افتتاحية اليوم: الحركة النقابية في لبنان في غيبوبة

يبدو أن عيد العمّال في لبنان تحول الى مجرد مناسبة رمزية، بعد ان كان فرصة لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها العمّال والدعوة إلى تحسين ظروفهم المعيشية والمهنية، ولتكريم الجهود والتضحيات التي يقدمها العمّال في مختلف القطاعات، وللتأكيد على حقوقهم ودورهم المحوري في بناء الاقتصاد والمجتمع، وعادة ما كانت تُنظَّم فيه فعاليات ونشاطات، أبرزها المسيرات التي تنظمها النقابات العمالية في مناطق معينة في العاصمة والمناطق.
وكان هذا العيد قد اكتسب أهمية خاصة بعد الاستقلال، حيث ناضلت الحركة النقابية من أجل حقوق العمّال وحقهم في التنظيم النقابي والتفاوض الجماعي. ورغم الصعوبات الاقتصادية والسياسية التي مر بها البلد، بقي عيد العمال مناسبة لتجديد المطالب العمالية والدفاع عن العدالة الاجتماعية. هذه الايام وعلى الرغم من أن العمال في لبنان يعانون اليوم من تحديات كبيرة، أبرزها تدني الأجور وغياب الحماية الاجتماعية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلاد منذ عام 2019، فان الحركة النقابية الفعلية غائبة عن المشهد لا بل انها في غيبوبة، حيث يقتصر دور الاتحاد العمالي على المواقف التي لا تسمن ولا تُغني من جوع، بعد ان كانت الحكومات في سنوات سابقة تحسب الف حساب لأي تظاهرة مطلبية يدعو اليها الاتحاد العمالي.
فالنقابات العمالية في لبنان تلعب دوراً مهماً في الدفاع عن حقوق العمّال وتنظيم التحركات المطلبية، لكن هذا الدور شهد تراجعاً في السنوات الأخيرة بسبب الانقسامات السياسية والتدخلات الحزبية. ومع ذلك، تظهر من حين لآخر حركات نقابية مستقلة تسعى إلى استعادة الدور الحقيقي للنقابات وتعزيز العمل النقابي، لكن من دون جدوى.
لا يظهر في الأفق ما يؤشر الى ان هذا الحال سيتغير، ما دامت السياسة هي التي تتحكم بالقرار النقابي من خلال تقاسم الاتحاد العمالي من قبل الأحزاب، وهو ما يعني ان عيد العمال سيبقى مجرد ذكرى، وان العمال ينتظرون اجتماع لجنة المؤشر لكي تقرر رفع الأجر الذي مهما بلغ هذه الأيام لن يحقق الحد الأدنى من العيش الكريم.