افتتاحية اليوم: “يوم أمني”

في ظلّ التحديات الأمنية والاجتماعية التي يواجهها لبنان، وفي خضمّ أزمات اقتصادية وسياسية متشابكة، باتت “الأيام الأمنية” التي تنفّذها القوى الأمنية اللبنانية، من جيش وقوى أمن داخلي وأجهزة أخرى، مشهدًا متكرّرًا في مختلف المناطق اللبنانية، من بيروت وضواحيها إلى الشمال والجنوب والبقاع.
هذه “الأيام”، وإن كانت تحمل أهدافًا واضحة تتعلّق بمكافحة الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن، إلّا أنّها لا تخلو من الجدل، خاصة في ظلّ مخاوف بعض المواطنين من الانعكاسات السلبية على الحريات الفردية، واستغلال هذه الحملات في تصفية حسابات سياسية أو طائفية.
بحسب مصادر أمنية لبنانية، تهدف الأيام الأمنية إلى ملاحقة المطلوبين بعدد كبير من مذكرات التوقيف، ومكافحة تجار المخدرات، والحد من انتشار السلاح غير الشرعي، إضافة إلى ضبط السيارات المسروقة والمخالفة، ومكافحة ظواهر الإجرام المتزايدة، لا سيّما في بعض المناطق.
وتؤكّد قوى الأمن الداخلي، في بياناتها، أنّ هذه الأيام لا تأتي بشكل عشوائي، بل تُخطّط لها بعناية، وتُنفّذ بمرافقة قضائية وتنسيق ميداني دقيق، مشيرة إلى أنّها أسفرت مرارًا عن توقيف عشرات المطلوبين الخطيرين، وضبط كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة.
لكن، ورغم النتائج الميدانية الإيجابية لهذه الحملات، يعبّر عدد من المواطنين عن قلقهم من طريقة تنفيذ “اليوم الأمني”، حيث يتم نصب حواجز مفاجئة، وتُنصّب نقاط تفتيش مشدّدة، وتُفتّش السيارات والهواتف أحيانًا، ما يعتبره البعض مساسًا بالخصوصية وتقييدًا للحركة.
نخلص لنقول إنّنا بحاجة إلى أمن عادل، لا أمنيّة مفرطة.
في بلد كلبنان، حيث هشاشة المؤسسات وضعف الثقة بين المواطن والدولة، يبقى “اليوم الأمني” سلاحًا ذو حدّين. فبين من يراه ضرورة لضبط الشارع، ومن يراه خطرًا على الحريات، تبرز الحاجة إلى أمن متوازن، يحمي المجتمع دون أن يتحوّل إلى أداة قمع.
إنّ نجاح “اليوم الأمني” لا يُقاس فقط بعدد الموقوفين أو كمية المضبوطات، بل أيضًا بمدى احترام القانون وكرامة الإنسان أثناء تنفيذه. فلبنان، وإن كان يحتاج إلى قبضة أمنية، إلّا أنّه لا يحتمل أن تتحوّل هذه القبضة إلى عبء جديد على كاهل مواطنيه المنهكين.