افتتاحيات الصحف اللبنانية
الأخبار
خلاف غير مسبوق في المجلس العسكري: اتهام قائد الجيش بالطائفية!
لم يسبق أن خرجت خلافات قيادة الجيش إلى الضوء. في العادة، إما تُحل سريعاً، أو تبقى مكتومة. لكنها هذه المرة خرجت إلى العلن. الخلاف بين قائد الجيش العماد جوزف عون وعضو المجلس العسكري، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، اللواء محمود الأسمر، وصل إلى حد مقاطعة الأخير احتفال عيد الاستقلال. وبعد أيام قليلة، أوقفت دورية من مديرية مخابرات الجيش مديرَ مكتب الأسمر، رائد طراف. ثلاث سيارات مدنية قطعت الطريق عليه في طرابلس. وعندما حاول صدم إحداها بسيارته لاستكمال مساره، أطلق أفراد الدورية النار في الهواء لتخويفه، ثم “سحبوه” من سيارته وانهالوا عليه ركلاً ولكماً وصفعاً، واقتادوه إلى إحدى سيارات الدورية. خضع للتحقيق لدى مديرية المخابرات، قبل أن تحيله الشرطة العسكرية على المحكمة العسكرية. ادعى عليه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، بجرم تحقير المؤسسة العسكرية وشتم قائدها. سريعاً، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة حكماً بإدانة طراف وسجنه عاماً واحداً. ويمكن القول إن هذا الحُكم من الأسرع – وجاهياً – في تاريخ المحكمة، كونه صدر في غضون أيام.
توقيف طراف تم بعدما تبيّن أنه كان يقف خلف كتابة بيانات تهاجم قائد الجيش وتوجه له تهمة الطائفية وغيرها. ولم يكن مدير مكتب أمين المجلس الأعلى يحضر في مجلس خاص أو عام، إلا ويكيل فيه الشتائم للعماد جوزف عون. وفي بعض مقاهي طرابلس، صار البعض يتجنّب الجلوس إلى طاولة طراف لما قد يسببه لهم من حرج أو مشكلات بسبب الشتائم التي يوجّهها للعماد عون. علماً أنه في الأصل، حالة طراف غير معهودة. فهو مدني يعمل بصفة مدير مكتب عضو في المجلس العسكري للجيش، أي المجلس التي يتخذ كافة القرارات الرئيسية في المؤسسة العسكرية. وفي السنوات الأخيرة، نُسِب إلى طراف الكثير من المخالفات المتصلة بعمله إلى جانب اللواء الأسمر (تغطية مخالفات وبيع بطاقات عسكرية…). وفيما لم يجر التحقيق بشأن تلك المخالفات، كان الأسمر يتلقى نصائح من مسؤولين أمنيين وآخرين على صلة برئاسة الحكومة، بإبعاد طراف عنه، إلا أنه لم يستجب.
ما كان مدير المكتب يتهم قائد الجيش به لم يكن سوى صدى لما يقوله الأسمر نفسه. فالأخير كان في الأشهر الأخيرة يرفع الصوت عالياً في انتقاد قائد الجيش. وتهمة الطائفية كانت الأكثر تداولاً من قبله بحق قائده. وفي مرتين على الأقل، تحدّث الأسمر مع الرئيس نجيب ميقاتي، شاكياً “طائفية جوزف عون”. وفي المرتين، سأله ميقاتي: “هل لديك ما يُثبت اتهاماتك؟ هل ينتقم جوزف عون من ضباط على خلفية طائفية؟ دلّني على شكواك لأراجع قائد الجيش بشأنها”. وفي المرتين، لم يقدّم الأسمر “أدلّته”. لكن ذلك لم يحل دون استمراره بالتهجم على “القائد”، واتهامه له بتجاوز المجلس العسكري وأعضائه، وبحصر كافة شؤون المؤسسة “بمكتبه الذي عيّن فيه ضباطاً من لون طائفي واحد”. ويقول الأسمر إنه لم يسبق أن سافر قائد للجيش في مهمة إلى الخارج واصطحب معه وفداً جميع أعضائه ينتمون إلى طائفة واحدة!
وصل الخلاف بين اللواء والعماد إلى حد مقاطعة الأول احتفال عيد الاستقلال الشهر الفائت، لـ”يرد” له القائد الصفعة بتوقيف مدير مكتبه. وبحسب مصادر متابعة لشؤون المؤسسة العسكرية، فإن الخلاف لا يبدو متجهاً نحو الحل، خصوصاً أن الأسمر لن يجد من يغطيه سياسياً. فهو سيُحال على التقاعد في غضون شهرين، “ومش محرزة” لأي مرجعية سياسية أن تخوض معركة خاسرة في وجه قائد الجيش.
النهار
غوتيريس للسياسيين: استحقوا الشعب اللبناني
وسط المراوحة الثقيلة والقاتلة في مشهد الازمة السياسية الداخلية التي شلّت مجلس الوزراء في أحرج الظروف التي يشهدها لبنان، بدا من الطبيعي ان تحدث زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للبنان بدءاً من عصر امس وامتداداً حتى الأربعاء المقبل، اختراقا ديبلوماسيا ومعنويا عززه إصرار غوتيريس على اختصار دلالات واهداف زيارته “بالتضامن مع الشعب اللبناني”. ذلك ان حضور المسؤول الأول والأرفع في #الأمم المتحدة الى لبنان في هذا التوقيت وتخصيصه أربعة أيام لزيارته ضمن برنامج حافل بالمحطات واللقاءات والجولات ما بين بيروت والمنطقة الحدودية الجنوبية، ليس تطوراً عادياً او اقله لم يعد حدثاً عادياً تشهده بيروت التي تفتقد بشدة حركة الزوار العالميين والدوليين الكبار. هذا البعد الرمزي والمعنوي في الزيارة لا يحجب الدلالات الأبرز المتصلة بإظهار إرادة اممية حازمة على مواكبة الواقع اللبناني ومحاولة إسناد أوضاع اللبنانيين في ظل انهيار خطير محدق بمكونات صمودهم بدليل ان غوتيريس يتعمد تكرار تعبير التضامن مع الشعب اللبناني وليس مع السلطة، علما ان تأمين عبور لبنان الى الانتخابات النيابية يبدو احد ابرز اهداف الزيارة أيضا التي الى لقاءات غوتيريس مع الرؤساء الثلاثة، ستشمل لقاءات مع عدد من القيادات الروحية وممثلين عن المجتمع المدني. وحملت الكلمة الرسمية الأولى لغوتيريس من قصر بعبدا مساء في هذا السياق دلالة معبرة حين خاطب الأمين العام السياسيين اللبنانيين قائلا “استحقوا الشعب اللبناني”، كما حضّ اللبنانيين على الانخراط في تحديد مصيرهم من خلال الانتخابات.
ولعل المصادفة حملت بغوتيريس الى لبنان في موعد متزامن مع تشابك الازمات الداخلية وازدياد تعقيداتها اذ سيتوزع المشهد في الساعات المقبلة بين محطات زيارة غوتيريس والمجلس الدستوري حيث يفترض ان يصدر اليوم او غدا قرار المجلس في مراجعة الطعن التي قدمها “تكتل لبنان القوي” في تعديلات قانون الانتخاب. ومن المقرر أن يقف غوتيريس في العاشرة قبل ظهر اليوم دقيقة صمت في مرفأ بيروت، تكريما لأرواح ضحايا انفجار المرفأ. وبدا لافتاً البرنامج الذي أعد لزيارته السرايا الحكومية في الحادية عشرة والنصف قبل ظهر اليوم، اذ وبعد ان يستقبله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ويعقد معه لقاءً ثنائيا، يتوجهان الى قاعة الاستقبال حيث لقاء موسع ستلقى خلاله كلمات لميقاتي وغوتيريس وممثلة الأمين العام في لبنان يوانا فرونتيسكا ونائبتها للشؤون الانسانية نجاة رشدي وسيكون عرض لمختلف منظمات الأمم المتحدة في لبنان، وبعد ذلك سيعقد لقاء صحافي يليه غداء يقيمه رئيس الحكومة على شرف الأمين العام والوفد المرافق. وينتظر ان يزور غوتيريس بعد الظهر رئيس مجلس النواب نبيه بري. وفي السادسة مساء الثلثاء سيعقد غوتيريس مؤتمرا صحافيا في فندق موفنبيك في بيروت.
وكان غوتيريس اكتفى في مطار رفيق الحريري الدولي لدى وصوله بعد ظهر امس حيث استقبله وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب بالقول:”عندما كنتُ المفوض السامي لشؤون اللاجئين، جئتُ إلى لبنان عدة مرات ولمستُ وقتها تضامن شعب لبنان مع العديد من اللاجئين. أعتقد أن الوقت قد حان لنا جميعاً، في العالم، للتعبير عن نفس التضامن مع شعب لبنان. لذلك، إذا أردتُ وصف زيارتي إلى لبنان بكلمة واحدة ستكون كلمة “تضامن”.
في بعبدا
وكان قصر بعبدا المحطة الأولى في زيارة غوتيريس حيث عقد لقاء موسع مع رئيس الجمهورية #ميشال عون الذي اعلن على الأثر انه بحث مع غوتيريس “الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها لبنان، والسبل الايلة الى الخروج منها، لا سيما ما يتعلق منها بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تردت خلال الأشهر الأخيرة. وأكدت لسعادة الأمين العام أننا نعمل على تجاوزها، ولو تدريجياً، من خلال وضع خطة التعافي الاقتصادي لعرضها على صندوق النقد الدولي والتفاوض بشأنها كذلك بالتزامن مع إصلاحات متعددة في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية، وإعادة النظر بعدد من إدارات الدولة وضبط الانفاق ووقف الهدر ومكافحة الفساد وبلوغ التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان أهدافه في كشف المسؤولين عما لحق بالبلاد من خسائر على مر السنين الماضية. وأكدت لسعادته ان لبنان سيشهد في الربيع المقبل انتخابات نيابية ستوفَر لها كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للبنانيين في اختيار ممثليهم”. كما لفت الى تطرق اللقاء الى موضوع النازحين السوريين والتزام لبنان تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته.
اما غوتيريس فحرص على الإعراب عن تقدير الامم المتحدة والمجتمع الدولي “لكرم لبنان في استضافة الكثير من اللاجئين بسبب الصراع في سوريا” . وقال “انا اؤمن ان المجتمع الدولي لم يقم كفاية بدعم لبنان، كما فعل تجاه دول أخرى فتحت حدودها وأبوابها وقلبها للاجئين، فيما للأسف بعض الدول الأكثر قدرة أقفلت حدودها الخاصة. من هنا فإن مثال لبنان هو مثل يستدعي تحمل مسؤولية من قبل القيمين على الأمن الدولي من اجل دعم لبنان بالكامل، بهدف مواجهة الأعباء التي تواجهه في المرحلة الراهنة”. وقال انه ابلغ الرئيس “أنني أتيت ومعي رسالة واحدة بسيطة، وهي أن الامم المتحدة تقف متضامنة مع الشعب اللبناني” وحث “القادة السياسيين اللبنانيين، على العمل معا لحل هذه الازمة، وأدعو المجتمع الدولي الى تعزيز دعمه للبنان. وعلى سبيل المثال فإن برنامج دعمنا الإنساني قد تم تمويله فقط بنسبة 11% ونحن بحاجة ماسة الى تضامن أقوى من قبل المجتمع الدولي. ان الشعب اللبناني يتوقع أن يعيد القادة السياسيون ترميم الاقتصاد، وان يؤمنوا فاعلية للحكومة ولمؤسسات الدولة، وانهاء الفساد، والحفاظ على حقوق الانسان. وهذا ما قاله فخامة الرئيس، وهو يصب في هذا الاتجاه. لا يملك القادة السياسيون في لبنان، عند مشاهدة معاناة الشعب اللبناني، الحق في الانقسام وشل البلد، ويجب ان يكون رئيس الجمهورية اللبنانية رمزا لهذه الوحدة الضرورية”.
ولفت الى ان “ان الانتخابات العام المقبل ستكون المفتاح، وعلى الشعب اللبناني ان ينخرط بقوة في عملية اختيار كيفية تقدم البلد … وستؤازر الامم المتحدة لبنان في كل خطوة من هذه المسيرة”. وقال: “كجزء من الالتزام باستقرار لبنان، سأزور قوات “اليونيفيل” في الجنوب. ان الالتزام التام بتطبيق القرار الدولي 1701، والمحافظة على وقف الاعمال العدوانية على الخط الازرق، والعمل على تخفيف التوتر بين الاطراف، هو امر أساسي “. وقال “ان لبنان يواجه مرحلة صعبة للغاية، وانا احث القادة اللبنانيين على ان يستحقوا شعبهم”.
عقوبات مشتركة؟
في غضون ذلك نقلت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين عن مصدر فرنسي رفيع تأكيده ان الادارة الاميركية وفرنسا تدرسان امكان وضع عقوبات على سياسيين لبنانيين يعطلون العمل الحكومي. وقال المصدر ان باريس تتطلع الى عودة العمل الحكومي في اسرع وقت في لبنان من اجل تنفيذ الاصلاحات المرتقبة دوليا . ونفى ما تردد في وسائل اعلام لبنانية عن زيارة مرتقبة للمستشار الرئاسي لشؤون الشرق الاوسط باتريك دوريل الى بيروت. واكد المصدر ان الاتصالات مستمرة بين فرنسا والسعودية لمتابعة الاتفاقات التي تمت بين البلدين على الصعيد الثنائي وعلى الملف اللبناني.
نداء الوطن
الراعي يرفض تحويل لبنان “غابة إجرام”: لاستمرار التحقيق وإسقاط الحصانات
“ثلاثية” الدعم الأممي: جيش، شعب، مؤسسات أمنية
“أنا اليوم هنا للتضامن مع الشعب اللبناني”… لكي لا تُفهم زيارته خطأ ومنعاً لاستثمارها من قبل السلطة الساقطة أخلاقياً وسيادياً وسياسياً أمام أعين المجتمعين العربي والدولي، حرص الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن يستهل تصريحاته من المطار بهذه “الرسالة” وتأطير مراميها التضامنية ضمن إطار محدّد المعالم يقتصر على دعم اللبنانيين لا حكامهم… وهي “رسالة واحدة بسيطة” عاد فأكد من قصر بعبدا على أنه أبلغها شخصياً لرئيس الجمهورية ميشال عون “وهي أنّ الأمم المتحدة تقف متضامنة مع الشعب اللبناني”، معلناً تحت هذا العنوان العريض نيته لقاء “شريحة كبيرة من قادة المجتمع السياسي والديني والمدني بهدف مناقشة كيفية تقديم المساعدة الأفضل للشعب اللبناني ليتغلب على الازمة الاقتصادية والمالية الحالية”.
غير أنّ الرسالة التي حملها غوتيريش، وعبّر عنها خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع عون أمس، تجاوزت في مضامينها النطاق التضامني مع اللبنانيين باتجاه ترسيخ “ثلاثية” دعم أممي للبنان “بجيشه وشعبه ومؤسساته الأمنية”، انطلاقاً من تشديده على أنّ “استمرار الدعم الدولي للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى، هو أساسي لاستقرار لبنان الذي يواجه مرحلة صعبة للغاية”… أما لأهل الحكم في البلد، فرسائل المسؤول الأممي ارتدت طابعاً آخر أقرب إلى الإدانة والتنديد بسلوكهم الهدّام للدولة وفرص إنقاذها، إلى درجة المجاهرة بحثهم “على أن يستحقوا شعبهم”، وما يعنيه ذلك من كونهم بنظر الأمم المتحدة ليسوا أهلاً لتولي سدة الحكم والمسؤولية.
وفي معرض إضاءته على فشل الطبقة الحاكمة في ملاقاة طموح شعبها بإعادة “ترميم الاقتصاد وتأمين الفاعلية للحكومة ومؤسسات الدولة، وإنهاء الفساد والحفاظ على حقوق الانسان”، تطرق الأمين العام للأمم المتحدة بشكل غير مباشر إلى الخلل القائم على مستوى الأداء الحكومي والرئاسي في لبنان، مشدداً على أنّ “القادة السياسيين لا يملكون عند مشاهدة معاناة الشعب اللبناني الحق في الانقسام وشل البلد” مع تأكيده في الوقت نفسه على أنّ “رئيس الجمهورية اللبنانية يجب أن يكون رمزاً للوحدة”، ليخلص إلى تذكير اللبنانيين بأنّ “الانتخابات العام المقبل ستكون المفتاح، وعلى الشعب ان ينخرط بقوة في عملية اختيار كيفية تقدّم البلد”.
وعشية “دقيقة الصمت” التي سيقفها غوتيريش في مرفأ بيروت تكريماً لأرواح ضحايا انفجار 4 آب، لوحظ أمس ضخ أجواء تصعيدية على جبهة الثنائي الشيعي تأكيداً على استمرار ربط النزاع الحكومي مع ملف التحقيق العدلي في الانفجار، بالتوازي مع تسريب معلومات متضاربة حول مسألة المقايضة التشريعية – القضائية التي يعمل “الثنائي” على إبرامها مع “التيار الوطني الحر” عشية انتهاء المهلة القانونية أمام المجلس الدستوري لإصدار قراره من عدمه في الطعن المقدم من تكتل “لبنان القوي” بتعديلات القانون الانتخابي. إذ أكدت مصادر مواكبة للملف أنّ “الاتصالات نشطت بشكل كبير خلال ساعات النهار (بالأمس) في محاولة لإنضاج تسوية سياسية بين الجانبين تعبّد الطريق أمام قبول المجلس الدستوري الطعن الانتخابي مقابل تغطية نواب “التيار الوطني” تمرير لجنة التحقيق البرلمانية في الهيئة العامة وسحب ملف التحقيق مع النواب والوزراء والرؤساء من يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، غير أنّ المعطيات مساءً عادت لتشي بأنّ الأمور لا تزال تراوح مكانها في ظل عدم نجاح الاتصالات في التوصل إلى أرضية تسووية مشتركة بعد، ما يعزز فرضية عدم اتخاذ المجلس الدستوري قراراً بالطعن وترك التعديلات المطعون بها لتصبح نافذة حكماً… ما لم تحمل الساعات الأربع والعشرين المقبلة أجواء مغايرة”.
في المقابل، وبينما يتحضر أهالي ضحايا انفجار المرفأ لتصعيد تحركاتهم رفضاً لمحاولات السلطة الخوض في لعبة “مقايضة” سياسية، حكومية، تشريعية، انتخابية، تطمس التحقيق العدلي وتهدر دماء أبنائهم، برز توصيف البطريرك الماروني بشارة الراعي للمسؤولين بأنهم أصبحوا بمثابة “أدوات اقتتال”، متسائلاً: “أليس من المعيب إن يصبح انعقاد مجلس الوزراء مطلباً عربياً ودولياً بينما هو واجب لبناني دستوري يلزم الحكومة؟ فكيف تمعن فئة نافذة في تعطيله باسم الميثاقية التي تُشوّه بينما هي قاعدة لتأسيس دولة تحقق أماني اللبنانيين جميعاً وتبعدهم عن المحاور والصراعات؟”، وشدد في ملف تفجير مرفأ بيروت على وجوب “جلاء الحقيقة ووقف التشكيك المتصاعد بعمل القضاء (…) وكأنّ الهدف ضرب عمل القضاء ككل وتحويل المجتمع إلى غابة إجرام متنقل دونما حسيب أو رقيب”، داعياً إلى ضرورة “استمرار التحقيق القضائي وأن تسقط الحصانات عن الجميع، ولو بشكل محصور وخاص بجريمة المرفأ، ليتمكن القضاء العدلي الذي تقدم كفاية من أن يستمع إلى الجميع من دون استثناء، أي إلى كل من يعتبره المحقق معنياً وشاهداً ومتهماً مهما كان موقعه، ومهما علا”.
الشرق الأوسط
غوتيريش في بيروت «تضامناً» مع لبنان وشعبه
يلتقي مسؤولين وممثلين عن المجتمع المدني
بدأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الأحد زيارة إلى بيروت لـ«التضامن» مع الشعب اللبناني، تستمر أربعة أيام، ويلتقي خلالها مسؤولين لبنانيين وممثلين عن المجتمع المدني، واستبقها بدعوة المسؤولين السياسيين إلى توحيد صفوفهم من أجل إيجاد حلول للأزمات التي تعصف بالبلاد.
وصل غوتيريش إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت أمس، حيث استقبله وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وقال أثناء خروجه من المطار: «إنها ليست الزيارة الأولى لي إلى لبنان، لقد زرته سابقا، وأنا اليوم هنا للتضامن معه ومع الشعب اللبناني». وأشار غوتيريش إلى أنه «عندما كنت المفوض السامي لشؤون اللاجئين، جئت إلى لبنان عدة مرات ولمست وقتها تضامن شعب لبنان مع العديد من اللاجئين». وأعرب عن اعتقاده أن «الوقت قد حان لنا جميعاً، في العالم، للتعبير عن نفس التضامن مع شعب لبنان». وأضاف: «لذلك، إذا أردت وصف زيارتي إلى لبنان بكلمة واحدة ستكون كلمة «تضامن».
ويتوجه غوتيريش في مستهل زيارته، التي تستمر حتى الأربعاء، إلى القصر الرئاسي حيث يلتقي عصراً رئيس الجمهورية ميشال عون. ويتفقد صباح اليوم الاثنين مرفأ بيروت «للوقوف دقيقة صمت تكريماً لأرواح ضحايا انفجار مرفأ بيروت وعائلاتهم». كما يقوم بزيارات ميدانية يلتقي خلالها المتضررين من الأزمات المتعددة التي يواجهها لبنان، على أن يزور أيضاً الجنوب اللبناني ليلتقي قوات حفظ السلام المؤقتة العاملة في الجنوب (اليونيفيل) ويجول على الخط الأزرق.
وقالت الأمم المتحدة في بيان الخميس إن الزيارة «في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان، ستكون ذات طابع تضامني سيعيد خلالها الأمين العام التأكيد على دعم أسرة الأمم المتحدة برمتها – البعثة السياسية وقوات حفظ السلام والعاملين في مجالات الدعم الإنساني والإغاثي – للبنان وشعبه». واستبق غوتيريش وصوله إلى بيروت بدعوته القوى السياسية إلى توحيد صفوفها.
وقال الخميس خلال لقاء صحافي عبر الفيديو إن «الانقسامات بين القادة السياسيين في لبنان شلت المؤسسات، وهذا ما جعل من المستحيل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإطلاق برامج اقتصادية فعالة وإحلال الظروف الملائمة ليباشر البلد تعافيه». وأكد غوتيريش أنه «لا يحق للقادة اللبنانيين أن يكونوا منقسمين في ظل أزمة خطيرة كهذه» مضيفا أن «اللبنانيين وحدهم يمكنهم بالطبع أن يقودوا هذه العملية».
وإضافة إلى لقاءاته السياسية ومع ممثلي المجتمع المدني، ذكرت الأمم المتحدة في بيروت في جدول أعمال الزيارة الذي وزعته على وسائل الإعلام، أنه سيجري زيارات ميدانية، إحداها إلى مدينة طرابلس (شمال)، يلتقي خلالها بمتضررين من الأزمات المتعددة التي تواجهها البلاد، على أن يتفقد قبل ختام زيارته، قوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل) في جنوب لبنان ويجول على طول الخط الأزرق، وهو خط وقف إطلاق النار الذي جرى التوافق عليه بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في العام 2000 وعليه 13 نقطة متنازع عليها بين الدولتين. ويعقد غوتيريش مؤتمراً صحافياً مساء الثلاثاء في بيروت، قبل أن يختتم زيارته الأربعاء.
الجمهورية
ثلاثة رسائل لزيارة غوتيريس.. وقرار “الدستوري” بالطعن يصدر غداً
ينقسم المشهد السياسي هذا الأسبوع إلى شقين أساسيين: الشق الأول يتعلّق بزيارة الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس وما سيتخللها من لقاءات ومواقف وقراءات في أبعادها، والشق الثاني يرتبط بالقرار المتوقّع صدوره عن المجلس الدستوري في الطعن الذي قدمه امامه تكتل “لبنان القوي” في تعديلات قانون الانتخاب، وما بينهما اليوميات السياسية المكررة التي تبدأ من سعر الدولار والحكومة المعطلة ولا تنتهي بالكلام عن مقايضات وصفقات وتسويات بين قانون الانتخاب والتحقيق في انفجار المرفأ.
من المتوقع ان تملأ زيارة غوتيريس الفضاء السياسي والإعلامي بسبب غياب الحيوية السياسية الداخلية مع استمرار التعطيل الحكومي، وعلى رغم عدم توقّع اي تأثير فوري ومباشر لهذه الزيارة، إلا ان أهميتها تكمن في ثلاث رسائل أساسية:
ـ الرسالة الأولى، إلى اللبنانيين وهي أنهم غير متروكين لقدرهم ومصيرهم، وانه على رغم الانهيار المالي والصعوبات الاقتصادية عليهم التحلي بالصبر والأمل، الصبر من أجل الصمود، والأمل في ان الغد سيكون أفضل، وان هذه الزيارة تأتي في سياق زيارات دولية حصلت قبلها وستحصل بعدها وكلها تصبّ في إطار واحد هو الحرص على الاستقرار اللبناني.
ـ الرسالة الثانية، إلى المسؤولين الرسميين والقوى الممسكة بالسلطة وهي ان ممارستهم السياسية قادت البلد وتقوده إلى المجهول في ظل سياسة وحيدة عنوانها التعطيل، وبالتالي سيوجه الدعوة إلى تحييد الناس والمؤسسات عن الخلافات السياسية.
ـ الرسالة الثالثة، إلى المجتمعين الغربي والعربي وهي ان لبنان يحظى باهتمام أرفع مرجع أممي، وان على الدول المعنية به ان تدعم استقراره وتحول دون تحويله ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية، وبالتالي رسالة أممية إلى المجتمعين الدولي والإقليمي برفع اليد عن لبنان ودعم استقراره.
وفي موازاة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة فإنّ الأنظار المحلية ستبقى شاخصة على قرار المجلس الدستوري الذي سيُطلق العد العكسي للانتخابات النيابية، والذي يبدأ عملياً مع مطلع السنة الجديدة، ولكن أهمية هذا القرار انه يتوقّف عليه مصير اقتراع المغتربين إمّا باقتراعهم لجميع النواب في الداخل، أو في ربط هذا الاقتراع بستة نواب في الخارج والتعقيدات التي يمكن ان تنجم عن توجّه من هذا القبيل في ظل غياب الآليات وطريقة ترجمة هذا التوجه على أرض الواقع.
ولكن الأكيد ان الانتخابات النيابية ستشق طريقها نحو رأس سلّم الأولويات لدى القوى السياسية التي تتعامل معها وكأنها حاصلة حتما بمعزل عن مصيرها الفعلي، انطلاقاً من حاجتها للتهيئة لهذه الانتخابات بتعبئة قواعدها وإعداد ترشيحاتها ونسج تحالفاتها.
وبالتزامن، يواصل “التيار الوطني الحر” الضغط على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من أجل الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء في رسالة مباشرة وضمنية ضد “الثنائي الشيعي” وموقفه المعطِّل لجلسات الحكومة في مؤشرٍ إلى مزيد من افتراق المصالح بين التيار و”حزب الله” الذي يرفض الدخول في اي مواجهة مع العهد وتياره، فيما ميقاتي يرفض الانتقال من التعطيل إلى الانقسام، ومن التبريد إلى السخونة، ومن الانتظار إلى المواجهة، ولا يبدو انّ ما يحكى عن مقايضات في تحقيق المرفأ ستجد ترجماتها، والحل او المخرج الوحيد يبقى في صدور القرار الظني الذي يعيد وحده انتظام عمل الحكومة.
وكان غوتيريس قد وصل الى بيروت بعد ظهر امس في زيارة رسميّة للبنان تستمرّ حتى الأربعاء المقبل، وقد استقبله في المطار وزير الخارجيّة والمغتربين عبدالله بوحبيب ومندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة أمال مدللي والمنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا.
وأعلن مكتب فرونتسكا، في بيان، أن غوتيريش قال وفور وصوله: “عندما كنتُ المفوض السامي لشؤون اللاجئين جئت إلى لبنان مرات عدة، ولمست وقتها تضامن شعب لبنان مع العديد من اللاجئين. أعتقد أن الوقت قد حان لنا جميعاً، في العالم، للتعبير عن التضامن نفسه مع شعب لبنان. لذلك، إذا أردت وصف زيارتي للبنان بكلمة واحدة ستكون كلمة “تضامن”.
وشدّد غوتيريس من القصر الجمهوري، حيث استقبله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اثر وصوله الى بيروت، على أنّه “نظراً الى معاناة الشعب اللبناني، لا يحق للقادة السياسيين أن يكونوا منقسمين ويشلوا البلد”، لافتاً الى أن اللبنانيين يتوقعون منهم “إعادة احياء الاقتصاد” وضمان “حكومة فاعلة”. ودعاهم “الى العمل معاً لحل الأزمة”. كما دعا المجتمع الدولي إلى “تعزيز دعمه للبنان”.
وشدد على أن هدف لقاءاته في لبنان هو “مناقشة أفضل السبل لدعم شعب لبنان في تجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية المستدامة”. واعتبر أن الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل ستشكل محطة “رئيسية، وعلى الشعب اللبناني أن يلتزم بشكل كامل في اختيار كيفية دفع البلاد قدماً”.
من جهته، أكد عون في كلمة ألقاها بالفرنسية أنه ستُوفّر للانتخابات “كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للبنانيين في اختيار ممثليهم”. ورحّب “بأي دور يمكن ان تلعبه الأمم المتحدة في متابعة هذه الانتخابات”. وقال: “نعمل على تجاوز الأزمات ولو تدريجياً من خلال وضع خطة التعافي الاقتصادي لعرضها على صندوق النقد الدولي والتفاوض بشأنها كذلك بالتزامن مع إصلاحات متعددة في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية”. وشدَّد على “تمّسك لبنان بممارسة سيادته على كامل أراضيه، وحقوقه الكاملة في استثمار ثرواته الطبيعية ولا سيما منها في حقلي الغاز والنفط، والاستعداد الدائم لمتابعة المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية”.
وفي برنامجه اليوم يزور غوتيريس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عند الحادية عشرة والنصف في السرايا الحكومية، فيعقد اجتماعا موسعا بداية ثم يليه لقاء ثنائي بينهما يتوجهان بعده الى قاعة الاستقبال وتكون لكل منهما كلمة، ثم كلمة لممثلة امين عام الامم المتحدة يوانا فرونتيسكا واخرى لنجاة رشدي ويجري عرض لمختلف منظمات الامم المتحدة. على ان يعقب ذلك مؤتمر صحافي ويليه غداء يقيمه ميقاتي على شرف غوتيريس والوفد المرافق.
برنامج الزيارة
ويشمل برنامج غوتيريس اليوم ايضا زيارة مرفأ بيروت “للوقوف دقيقة صمت تكريماً لأرواح ضحايا انفجار مرفأ بيروت وعائلاتهم”. كما يلتقي عدداً من المسؤولين الكبار والقادة الروحيين وممثّلين للمجتمع المدني. ويجري كذلك زيارات ميدانية، إحداها لمدينة طرابلس، يلتقي خلالها متضرّرين من الأزمات المتعدّدة التي تواجهها البلاد. على ان يتفقّد غداً قوة الأمم المتحدة الموقتة (اليونيفيل) العاملة في الجنوب ويجول على طول الخط الأزرق، ثم يعقد مؤتمراً صحافياً مساء اليوم نفسه، قبل أن يختتم زيارته الأربعاء.
ترقب قرار “الدستوري”
في غضون ذلك خطفت زيارة غوتيريس الاضواء، لكن يبدو انها لن تكون كافية للتغطية على العتمة الداخلية التي تسود على كل المستويات في انتظار بصيص نور يخرج من آخر النفق. وفي انتظار اتّضاح النتائج التي يمكن أن تؤول اليها هذه الزيارة، تترقب الاوساط السياسية قرار المجلس الدستوري في الطعن الانتخابي المقدم من تكتل “لبنان القوي”، والتموقع صدوره غداً.
وقالت مصادر مواكبة لهذا الملف لـ”الجمهورية” انّ المفتاح الأساسي الذي من شأنه ان يحدد مصير الطعن يكمن في الموقف الذي سيتخذه المجلس من طريقة احتساب الأكثرية في الجلسة النيابية التي أقرت التعديلات على قانون الانتخاب.
البحث عن مخرج
الى ذلك، أبلغت اوساط مطلعة الى “الجمهورية” انّ المعالجات الجارية للازمة الحكومية ـ القضائية ما تزال صفراً، لكن البحث لم يتوقف في الكواليس عن مخرج او إخراج لتسوية تسمح باستئناف جلسات مجلس الوزراء، مشيرة الى انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و”الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر” وحتى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يحاولون الدفع في اتجاه معالجة المأزق على قاعدة انّ وضع البلد لم يعد يتحمّل توقف مجلس الوزراء عن الانعقاد، لكن لم يتم بعد التوصل الى نتيجة إيجابية.
ولفتت الى ان الجميع تقريباً، ما عدا “الثنائي الشيعي”، يتهيّب مواجهة المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار والضغط لضبط سلوكه في ملف التحقيق في انفجار المرفأ، الامر الذي لا يزال يحول حتى الآن دون تحقيق خرق حقيقي.
في المواقف
وفي المواقف امس سأل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من بكركي: “أليس من المعيب أن يُصبح انعقاد الحكومة مطلباً عربياً دولياً وكيف تُمعن فئة نافذة بتعطيله باسم الميثاقية؟”.
وقال: “ليت المسؤولين عندنا والنافذين يعودون إلى انسانيتهم ليخلّصوا لبنان وتلتقي مساعيهم مع المساعي الدولية لإنقاذ لبنان، متوقفين عن نهج الثأر السياسي والحقد الشخصي والاستهتار المطلق بالمواطنين”.
واضاف: “المطلوب منهم جمعيا الاقرار بالاخطاء والقيام بفعل توبة، اما اعتبارهم ان الخطأ عند غيرهم فهذا نوع من الكبرياء القاتل”، متسائلاً: “أليس من المعيب ان يصبح انعقاد مجلس الوزراء مطلبا عربيا ودوليا بينما هو واجب لبناني دستوري يُلزم الحكومة، فكيف تمعن فئة نافذة بتعطيله باسم الميثاقية التي تشوه بينما هي ارتقاء بالتجربة التاريخية؟”.
وشدد الراعي على انه “بعدم انعقاد الحكومة تتعطل السلطة الاجرائية ومعها تتعطل الحركة الاقتصادية بكل قطاعاتها والحركة المالية والحياة المصرفية وبنتيجتها يفتقر الشعب، فهل هذا ما يقصده معطّلو انعقاد مجلس الوزارء؟”.
ودعا الى “وقفِ التشكيكِ المتصاعِد بعملِ القضاء”. وشدد على “استمرارِ التحقيقِ القضائيِّ، وأن تَسقُطَ الحَصاناتُ عن الجميع، ولو بشكلٍ محصور وخاصٍّ بجريمةِ المرفأ، ليَتمكّنَ القضاءُ العدليُّ الذي تَقدّمَ كفايةً من أن يَستمعَ إلى الجميعِ من دونِ استثناءٍ، أي إلى كلِّ من يَعتبره المحقِّقُ معنيّا وشاهدا ومتّهما مهما كان موقِعُه، ومهما علا إذا كان كلُّ مواطنٍ تحت سلطةِ القانون”، متسائلاً: “كم بالحريّ بالمسؤولين الذين تَولّوا ويتولّون مناصبَ ومواقعَ وحقائبَ وإداراتٍ وأجهزةً في هذه المراحلِ الملتَبِسة؟”.
الخطيب
وطالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب المسؤولين، في بيان، بـ”اتخاذ خطوات سريعة تنقذ وطنهم من خطر الانهيار وتداعياته، وتستجيب للمساعي والجهود المبذولة لتصحيح المسار القضائي بما يحقق العدالة في قضية المرفأ ويمهّد لإنتاج حل السياسي يصوّب المسار القضائي ويعيد التضامن الحكومي الذي يحتاجه لبنان في هذا الظرف الصعب”.
وراى أن “تجاهل البعض لسبب المشكلة الاساسية واصراره على تسييس القضاء، من خلال الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء مجافاة لحقيقة الازمة وإمعان في تعقيدها، وتجاوز لطائفة اساسية حفظت النسيج الوطني بغية تغييبها عن المشهد السياسي خدمة لأهداف ومآرب خارجية لا تخدم المصلحة الوطنية”.
وشدد على “ضرورة القيام بالاستحقاقات الدستورية ومنها الانتخابات النيابية في مواعيدها المقررة دستوريا”، مشيراً الى أن “الحل في القيام بالاصلاحات السياسية وفق ما نص عليه اتفاق الطائف من إلغاء الطائفية السياسية وتأليف مجلس شيوخ يحفظ للطوائف اللبنانية حقوقها وقانون انتخابي خال من القيد الطائفي، وإلا فإنّ الانتخابات النيابية، من دون القيام بهذه الاصلاحات، لن تحل المشكلة بل ستعقدها، لأن ذلك سيستدعي اصطفافا طائفيا واستخداما للقضاء كورقة انتخابية تزيد في التشنجات الطائفية كما يحدث الآن ويمكن ان يؤدي الى حرب أهلية لا سمح الله”.
عودة
بدوره، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده في قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الارثوذكس في بيروت: “ان بلدنا كان مهدا للديموقراطية، إلا أنه تحول إلى ديكتاتورية مقنعة، تحكمها شريعة الغاب. أصبح من يلجأ إلى القانون في بلدنا هو الضعيف والمهان والمظلوم، أما القوي والمتسلط فلا يأبه للقانون ولا يعير أحكامه أي أهمية أو احترام. حتى إن البعض أصبح يستهين بثقة الناس الممنوحة لهم، وبواجباتهم التي تفرضها عليهم مسؤوليتهم”.
وأضاف: “الأمان المجتمعي أصبح مفقودا بوجود عصابات السرقة واقتحام المؤسسات، والمسؤولون متربعون على عروشهم يطلقون المواقف ويتراشقون الإتهامات، إنما لا يحركون ساكنا من أجل وقف الإنهيار وتصويب الإتجاه وإطلاق عملية الإنقاذ”.
واعتبر أن “المواقف الكلامية لا تجدي وإلقاء المسؤولية على الآخرين لا ينفع. الجميع مسؤولون. من ارتضى المسؤولية عليه القيام بواجبه، وإلا فليترك مكانه لمن يريد العمل والإنقاذ”. وسأل: “إلى متى ستبقى الحكومة محتجزة وجلد الذات مستمراً؟ هل يدري من يعطلون عمل المؤسسات أنهم يدفعون البلد دفعا إلى الإنهيار الكامل؟ هل يمكن التصدي للكارثة بحكومة مشلولة وانعدام قرار؟ أليست الحكومة فريق عمل يدير شؤون البلاد، وهي ليست مكانا للمناكفات وتصفية الحسابات؟”.
كورونا
على الصعيد الصحي أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي امس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 1479 إصابة جديدة (1373 محلية و106 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ تفشي الوباء في شباط 2020 الى 700943. كذلك سجل التقرير 12 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 8936.
اللواء
غوتيريس مستهلاً مهمته: على القادة أن يستحقوا شعبهم!
تنشيط المساعي مع قرار الدستوري للتوصل إلى صيغة تنعش مجلس الوزراء
قد تكون العبارة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس: «أحث القادة اللبنانيين على أن يستحقوا شعبهم» من قصر بعبدا، مستهلاً باكورة لقاءاته مع المسؤولين الكبار، قبل الاجتماع إلى المراجع الروحية، وشبان وشابات من المجتمع المدني، وتفقد مكان انفجار مرفأ بيروت قبل عام ونصف، إضافة إلى زيارة مقر اليونيفل في الجنوب «كجزء من الالتزام باستقرار لبنان» كفيلة بالإضاءة على البون الشاسع بين أداء المسؤولين والظروف القاهرة التي ساهموا في صنعها، لقهر الشعب اللبناني بـ«نسيجه الاجتماعي – الثقافي المليء بالحياة».
وبصرف النظر عن العناوين العريضة التي تحدث عنها الرئيس ميشال عون، والتي تقاطعت عند التحقيق الجنائي وخطة التعافي، والمضي بالمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، إضافة إلى إعادة النازحين وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، مرحباً بدور للأمم المتحدة لجهة المراقبة والمتابعة، فإن بعضاً من عناوين الزائر الأممي التقطت أو تقاطعت لكنها ذهبت إلى نزع الحق الشرعي عن المسؤولين «إزاء الانقسام وشل البلد»، داعياً المجتمع الدولي «لمواكبة الكرم اللبناني تجاه اللاجئين السوريين»، معتبراً ان الانتخابات النيابية المقبلة «ستكون المفتاح، وعلى اللبنانيين الانخراط بقوة في عملية اختيار كيفية تقدم البلد»، مشدداً على دعم الجيش والقوى الامنية وتمويل برنامج الأمم المتحدة للدعم الإنساني، الذي لم يتجاوز من الدعم سوى 11%، مشدداً على الالتزام بالقرار 1701، والمحافظة على وقف الأعمال العدوانية عند الخط الأزرق.
وأفادت مصادر مواكبة لاجتماع غوتيريس في بعبدا مع الرئيس عون لـ«اللواء» ان المسؤول الدولي ركز على ضرورة تكاتف المسؤولين السياسيين لأن الوضع في لبنان لم يعد يحتمل، وبالتالي لا بد من اتخاذ مواقف سريعة. ولفتت إلى أن غوتيريس أقر بإدراكه الصعوبات، لكن شدد على ضرورة أن تصل القيادات الى اتفاق في ما بينها على النقاط التي تهم لبنان. وكشفت أن غوتيريس أكد أن الامم المتحدة تقوم بكل ما يمكنها القيام به لمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه كما أنها تضغط لمصلحة لبنان وتتدخل في المواضيع التي تطلب منها، لكن المشكلة الداخلية يجب ان يحلها اللبنانيون ومن هنا أتى تركيزه على التضامن لحل الأزمة ومنع الخلاف. إلى ذلك عُلم أن غوتيريس ركّز على ملف الانتخابات وموضوع الكوتا، وقدر التزام لبنان بحقوق المرأة كما تطرق الى مكافحة الفساد والعدالة وأهمية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
من جهته، قدّم مساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا تقريرا عن الوضع الامني في الجنوب، وأشار الى شراكة الجيش مع اليونيفيل فضلا عن الصعوبات التي تواجهها اليونيفيل بتحركاتها في القرى الجنوبية. وتوقف عند الانتهاكات الإسرائيلية، وركز كذلك على ضرورة عدم حدوث خلل ومساعدة اليونيفيل على تنفيد المهمات بالتعاون مع الجيش. وأشار إلى استمرار تقديم المساعدات للجيش. وكان تركيز على متابعة المفاوضات مع اسرائيل وضرورة للعمل على المحافظة على الاستقرار على الخط الازرق.
ولاحظت المصادر أن غوتيريس شدد على الجهد الداخلي المطلوب لحل القضايا السياسية . وقالت أنه ابدى استعداد الأمم المتحدة لدعم لبنان في كل ما يطلبه منها.
كشفت مصادر سياسية النقاب عن ان جميع المخارج المطروحة لحل ازمة تعليق جلسات مجلس الوزراء مجمدة،بأنتظار تطور الأوضاع داخليا،بما يتعلق اولا،بالقرار الذي سيتخذه المجلس الدستوري، بخصوص الطعن المقدم من كتلة التيار الوطني الحر، وماذا كان يمهد لمقايضة مرتقبة بخصوص فصل ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين،عن ملاحقة بقية الموظفين والعسكريين والمدنيين بملف تفجير مرفأ بيروت، ام لا، او الاتفاق على مخرج اخر يقترحه وزير العدل على مجلس الوزراء بهذا الخصوص، برغم المحاذير الموجودة لاعتماد اي مخرج من المخارج المطروحة، ومدى انعكاساته شعبيا على ابواب الانتخابات النيابية، وخارجيا،لدى المجتمع الدولي الذي يصر على متابعة التحقيق لكشف الحقيقة كاملة.
واشارت المصادر الى ان جميع المسؤولين أصبحوا محشورين، ولم يعودوا قادرين على الاستمرار بالوضع المتردي السائد حاليا،والتذرع بمطلب او شرط الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لتعليق اجتماعات مجلس الوزراء، لان الوقت المسموح لهم انقضى دون جدوى،ولم تعد اعذار التخوف من الأسوأ وتفجير الحكومة وما شابه من حجج، تسمح بمزيد من التعطيل، لان كل الامور تنزلق نحو الأسوأ، فماليا،بلغ سعر صرف الدولار اعلى مستوياته، الكهرباء انخفض منسوب التغذية، برغم كل وعود زيادة رفعها الى عشرساعات، مصالح المياه شبه معطلة ومعظم المواطنين يشترون المياه بالصهاريج، اسعار الوقود حلقت بالاعلى الى مستويات قياسية، اسعار الادوية زادت عشرة اضعاف او اكثر، وفقدت انواع عديدة من السوق،ناهيك عن الارتفاع الجنوني، لاسعار المواد الغذائية الاساسية وتكاليف المعيشة على كل المستويات،فيما المواقف الدولية ،لاسيما الموقف الاميركي الاخير الصادر عن البيت الابيض، والذي يعتبر ان لبنان في طريقه ليكون دولة فاشلة، تؤشر الى ان وقت السماح اما الحكومة العتيدة،بات قصيرا،وان نوايا غير مريحة تجاه لبنان،باتت تلوح بالافق، وتتطلب تغيير سلوكية المسؤولين والاطراف الممسكين بزمام التعطيل، ووجوب انهاء الشلل الحكومي بسرعة.
واعتبرت المصادر ان مواقف وتصريحات المسؤولين كلهم، لم تعد مسؤولة، لانهم ،لايتجرأون على كشف الحقائق امام الناس، الا اذا كانوا يراهنون على تقطيع مزيد من الوقت، بانتظار ان يفرج حزب الله، عن مجلس الوزراء، وهو الذي تصدر حملة تنحية القاضي البيطار لطمس معالم التحقيق بالتفجير، منعا لانكشاف امر ما بالملف،يطاله اوحلفاء له.
وتشير المصادر الى ان من الاسباب غير المعلنة لتعطيل جلسات مجلس الوزراء، الخلاف الحاد على موضوع، اصدار سلة من التعيينات في المراكز والمواقع الوظيفية المهمة،بمختلف مؤسسات وادارات الدولة، لا سيما بعدما تكشف عن تحضيرات اعدها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ومهد لها بنقاش تمهيدي، مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ما تسبب بنقزة لدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري واطراف آخرين.
واشارت المصادر الى ان رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، يسعيان من خلال التفاهم مع الرئيس ميقاتي، ومن خلال اعتماد صيغة المحاصصة، وإطلاق يده بملء الوظائف المخصصة للسنّة، تعيين موظفين تابعين للتيار الموالين له،بمجمل المواقع المخصصة للمسيحيين، في مختلف الدوائر الحكومية، ومن بينها بالهيئات الناظمة بالهاتف وقطاع الخليوي، وبالكهرباء خصوصا، برغم الانعكاسات السلبية لمثل هذه التعيينات، لدى الدول والمؤسسات الدولية المانحة، وتعارضها مع وعود الاصلاح الضرورية،والتي باتت حبرا على ورق،بعد الالتفاف عليها،وعدم قيام الحكومة بما يلزم لاعتمادها والعمل بموجبها.
واعتبرت المصادر ان عون وباسيل، يحاولان استغلال الفراغ الحاصل بالادارات، وللاستفادة من هذه التعيينات، الى اقسى قدر ممكن، ان كان على صعيد توظيفها بالانتخابات النيابية المقبلة لتعويم التيار شعبيا، او على المدى البعيد ،لتعيين موظفين محسوبين للتيار، على أمل التحكم بهذه المواقع مستقبلا، بما يعود بالفائدة سياسيا وماديا على التيار الوطني الحر، باعتبارها فرصة مؤاتية، قد لا تتكرر في مسيرة التيار السياسية مستقبلا. اما الهدف الاهم الذي يطمح العهد إلى تحقيقه من عملية التعيينات التي سيتم التسويق لها ،للنهوض بالادارة ومكافحة الفساد المزعوم في مفردات التيار العوني، والنهوض بالقطاع المالي والاقتصادي المتدهور، تمرير صفقة تشمل ازاحة جميع خصوم التيار والعهد من المراكز الحساسة، وهم لطالما تعرضوا لحملات منظمة لتشويه سمعتهم زورا، تمهيدا لتعيين موالين للتيار العوني مكانهم، وفي مقدمتهم، مطلب اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتعيين بديل عوني له، وتغيير رؤساء واعضاء مجلس إدارات المؤسسات التابعة للمصرف المركزي، وهي شركة طيران الشرق الاوسط، انترا،وكازينو لبنان. وترددت معلومات في وقت سابق ان الشخص المقترح ليحل محل سلامة هو منصور بطيش، وزير الاقتصاد السابق الذي لم يترك بصمة ايجابية واحدة، إبان توليه منصبه.
الا ان المصادر اعتبرت ان خطوة التعيينات، بهذا الحجم المطروح، دونها موانع وخطوط حمراء، تتخطى طموحات رئيس الجمهورية وباسيل، للاستئثار بالمواقع الاساسية في الدولة، لانها بحاجة الى اتفاق، مع رئيس الحكومة وتوافق مع باقي الاطراف السياسيين المشاركين بالحكومة وحتى خارجها، وهو توافق غير متوافر بحده الادنى، في ظل الخلاف السياسي المتفاقم نحو الأسوأ،مايجعل المضي قدما في التعيينات مستحيلا، بإستثناء الضروري منها، لتسيير متطلبات، الملفات والمسائل المتعلقة بالإصلاحات بالكهرباء وغيرها، اذا قيض للحكومة الحالية مقاربتها والبت فيها،وهذا دونه صعوبات في العهد الحالي.
من جهة ثانية، لاحظت المصادر ان زيارة رئيس المجلس السياسي لحركة حماس بالخارج خالد مشعل،الى لبنان، تخللها محاصرة ومقاطعة مكشوفة من قبل حزب الله ،وايحاء للعديد من الشخصيات لمقاطعته وإلغاء مواعيد كانت حددت له سابقا، على خلفية استمرار الخلاف الحاصل معه، جراء الحرب في سوريا،وانحيازه مع قسم كبير من الحركة للوقوف الى جانب الشعب السوري المنتفض ضد نظام الاسد.
وقبل أن ينتقل المسؤول الأممي الى عين التينة، سجل موقف للرئيس نبيه بري تضمن رؤيته للوضع الراهن، والمخاوف المتعددة من بطء المعالجة السريعة للأزمات المتكاثرة، خشية الوقوع في الأسوأ.
وحسب الرئيس بري فإن قرار المجلس الدستوري بشأن الطعن المقدم من التيار الوطني الحر، والذي سيصدر اليوم أو غداً على أبعد تقدير، من شأنه أن يوفر ديناميات جديدة لحركة المساعي ويمكن أن يبنى عليه، بصرف النظر عن مضمونه أو اتجاهه.
وكان غوتيريس وصل الى بيروت امس، في زيارة تستمر حتى الاربعاء المقبل، وكان في استقباله بالمطار وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب والمبعوثة الدائمة للبنان في الأمم المتحدة السفيرة امال مدللي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا ومديرة المراسم في وزارة الخارجية عبير علي.
وبعد استراحة قصيرة في قاعة الشرف، غادر غوتيريس المطار من دون الإدلاء بأي تصريح مكتفيا بالقول:انها ليست الزيارة الأولى لي الى لبنان، لقد زرته سابقا، وانا اليوم هنا للتضامن معه ومع الشعب اللبناني.
واوضحت الامم المتحدة في بيان لها، انه «في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان، ستكون هذه الزيارة ذات طابع تضامني سيُعيد خلالها الأمين العام التأكيد على دعم أسرة الأمم المتحدة برمّتها – البعثة السياسية وقوات حفظ السلام والعاملين في مجالات الدعم الإنساني والاغاثي – للبنان وشعبه».
ووفقا للبيان، ففي برنامجه لقاء الرؤساء الثلاثة وعددا من القادة الدينيين وممثّلين عن المجتمع المدني. كما سيقف دقيقة صمت في مرفأ بيروت «تكريماً لأرواح الضحايا» ثم يقوم بزيارات ميدانية يلتقي خلالها المتضرّرين من الأزمات المتعدّدة التي تواجهها البلاد. ثم يزور الجنوب لتفقد قوات «اليونيفيل» والقيام بجولة على الخط الأزرق.
ازمة الحكومة للتأجيل
على صعيد حل الازمة الحكومية، ذكرت مصادر متابعة للإتصالات، ان التحرك الاخير الذي قام به المعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل، لتقريب المسافات بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري والتيار الوطني الحر والتي شملت الرئيس نجيب ميقاتي، لم يصل الى نتيجة بسبب تمسك كل طرف بموقفه من مسألة تنحية القاضي طارق بيطار، وزاد في التوتر والتصلب إصرار البيطار على توقيف النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق والوزير السابق يوسف فنيانوس، ودخول الادارة الاميركية على خط الازمة عبر بياني وزارتي الخارجية والخزانة، في توقيت ليس بريئأً بنظر المعترضين على اداء بيطار، وهو المتهم اصلاً «بتنفيذ اجندة اميركية تواكب الحصار الاميركي المفروض على لبنان والعقوبات على بعض الشخصيات المحسوبة او المقربة او الحليفة للمقاومة».
وأشارت المصادر الى ان اتصالات الحزب لم تنقطع اصلاً مع الفرقاء المعنيين بالازمة وهي ليست جديدة وكانت قائمة قبل ازمة القاضي بيطار، لمعالجة الاشكالات والخلافات التي كانت قائمة حول إحتساب الاكثرية خلال التصويت في مجلس النواب، وحول قانون الانتخاب وتصويت المغتربين عبر استحداث الدائرة 16 في دول العالم، والطعن الذي قدمه «تكتل لبنان القوي» في بعض مواد قانون الانتخاب.
وردّت المصادر جانباً من تصلب الأطراف الى الحسابات الانتخابية لكل طرف، وإن كان لكل منها سبب آخر سياسي أو دستوري اوميثاقي، لذلك اعلن الحزب عجزه عن حل الخلافات وترحيلها الى ما بعد صدور قرار المجلس الدستوري على الاقل، والمرتقب خلال اليومين المقبلين، او الى العام المقبل ريثما تهدأ النفوس ويتبين مسار الانتخابات وتحالفاتها الظرفية اوالدائمة، وفق اي قانون وفي اي تاريخ تجري في ضوء قرار المجلس الدستوري وموقف الرئيس ميشال عون من مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وإن كان وزير الداخلية بسام المولوي يميل بشكل واضح الى تحديد موعد إجراء الانتخابات في ايار من العام المقبل وليس في آذار.
في ظل هذا الجو، جاء بيان الهيئة السياسيّة في «التيّار الوطنيّ الحر» بعد اجتماعها يوم السبت، والذي رأت فيه أن «الاستنسابيّة التي تشوب التحقيق العَدلي في إنفجار مرفأ بيروت، والتأخير في إنهاء التحقيقات والمراوحة الحاصلة، تزيد المخاوف من عدم كشف الحقيقة. وأن الوقت حان لكي يصدر المُحقّق العَدلي القرار الظنّي ويرفع الظلم عن الموقوفين المتهمين بمعظمهم بالإهمال الإداري». ولعل تبني موقف «الاستنسابية في التحقيق» يُرضي المعترضين على اداء المحقق العدلي ويحضّه على الإسراع في إصدار القرار الظني ليزيح هذا الحمل الثقيل عن كتفيه وعن كاهل الحكم والحكومة، ويفتح باباً جديداً للحوار حول الحلول المرجوة.
أما حكوميا، فحذرت هيئة التيّار «من ان يكون تقاطع المصالح السياسية وراء التعطيل المُتعمّد للحكومة، واعتبرت ان رئيس الجمهوريّة على حَقّ في عدم القُبول بالموافقات الاستثنائيّة طالما ان الحكومة القائمة كاملة الأوصاف الدستوريّة».
وإذ حملت مجدداً على حاكم المركزي معتبرة ان «ممارساته تدعو إلى أكثر من الرَيبة وتؤَكّد الشكوك بأهليته ونواياه، ممّا يستدعي كفّ يده فَوراً ومحاسبته»، قالت في الشأن الانتخابي، ان «التيّار يجدد ثقته وأمله بأن المجلس الدستوري سيبتّ بالطعن في التعديلات والتي تشوبها عُيوب قانونيّة ودستوريّة وميثاقيّة وكيانيّة فاضحة». وشددت على أهمية أن «يصحح الدستوريّ الممارسة التشريعية التي الغت الدائرة الانتخابية للمنتشرين وحرمتهم الحقّ في أن يتمثّلوا بـ6 نواب من بينهم»، مؤكدة رفض «أيّ مقايضة على هذه الحقوق وأيّ تعطيل لمؤسسات الدولة بالابتزاز».
الراعي لرفع كل الحصانات
وفي موقف حاد له، دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي « إلى استمرار التحقيق القضائي، وأن تسقط الحصانات عن الجميع، ولو بشكل محصور وخاص بجريمة المرفأ، ليتمكن القضاء العدلي الذي تقدم كفاية من أن يستمع إلى الجميع من دون استثناء، أي إلى كل من يعتبره المحقق معنيا وشاهدا ومتهما مهما كان موقعه، ومهما علا إذا كان كل مواطن تحت سلطة القانون، فكم بالحري بالمسؤولين الذين تولوا ويتولون مناصب ومواقع وحقائب وإدارات وأجهزة في هذه المراحل الملتبسة.
وقال الراعي في عظة قداس الاحد: ؟ إننا ما زلنا، مع كل اللبنانيين ومع كل ذوي الارادة الصالحة في لبنان والخارج، ننتظر جلاء الحقيقة في تفجير مرفأ بيروت، وندعو إلى وقف التشكيك المتصاعد بعمل القضاء. لا يجوز أن نخلط بين القضاة. فإذا كان اتهام القاضي الفاسد بالفساد طبيعيا، فلم اتهام القاضي النزيه بالانحراف، والمستقيم بالتسييس، والشجاع بالتهور، والمصمم بالمنتقم، والصامت بالغموض، والعادل بالاستنسابي؟ كأن الهدف ضرب عمل القضاء ككل وتحويل المجتمع إلى غابة إجرام متنقل دونما حسيب أو رقيب.
أضاف: «يا ليت المسؤولين عندنا والنافذين يعودون إلى إنسانيتهم، لكي يخلصوا لبنان وشعبه متبعين سلوكا سياسيا ووطنيا إيجابيا يلتقي مع المساعي الدولية وينفذ قرارات الشرعية الدولية، ومتوقفين عن نهج الثأر السياسي والحقد الشخصي والاستهتار المطلق بالمواطنين كأنهم أدوات اقتتال. مطلوب منهم جميعا، في الأساس، الإقرار بخطئهم، والقيام بفعل توبة. أما اعتبارهم أن الخطأ عند غيرهم، فهذا ضرب من الكبرياء الذي يقتل».
وتساءل: «أليس من المعيب أن يصبح انعقاد مجلس الوزراء مطلبا عربيا ودوليا بينما هو واجب لبناني دستوري يلزم الحكومة؟ فكيف تمعن فئة نافذة في تعطيله باسم الميثاقية التي تشوه بينما هي ارتقاء بالتجربة التاريخية للعيش الواحد بين المكونات اللبنانية، وقاعدة لتأسيس دولة تحقق أماني اللبنانيين جميعا وتبعدهم عن المحاور والصراعات، وهي أساس لبناء علاقات الدولة مع الخارج، المدعو إلى الاعتراف بخصوصية لبنان».
وقال: «إنه بعدم انعقاد مجلس الوزراء، تتعطل السلطة الإجرائية، ومعها تتعطل الحركة الإقتصادية بكل قطاعاتها، والحركة المالية، والحياة المصرفية. وبنتيجتها يفتقر الشعب أكثر فأكثر. أهذا ما يقصده معطلو انعقاد مجلس الوزراء».
ترحيل المنظمات البحرينية
من جهة ثانية، أعلن وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي أنه «اتخذ الاجراءات القانونية اللازمة في ما خص ترحيل أعضاء جمعية الوفاق البحرينية، وذلك تبعاً للقانون وتبعا لقناعاتنا وموقفنا الثابت».
وقال في حديث الى قناة «العربية – الحدث»: «طلبنا من الاجهزة الأمنية المختصة ان تقوم بالاجراءات والاستقصاءات والتحريات اللازمة وتزويدنا بلائحة بأسماء الاشخاص الذين تواجدوا، وبنشاط الجمعية في لبنان والتي توصل للملاحقة القضائية، واتخذنا قرارا بتكليف الامن العام لترحيل هؤلاء الاشخاص، وفقا لقناعاتنا الراسخة وتبعا لالتزامنا بالموقف العربي وتبعا للروابط الكبرى التي تجمعنا مع دول الخليج العربي».
وأضاف: «إن امتعاض طرف سياسي معيّن لا يحول دون تطبيق القوانين المرعية الاجراء، او اتخاذ الاجراءات القانونية التي تتوافق مع قناعاتنا ومع مصلحة لبنان. وكان يجب اتخاذ اجراءات استباقية تطبيقا للقانون وتنفيذا لقناعاتنا وانتمائنا العربي».
ووجه المولوي «التحية للأشقاء في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وكل العرب»، وقال: «إن التزامنا هو بمصلحة دولتنا وانتمائها وبهويتنا العربية، والتزامنا ايضا هو بإصرارنا على مصلحتهم وأمانهم وأمان شعوبهم».
أميركا تكافح الفساد عبر المصارف!
شكّل الواقع المالي المصرفي ومكافحة الفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب محور لقاء مصرفي عن بُعد جمع وكيل وزارة الخزانة الأميركية للإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، بمجلس إدارة جمعية المصارف في لبنان، قبل أيام.
وقد دعا نيلسون المصارف اللبنانية والمؤسسات الحكومية إلى المشاركة في التغيير من خلال معالجة الفساد، ومنع حزب الله من إمكانية الوصول إلى النظام المالي اللبناني، بحسب البيان الذي وزعته جمعية المصارف.
وشجّع المسؤول الأميركي «المصارف اللبنانية على اتخاذ تدابير أكثر فاعلية لحماية النظام المالي في لبنان من الفساد، من خلال القيام بالتدقيق المالي حول حسابات الشخصيات البارزة سياسياً وتحديد مصادر أموالها، مذكّراً بأن المصارف التي لا تتخذ التدابير اللازمة قد تكون عرضة للعقوبات».
في الإطار، قال مصدر مصرفي لـ«العربية.نت»: إن اجتماعاتنا مع مسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية كانت تُخصص لبحث الإجراءات التي نتخذها كقطاع مصرفي لمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال. لكن لقاءنا الافتراضي الخميس ناقش مسألة جديدة مرتبطة بمحاربة الفساد، ومنع السياسيين الفاسدين من التسلل للقطاع المصرفي للاستفادة من خدماته.
كما أشار إلى أن «نيلسون شدد على ضرورة الالتزام بمبدأ اعرف زبونك، والمعروف باسم اعرف عميلك (Know your customer)، أو ببساطة KYC، أي التحقق من هوية العُملاء وتقييم مدى ملاءمتها».
وتطرق المسؤول الأميركي إلى قضية جمعية «القرض الحسن» التابعة لـ«حزب الله» وضرورة مكافحة نشاطاتها. وقال المصدر المصرفي: «أبلغنا نيلسون التزامنا بإجراءات مكافحة الإرهاب ومنع حزب الله أو أي جمعية مرتبطة به الاستفادة من خدمات القطاع المصرفي». وأكد: «انه لا تربط المصارف أي علاقة بجمعية «القرض الحسن»، وهي باتت اليوم منافسة للقطاع المصرفي اللبناني، حيث تقدّم القروض وتُصدر الشيكات وتضع الدولارات في صرافها الآلي».
كما أضاف أن «مكافحة نشاطات «القرض الحسن» ليست من مسؤولية القطاع المصرفي، وهذا ما قلناه لمسؤول وزارة الخزانة الأميركية، وإنما هي من مسؤولية الدولة التي تسمح بتوسّع نشاطات هذه الجمعية من خلال إنشاء فروع لها في مناطق لبنانية عدة».
وحول توزيع الخسائر، قال نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ان قيمته 96 ملياراً، وأن الخسائر تطال: الدولة، والمصارف، والبنك المركزي، وأصحاب الودائع. كاشفاً عن عدة مبادئ للتوزيع: العدالة والانصاف داعياً للحفاظ على أصل الوديعة. مشدداً على أن الاتجاه لتجنب «الهيركات» على الودائع.
وفي موضوع التلاعب بسعر الدولار، كشف وزير الاقتصاد أمين سلام أن «التلاعب بالدولار يجري عبر المنصات ومعظمها موجود في تركيا»، مضيفاً: «إن هذا الموضوع رهن السلطات الأمنية والقضائية للتواصل مع الدول الأخرى من خلال وزارتي الداخلية والعدل».
شيا في المطار
وفي تطور يثير أكثر من علامة استفهام اعلنت السفيرة الأميركية في لبنان، دوروثي شيا، في مقطع فيديو نشره حساب السفارة الأميركية عبر تويتر من أمام مطار بيروت عن وصول لقاحات مضادة لفايروس «كورونا» إلى بيروت من الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي أثار اهتمام المراقبين حول طبيعة الحركة المتمادية باتجاه مناطق نفوذ حزب الله، إذ بعد زيارة مقر المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، واللقاء مع نائب الرئيس الشيخ علي الخطيب، حطت أمس، من باب المساعدات الصحية، ولقاح كورونا للبنانيين.
وفي موقف، هو الأول من نوعه، شدد الشيخ نبيل قاووق عضو المجلس السياسي في حزب الله، من بنت جبيل، على ان «معركتنا الانتخابية مع السفارات لا مع الأدوات، وأن أميركا وأدواتها في المنطقة ولبنان، يريدون ويعملون على استمرار الأزمة واستغلال أوجاع اللبنانيين لتحقيق مكاسب سياسية».
المفاوضات
وحول مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، تحدثت معلومات عن عودة الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت في الأسبوع الثاني من الشهر المقبل، لمعاودة تحضير استئناف المفاوضات بين لبنان وإسرائيل.
700943 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي حول مستجدات فايروس كورونا عن تسجيل 1479 إصابة جديدة، ليرتفع العدد الاجمالي للاصابات إلى 700943 إصابة مخبرية منذ 21 شباط 2020.
الديار
غوتيريش في بيروت: تفعيل الحكومة… القيام بإصلاحات وتطبيق القرارات الدولية
مجلس الوزراء لن ينعقد حتى لو تمّ حلّ مُشكلة القاضي بيطار… والسبب التعيينات
تعميم مصرف لبنان يضرب السوق السوداء… وسلامة يُعلن إمتلاك «المركزي» القدرة لتمويله
وصل أمس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بيروت في زيارة تضامن مع الشعب اللبناني تستمر لمدّة أربعة أيام. الزيارة التي كان إستبقها غوتيريش بدعوة المسؤولين السياسيين الى توحيد صفوفهم من أجل إيجاد حلول للأزمات التي تعصف بالبلاد، بدأت بزيارة الى قصر بعبدا حيث التقى عصراً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن المتوقع أن يتفقد صباح اليوم مرفأ بيروت بهدف الوقوف دقيقة صمت عن أرواح ضحايا إنفجار مرفأ بيروت وعائلاتهم.
وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع غوتيريش، كان لرئيس الجمهورية كلمة (باللغة الفرنسية)، قال فيها «لقد بحثت مع سعادة الأمين العام الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها لبنان وسبل الخروج منها لا سيما ما يتعلق منها بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تردت خلال الأشهر الأخيرة». أضاف الرئيس عون «أكدتُ للأمين العام للأمم المتحدة أننا نعمل على تجاوز الأزمات ولو تدريجياً من خلال وضع خطة التعافي الاقتصادي لعرضها على صندوق النقد الدولي والتفاوض بشأنها كذلك بالتزامن مع إصلاحات متعددة في المجالات الاقتصادية والمالية والإدارية». وأعرب الرئيس عون عن ترحيبه «بأي دور يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في متابعة الانتخابات النيابية اللبنانية التي ستجرى في الربيع المقبل»، مشيًرا إلى أنه سيتم توفير الأسباب كافة كي تكون الانتخابات شفافة ونزيهة وتعكس الإرادة الحقيقية للبنانيين».
أمّا الأمين العام للأمم المُتحدة أنطونيو غوتيريش فقد أعرب من جانبه عن شكره وإمتنانه للبنان والشعب اللبناني لإستضافته عدد كبير من اللاجئين السوريين، على عكس بعض الدول «القوية والغنية» التي أغلقت أبوابها في وجه اللاجئين، مُشدّدًا على أن «الانتخابات النيابية في لبنان العام المقبل ستكون المفتاح»، وداعيًا الشعب اللبناني للانخراط بقوة في العملية الانتخابية. كما أكّد غوتيريش على استمرار الدعم الدولي للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى لتحقيق الاستقرار في لبنان، مُشدّدًا على تطبيق القرارات الدولية. وشدّد غوتيريش على أنه «لا يحق للقادة اللبنانيين أن يكونوا منقسمين في ظل أزمة خطيرة كهذه، وأن اللبنانيين وحدهم يمكنهم بالطبع أن يقودوا عملية الخروج من الأزمة».
الجدير ذكره أنه سيكون لغوتيريش زيارات ميدانية لقيادة الأمم المُتحدة في الناقورة وسيكون له جولة على الخط الأزرق. كما سيكون له لقاءات عديدة مع كبار المسؤولين، وعلى رأسهم رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وعدد من القيادات الروحية وممثلين عن المجتمع المدني. وسيختم جولته بمؤتمر صحافي مساء الثلاثاء في بيروت، قبل أن يُغادر بيروت الأربعاء.
في قراءة أوّلية يُمكن وضع زيارة غوتيريش ضمن إطار تضامني، كما أعلنه غوتيريش نفسه، لكن الواقع أن هناك رسائل عديدة لن يتأخّر غوتيريش بتوصيلها إلى القيادات اللبنانية:
– أولًا : ضرورة فكّ أسر الحكومة في ظل الأزمة الإقتصادية الحالية التي تعصف بلبنان، مع ما للشللّ الحكومي من تبعات على الشعب اللبناني.
– ثانيًا : ضرورة تطبيق الإصلاحات الإقتصادية التي يطلبها صندوق النقد الدولي ومكافحة الفساد لأنه من دون هذه الإصلاحات لا مُساعدات للبنان.
– ثالثًا : التأكيد على إجراء الإنتخابات النيابية بموعدها تحت طائلة تحمّل التداعيات الدولية التي قد تصلّ إلى حدّ العقوبات.
– رابعًا : ضرورة تطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها الـ 1559 و1701 والتي تجهد الأمم المُتحدة في تطبيقها.
– خامسًا : دعم المجتمع المدني من خلال لقاء بعدد من ممثليه في إعتراف ضمني، ليس بالأشخاص، بل بالمطالب التي يحملها هذا المجتمع.
هذه الرسائل هي ضغط إضافي من قبل المجتمع الدولي على القوى السياسية والتي قد يكون من نتائجها حصول الإنتخابات وإستطرادًا القيام بإصلاحات التي لن تحصل قبل الإنتخابات النيابية المُقبلة وتشكيل حكومة ما بعد الإنتخابات.
العقدة الحكومية
على الصعيد الحكومي، لا تزال مُشكلة القاضي البيطار تُعيق إجتماعات مجلس الوزراء، مع إصرار الثنائي الشيعي على عدم إنعقاد جلسات للمجلس قبل البتّ بملف القاضي البيطار. وبحسب آخر المعلومات المُتداولة، فإن أي تقدّم لم يحصل على هذا الصعيد، حيث فشلت المحاولات من داخل الجسم القضائي، مع رفض مجلس القضاء الأعلى التدخل في عمل القاضي البيطار، ومن داخل المجلس النيابي مع فشل طرح مشروع قانون خلق هيئة إتهامية فوق القاضي البيطار.
أيضًا كان لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي موقف صارم، حيث رفض رفضاً قاطعاً التدخّل في عمل القضاء عبر تنحية القاضي البيطار عن ملف المرفأ.
وتُشير المعلومات إلى أن طرح مُقايضة مشروع قانون خلق هيئة إتهامية فوق القاضي البيطار، في مقابل قبول الطعن بقانون الإنتخابات الذي تقدّم به التيار البرتقالي، لا يزال قائمًا. وبالتالي، فإن قرار المجلس الدستوري مُعلّق حتى الوصول الى نتيجة في المشاورات القائمة.
وحتى في حال تمّ حلّ هذه العقدة، هناك عقدة جديدة أبصرت النور مع رغبة رئيس الجمهورية ومن خلفه التيار الوطني الحرّ، بإقالة حاكم مصرف لبنان من منصبه، هذه العقدة ستكون عقدة جوهرية أمام إنعقاد مجلس الوزراء مع الحق الدستوري لرئيس الجمهورية بطرح أي موضوع من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء وهو ما يرفضه كلٌ من الرئيسين برّي وميقاتي.
الدعوة إلى الإطاحة برياض سلامة أخذ طريقه مع البيانات التي يُصدرها التيار الوطني الحرّ عقب إجتماعاته الأسبوعية، وهو ما إعتبرته بعض المصادر أنه تمهيد لطرح إقالة سلامة من قبل الرئيس عون من باب التعيينات الإدارية التي إستعدّ لها التيار الوطني الحرّ، والذي أصبحت لوائحه جاهزة بحسب المصادر.
الحجج التي سيستخدمها الرئيس عون في خطوته تستند على إتهام سلامة بالتقصير في ملف إنهيار الليرة، والملاحقات القضائية في عدد من الدول الأوروبية وفي لبنان، وعدم التعاون في ملف التدقيق الجنائي. إلا أن مصادر متابعة للملف، اشارت الى أن هذا الأمر لن يمرّ في الحكومة نظرًا إلى رفض كلٌ من ميقاتي والحريري وبرّي ووليد جنبلاط وغيرهم من المسؤولين، الذي يرفضون تسليم حاكمية مصرف لبنان إلى رئيس التيار الوطني الحرّ من باب الحصّة المسيحية. أضف إلى ذلك عدم الرضى الأميركي على إقالة سلامة، والذي كان المبعوث الأميركي ديفيد هيل قد قال عنه في مقابلة على شاشة CNBC في شهر حزيران الماضي، أن الولايات المُتحدة الأميركية لم تجد أية إثباتات على تورّط الحاكم في عمليات فساد.
ويُضيف المصدر، أن طرح ملف التعيينات بحدّ ذاته قبل الإنتخابات النيابية، سيُفجّر الحكومة من الداخل ، وهو أمرٌ لن يقبل به ميقاتي الذي يحظى بدعم وحثّ دولي للإبقاء على الحكومة حتى الإنتخابات النيابية المُقبلة.
في ظلّ هذا الجنون، وحده عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله دعا إلى التهدئة وتخفيف حدة المناكفات والاتهامات، فضلا عن التروي، والتبصر في ما آلت إليه الأمور، وإلى وضع معالجات جادة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
تعميم مصرف لبنان
في هذا الوقت، لا يزال تعميم مصرف لبنان يُثير التفاعلات مع القراءات المتضاربة التي يقوم بها السياسيون وأهل الإختصاص. فهناك من يُحمّل هذا التعميم مسؤولية إرتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، إلا أن مرجعاً إقتصادياً كبيراً قال أن هذا التعميم ضرب السوق السوداء بالصميم خصوصا تجارة الشيكات والتي، بحسب المرجع، تُحدّد سعر السوق السوداء. ويُضيف المرجع، الشيك الذي كان يتمّ بيعه مقابل 15% من قيمته أصبح يُساوي بعد التعميم 30% وهو ما يُشكّل ضربة كبيرة لتجارة الشيكات ويُبرّر المضاربة العنيفة التي قام بها المضاربون بعد الإعلان عن التعميم.
الجدير ذكره أن التعميم يفرض على المصارف إعطاء الدولارات للمودعين في كل العمليات التي يقومون بها بالليرة اللبنانية، خصوصًا ضمن التعاميم 158 و151. من جهة التعميم 151، يتمّ سحب الأموال المودعة بالدولار على سعر 8000 ليرة لبنانية للدولار الواحد، ويُمكن شراء الدولارات النقدية بهذه الأموال على سعر منصة صيرفة. كذلك الأمر بالنسبة الى التعميم 158، حيث أن نصف الـ 400 دولار أميركي التي يتمّ تسليمها على سعر 12000 ليرة لبنانية، سيتمكّن المودع من تحويلها إلى دولار أميركي على سعر منصة صيرفة. وبحسب تصريح الحاكم «المركزي» ان للـ «المركزي» القدرة على تمويل هذه العملة لعدّة أشهر بإنتظار توقيع إتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو ما يعني بشكلٍ غير مباشر أن هذا التعميم المعمول به إلى نهاية هذا العام، يُمكن تجديده عند الحاجة.
الشرق
غوتيريش: الانتخابات هي المفتاح
وصل الى بيروت أمس الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش آتيا عن طريق باريس في زيارة رسمية للبنان تستمر حتى يوم الأربعاء المقبل. وكان في استقباله في المطار وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب والمبعوثة الدائمة للبنان في الأمم المتحدة السفيرة امال مدللي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا ومديرة المراسم في وزارة الخارجية عبير علي.
وفي المطار قال: «عندما كنت المفوض السامي لشؤون اللاجئين، جئت إلى لبنان مرات عدة، ولمست وقتها تضامن شعب لبنان مع العديد من اللاجئين. أعتقد أن الوقت قد حان لنا جميعا، في العالم، للتعبير عن التضامن نفسه مع شعب لبنان. لذلك، إذا أردت وصف زيارتي إلى لبنان بكلمة واحدة ستكون كلمة «تضامن».
ومن المطار، انتقل الى القصر الجمهوري والتقى الرئيس ميشال عون. وأوضح في مؤتمر صحافي مشترك انه «ابلغ فخامة الرئيس انني اتيت ومعي رسالة واحدة بسيطة، وهي أن الأمم المتحدة تقف متضامنة مع الشعب اللبناني». وأكد «ان الانتخابات العام المقبل ستكون المفتاح، وعلى الشعب اللبناني أن ينخرط بقوة في عملية اختيار كيفية تقدم البلد»، لافتا الى «استمرار الدعم الدولي للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية الاخرى، وهو اساسي لاستقرار لبنان”.
وقال: «سألتقي شريحة كبيرة من قادة المجتمع السياسي والديني والمدني، بمن فيهم النساء والشباب، بهدف مناقشة كيفية تقديم المساعدة الافضل للشعب اللبناني ليتغلب على الازمة الاقتصادية والمالية الحالية، والعمل على احلال السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. وأحث القادة السياسيين اللبنانيين، على العمل معا لحل هذه الازمة، وأدعو المجتمع الدولي الى تعزيز دعمه للبنان (…)”.لا يملك القادة السياسيون في لبنان، عند مشاهدة معاناة الشعب اللبناني، الحق في الانقسام وشل البلد، ويجب ان يكون رئيس الجمهورية اللبنانية رمزا لهذه الوحدة الضرورية».
أما الرئيس عون ، فقال:»إن منظمة الأمم المتحدة كانت عامل دعم ومؤازرة للاستقرار خصوصا عبر قوات «اليونيفيل» في الجنوب، وشريكا في التنمية عبر أجهزتها العاملة في لبنان (…). وأكدت ان لبنان سيشهد في الربيع المقبل انتخابات نيابية ستوفر لها كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة(…)”.
وأكد عون» ضرورة ايجاد مقاربة جديدة لموضوع النازحين السوريين الى لبنان وضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته وتشجيع العودة الآمنة للنازحين الى قراهم ووطنهم».
وجدد عون «التزام لبنان تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته والحفاظ على الاستقرار القائم على الحدود الجنوبية، والتعاون الدائم بين الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل»، لافتا إياه الى «استمرار الانتهاكات الإسرائيلية البرية والبحرية والجوية (…)».
وسيلتقي الزائر الاممي رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة ، اضافة الى عدد من القيادات الروحية وممثلين عن المجتمع المدني للتعبير عن التضامن مع لبنان.
وسيقف غوتيريش دقيقة صمت في مرفأ بيروت، تكريما لأرواح ضحايا انفجار المرفأ. كما يقوم بزيارات ميدانية يلتقي خلالها المتضررين من الأزمات المتعددة التي يواجهها لبنان، على أن يزور ايضا الجنوب اللبناني ليلتقي قوات اليونيفيل العاملة هناك ويجول على الخط الأزرق.