افتتاحيات الصحف الصادرة في لبنان
الأخبار
هل حصل ميقاتي على بركة الراعي؟
الفشل يلاحق «القوات» وقوى «التغيير»
النتيجة الوحيدة (المحسومة سلفاً) للاستشارات النيابية المُلزمة، كانت تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة برقم هزيل (54 صوتاً، الأقل بين رؤساء حكومات عهد الرئيس ميشال عون). لكن معانيها السياسية جاءت متعدّدة وبأبعاد عابرة لاستحقاق الحكومة، ولا سيما لجهة نجاح حزب الله وحلفائه (باستثناء التيار الوطني الحر) في تمرير الاسم الذي يريدونه، كما حصل في انتخابات المطبخ التشريعي من رئيس ونائب رئيس وأعضاء هيئة مكتب البرلمان، وفشل كتلة «القوات اللبنانية» كما نواب «التغيير» والمستقلين والأحزاب المتستّرة بـ«المعارضة» في تظهير أكثريتهم والاتفاق على مرشّح واحد لرئاسة الحكومة، فخسروا الاختبار الثاني لهم في «النضال» المؤسساتي، مؤكدين أنهم غالبية هشّة مُبعثرة غير قادرة على فرض أي معادلة بسبب اختلافاتهم وخلافاتهم.
عودة ميقاتي لم تكُن لتحصل لولا تقاطع ثلاثة عوامل أدت إلى تكليفه من جديد: أولاً، اقتناع ثنائي حزب الله وحركة أمل بأن الفترة المتبقية من عمر العهد لا تستأهل معركة حكومية. ثانياً، التدخل الأميركي – الفرنسي لمصلحة ميقاتي مُقابل تراجع سعودي عكسه كلام السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، الذي وُصِفَ في اليومين الأخيرين قبل الاستشارات بأنه منخفض النبرة تجاه ميقاتي، وعدم دعم أي مرشح آخر جدّي في وجهه. ثالثاً، انتصار النائبة ستريدا جعجع على باقي القواتيين الذين رفضوا التصويت لميقاتي، إذ أصرّت على عدم تسمية نواف سلام وفرضت خيار عدم التسمية الذي صبّ عملياً لمصلحة ميقاتي. وقد نتجَ من ذلك انقسام «الأكثرية» التي توهّمها السفير السعودي وبشّر بها، على استحقاق رئيس الحكومة، وخاصة أن النواب المستقلين ونواب التغيير انقسموا بينَ خيارَي السفير نواف سلام أو عدم التسمية.
على أن أبرز ما أكدته الاستشارات أيضاً، هو الصعوبة الكبيرة التي سيواجهها ميقاتي في عملية التأليف، إذ أظهرت المواقف المعلنة بعد اجتماعات الكتل النيابية مع عون عدم وجود رغبة للتعاون مع ميقاتي، وتسليماً باستحالة تشكيل حكومة. ولعلّ أبرز المواقف جاء على لسان رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل بقوله إن «التيار الوطني الحر اعتمد خيار عدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة، لأننا لم نقم بالتصويت لميقاتي بسبب صعوبة تشكيل حكومة في الوقت الحالي، وصعوبة المرحلة المقبلة، والأمر المستجد هو ترسيم الحدود البحرية». وقال «إننا ننتظر من ميقاتي تهيئة الأجواء من أجل استحقاق رئاسة الجمهورية والمفاوضات مع صندوق النقد، ويجب أن يكون هناك التزام بمعالجة القضايا اليومية»، كما لفت إلى أنه «لا يجوز أن يكون حاكم البنك المركزي رياض سلامة ملاحقاً من دون أن يكون هناك موقف واضح من هذا الموضوع»، معتبراً «أننا لا نرى مع ميقاتي فرصة حقيقية للإصلاح في البلد ولا انسجام بينهما».
ويُمكِن القول إن باسيل بهذا الموقف حسم صورة المرحلة المقبلة مع ميقاتي، وقالت المصادر إن «ميقاتي الذي أصبح اليوم رئيسَيْن، لتصريف الأعمال ولتشكيل حكومة جديدة، سيواجه بتعامل شرس من قبل عون وباسيل. فهما سيُضّيقان هامش تصريف الأعمال عليه ولن يقبلا بتوقيع حكومة لا تُهندس على خاطرهما»
وأكدت المصادر أن الكلام عن تأليف حكومة «هو كلام سياسي رسمي»، لأن «الجميع يعرف أنه لن تكون هناك حكومة جديدة».
وذكرت مصادر مطلعة أن الرئيس ميقاتي، منذ تيقّنه بفوزه بالأصوات الكافية لتكليفه، باشر بإجراء اتصالات ظلّت بعيدة عن الأضواء مع عدد من المرجعيات في البلاد لأجل البحث في إمكانية كسر المقاطعة ذات البعد الطائفي التي استشعرها من مواقف الكتل النيابية. وهو يتصرف بحذر إزاء امتناع جميع النواب الدروز ومعظم النواب المسيحيين عن تسميته، خشية أن يحول ذلك دون تشكيل حكومة تحظى بدعم كاف لبرنامج عمله، وخصوصاً أنه يعتبر أن إقرار الإصلاحات في المجلس النيابي والسير في برنامج العمل مع صندوق النقد يحتاج الى غطاء وطني عام وليس الى غطاء قوى سياسية تقف الى جانبه.
وعلمت «الأخبار» أن ميقاتي حاور «القوات» وسعى إلى حوار غير مباشر مع التيار الوطني الحر مُستعيناً بحزب الله، كما حاول الاستفادة من علاقة الرئيس بري الخاصة برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وأجرى اتصالات مع مرجعيات دينية؛ أبرزها البطريرك الماروني بشارة الراعي بهدف الحصول على تأييد لبرنامجه، عارضاً من جديد فكرة تعديل وزاري يسمح بدخول قوى جديدة الى الحكومة، ومكرراً استعداده لترؤس حكومة وحدة وطنية. وتقول أوساط الرئيس المكلّف إنه «حصل على دعم من ثنائي أمل وحزب الله، وعلى «بركة» البطريرك الماروني أيضاً، لكنه يعرف أن المفاوضات ستكون صعبة مع التيار الوطني الحر. وهو لا يعرف حتى اللحظة إذا كان موقف الاشتراكي والقوات نهائياً من عدم المشاركة في الحكومة وليس من عدم تسميته فقط».
**********************
النهار
“ميقاتي الرابع” بين “حكومتي” الاستحقاق الرئاسيّ
يمكن القول ان يوم الاستشارات الذي انتهى بتكليف الرئيس #نجيب ميقاتي تاليف رابع حكومة برئاسته منذ المرة الأولى التي دخل فيها الى نادي رؤساء الحكومات عام 2005، كاد يخلو من أي مفاجأة او تطور غير محسوب بما فيها الأكثرية الهشة التي حصل عليها بـ 54 نائبا. ومع ذلك لا يمكن تجاهل ابرز الدلالات المهمة التي حملها تكليف “ميقاتي الرابع” والوقائع السياسية التي واكبته خصوصا انها سترخي ظلالها واثارها على مهمته الصعبة في انجاز تأليف سريع قياسيا للحكومة العتيدة المحكومة مبدئيا ودستوريا بعمر قصير لا يبلغ الأربعة اشهر الا اذا حصل طارئ مجهول – معلوم في اجراء الاستحقاق الرئاسي .
ابرز هذه الدلالات تمثلت في ان اللامفاجأة صحت بحصول الرئيس ميقاتي على ما بات يمكن ادراجه تحت خانة “الاكثريات الصغيرة” او “الأقليات الكبيرة” التي صارت سائدة مع المجلس النيابي المنتخب بحيث توحي هذه الظاهرة بأفول زمن الاكثريات الوازنة كما الاجماعات او شبه الاجماع. بـ 54 نائبا صار ميقاتي الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الأخيرة في عهد الرئيس ميشال عون فيما هو باق في الوقت نفسه رئيس حكومة تصريف الاعمال الامر الذي يضعه امام مفارقة موقع بالغ الحساسية وعند “فالق” اهتزازات او زلازل الاستحقاق الرئاسي الاتي في الأشهر القليلة المقبلة. فسواء نجح ميقاتي في تاليف حكومة جديدة ام تعثر او بالأحرى جرت عرقلة مهمته تعمداً، فان ثمة احتمالا أساسيا ينظر من خلاله الى واقعه الجديد وهو انه سيكون على رأس الحكومة الانتقالية التي يفترض ان تجرى الانتخابات الرئاسية خلال ولايتها او انها ستغدو هي “القائم مقام” رئيس الجمهورية في حال عدم انتخابه في الموعد الدستوري .
اما الدلالة الثانية فاكتسبت واقعيا بعداً خطيراً سياسيا وطائفيا عبر بروز الحجم الكبيرة للممتنعين عن تسمية أي مرشح لتشكيل الحكومة وقد بلغ عددهم 46 نائبا اكثريتهم الساحقة تتشكل من كتلتي “الجمهورية القوية” و”التيار الوطني الحر” . طبعا هذا التقاطع بين اكبر كتلتين مسيحيتين لا يعني توافقا بين الاخوة – الأعداء على أي شيء يتصل بالمرحلة الفاصلة عن نهاية العهد العوني . لكن الدلالة التي استوقفت كثيرين في هذه “المقاطعة” المبطنة لاختيار أي مرشح لتشكيل الحكومة تتمثل في البعد الميثاقي الذي ترددت اصداؤه لدى الأوساط الأخرى. وبدا لافتا مثلا ان يغرد النائب السابق عاصم عراجي قائلا: “من منطلق وطني غير مقبول ان لا يسمي حوالي خمسين نائبآ مسيحياً اليوم اي شخص سني لتشكيل حكومة، كان بامكانهم تسمية شخص غير الرئيس ميقاتي او نواف سلام، ألا يوجد بالطائفة السنية شخص لديهم ممكن أن يشكل الحكومة؟ اذا طبق النواب السنة هذا على انتخابات رئاسة الجمهورية، سنكون امام اشارة خطيرة”.
الدلالة الثالثة في حصيلة الاستشارات تخرج السفير السابق نواف سلام رابحا مرة جديدة ولو خسر. ذلك ان العضو اللبناني في محكمة العدل الدولية في لاهاي حاز على كتلة داعمة لترشحه من 25 صوتا بما يعتبر في ظروف توزع التكتلات الجديدة في المجلس امرا لا يمكن تجاهل أهميته ويؤكد ان نواف سلام صار على نحو غير معلن عابرا للاتجاهات السياسية .
ويبقى ان العد العكسي انطلق من لحظة تكليف ميقاتي لاستحقاق التاليف الذي سيكون بلا أي نقاش وجدل شاقا وشاقا للغاية.
اذاً كلّف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة بتسمية من 54 نائباً بعد استشارات نيابية ملزمة أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون طوال نهار امس فيما حصل السفير نواف سلام على 25 صوتاً، أما الرئيس سعد الحريري، فقد حاز على صوت واحد، وكذلك الأمر الدكتورة روعة حلّاب، وكان خيار 46 نائباً “لا تسمية”، مع تغيّب النائب أشرف ريفي عن العملية. وعلى الإثر، استدعى عون ميقاتي للقائه إلى جانب الرئيس نبيه برّي وابلغه النتائج والتكليف .
ميقاتي
وقد وجّه ميقاتي كلمة دعا فيها إلى “تعاون الجميع لإنقاذ وطننا وانتشال شعبنا مما يتخبّط فيه، لأن مسؤولية الإنقاذ مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فرد”. وشدد على انه “بكل صدق وإخلاص وتجرّد أمدّ يدي إلى الجميع من دون إستثناء، بارادة وطنية طيبة وصادقة”. وفي إشارة الى استحقاق التاليف قال “لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب، إذ أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة، التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا”ساعدوا انفسكم لنساعدكم”.
وذكّر “أنّنا أصبحنا أمام تحد الانهيار التام أو الإنقاذ التدريجي إنطلاقاً من فرصة وحيدة باتت متاحة أمامنا في الوقت الحاضر، وعلى مدى الاشهر الماضية دخلنا باب الانقاذ من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ووقعّنا الاتفاق الأوّلي الذي يشكّل خارطة طريق للحل والتعافي، وهو قابل للتعديل والتحسين بقدر ما تتوافر معطيات التزام الكتل السياسية، وعبرها المؤسسات الدستورية، بالمسار الاصلاحي البنيوي”.
وشدّد على “التعاون في أسرع مع المجلس النيابي لإقرار المشاريع الإصلاحية المطلوبة قبل إستكمال التفاوض في المرحلة المقبلة لانجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد وبدء مسيرة التعافي الكامل”.
وقال: “من هذا المكان بالذات، أدعو جميع القوى السياسية إلى لحظة مسؤولية تاريخية، لحظة نتعاون فيها جميعا لاستكمال مسيرة الإنقاذ الفعلي باقصى سرعة، وبثقة كاملة من المجلس النيابي الكريم لوضع لبنان على مشارف الحلول المنتظرة”.
ودعا الجميع “لملاقاتنا في هذه الورشة بكل ايجابية وروح بنّاءة، لتتضافر كل جهودنا ولنبحث عن كل أسباب تعزيز الشراكة الوطنية وحماية الاستقرار الوطني، ولنتجاوز كل أسباب الانقسامات والرهانات التي دمرت مجتمعاتنا واقتصادنا وضربت مؤسساتنا”.
وأفادت معلومات أن الاستشارات لتشكيل الحكومة التي يجريها الرئيس المكلف مع الكتل والنواب من المرجّح أن تجرى الاثنين بعد الظهر، والثلثاء قبل الظهر.
وقد اكد ميقاتي في تصريحات مساء انه سيتقدم بتشكيلة حكومية قريبا جدا الى رئيس الجمهورية ربما في مطلع الاسبوع الذي يلي الاستشارات في المجلس النيابي “كما تقدمنا اشواطا في ملفي صندوق النقد والكهرباء والمطلوب حكومة فاعلة”. وقال “على الحكومة أن تكون ميثاقية ومهتم بأن تعبر حكومتي عن جميع أطياف المجتمع اللبناني”. وأشار إلى أن على الحكومة أن تتشكل بأسرع وقت، قائلًا: “كلما مر الوقت نخسر الكثير وهناك مشاريع قوانين عديدة قدمناها يجب أن ينظر إليها مجلس النواب “وأضاف: “لو بدي امسك كباش مع فخامة الرئيس لكنت فعلتها في المرة السابقة” متمنيًا ؛تشكيل حكومة ثم انتخاب رئيس وان تأخذ كل المؤسسات دورها”. وعما تردد عن طلب النائب جبران باسيل وزارتي الخارجية والطاقة قال: “لم يحصل حديث أو لقاء حول هذه المواضيع” مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن “الحكومة سيكون عمرها قصيرًا ولن أدخل في مشكلات بسبب حقيبة وزارية”.
وأضاف: “الميثاقية تقتضي التعاون مع الاشتراكيين فلا استطيع تأليف حكومة من دون الدروز”.
وبدا لافتا قول ميقاتي انه “اذا لم تؤلف حكومة جديدة فالحكومة الموجودة مكتملة المواصفات” في ما فسر بانه احتمال لتعويم الحكومة الحالية اذا أقيمت العقبات امام تاليف حكومة جديدة .
بو حبيب في الناقورة
على صعيد آخر، بدت لافتة الزيارة التي قام بها امس وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب ، لمقر قيادة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) في الناقورة، وكان في استقباله القائد العام لليونيفيل اللواء ارالدو لازارو وكبار الضباط. وعقد لقاء اطلع خلاله الوزير بو حبيب من لازارو على عمل ومهام اليونيفيل لجهة القرار 1701 والاوضاع الجنوبية لا سيما الانتهاكات الاسرائيلية. كما تطرق البحث الى موضوع الحدود البحرية. وشكر بو حبيب “القيادة الدولية والدول المشاركة في اليونيفيل”، مشيدا بدورها في عملية السلام. ثم دون كلمة في السجل الذهبي لليونيفيل وتبادل مع قائد اليونيفيل الدروع التذكارية. بعدها، تفقد بو حبيب ولازارو، على متن طوافة تابعة لليونيفيل، الخط الأزرق.
وبالتوازي مع هذه الزيارة اعرب نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب، في حوار مع الإعلامي وليد عبود عبر “تلفزيون لبنان”، عن تفاؤله بـ”إمكان التوصل إلى حل في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية”، وقال: “إن الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين اعترف هذه المرة بإيجابية الموقف اللبناني الموحد الذي أبلغه إياه الرئيس ميشال عون”. وكشف أنه “تبلغ هذا الأسبوع من السفيرة الأميركية دوروثي شيا، أن هوكشتاين سلم العرض اللبناني للحكومة الإسرائيلية”. وتوقع أن يأتي “الرد الأسبوع المقبل أو الأسبوع الذي يخلفه”.
***************************************
نداء الوطن
ميقاتي مكلّفاً إدارة “المرحلة الانتقالية”: الانهيار التام أو الإنقاذ التدريجي
“العدّ الرئاسي” بدأ… و”مسوّدات ترقيعية” لتقطيع الوقت
بين “قفزة” الدولار في السوق السوداء إثر انتهاء استشارات بعبدا إلى حدود الثلاثين ألف ليرة، و”نقزة” النسبة الأدنى من الأصوات في تاريخ تكليف رؤساء الحكومات… كل المؤشرات التي اختزنتها مشهدية الأمس، كرّست عملياً انعدام الثقة والتفاؤل بإحداث أي خرق إيجابي في جدار الأزمة الوطنية طالما بقيت الطغمة الحاكمة، حاكمة ومتحكّمة برقاب اللبنانيين، وقادرة ومقتدرة في إدارة دفة الاستحقاقات الدستورية لصالح تكريس قبضتها على مؤسسات الدولة وإحباط أي صحوة إصلاحية تغييرية في البلد.
باختصار، استكملت السلطة “تنفيذياً” ما بدأته “تشريعياً” في إطار هجمتها المرتدة على نتائج الانتخابات النيابية، فأعادت رصّ “صفوفها الرئاسية” في صورة ثلاثية الأبعاد، جمعت الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي في قصر بعبدا إثر انتهاء استشارات التكليف، تأكيداً على أنّ مَن راهن مِن اللبنانيين على صناديق الاقتراع خاب رهانه و”بقي القديم على قدمه” في ساحتي النجمة ورياض الصلح، ليبدأ من الآن فصاعداً “شحذ السيوف” للمنازلة المقبلة على ساحة استحقاق رئاسة الجمهورية، مع بدء العد التنازلي الرئاسي للولاية العونية.
فإعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال تشكيل الحكومة لم تكن سوى “صفارة انطلاق السباق الرئاسي” وفق تعبير مصادر نيابية، مؤكدةً أنّ تكليف ميقاتي كان بمثابة “التسليم بأن عنوان المرحلة المقبلة سيكون رئاسياً أكثر منه حكومياً، وعلى هذا الأساس كان القرار بتكليفه إدارة المرحلة الانتقالية الفاصلة عن نهاية العهد إدراكاً من الجميع بعدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة خلال هذه المرحلة”.
غير أنّ المصادر نفسها لم تستبعد أن تشهد الأسابيع الآتية “محاولات حثيثة لاستيلاد حكومة جديدة ترتكز على فكرة استنساخ حكومة تصريف الأعمال مع إضافة بعض التنقيحات الوزارية على تركيبتها بشكل يتيح لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إدخال وزراء “صقور” محسوبين عليه في التشكيلة الحكومية”، معتبرةً أنّ الاتصالات والمشاورات ستنصبّ من هذا المنطلق على بلورة “مسودات ترقيعية” للحكومة الحالية، على أن يبدأ الرئيس المكلف “جوجلة الأفكار وبلورة التصورات المطروحة حيال الأسماء والحقائب المقترح استبدالها مع القوى المعنية فور الانتهاء من مشاوراته مع الكتل النيابية والنواب المستقلين والتغييريين في ساحة النجمة”.
أما الأوساط المواكبة للأجواء المحيطة بعملية التكليف والتأليف، فأعربت عن قناعتها بأنّ كل المحاولات التي ستجري لتشكيل حكومة جديدة لن تخرج عن إطار “مسرحية تقطيع الوقت” بانتظار دخول البلد في مدار الاستحقاق الرئاسي، مشددةً على أنّ “ميقاتي قد يعمل ما بوسعه لتدوير الزوايا مع رئيس الجمهورية في سبيل التوصل معه لتقاطعات معينة حيال المسودات الحكومية المقترحة، لكنه على الأغلب سيصطدم بشروط تعجيزية من باسيل تصعّب عليه محاولة التأليف، وسيبقى بالتالي في المرحلة المقبلة يعبّد الطريق صعوداً ونزولاً إلى قصر بعبدا بين الحين والآخر “لزوم المشهد” لكنه في نهاية المطاف لن يجد ما يضطره للخضوع إلى شروط باسيل للتأليف طالما أنه ضَمِن الإمساك بزمام التكليف حتى نهاية العهد”.
وكان ميقاتي إثر استدعائه إلى القصر الجمهوري لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة بأكثرية 54 صوتاً مقابل 25 لنواف سلام و46 “لا تسمية”، أكد استعداده لمد اليد لجميع القوى السياسية “من دون استثناء” في سبيل “إنقاذ ما يمكن إنقاذه”، وقال: “لن تنفعنا حساباتنا ومصالحنا وأنانيتنا (…) المهم أن نضع خلافاتنا واختلافاتنا جانباً وننكب على استكمال الورشة الشاقة (…) فنحن لم نعد نملك ترف التأخير والغرق في الشروط والمطالب”، محذراً من أنّ لبنان أصبح أمام مفترق طرق فإما “الانهيار التام أو الإنقاذ التدريجي انطلاقاً من فرصة وحيدة باتت متاحة أمامنا في الوقت الحاضر”، مع تشديده في هذا المجال على أنه “من دون الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لن تكون فرص الإنقاذ متاحة”.
***************************************
الشرق الأوسط
ميقاتي مُكَلفاً تشكيل الحكومة: يدنا ممدودة للجميع لإنقاذ لبنان
حصل على أدنى نسبة من أصوات النواب منذ «الطائف»
كلف الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد تسمية 54 نائباً له في الاستشارات النيابية الملزمة، بينهم 26 نائباً شيعياً، فيما حاز السفير نواف سلام على 25 صوتاً، وسط إحجام 46 نائباً عن التسمية معظمهم مسيحيون، وهي أدنى نسبة يحصل عليها رئيس حكومة مكلف منذ اتفاق الطائف، ما يزيد من العراقيل أمام تشكيل حكومة جديدة خلال الأشهر الأربعة المقبلة، قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
واستدعى عون في ختام المشاورات أمس، الرئيس ميقاتي لإبلاغه بتكليفه تشكيل الحكومة، حيث عُقد لقاء ثلاثي ضم، إلى جانب عون وميقاتي، رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال ميقاتي من قصر بعبدا: «نمدّ يدنا للجميع بدون استثناء والوطن بحاجة إلى جهود كافة الأطراف». وأضاف: «هذا التكليف يحملني ثقة مضاعفة وعلينا التعاون جميعاً لإنقاذ بلدنا ممّا يتخبط به».
ورأى أن «الفرص لا تزال سانحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والمهم أن نضع خلافاتنا جانباً»، مضيفاً: «لم نعد نملك ترف الوقت والغرق في الشروط والمطالب».
وأشار ميقاتي إلى «اننا أمام الانهيار التام»، موضحاً: «في الأشهر الماضية دخلنا باب الإنقاذ عبر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وهذا الاتفاق قابل للتعديل وعلينا التعاون مع المجلس النيابي لإقرار مشاريع القوانين المطلوبة قبل الاستمرار بالتفاوض مع صندوق النقد». ودعا «جميع القوى السياسية إلى لحظة مسؤولية تاريخية لاستكمال مسيرة الإنقاذ لوضع لبنان على مشارف الحلول المنتظرة»، داعياً الجميع «لملاقاتنا إلى هذه الورشة البناءة».
وبينما قاطع النائب أشرف ريفي، شارك 127 نائباً أمس في الاستشارات التي دعا إليها عون لتسمية رئيس جديد للحكومة بعد أكثر من شهر على الانتخابات التشريعية. وفيما حصل ميقاتي على أغلبية الأصوات الشيعية (26 نائباً من أصل 27)، و15 صوتاً سنياً (من اصل 27)، لم يحصل ميقاتي على أصوات الأغلبية المسيحية، حيث اختارت أكبر كتلتين في البرلمان وهما «تكتل لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) و«الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) عدم تسمية أي شخصية للموقع، بينما سمت كتلة «الكتائب اللبنانية» و«شمال المواجهة» السفير نواف سلام الذي سماه أيضاً كامل النواب الدروز (يمثلهم الحزب التقدمي الاشتراكي).
ويعد هذا الرقم الذي حصل عليه ميقاتي هو الأدنى بين رؤساء الحكومات السابقين منذ انطلاق العمل بالاستشارات بعد اتفاق الطائف.
وكان ميقاتي حصل على 67 صوتا لحكومته الأولى عام 2005 وعلى 68 صوتاً عام 2011 فيما حصل في العام 2021 على 72 صوتاً، حسب بيانات شركة «الدولية للمعلومات».
كذلك، ارتفعت مقاطعة التسمية في هذا العام إلى 46 صوتاً، بعدما كانت 42 في العام 2021.
وقال رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل في ختام الاستشارات: «اعتمدنا خيار عدم التسمية لأنّنا لسنا مع تسمية الرئيس ميقاتي لصعوبة تشكيل حكومة في هذا الوقت الضيق وصعوبة تحقيق أمور أساسية في المرحلة المقبلة من الإصلاحات وخطة التعافي وترسيم الحدود». وأضاف: «ننتظر من رئيس الحكومة خلق الأجواء المؤاتية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والتزام من الأكثرية التي ستعطيه الثقة إقرار قوانين ملحة ومعالجة قضايا الناس اليومية الملحّة وتسيير أمور الدولة ولا يجوز ألا يكون هناك موقف واضح من الحكومة ورئيسها من قضية حاكم مصرف لبنان وملاحقته». وأشار إلى أن السبب الثاني لعدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة «يتمثل في أنه لم يتوفّر أي مرشح آخر لديه حظوظ جدية للنجاح»، منتقداً في الوقت نفسه «القوات اللبنانية» بالقول: «من باع الناس أوهام التغيير سقط للمرة الثانية».
وأعاد تكتل «الجمهورية القوية» أسباب الإحجام عن تسمية أي مرشح إلى أن «الكتلة كانت تحاول خلال الفترة الماضية التي فصلتنا عن صدور نتائج الانتخابات تجميع القوى التي نلتقي معها في موضوع السيادة خصوصا، وذلك كي يكون لها موقف واحد من تسمية رئيس حكومة»، كما قال النائب جورج عدوان، الذي أسف «لأننا لم ننجح في هذا الموضوع وسنظل نحاول لأننا نعتبر أن هناك إرادة الناس بوجود فريق سيادي أكثري في المجلس النيابي وأن يكون لهذا الفريق القدرة على بناء الدولة كما يجب».
وإذ أكد «إننا لم نختر الرئيس ميقاتي لأنه وبالمواصفات والبرنامج الذي وضعناه لا نلتقي معه» في إشارة إلى تشكيل حكومة وفاق وطني، قال إن التكتل لم يسمِّ سلام «لأنه لم يبادر ونلتقي به، لنرى مواقفه من مختلف النقاط التي نطرحها لبرنامج رئيس الحكومة المكلف». وقال: «نحن كتكل ومن الآن وصاعدا وكلما كان هناك مرشح لرئاسة الحكومة كما لرئاسة الجمهورية، عليه أن يعلن برنامجه على الملأ من القضايا الأساسية السياسية والاقتصادية وخطة التعافي إلى غيرها من القضايا ويلتزم به».
وسمت كتلة «التنمية والتحرير» (حركة أمل) ميقاتي، وذلك «ربطاً بالنهج الذي يجب أن يتبع من الحكومة لا سيما لجهة الاستحقاقات المقبلة»، كما قال النائب ميشال موسى. أما كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله)، فسمت ميقاتي. وقال النائب محمد رعد باسمها: «لبنان اليوم بحاجة إلى حكومة تدير شؤونه ومصالحه وشؤون اللبنانيين ومصالحهم. وفي الأزمات، تتطلب الواقعية والمصلحة الوطنية توفير كل الفرص وتذليل كل العقبات من أجل أن تتشكل حكومة تمارس سلطة القرار في مواجهة كل الاستحقاقات والمستجدات. وطبيعي أن شخصية الرئيس المكلف من شأنها أن تعزز من توافر الفرص المطلوبة لهذه الغاية».
وانقسم النواب التغييريون الـ13 بين من سمى سلام، ومن امتنع عن التسمية (3 نواب)، وقال النائب فراس حمدان: «قلنا لرئيس الجمهوريّة إنه من غير المقبول الاستمرار بالنّهج والوجوه نفسها التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه»، معلنًا أنه «رفضاً لمنطق المحاصصة والمقايضة والمساومة على حقوق المواطنين، سمّى 10 أعضاء من كتلة نواب 17 تشرين، السّفير السّابق نواف سلام لتشكيل الحكومة». وأكد أنّ «مواجهتنا مستمرة في الدّاخل، وقريباً في الشّارع».
***************************************
الجمهورية
رحلة شاقة للتأليف .. والمعارضون الى الإسـتحقاق الرئاسي دُر
إنتهى التكليف وبدأ التأليف ليواجه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مرحلة شاقة لبلورة الحكومة العتيدة سريعاً «لأننا لم نعد نملك ترف الوقت»، حسبما قال، مُعلناً مَد اليد للجميع، وداعياً ايّاهم الى «التعاون لوضع لبنان في اقصى سرعة على مَشارف الحلول المنتظمة». وهو سينطلق في استشاراته النيابية والسياسية غير الملزمة للتأليف بعد ظهر الاثنين والثلاثاء المقبلين يستتبعها باستشارات سياسية، فيما بَدا انّ القوى التي لم تسمّه تتجاوز موضوع التأليف الى التركيز على التحضير لخوض معركة انتخابات رئاسة الجمهورية التي ستبدأ مهلتها الدستورية مطلع ايلول، حيث تنتهي ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في نهاية تشرين الاول المقبل.
أظهَر تكليف الرئيس نجيب ميقاتي مجددا تشكيل حكومة انّ التفاهمات المسبقة لا تزال سيدة القرار في العمل السياسي اللبناني، وإن أدرجَ البعض الـ٥٤ صوتاً التي نالها ميقاتي في خانة «التكليف الضعيف» إلّا انه استفاد من تشتت المعارضة وعدم اجماعها على قرار موحد من جهة، ومن جهة ثانية اكد رغبته في تحمّل المسؤولية وخبرته في ادارة الازمات وشجاعته في لعب دور الانتحاري، وهي صفات سجّلت له نقاطاً على اي مرشح منافس له يتملّكه خوف كبير من ان تبتلعه رمال لبنان المتحركة اذا لم يكن له سند قوي اقليمي ودولي، وهذا هو الحال في ظل تَرك لبنان لقدره…
ودعت مصادر سياسية واكبت الاستشارات الى التوقف عند «اشارات في منتهى الاهمية» أفرزتها المواقف السياسية للكتل النيابية، وقالت لـ»الجمهورية» انّ «اصطفاف الكتل وتَوزّع الاصوات هو مَدار نقاش وقراءة معمقة: أولاً الحزب التقدمي الاشتراكي سمّى نواف سلام، «القوات اللبنانية» لم تسمّ، «حزب الله» سمّى ميقاتي، لا صوت درزيا سجّل في خانة ميقاتي، تَمايز في موقف تكتل «لبنان القوي» بخروج النائب محمد يحيى عن قراره مسمياً ميقاتي، كذلك نواب الارمن الثلاثة، انقسام نواب التغيير (١٠-٣)، حصول ميقاتي على عدد جيد من اصوات النواب السنة وعلى ١١ صوتاً من الاصوات المسيحية… اما الاخطر، تضيف المصادر، فهو انّ المنافس الاقوى لميقاتي كان «اللاأحد»، اي اذا كان هذا اللاأحد هو المرشّح x لكان من الممكن ان تطيح المعارضة بمرشح السلطة وتتحوّل الى اكثرية لأنّ أوراق اللاأحد بلغت ٤٦، اي بفارق ٨ اصوات عن ميقاتي، ولو أُعطي 30 منها لنواف سلام لكان يمكن ان يصبح الاخير رئيساً مكلفاً».
وحول الميثاقية، اكدت المصادر انّ «الميثاقية هي فقط في التأليف لا في التكليف ولا في الثقة بالحكومة، وهذا الامر سقط من الاهتمامات في احتساب نوعية الاصوات وتوزّعها على الطوائف، فوحده التشكيل يحتسب على الميثاقية الثابتة عرفاً وحتى دستوراً كمناصفة».
وإذ رأت المصادر «انّ سيناريو التأليف يمكن ان يمون على غرار حكومة تصريف الاعمال الحالية»، تخوّفت في الوقت نفسه من «ان يشكّل آخر توقيع لعون في عهده قبل ان ينهي ولايته عائقاً امام ولادة الحكومة اذا لم يتفاهم ميقاتي مع باسيل، وهنا نكون قد دخلنا في أزمة صلاحيات وفراغ مفتوح على مستوى كل السلطات».
ميقاتي الرابع
وقالت مصادر الفريق الذي سمّى ميقاتي لتأليف الحكومة لـ«الجمهورية» انه مع المجلس النيابي الجديد بات معروفاً انّ منطق الارقام في الاختيارات اصبح من زمن الماضي، وبالتالي باتت العبرة في تثبيت النجاح وليس في عدد الارقام، وهذا ما انطبقَ على يوم الانتخابات الطويل في مجلس النواب، اي على انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس، كذلك تكرّس هذا الامر في انتخابات رؤساء اللجان النيابية واعضائها والمقررين، حيث انتصر التوافق على لغة الارقام.
امّا الواقعة الثالثة فكانت في «الاستشارات النيابية الملزمة امس التي انتهت بتسمية ميقاتي الذي فرضَ نفسه خياراً متقدماً غير قابل للكسر». وفي معلومات لـ«الجمهورية» انّ بوانتاجات عدة أجرتها «القوات اللبنانية» مع حلفائها الاقليميين على مدى الايام الثلاثة التي سبقت يوم الاستشارات وظهرَ فيها ميقاتي متقدماً على السفير نواف سلام بأكثر من 5 اصوات. ويضاف الى ذلك اتصالات مصرية ـ اردنية أدّت الى مغادرة خيار هزيمة جديدة محققة لـ«القوات» وحلفائها، وهذا ما أدى الى قرار سريع بالتراجع عن خيار المواجهة وترك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في خياره وحيداً مع حزب الكتائب و10 نواب تغييريين بعد ان تم توريطه ابتداءً».
واضافت هذه المصادر انّ ميقاتي الذي فُوجىء بموقف جنبلاط الذي أيّد نواف سلام، فإنه على رغم من ذلك ومن ملاحظات جنبلاط على اداء حكومته الاخيرة، واعتماداً على إمساكه، أي جنبلاط، بورقة الميثاقية الدرزية كاملة وتَفهّماً منه (اي ميقاتي) للاحراج الذي طبعَ الخيارات الجنبلاطية الاخيرة، فإنه من الواضح انه سيتم تجاوز واقِع ما جرى وسيَحتكر جنبلاط التمثيل الدرزي في الحكومة الجديدة اذا قُدّر لها ان تشكّل».
ورأت المصادر نفسها «أنّ «القوات» بخيارها تحاول ان تحافظ على هوامش تعطيل بادعاءاتها انها ترغب في ان تمثّل وهي في هذه الخطوة تحافظ على حضورها في مواجهة «التيار الوطني الحر» وتمنع احداً من الاستئثار بالتمثيل المسيحي، وفي الوقت نفسه تكون مساهمة في عرقلة حكومة ميقاتي، و«القوات» بهذه الطريقة تبقى على تماس مع معركة انتخابات رئاسة الجمهورية التي تشكّل الهَم الاكبر لدى رئيسها الدكتور سمير جعجع غير المقتنع بأنه فقدَ فرصته في الوصول الى رئاسة الجمهورية».
امّا على صعيد التيار الوطني الحر فتقول المصادر «انّ موضوع «التيار الوطني»، والذي يمكن ان يكون المخرج له اعادة إنتاج الحكومة الحالية مع بعض التغييرات في الاسماء المسيحية والسنية والدرزية، وهذا يُمَكّن حكومة ميقاتي، اذا ولدت، من ان تتجاوز الامتحان الاصعب على طريق الولادة وهو توقيع رئيس الجمهورية لمرسوم تأليفها».
ولفتت المصادر ايّاها الى «ان ليس هناك من شك في انّ الاصوات الـ 26 للثنائي الشيعي والاصوات السنية الـ 16 مقرونة بدعم الرئيس سعد الحريري هي الاساس الصلب الذي اتّكَأ عليه ميقاتي الرابع للعودة الى رئاسة الحكومة. وفي المحصّلة هزيمة جديدة تلقّاها «السياديون» و«التغييريون» في المجلس الجديد مُضافاً اليهم الحزب التقدمي الاشتراكي الذي تَجرّع الهزيمة إماّ بِفَخ، او بقرار ذاتي من نفسه، وهذه النتيجة مع ما سبقها تؤكد ان موازين القوى الحقيقية هي التي تحكم توازنات البرلمان الجديد».
إرتياح في بعبدا
وفي نهاية اليوم الطويل أبدَت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية لـ«الجمهورية» ارتياحها الى انجاز الاستحقاق الدستوري الخاص بالاستشارات النيابية الملزمة، والذي تم وفق الترتيبات التي وضعت لهذه الغاية وانتهت الى ما انتهت اليه بطريقة طبيعية جداً لم تحمل اي مفاجآت على الاطلاق.
وقالت هذه المصادر انّ رئيس الجمهورية وجّه الى الذين استشارَهم سؤالاً واحداً: من تسمّون لتأليف الحكومة العتيدة؟ وكانت الاجوبة متطابقة مع ما أعلن من على منصة القصر الجمهوري امام الاعلاميين.
وعمّا رافق بعض اللقاءات، قالت المصادر انه أثناء لقاء عون والنواب «التغييريين» الذين شاركوا في وفد واحد كما رغبوا ذلك وليس بمِثل ما تَضمّنه برنامج الاستشارات، سَمع منهم كلاما واضحا. وعندما أبلغ انّ 10 منهم سمّوا سلام من أصل 13، طلبَ عون منهم تسمية مَن رفض هذه الصيغة، فأبلغ بالأسماء الثلاثة لتدوينها على لائحة عدم التسمية.
4 نواب شاركوا كتابياً
وكشفت المصادر لـ«االجمهورية» انّ بعض الكتل النيابية التزمت بما يقول به النص الدستوري، وحملت كتباً شخصية ورسمية من النواب الذين غابوا عن وفودهم الى الاستشارات لأسباب مختلفة، إمّا بداعي السفر أو بداعي المرض. وهم 4 نواب من كتل مختلفة: فريد البستاني من كتلة «لبنان القوي»، النائب ستريدا جعجع من كتلة «الجمهورية القوية»، النائب وليم طوق من كتلة «التكتل الوطني المستقل»، وعلي المقداد من كتلة «الوفاء للمقاومة». وقد التزم كلّ منهم موقف كتلته النيابية. ولَمّا لم يلتزم النائب اللواء اشرف ريفي بمثل هذه الخطوة اعتبر مقاطعاً للاستشارات.
نتيجة الاستشارات
وكان المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير قد اعلن بعد انتهاء الاستشارات أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبعد أن التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وأطلعه على نتائج الإستشارات النيابية الملزمة، استدعى ميقاتي الى اللقاء لإبلاغه ايّاها وتكليفه تشكيل الحكومة.
وقد أفضت نتيجة الإستشارات إلى نَيل ميقاتي 54 صوتاً، مقابل 25 صوتاً لنواف سلام، ونالَ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري صوتاً واحداً، والدكتورة روعة الحلاب صوتاً واحداً، فيما امتنعَ عن التسمية 46 نائباً.
الفرص المتاحة
وفي كلمة له من القصر الجمهوري بعد تكليفه دعا ميقاتي الجميع الى التعاون «على إنقاذ وطننا وانتشال شعبنا مما يتخبّط فيه، لأنّ مسؤولية الإنقاذ مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فرد». واعلن مَد اليد «إلى الجميع من دون إستثناء». وقال: «الوطن في حاجة اليوم إلى سواعدنا جميعاً. لن تنفعنا حساباتنا ومصالحنا وانانياتنا اذا خسرنا الوطن». وأكد أنّ «المهم اليوم أن نَعي أنّ الفرَص لا تزال سانحة لإنقاذ ما يجب إنقاذه. نحن قادرون معاً على انتشال البلد من أزماته». داعيا الى «أن نضَع خلافاتنا واختلافاتنا جانباً ونَنكَبّ على استكمال الورشة الشاقة التي تتطلّب أن نضعَ أمامنا انقاذ شعبنا ووطننا كهدف واحد أوحد»، مشيراً الى «اننا لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب. أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرَص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة، التي لطالما كان موقفها واحداً وواضحاً: «ساعدوا أنفسكم لنساعدكم».
وقال: «لقد أصبحنا أمام تحد الانهيار التام أو الأنقاذ التدريجي إنطلاقا من فرصة وحيدة باتت متاحة أمامنا في الوقت الحاضر. على مدى الاشهر الماضية دخلنا باب الانقاذ من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ووقّعنا الاتفاق الاولي الذي يشكّل خريطة طريق للحل والتعافي، وهو قابل للتعديل والتحسين بمقدار ما تتوافَر معطيات التزام الكتل السياسية، وعبرها المؤسسات الدستورية، بالمسار الاصلاحي البنيوي».
واستعجلَ ميقاتي التعاون مع المجلس النيابي «لإقرار المشاريع الاصلاحية المطلوبة قبل استكمال التفاوض في المرحلة المقبلة لإنجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد وبدء مسيرة التعافي الكامل». وكرّر القول «إنه من دون الاتفاق مع صندوق النقد لن تكون فرص الانقاذ التي ننشدها مُتاحة، فهو المعبر الأساس للانقاذ، وهذا ما يعبّر عنه جميع اصدقاء لبنان الذين يُبدون نية صادقة لمساعدتنا».
ودعا «جميع القوى السياسية» الى «لحظة مسؤولية تاريخية. لحظة نتعاون فيها جميعاً لاستكمال مسيرة الإنقاذ الفعلي بأقصى سرعة»، مشدداً على «تجاوز كل اسباب الانقسامات والرهانات التي دمّرت مجتمعاتنا واقتصادنا وضربت مؤسساتنا». وتوجّه الى اللبنانيين قائلاً: «لا خلاص لوطننا إلا بتكاتفنا وتآزرنا»، ومؤكداً «أن لبنان لن يموت، وهو سيتغلب على مِحَنه».
مقارنة
وفي مقارنة لاستشارات الامس مع استشارات التكليف لتأليف الحكومات السابقة في عهد الرئيس ميشال عون، فإنّ الرئيس سعد الحريري نال 112 صوتًا عند تكليفه في 3 تشرين الثاني 2016 وألّف حكومة استقالت في أيار 2018 بسبب الإنتخابات النيابية. ثم نال 111 صوتاً عند تكليفه في 24 أيار 2018 وشكّل حكومة استقالت إثر ثورة 17 تشرين في العام 2019. ثم كُلّف الرئيس حسان دياب بـ 69 صوتاً في 19 كانون الأول 2019 وشكّل حكومة استقالت في 10 آب بعد انفجار مرفأ بيروت. بعده كُلف السفير مصطفى أديب بـ 90 صوتاً لكنه لم يتمكّن من تشكيل الحكومة. ثم كلّف الحريري مجدداً بـ 65 صوتاً إلّا أنّه أيضاً لم يَتمكن من تأليف حكومته، ليُكلّف ميقاتي بعده بـ 72 صوتاً واستقالت حكومته التي تصرّف الاعمال حالياً في 21 أيار الفائت إثر إنجازها الانتخابات النيابية وتسلّم المجلس النيابي الجديد مهماته.
هنية في بعبدا
على صعيد آخر علمت «الجمهورية» انّ رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية سيزور قصر بعبدا اليوم للقاء رئيس الجمهورية، في إطار زيارته للبنان التي بدأها قبل يومين والتقى خلالها المسؤولين اللبنانيين الكبار والامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، وترأس سلسلة اجتماعات لكوادر حركة «حماس» في بيروت، والتقى عدداً من قيادات الفصائل الفلسطينية في لبنان، خصّصت للبحث في أوضاع الحركة والفلسطينيين في لبنان.
***************************************
اللواء
ميقاتي «الرابع» باعتراض 74 نائباً: التشكيلة ميثاقية أواخر الأسبوع!
باسيل حانق على النواب التغييريين ويخسر بروفة التحالف الرئاسي .. ومراجعة أميركية لاتفاقية استجرار الغاز
بين التسمية واللاتسمية، تمكن نجيب ميقاتي الرابع، من ان يكون الرئيس المكلف تأليف حكومة فاصلة بين ما بعد الانتخابات النيابية التي جرت في 15 أيّار الماضي والانتخابات الرئاسية التي يفترض ان تجري بين أوائل أيلول وقبل نهاية ت1.
وبصرف النظر عن انتزاعه 54 نائباً توزعوا بين 15 نائباً من السنّة (من أصل 27) و26 نائباً من الشيعة (من أصل 27)، باستثناء النائب جميل السيّد، 13 نائباً مسيحياً، بمن فيهم النواب الأرمن، بعدما امتنع تكتل لبنان القوي (التيار العوني) 17 نائباً عن التسمية، وكذلك الحال بالنسبة لكتلة الجمهورية القوية (القوات اللبنانية 19 نائباً)، في حين ان الصوت الدرزي ذهب لصالح السفير السابق نواف سلام (6 من كتلة اللقاء الديمقراطي) ولم يحصل الرئيس المكلف على أي صوت درزي، إذ ذهب النائب الدرزي مارك ضو إلى عدم التسمية، وكذلك الحال بالنسبة للنائب الدرزي الجنوبي فراس حمدان، وهما من النواب التغييريين.
وهكذا، تبلغ الرئيس ميقاتي، وهو رئيس حكومة تصريف الأعمال مرسوم تكليفه تأليف الحكومة بتراجع 19 نائباً عن تكليفه في 26 تموز الماضي، إذ نال حينها 73 صوتا، بينهم الصوت الدرزي، من أصل 118 نائباً أعضاء المجلس الماضي، والذي تناقص 10 نواب بين وفاة واستقالة.
وبالمحصلة، يبقى الرئيس ميقاتي، في تجربته الرابعة كرئيس لمجلس الوزراء، باعتراض 74 نائباً، ومع ذلك، اشترط ميقاتي لتلقف كرة النار مجددا التعاون من أجل إنقاذ البلد.
ولطالما كانت الأرقام تحسم خلاصة الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة يكلف تأليف الحكومة الجديدة. لم تتبدل المعادلة إنما ما دخل عليها بقوة مؤخرا هو خيار عدم التسمية، وهذا ما تجلى في مشهد الاستشارات النيابية أمس في قصر بعبدا اذ أن الرئيس ميقاتي نال ٥٤ صوتا مقابل عدم تسمية ٤٦ نائبا لأي شخصية، في حين نال السفير نواف سلام ٢٥ صوتا.
لم يكن تكليف ميقاتي مفاجئا، لكن مشهدية الاستشارات أظهرت غياب الاكثرية وتنسيق المعارضة. حصل الرئيس ميقاتي على أصوات عدد من نواب السنة، وامتنعت أكبر كتلتين مسيحيتين عن تسميته. ولم تجارِ كتلة اللقاء الديمقراطي القوات فسمت السفير سلام. و أظهرت الوقائع التي برزت قبيل الاستشارات وتجلت فيها ان بعض الكتل تأخر في حسم موقفه والبعض الآخر انقسم في خياراته. وبرز موقف النائب جهاد الصمد الذي سمى الرئيس سعد الحريري بسبب الظلامية، اما النائب ايهاب مطر فسمى الدكتورة روعة حلاب. ومن سمى ميقاتي أو سلام أو لم يسم برر قراره. وحده النائب أشرف ريفي أعلن مقاطعة الاستشارات.
وبالنسبة إلى أوساط مراقبة، فإن خلاصة اليوم الطويل للأستشارات كانت مقدرة وعكست توافق الثنائي الشيعي وتباين نواب السنة في غياب الكتلة الجامعة أي كتلة المستقبل. ولفتت الأوساط لـ«اللواء» إلى أن معركة التأليف انطلقت بصراعاتها وشروطها. وربما السؤال المطروح هو القدرة على تأليف سريع قبل دخول البلد في فلك استحقاق رئاسة الجمهورية أو تسلم الحكومة في حال شكلت صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتهاء عهد الرئيس عون .وهنا يصح ترقب البوصلة الداخلية والخارجية. ولاحظت ان الرئيس ميقاتي يمكن ان يكون آخر رئيس مكلف في العهد الحالي، وإن مواقف رئيس التيار الوطني الحر توحي باحتدام الصراع مع ميقاتي الذي يدرك ذلك جيدا.
وكشفت مصادر سياسية ان الرئيس المكلف ينوي تسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة، بالرغم من كل محاولات اعاقة وعرقلة مسار التشكيل من اي جهة كانت، ويرفض ما يطرح من شروط او يفرض عليه من مطالب تعجيزية غير واقعية.
وتوقعت المصادر ان يقدم ميقاتي تشكيلة وزارية متوازنه الى الرئيس عون في غضون اسبوع على ابعد حد، من دون الخوض بتفاصيلها، الا إنها اشارت إلى ان التشكيلة المنتظرة، تأخذ بعين الاعتبار متطلبات المرحلة الصعبة والمعقدة، وكيفية التعاطي معها، والاستجابة السريعة، لحاجات ومطالب المواطنين اليومية، كما تسريع الخطى لاعادة النهوض بمؤسسات الدولة المتهاوية، وتمكينها من القيام بالمهمات المطلوبة منها.
واذ اعتبرت المصادر ان ما يروج عن احتمال رفض رئيس الجمهورية للتشكيلة المقدمة اليه، إذا لم تكن سياسية كما يطمح رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لذلك، ويكون للتيار حصة وازنة فيها، انما هو استباق للامور، ومحاولة للتهويل على الرئيس المكلف، باعتبار ان التشكيلة الوزارية ستشكل خلاصة الاستشارات النيابية التي سيستمع فيها ميقاتي لكل الكتل والنواب، ويضمنها ما يمكن من هذه الاراء .
وفي شريط الاستشارات، صبت اصوات كتل التنمبة والتحرير والوفاء للمقاومة والاعتدال الوطني والوطني المستقل وجمعية المشاريع والجماعة الإسلامية ونواب الأرمن اصواتها لمصلحة ميقاتي. وكذلك فعل النواب حسن مراد وجان طالوزيان وجميل عبود وفراس السلوم وبلال الحشيمي ونبيل بدر وعبد الكريم كبارة ومحمد يحيي. اما من منح أصواته للسفير سلام فهم كتل الكتائب واللقاء الديمقراطي وشمال المواجهة بالاضافة إلى ١٠ نواب من قوى التغيير والنائب غسان السكاف. اما ابرز الممتنعين عن التسمية فهم كتلتا القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والنواب نعمة افرام وفؤاد مخزومي واسامة سعد وعبد الرحمن البزري وميشال ضاهر وشربل مسعد وحليمة قعقور وسينتيا زرازير والياس جرادة.
إلى ذلك، أوضحت مصادر سياسية لـ «اللواء» أن ما يمكن تسجيله في الاستشارات هو توزع الكتل وانتفاء الاتفاق بين نواب التغيير على اسم واحد، اما القوات فلم تسم سلام في حين أنها سمته في الاستشارات السابقة، اما كتلة اللقاء الديمقراطي فسمت سلام في حين أنها سمت ميقاتي في المرة السابقة.
ولفتت إلى تمايز في توجهات تكتل لبنان القوي لجهة امتناع نواب التيار الوطني الحر عن التسمية سمى نواب الأرمن والنائب محمد يحيى الرئيس ميقاتي. ولاحظت تسمية ١٣ نائبا مسيحيا لميقاتي وامتناع الصوت الدرزي عن تسميته.
وأفادت أن المهم هو الميثاقية في التشكيل، مشيرة إلى أن التخوف يكمن من قيام خلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على التركيبة ودخول البعض على الخط فتجمد الأمور عندها.
وذكرت بأن تأليف الحكومة مناط برئيس الجمهورية وبرئيس الحكومة المكلف.
والملاحظ، حسب المصادر حنق النائب باسيل على النواب التغييريين، لعدم القبول بالسعي للتفاهم معه على رئيس مكلف غير ميقاتي، الأمر الذي يفقده بروفة، لخوض الانتخابات الرئاسية بالتحالف مع هؤلاء النواب..
وفي قراءة سياسية لكلمة ميقاتي، كرئيس مكلف، فإنه لم يخرج عن عادته في سياسة مدّ اليد، كما هو ظاهر في انتظار مفاوضات التأليف، وسط معطيات تفيد عن رفضه الشروط المسبقة.
إذاً، انتهت الاستشارات النيابية الملزمة التي اجراها الرئيس ميشال عون امس، الى مفاجآت ومفارقات عديدة، وإن كانت حصيلتها حصول الرئيس ميقاتي على اغلبية ضئيلة ب 54 نائباً، مقابل 25 صوتاً لمنافسه السفير السابق الدكتور نواف سلام، لتبدأ رحلة التشكيل الصعبة في ظل المطالب والانقسامات والمحاصصات التي ما زالت طاغية برغم «التعفّف» الذي تبديه علناً بعض القوى السياسية وتطالب بعكسه من تحت الطاولة في مفاوضات التأليف.
لكن المنافسة عملياً كانت بين ميقاتي وبين «اللاتسمية» التي بلغ عدد اصواتها 46 صوتاً بينها اصوات كتلتي التيار الوطني الحر باستثناء النائب محمد يحيى الذي منح صوته لميقاتي، والقوات اللبنانية، وثلاثة اصوات من مجموعة قوى التغيير. فيما سمّى النائب جهاد الصمد الرئيس سعد الحريري «كونه الممثل الحقيقي للطائفة السنية»، وسمّى النائب المستقبل ايهاب مطر الدكتورة روعة الحلاب!
ومن المفارقات ايضاً اعتراف النواب جورج عدوان وميشال معوض وفؤاد مخزومي وعبد الرحمن البزري بتشرذم قوى الاكثرية النيابية المفترضة التي تضم المعارضين لما يسمونه «منظومة الحكم» وعدم اتفاقها على اسم مرشح واحد ما ادى الى فوز ميقاتي. بينما لوحظ مقاطعة النائب اشرف ريفي للإستشارات. كذلك انقسمت «كتلة مشروع وطن الانسان» التي تضم نائبين بين مؤيد لميقاتي جورج عبود، ولا تسمية من نعمت افرام.
وبعد الاعلان الرسمي من دوائر القصر عن نتائج الاستشارات، والاجتماع التقليدي بين الرؤساء عون ونبيه بري وميقاتي، قال الرئيس المكلف: هذا التكليف الجديد يحمّلني مسؤولية مضاعفة، ولكن تبقى الثقة الملزمة للجميع من دون استثناء لها عنوان واحد هو التعاون. فلنتعاون جميعناً على إنقاذ وطننا وانتشال شعبنا مما يتخبط فيه، لأن مسؤولية الإنقاذ مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فرد. بكل صدق وإخلاص وتجرّد أمدّ يدي إلى الجميع من دون إستثناء، بارادة وطنية طيبة وصادقة».
أضاف: «الوطن بحاجة إلى سواعدنا جميعا. لن تنفعنا حساباتنا ومصالحنا وانانياتنا اذا خسرنا الوطن.المهم اليوم أن نعي أن الفرص لا تزال سانحة لإنقاذ ما يجب إنقاذه. نحن قادرون معا على إنتشال البلد من أزماته. المهم أن نضع خلافاتنا واختلافاتنا جانبا وننكب على إستكمال الورشة الشاقة التي تتطلب أن نضع أمامنا انقاذ شعبنا ووطننا كهدف واحد اوحد. لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب. أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة، التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا ساعدوا انفسكم لنساعدكم.
