شؤون دولية

فابيان روسيل المرشح الذي يريد إحياء شعلة الشيوعية في فرنسا

كتبت “فرانس برس ” تقريراً تناول جانباً من الانتخابات الرئاسية الفرنسية فقالت “جمع غفير من المناضلين في الحزب الشيوعي ومعسكر اليسار شاركوا في المهرجان الانتخابي الذي نظمه الأربعاء الماضي فابيان روسيل، مرشح الحزب الشيوعي الفرنسي. الصحافي السابق في جريدة “لومانتي” يشارك في الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى في حياته. ويسعى روسيل إلى فرض ضرائب جديدة على أرباب العمل الأغنياء وتقليص ساعات العمل الأسبوعية من 35 ساعة إلى 32، إضافة إلى دعم الطبقات الشعبية البسيطة.”

وبحسب “فرانس برس” ، لم تكف قاعة الحفلات التابعة لبلدية “مونتروي” الواقعة في الضاحية الباريسية لاستيعاب الكم الهائل من المناضلين الذين جاءوا الأربعاء الماضي للاستماع لخطاب فابيان روسيل، مرشح الحزب الشيوعي الفرنسي للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022.

هذا الأخير قال في مستهل كلمته: “عددنا مساء اليوم تجاوز 1500 مشارك. أنا سعيد جدا بتواجدي بينكم وفي أحضان هذه البلدية التي رفضت أن يمسح مرشح اليمين المتطرف إيريك زمور أحذيته على أرضها. أنا فخور بالدعم الذي تقدمونه لي. فهو يمنحني قوة أكبر لأدافع عن الطبقات البسيطة وعن العمال وكل الذين ينهضون قبل شروق الشمس للذهاب إلى العمل رغم رواتبهم المتدنية”.

الى ذلك لم يعتاد مناضلو الحزب الشيوعي على رؤية مثل هذا الحشد من المناضلين منذ زمن طويل، حسب يوسف رزوق، أحد المناضلين الذين جاءوا “للتعرف أكثر على روسيل الذي أصبح يستقطب أنظار الإعلام والفرنسيين عامة”.

وقال لفرانس24: “روسيل استطاع أن يكسب ثقة الشيوعيين الفرنسيين وحتى بعض مناضلي اليسار لأنه يستخدم كلمات بسيطة يفهمها المواطن العادي ويعيش حياة عادية مثل غالبية الفرنسيين، فضلا عن أنه يبتعد عن النظريات والمفاهيم الشيوعية القديمة التي أصبحت لا تعني شيئا للأجيال الجديدة”.

وأضاف: “ندرك جيدا أنه لا يملك أي حظ في الفوز بالانتخابات أو حتى التأهل إلى الدورة الثانية. لكنه يراهن على الانتخابات التشريعية المقبلة. فهو اليوم يزرع بذور الوحدة في صفوف الحزب الشيوعي وتيار اليسار بشكل عام ويشرح أفكاره وبرنامجه على أمل أن يحصد اليسار مقاعد كثيرة في الجمعية الوطنية المقبلة قد تمكنه من تغيير مسار السياسة الاقتصادية التي ستتبعها الحكومة المقبلة ومواجهة مشاريع ماكرون وحلفائه”.

وإضافة إلى المناضلين في الحزب الشيوعي الفرنسي، الذي لم يشارك في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2012 و2017 ، حضر العنصر الشبابي بكثرة حيث أصبح “يشعر بأن هناك ديناميكية انتخابية جديدة مع ترشح روسيل للانتخابات الرئاسية الذي يطرح أفكارا جديدة على الساحة السياسية” حسب الطالبة ميلودي التي جاءت من بلدية “أوبرفيلييه” للاستماع للخطاب.

وقالت: “كناشطة سياسية في الميدان، يمكنني القول بأن الناس أصبحوا يهتمون بفابيان روسيل وينادونه في الشارع. ربما لا يعرفون جميعهم الأفكار والقضايا التي يدافع عنها في برنامجه الانتخابي، لكنه يواصل شق طريقه ويزحف إلى الأمام بغية منه في إحياء شعلة الشيوعية من جديد في المشهد السياسي الفرنسي”.

وفي سؤال ما الذي يعجبك في شخصية روسيل، أجابت ميلودي: “الطريقة التي يدافع بها عن قيمنا (قيم الحزب الشيوعي) وتبسيطه للأفكار والمفاهيم المعقدة لكي يستوعبها الجميع. فعندما مثلا يشارك في نقاشات سياسية على التلفزيون أو الإذاعة، فلا يهتم كثيرا بأفكار المرشحين الآخرين ولا يدخل في صراعات سياسية عقيمة معهم. يركز فقط على الأفكار التي يريد الدفاع عنها. الأمر الذي أقنع العديد من المناضلين الذين لم يصوتوا في الانتخابات الرئاسية الماضية بالمشاركة من أجل التصويت هذه المرة”.

ولد فابيان روسيل (52 عاما) في مدينة “بيتوم”  بمنطقة “هوت دو فرانس” شمال فرنسا في كنف عائلة شيوعية عملت سنوات طويلة في المناجم التي كانت متواجدة في هذه المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية. وتمت تسميته بفابيان نسبة للعقيد فابيان، أحد رموز المقاومة الفرنسية ضد النازية. عمل كصحافي في جريدة “لومانتي” الشيوعية وسافر إلى العديد من الدول في القارة الآسيوية والأفريقية. لكن في 1977 قرر اقتحام عالم السياسة وانضم إلى ديوان كاتبة الدولة في السياحة آنذاك ميشال داموسين كمسؤول الإعلام والاتصال. ولم يغادر عالم السياسة منذ ذلك الحين، إذ فاز في الانتخابات التشريعية في 2017 وأصبح عضوا في الجمعية الوطنية الفرنسية باسم الحزب الشيوعي قبل أن يتولى في 2018 منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي خلافة لبيير لوران.

ومن بين الأفكار التي يدافع عليها روسيل في حملته الانتخابية، تقليص المدة الأسبوعية لساعات العمل من 35 ساعة حاليا إلى 32 ساعة وسن الذهاب إلى التقاعد إلى 60 عاما عوضا عن 62 إضافة إلى منح راتب أدنى للتقاعد بقيمة 1200 يورو. كما يسعى أيضا في حال انتخب رئيسا إلى تعزيز القطاع العام بـ500 ألف موظف جديد، أي 100 ألف موظف في كل سنة ورفع الراتب الأدنى إلى 1500 يورو في الشهر.

الى ذلك فانه على الصعيد الاقتصادي، ينوي روسيل إعادة تأميم الشركات الكبرى وفرض ضرائب جديدة على أرباب العمل الأغنياء.

ولقيت هذه الأفكار إعجابا كبيرا لدى محمد عبد الباقي وهو مواطن فرنسي ولد في جزر القمر. شارك في التجمع الانتخابي لأنه أولا “يعيش في بلدة مونتروي” كما يقول وثانيا، كونه “يؤمن بأفكار اليسار”. فبالنسبة لهذا الموظف في القطاع العام، روسيل هو “الذي يدافع بشكل أفضل عن قيم اليسار والطبقات الشعبية، ويملك برنامجا سياسيا طموحا”.

فيما انتقد “تعدد المرشحين من اليسار، ما قد يتسبب في هزيمة هذا المعسكر في أبريل/نيسان المقبل”.

وبعدما صوت مرتين لصالح جان لوك ميلنشون (في 2012 و2017)، رفض عبد الباقي هذه المرة القيام بنفس الشيء لأن “زعيم فرنسا الأبية لا يريد أن يطفو وجه آخر في المشهد السياسي إلا وجهه الخاص”. وشرح لفرانس24: “كان يجب أن يقف مرشحو اليسار كلهم وراء فابيان روسيل لأنه الوحيد الذي يدافع بشكل حقيقي عن الفقراء والطبقة الشعبية والعائلات التي تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية، لكن للأسف كل مرشح له حساباته الخاصة”.

وعبر محمد عن خشيته من تعدد الترشيحات في معسكر اليسار خلال الانتخابات التشريعية المقبلة لأن ذلك “سيؤدي إلى تقليص حظوظ انتخاب نواب من هذا المعسكر وبالتالي إفشال مخطط التناوب على السلطة الذي نصبو إليه”. وأنهى: “يجب استغلال التعبئة الانتخابات الحالية للفوز بأكبر قدر ممكن من المقاعد في الجمعية الوطنية وفرض التغيير. فإن لم نحقق هذا المبتغى، فسنعاني من نفس المشاكل في الانتخابات الرئاسية 2027”.

أما الطالبة كلارا، فهي “تعتقد أن فابيان روسيل هو أفضل مرشح قدمه الحزب الشيوعي منذ المرشح المتوفى جورج مرشيه لأن أفكاره واضحة ويشرحها بنوع من المرونة والبساطة وبأمل”. وأضافت زميلتها نادية: “نشعر بأن روسيل أعطى دفعة جديدة للحزب الشيوعي خلال هذه الحملة الانتخابية. خطابه يلقى آذانا صاغية من قبل الشيوعيين وغير الشيوعيين”.من جهتها، عبرت ممثلة جمعية “نجمة نانو” التي تنشط في الأحياء الفقيرة ببلدة مونتروي عن سعادتها بترشح فابيان روسيل لأنه “كان دائما يستجيب لمطالب الجمعية ويقدم مساعدات شتى لها. ولهذا السبب ستسانده إلى ما لا نهاية. فهو وجه الشيوعية الجديد والشمس التي تشرق على الضعفاء”. فهل ستحيا روح الشيوعية من جديد في فرنسا؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى