي نصيحتي، التي أقدمها لكم ولكل العرب، حتى تضعوا في الميزان، لا العاطفة والحماس فقط، بل كذلك جميع معطيات القضية. وهكذا نصل الى الهدف، ولا نبقى سبع عشرة سنة اخرى، او عشرين سنة، نردد: «الوطن السليب»… «الوطن السليب»، دون جدوى».

ومنذ ذلك الحين الى اليوم ماذا حصل في المعارك التي حصلت بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال؟ وما هي نسبة الاراضي التي يملكها الفلسطينيون اليوم؟

في الضفة الغربية، هناك وجود للشعب الفلسطيني ضمن سيادة نسبية، علما ان الكيان الصهيوني يقضم الضفة شيئاً فشيئاً بتوسيع المستوطنات دون رقيب او حسيب، كما في غزة يعيش الفلسطينيون دون المشاركة مع العدو، ولكن في ظروف معيشية بائسة وصعبة جدا الى جانب الفلسطينيين الذين يقطنون القدس ومناطق اخرى محتلة ويتعرضون للاضطهاد وللتهجير منها وآخر مثال على ذلك المخطط «الاسرائيلي» لطرد سكان القدس الفلسطينيين من القرية المقدسية شيخ الجراح.

اليوم التاريخ يعيد نفسه، ولكن في قضية اخرى مشابهة بعض الشيء، وهي ترسيم الحدود البحرية اللبنانية. وخلاصة القول ان البعض يستخدم لغة التخوين اذا تنازلت الدولة اللبنانية عن الخط 29 واعتمدت الخط 23 خطا رسميا للمفاوضات، في حين ان «الاسرائيليين» نقبوا منذ زمن في المنطقة التي يمر بها خط 29 ، وبالتالي التفاوض على هذا الخط هو هدر للوقت الثمين والارتطام بحائط مسدود. في المقابل، البعض الآخر وهو لبنان الرسمي يريد التفاوض على خط 23 مع تعديلات تمكنه من الحصول على حقل قانا كاملا دون شطب اي جزء منه، وهذا مكسب مهم للدولة اللبنانية وخريطة طريق ذكية يعتمدها لبنان للاستفادة من ثروته النفطية.

فهل يغرق اللبنانيون في العواطف والشعارات الشعبوية التي لا تأتي بفائدة؟ ام لمرة واحدة يتعامل لبنان بشكل واقعي مع العوامل البارزة امامه ويقطع الطريق على العدو الاسرائيلي من ان يغدو الوحيد الذي يصدر النفط للخارج؟

ان لبنان الرسمي المتمثل بالرؤساء الثلاثة وافقوا على الخط 23 الذي سجل عام 2011 على انه الخط الرسمي اللبناني في رسالة الى الامم المتحدة، كما ان امين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله اكد ان المقاومة ستؤيد اي قرار تعتمده الدولة اللبنانية. وعليه، اليوم لبنان امام مفترق طرق، اما يسير على طريق محفوف بالضباب والتعثر، واما يختار طريقا ترتد عليه بايجابيات جمة، وابرزها استئناف المفاوضات على خط 23 والاستفادة من موارده الطبيعية، بخاصة ان المقاومة تحمي «ظهر لبنان» وتردع وتحبط اي تعد «اسرائيلي» عليه.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى