رأي

الإمارات.. وطريق الحرير

كتب كمال بالهادي في صحيفة الخليج.

بدأ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أمس، زيارة دولة إلى جمهورية الصين الشعبية الصديقة تلبية لدعوة الرئيس شي جين بينغ. وتأتي هذه الزيارة في ظرف، إقليمي ودولي، يشهد تحولات عميقة، حيث يمكن للصين والإمارات أن تلعبا دوراً مهمّاً في استعادة الاستقرار، والدفع بقطار التنمية الشاملة للشعوب التي ما زالت تعاني تأثيرات الجائحة، ومن الأزمات السياسية والعسكرية التي تعيشها.

ولئن كان صاحب السمو رئيس الدولة، سيبحث خلال الزيارة مع الزعيم شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية، العلاقات الثنائية ومسارات التعاون والعمل المشترك في المجالات الاقتصادية، والتنموية، والثقافية، وغيرها، في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع دولة الإمارات والصين، بما يسهم في تعزيز التنمية والازدهار المستدام في البلدين، فإنّ الزيارة لن تغفل المباحثات حول الوضع في قطاع غزة، في ظل استمرار العدوان الذي يودي بحياة الآلاف من المدنيين الأبرياء. فالثابت أن مسار القضية الفلسطينية، والوضع في القطاع المحتل، سيكون أحد أهم نقاط المباحثات بين الزعيمين.

وبالعودة إلى واقع العلاقات الثنائية بين البلدين فإنّ هذه الزيارة تأتي في مناسبة مهمة، وهي إحياء الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بكين وأبوظبي. ذلك أن الإمارات وجمهورية الصين الصديقة، تربطهما علاقات استراتيجية وتاريخية ممتدة لأكثر من 40 عاماً، والتي تشهد تطوراً مستمراً في إطار توجيهات القيادة في البلدين، بتعزيز أواصر هذه العلاقات، ودفعها لمستويات أكثر تقدماً وازدهاراً، بما يلبي تطلعات شعبيهما، ويدعم نمو واستدامة اقتصادهما. ومن المهم أن يكون تعزيز التعاون في عدد من القطاعات والمجالات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما الاقتصاد الجديد، وريادة الأعمال، والتكنولوجيا، والسياحة، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والطاقة، والطاقة المتجددة، والزراعة، والطيران، والنقل اللوجستي، والبنية التحتية، والصناعة، بما يعزز من التنمية المستدامة لاقتصاد البلدين، أحد أهم ملفات المباحثات بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الصيني شي جين بينغ.

وإن نظرنا إلى واقع التعاون الاقتصادي سنجده يشهد نمواً متزايداً بين البلدين، حيث بلغ عدد الرخص الاقتصادية الصينية في دولة الإمارات أكثر من 14.5 ألف رخصة، كما أن الصين تُعدّ ثالث أكبر مصدر لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات بقيمة 6.3 مليار دولار، مع ارتفاع الاستثمار الثنائي بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى مستوى قياسي قدره 15 مليار دولار في عام 2022.

وخلال زيارته لدولة الإمارات خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، قال وزير التجارة الصيني، إن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين جمهورية الصين ودولة الإمارات تمضي قدماً نحو مرحلة جديدة من النمو والازدهار، حيث تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين نمواً متزايداً، ونتائج مثمرة في العديد من الأنشطة والقطاعات ذات الاهتمام المتبادل، مشيراً إلى أنه يصادف هذا العام الذكرى ال 40 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، والتي تأتي في ضوء الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة في البلدين الصديقين. وترتبط دولة الإمارات بعلاقات اقتصادية وتجارية واسعة ومتعددة مع جمهورية الصين الشعبية التي تعد من أهم الشركاء الاستراتيجيين للدولة على المستوى العالمي، وكذلك مع الدول التي ستكون مساهمة في الممرات التجارية لطريق الحرير التي ستربط الشرق بالغرب.

ومنذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق، تُعد دولة الإمارات بإمكاناتها التنموية وموقعها الاستراتيجي ودورها الاقتصادي الريادي في المنطقة، مشاركاً فاعلاً في المبادرة التي تُعد فرصة ملائمة لتطلعات الدولة التنموية والاستثمارية، إقليمياً ودولياً، لا سيما وأن المبادرة تركز على دور الإمارات المحوري في التجارة الدولية، وتتماشى مع توجهات مئوية الإمارات، وكذلك من خلال اتفاقيات الشراكة الاقتصادية التي انتهجتها قبل سنتين من الآن، ومع دخول 4 اتفاقيات دولية حيز النفاذ حتى تاريخه جنباً إلى جنب مع دعم حركة إعادة التصدير التي تشكل ركناً أساسياً من تجارة الإمارات غير النفطية، حيث تساهم بنسبة تقترب من 30% من تجارة الإمارات غير النفطية.

وفضلاً عن هذا، فإنّ الإمارات كانت من بين أوائل المساهمين، من خارج «بريكس»، في «بنك التنمية الجديد» التابع لتكتل البريكس، والذي دُشن منتصف العقد الماضي برأسمال 100 مليار دولار، بهدف حشد الموارد لإقامة مشروعات للبنية التحتية والتنمية المستدامة في الدول النامية، والناشئة، وبُلدان المجموعة نفسها كذلك. ويمثل أعضاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية مجتمعين 81% من سكان العالم، و65% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وفي غرة يناير/ كانون الثاني الماضي، انضمت الإمارات رسمياً إلى مجموعة «بريكس»، التي تضم مجموعة من أبرز الاقتصادات الواعدة والكبرى في العالم. فنيل الإمارات عضوية ذلك التكتل، الذي يمثل في الوقت الحاضر 42% من سكان المعمورة، ويسهم في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يراوح ما بين 25% و29%، ويستحوذ أيضاً على أكثر من 16% من حجم التجارة العالمية، يشكل ترجمة فعلية لما يدعو له ثاني «المبادئ الخمسين»، من التركيز على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، والعمل على بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية. ولهذا تشكل زيارة صاحب السمو رئيس الدولة، إلى جمهورية الصين الشعبية، خطوة أخرى في طريقَي الحرير والنماء.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى