رأي

«البدون» في محمية الجيش الكويتي.

كتب أ. عبداللطيف بن نخي في صحيفة الراي.

قبل أيام قليلة، نُشر عبر الحساب الرسمي لرئاسة الأركان العامة للجيش الكويتي على منصة «تويتر» مقطع فيديو إعلامي بمناسبة الانتهاء من المرحلة الثانية من مشروع «محميّة الجيش الكويتي» الذي يستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي لمختلف قطاعات الجيش.

التفاعل مع هذا المقطع كان واسعاً. فإلى جانب ما يزيد على 200 إعادة للتغريدة وما يزيد على 330 إعجاب بالتغريدة، خلال الساعات الأولى من نشرها، وإلى جانب نشر المقطع ذاته من قبل العديد من الحسابات الإخبارية والشخصية على منصة «تويتر»، شاع المقطع في سائر وسائل التواصل الاجتماعي.
هناك جزئيّات عدّة غير واضحة في شأن المحمية. أولاها حول الزخم الكبير الذي رافق خبر الانتهاء من المرحلة الثانية من مشروع المحمية.

فما هو سبب التفاعل الأوسع مع هذا الخبر مقارنة بالتفاعل مع إعلان الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع نفسه؟ فمقطع الفيديو الخاص بالمرحلة الأولى، الذي نشر في 3/ 11 /2021 عبر الحساب الرسمي ذاته على منصة «تويتر»، لم يحصد حتى اليوم سوى 40 إعادة و52 إعجاباً.

هل السبب وراء التفاعل الأوسع مع نهاية المرحلة الثانية، الأقل في الأهمية مقارنة بنهاية المرحلة الأولى، هو هبوط سقف طموحات الشعب خلال آخر سنتين؟ أم أن السبب هو طفرة في السياسة الإعلامية لدى رئاسة الأركان؟ فالمساحة الإضافية التي زرعت خلال المرحلة الثانية هي 70 ألف متر مربع، أي فقط 7 في المئة من المساحة الإجمالية للمحمية البالغة مليون متر مربع.

الجزئية الثانية مرتبطة بالأسباب التي دفعت الجيش إلى التبنّي الكامل لمشروع زراعي بهذه المساحة، عوضاً عن الاستعانة بذراع الحكومة الزراعية، الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية. فالجيش الهندي – مثلاً – أنشأ وأدار ذاتيّاً مزارع لتربية الماشية لضمان إمدادات نظيفة ومستمرة من حليب الأبقار للقوّات المسلحة.

وهذه المزارع التي أنشأت ابتداء من عام 1889 – أبان الاستعمار البريطاني – أغلقت تدريجياً إلى عام 2017، بعد التحقق من التوافر المتزايد من الحليب ومشتقّاته بجودة عالية وتكلفة أقل في الأسواق الهندية.

فالتساؤل هنا، هل غرض الجيش الكويتي في المحمية هو ضمان الجودة والاستمرارية كغرض الجيش الهندي في مزارع الأبقار؟ أم أن السبب هو عدم اطمئنان الجيش لقدرة هيئة الزراعة على إنشاء وإدارة المحميّة؟

وهنا لابد من استذكار المشاريع الجبّارة التي نفّذها الديوان الأميري عوضاً عن الذراع الحكومية لتنفيذ المشاريع الكبرى، وزارة الأشغال العامة. فكلتا الذراعين الحكوميتين، هيئة الزراعة ووزارة الأشغال، تعانيان من بيروقراطية إدارية ومعوقات رقابية، والجهتان المنفّذتان البديلتان، وزارة الدفاع والديوان الأميري، محجوبتان عن الرقابة الشعبية المالية التي توافرها تقارير ديوان المحاسبة السنوية عن نتائج الفحص والمراجعة على تنفيذ الميزانيات.

التساؤل التلقائي هنا حول النوّاب الذين اعترضوا سابقاً على تنفيذ الديوان الأميري مشاريع كبرى عوضاً عن وزارة الأشغال، هل سيعترضون اليوم على تنفيذ الجيش مشاريع زراعية عوضاً عن هيئة الزراعة؟ وهل سيشرّعون قانوناً يرفع الحجب عن ميزانية مشروع «محمية الجيش الكويتي» مع استمرار الحجب على سائر أبواب ميزانية وزارة الدفاع؟ فالمشروع ليس سرّياً والجيش أفصح ونشر بنفسه تفاصيل المشروع ومنتجاته من خلال مقطعي فيديو إعلاميين.

وأما الجزئية الثالثة، فهي حول مفهوم الاكتفاء الذاتي الغذائي لدى الجيش. فهل هذا الاكتفاء سيكون سارياً في الأزمات والحروب أم أنه مقتصر على فترات الاستقرار والسِّلم؟ وهل هذا الاكتفاء مشروط باستمرار إمدادات وزارة الكهرباء والماء من المياه المقطّرة أو إمدادات وزارة الأشغال من المياه المعالجة، أم أنه يتضمن توفير مياه جوفية في حالات الطوارئ؟ وهل هذا الاكتفاء مشروط باستمرار إقامة وعمل المزارعين الأجانب المدنيين والعسكرين أم أن المزارعين كويتيون و«بدون»؟… «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى