افتتاحية اليوم: “اللاحرب واللاسلم”

يعيش اللبنانيون هذه الأيام على إيقاع قلقٍ متصاعد، يتأرجح بين التهديد الإسرائيلي بشن حربٍ جديدة على لبنان وبين حالة “اللاحرب واللاسلم” التي باتت تخيّم على كل لبنان.
الخطاب الإسرائيلي التصعيدي لم يهدأ منذ أسابيع، إذ تتكرر التهديدات الصريحة من قادة سياسيين وعسكريين في تل أبيب بإمكانية عودة الحرب لتشمل لبنان، في حال لم يسلم حزب الله سلاحه.
وفي المقابل، يسود الشارع اللبناني شعور عام بالقلق والترقب، تغذّيه تجربة الحرب الاخيرة، حين تحوّل التهديد إلى واقع مدمّر في غضون أيام. اليوم، يخشى اللبنانيون من أن تؤدي أي شرارة ميدانية إلى انفجارٍ لا يريدونه، في ظل متغيرات جذرية تضرب المنطقة بأكملها.
وحالة “اللاحرب واللاسلم” هذه لا تقلّ خطورةً عن الحرب نفسها بالنسبة للبنانيين. فالبلد يعيش حالة من التوتر المستمرة الذي يجمد الحركة الاقتصادية، ويضعف السياحة والاستثمار، ويزيد من نزيف الهجرة.
اما على المستوى السياسي، تحاول الدولة اللبنانية الحفاظ على خيطٍ رفيع من التوازن بين تجنّب الحرب والحفاظ على السيادة.
ويرى متابعون في هذا السياق أن اسرائيل تستخدم التصعيد كأداة للتفاوض في إطار الصراع الإقليمي الأوسع، لا سيما المتصل بغزة والملف الإيراني، وتحاول فرض مفاوضات مباشرة مع لبنان توصلا الى اتفاق يمهد الوصول الى التطبيع، وهو ما يرفضه لبنان بشكل قاطع، ويصر على المفاوضات غير المباشرة.
وبين تهديدات الحرب وهاجس الانهيار الداخلي، يعيش اللبنانيون في مرحلة رمادية عنوانها القلق والترقّب. فكلّما خيّم هدوء نسبي، أعاد تصريح إسرائيلي أو صاروخ عابر او استهداف مسيرة، التوتر إلى الواجهة.
وفيما تغيب الحلول الدبلوماسية الجدية، يظل السؤال المعلّق في الأذهان: هل تبقى “اللاحرب واللاسلم” سيفاً مصلتاً فوق لبنان، أم أن الأمور تتجه نحو تسوية مؤجلة… أو انفجارٍ مؤكد؟.




