رأي

الآفاق والتوقعات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط في ظل الوضع الراهن

كتب عدي النمري في صحيفة الدستور.

من المتعارف علية أن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط تعاني من مجموعة صدمات اقتصادية دورية بل تكاد تكون يومية وتؤثر سلباً على حياتنا نذكر منها: تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وارتفاع أسعار الغذاء والدواء والطاقة ايضاً، بالإضافة الى ارتفاع مخاطر التشتت والتي تؤثر على اقتصادات الأسواق الصاعدة والدول متوسطة أو منخفضة الدخل في الشرق الأوسط، هذا بالإضافة إلى الحروب وتبعاتها الاقتصادية. بات التحدي الأكبر لهذه الدول على صعيد السياسات المالية والاقتصادية المتبعة في جميع البلدان والمتمثلة في التصدي لأزمة تكلفة المعيشة عن طريق استعادة استقرار الأسعار، وحماية الفئات الضعيفة من خلال الدعم الموجه للمستحقين، وضمان تحقيق الأمن الغذائي. وأصبحت المفاضلة بين هذه السياسات أكثر أهمية من أي وقت مضى في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل والبلدان منخفضة الدخل نظراً لحاجتها أيضا إلى بقاء الدين في حدود مستدامة والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي. لا يزال التعافي من جائحة كورونا مستمرا في منطقة الشرق الأوسط حتى يومنا هذا، ورغم أن المنطقة أحرزت تقدما جيدا لغاية هذا العام، فقد ظهر العديد من التحديات الجديدة ومن بين هذه التحديات تصاعد التضخم وارتفاع نسب البطالة، الأمر الذي يساهم في تراجع الحيز المتاح للتصرف من السياسة النقدية، مما يزيد من الصعوبات التي يفرضها ضيق الحيز المتاح من سياسة المالية العامة. كما وانه لا يزال التباعد قائما بين مسارات التعافي والقلق مستمرا إزاء التقلبات الاقتصادية. وتتزايد كذلك أوجه الفقر وعدم المساواة في الوقت الحالي. وفي ظل هذه البيئة المليئة بالتحديات الاقتصادية، وقد يتعين على البنوك المركزية العربية رفع أسعار الفائدة أكثر إذا بدأت التوقعات التضخمية في الازدياد أكثر. وسيكون تحسين أطر السياسات ضروريا للحد من المفاضلات بين هذه السياسات. ومن الأولويات المهمة في هذا السياق، إعادة توجيه اهتمام الدول العربية نحو قطاعات بارزة نذكر منها قطاع الصحة، والتعليم، والاستفادة من الاتجاهات العامة العالمية مثل التحول الرقمي، والاستثمار في التكنولوجيا القادرة على تحمل تقلبات المناخ وغيرها من المشاكل المتوقعة. لا سيما أن هناك إجماع من معظم المؤسسات الاقتصادية الدولية والخبراء على دخول الاقتصاد العالمي مرحلة التراجع الحاد. في هذا السياق، تشير التقارير الرسمية للبنك الدولي World Bank)) عن الآفاق والتوقعات الاقتصادية العالمية إلى أن معدل النمو العالمي يتباطأ بشدة ليصل إلى 1.7% خلال هذا العام 2023. ولا يستثني هذا التراجع اقتصادًا معينًا بل يشمل كل اقتصادات العالم بما فيها الشرق الأوسط، حيث سيكون تراجع النمو عمومًا حادًّا وذلك من خلال انخفاض توقعات النمو لتصل إلى 95% من الاقتصادات المتقدمة ونحو 70% من اقتصادات الدول النامية كما يتوقع أن يستمر بهذا النهج حتى نهاية عام 2024. وفيما يخص وجهة نظر العلماء والخبراء الدوليين، يجمع عدد كبير منهم أن الاقتصاد العالمي مقبل على مرحلة تضخم مصحوبة بركود اقتصادي شرس، ويعود هذا لأن اقتصادات العالم تواجه مخاطر على المدى القريب والبعيد، وأما التهديدات الكبرى التي تشمل العوامل الاقتصادية والعوامل البيئية وعدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي فإنها تعد من بين أهم المخاطر الاقتصادية على المدى البعيد. أما فيما يخص المنطقة العربية على وجه التحديد فمن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENA)) ليبلغ 3.5% خلال هذا العام و2.7% في العام القادم 2024. يضاف إلى ذلك، تراجع نسبة النمو الاقتصادي وارتفاع إجمالي الاحتياجات التمويلية لدول المنطقة العربية غير النفطية وذلك على الرغم من أهمية المساعدات الإقليمية المقدمة من الدول والمنظمات العالمية في ظل الأزمات الاقتصادية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى