الإمارات والسودان.. علاقات تسمو فوق مكائد «الإخوان»

كتبت د. أمل عبدالله الهدابي, في صحيفة البيان:
ترتبط دولة الإمارات والسودان الشقيق بعلاقات تاريخية تضرب بجذورها في عمق التاريخ، حيث كان السودان من أوائل الدول التي أقامت معها دولة الإمارات علاقات دبلوماسية وذلك في ديسمبر عام 1971.
كما تم تبادل الزيارات على أرفع المستويات من بدايات الاتحاد، إذ قام المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بزيارته الرسمية الأولى للسودان في العشرين من فبراير عام 1972 بعد حوالي شهرين ونصف من قيام الاتحاد.
حيث زار فيها كافة ولايات السودان، وتمت له استقبالات رسمية وشعبية حاشدة، فيما قام الرئيس السوداني الراحل جعفر نميري بزيارة دولة الإمارات كأول رئيس دولة يزور الإمارات، وكان ذلك في الثالث والعشرين من أبريل من العام 1972. ومنذ ذلك التاريخ يرتبط البلدان رسمياً وشعبياً بعلاقات وثيقة.
وكانت دولة الإمارات دائماً سنداً للشعب السوداني، وخلال العقد الماضي وحده بلغ إجمالي قيمة المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات للشعب السوداني نحو 3.5 مليارات دولار.
وبرز هذا الدعم الإماراتي بصورة واضحة خلال الحرب الأهلية التي انزلق إليها السودان في السنوات الأخيرة، حيث كانت الإمارات أولى الدول التي استجابت للوضع الإنساني في السودان.
وقدمت أطناناً كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين السودانيين من الحرب داخل السودان وخارجه، وبلغ مجموع ما قدمته منذ بدء الأزمة نحو 600 مليون دولار، لدعم الاستجابة الإنسانية.
ولم يقتصر هذا الدعم على الجانب الإنساني والإغاثي، بل شمل أيضاً تحركاً سياسياً نشطاً من أجل وقف الحرب التي يدفع ثمنها السودانيون الأبرياء، حيث دعت الإمارات إلى هدنة إنسانية خلال شهر رمضان احتراماً لقدسية هذا الشهر، ولكن هذه الجهود وتلك الدعوات لم تلقَ من الجيش السوداني إلا النكران وعض اليد الإماراتية الممدودة بالخير والمساعدات والسلام.
وهذا الموقف المخزي للجيش السوداني الذي وصل إلى حد رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية بتهم واهية، يجد تفسيره في سيطرة جماعة «الإخوان» الإرهابية على مراكز صنع واتخاذ القرار في الجيش السوداني، الذي أصبح بدوره رهينة في يد جماعة لا تريد إلا بسط سيطرتها على السودان وشعبه، حتى لو كان الثمن هو دماء الشعب السوداني ومكتسباته التي بناها طيلة عقود من الزمن.
هذه الجماعة الإرهابية المهيمنة على قرار الجيش السوداني، لا تريد وقف آلة الحرب، وتقنع نفسها بأوهام الحسم العسكري وفرض سيطرتها على السودان كله.
كما أنه يتملكها الحقد الدفين تجاه دولة الإمارات التي كانت تقف لها دائماً بالمرصاد، وتحارب فكرها الإرهابي وأيديولوجيتها المتطرفة وممارساتها المدمرة للدول العربية. كما تدرك هذه الجماعة الإرهابية، ومن أمامها الجيش السوداني الذي تحركه، أن دفع الإمارات بعيداً عن دعم الشعب السوداني هو السبيل لتحقيق حلمها في السيطرة على هذا البلد الشقيق وثرواته وشعبه.
ولكن دولة الإمارات لم ولن تترك الشعب السوداني، وستظل تقف سنداً لهذا الشعب تقدم له المساعدات الإنسانية لمواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها بسبب الحرب التي فرضها هذا الطرف على السودان كله.
وكانت ردود الإمارات على اتهامات الجيش السوداني ومن خلفه «الإخوان»، أمام محكمة العدل الدولية، كافية ليس فقط لإظهار ضعف وزيف الاتهامات السودانية، ولكن أيضاً لتأكيد أن موقفها الإنساني الداعم للشعب السوداني لا يستطيع أحد أن يشوهه أو ينال منه ومن صورتها الإيجابية لدى السودانيين وفي العالم كله.
لن تستطيع مكائد «الإخوان» والقوى المتحالفة معها وخاصة قيادات الجيش أن تضر بالعلاقات التاريخية التي تربط الإمارات بالشعب السوداني، وهذه الجماعة الطارئة سيلفظها الشعب السوداني كما حصل في مصر ودول أخرى، وستبقى العلاقات الإماراتية – السودانية تسمو فوق هذه المكائد الإخوانية.