وفي حديث على قناة الـ «otv» كشف ميقاتي أنه سيتقدم أواخر الاسبوع المقبل بعد المشاورات النيابية غير الملزمة، بتشكيلة حكومية لرئيس الجمهورية ميشال عون.
وقال: أن على الحكومة أن تتشكل بأسرع وقت، فكلما مر الوقت نخسر الكثير، وهناك مشاريع قوانين عديدة قدمناها يجب أن ينظر إليها مجلس النواب.
وأضاف: «لو بدي امسك كباش» مع رئيس الجمهورية لكنت فعلتها في المرة السابقة. متمنيًا «تشكيل حكومة ثم انتخاب رئيس وان تأخذ كل المؤسسات دورها».
وعن إشاعة طلب النائب جبران باسيل وزارتي الخارجية والطاقة قال: لم يحصل حديث أو لقاء حول هذه المواضيع. مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الحكومة سيكون عمرها قصيراً ولن أدخل في مشكلات بسبب حقيبة وزارية.
وأضاف: الميثاقية تقتضي التعاون مع الاشتراكيين، فلا استطيع تأليف حكومة من دون الدروز.
وقال: لم تصلني أي كلمة سلبية من السعوديين وانا لا يمكن ان اقف حجر عثرة ولن اختلف مع السعودي ولا اكون رأس حربة عكس الارادة السعودية في لبنان.
كما قال الرئيس ميقاتي لـ«التلفزيون العربي»: على الحكومة أن تكون ميثاقية، وانا مهتم بأن تُعبّر حكومتي عن جميع أطياف المجتمع اللبناني.
وقد باشر ميقاتي فور مغادرته القصر الجمهوري زياراته التقليدية لرؤساء الحكومات السابقين بدءاً بالرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، لوجود الرئيسين سعد الحريري وحسان دياب خارج البلاد ومرض الرئيس سليم الحص. على ان يباشر بأسرع وقت مشاوراته النيابية غير الملزمة مع الكتل النيابية للإستئناس برأيها في تشكيلة الحكومة.ومن المتوقع ان تكون المشاورات بداية الاسبوع المقبل.
نتائج الاستشارات وتوزيع الاصوات
وقد حاز ميقاتي على اصوات كتل: التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، والطاشناق، ونواب الشمال الستة (كتلة الاعتدال الوطني)، والتكتل الوطني المستقل، وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية، ونائب الجماعة الاسلامية وسبعة نواب مستقلين.
بينما حاز نواف سلام على اصوات كتلة اللقاء الديموقراطي كتلة الكتائب وكتلة شمال المواجهة، وعشرة نواب من قوى التغيير ونائب مستقل واحد.
اما نواب «اللاتسمية» فكانوا: نائب رئيس المجلس الياس بو صعب، وكتلة القوات وكتلة التيار الحر وثلاثة نواب من قوى التغيير و8 نواب مستقلين.
ولوحظ ان اغلبية النواب السنّة من الكتل والمستقلين (نحو 16 نائباً) سمّوا ميقاتي وكل النواب الشيعة بإستثناء جميل السيد، مقابل اغلبية مسيحية ضئيلة جداً وانعدام الصوت الدرزي. وقال رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمورجنبلاط بعد الاستشارات: طلبنا الوحيد هو أن يقوم المسؤولون بتسهيل تأليف الحكومة، التي لن نشارك فيها ولكن سنساعد في تأليفها.
ورد بوصعب عدم تسمية ميقاتي- مع رغبته بأن يصل- الى انه «ليس هناك وضوح للمرحلة المقبلة، اي مرحلة ما بعد التكليف، اي التأليف، ومن غير المعروف الى اين نحن ذاهبون لناحية كيف ستتشكل الحكومة والشكل الذي ستكون عليه، فأنا قررت عدم تسمية أحد. ولكن أتمنى على الرئيس المكلف، وفي هذه الحالة قد يكون الرئيس ميقاتي، الاسراع بتأليف حكومة لأن الوضع لا يحتمل التأجيل».
وقال النائب محمد رعد بإسم كتلة الوفاء للمقاومة: لبنان اليوم وأكثر من اي يوم مضى بحاجة الى حكومة تدير شؤونه ومصالحه وشؤون اللبنانيين ومصالحهم. وفي الازمات، تتطلب الواقعية والمصلحة الوطنية توفير كل الفرص وتذليل كل العقبات من اجل ان تتشكل حكومة تمارس سلطة القرار في مواجهة كل الاستحقاقات والمستجدات. وطبيعي ان شخصية الرئيس المكلف من شأنها ان تعزز من توافر الفرص المطلوبة لهذه الغاية.
«كتلة الجمهورية القوية» تحدث باسمها النائب جورج عدوان، فقال: اننا لم نُسمِ أحداً لأن الكتلة كانت تحاول خلال الفترة الماضية التي فصلتنا عن صدور نتائج الانتخابات تجميع القوى التي نلتقي معها في موضوع السيادة خصوصا، وذلك كي يكون لها موقف واحد من تسمية رئيس حكومة. ومع الأسف لم ننجح في هذا الموضوع وسنظل نحاول لأننا نعتبر ان هناك إرادة الناس بوجود فريق سيادي اكثري في المجلس النيابي وان يكون لهذا الفريق القدرة على بناء الدولة كما يجب. واعتقد انه من واجباتنا كاكبر تكتل في المجلس ان يكون لدينا هذا السعي لتجميع هذه القوى. ورغم اننا لم نتمكن من ذلك، فسنكمل بهذا المسعى.
وأعلن النائب فراس حمدان ان 10 اعضاء من النواب التغييريين سموا نواف سلام، فيما امتنع 3 نواب عن التسمية وهم سينتيا زرازير، حليمة القعقور والياس جرادي. وقال: من غير المقبول الاستمرار بالنهج والوجوه نفسها، ومن اولويات الحكومة وقف الانهيار الاقتصادي واعادة هيكلة القطاع المصرفي، وضع جريمة 4 آب في سلم الاولويات، واعتماد سياسة خارجية تخدم مصلحة لبنان العليا، والتزام حماية المواطن والامن الغذائي، والاستشفاء والدواء وتفعيل التقديمات الاجتماعية للفئة الاكثر هشاشة، والعمل على استقلالية القضاء.
وقال جبران باسيل في ختام الاستشارات: اعتمدنا خيار عدم التسمية لأنّنا لسنا مع تسمية الرئيس ميقاتي لصعوبة تشكيل حكومة في هذا الوقت الضيق، وصعوبة تحقيق أمور أساسية في المرحلة المقبلة من الاصلاحات وخطة التعافي وترسيم الحدود.
واضاف: ننتظر من رئيس الحكومة خلق الأجواء المؤاتية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتزام من الأكثرية التي ستعطيه الثقة إقرار قوانين ملحة ومعالجة قضايا الناس اليومية الملحّة، وتسيير أمور الدولة. ولا يجوز ألّا يكون هناك موقف واضح من الحكومة ورئيسها من قضية حاكم مصرف لبنان وملاحقته.
وتابع باسيل: السبب الثاني لعدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة هو لأنّه لم يتوفّر أي مرشح آخر لديه حظوظ جدية للنجاح ومن باع الناس أوهام التغيير سقط للمرة الثانية.
سلام: التزم قضية التغيير
من جانبه، شكر السفير نواف سلام النواب الذين منحوه ثقتهم اليوم بتسميته لرئاسة الحكومة. وأكّد أنّ «همّنا واحد وهو إنقاذ لبنان من محنته ورفع المعاناة والظلم عن أهلنا. وهذا ما يتطلب التغيير في مقاربة الأزمة نهجاً وممارسة، بدءاً بالإصلاح العاجل والجاد على مستوى السياسات الماليّة.
واعتبر سلام في بيان أنّ الوضع «لن يستقيم من دون الشروع أيضاً بالإصلاح السياسي، الذي يبقى عنوانه الأول التصدي لعقلية الزبائنية وثقافة المحاصصة التي تحمي الفساد وتسبب الهدر وتستنزف موارد البلاد وطاقاته البشرية. وفي مقدمة هذا الإصلاح تحقيق استقلالية فعلية للقضاء، وتحصين مؤسسات الدولة ضدّ آفات الطائفية والمحسوبية».
وأضاف أنّ الإصلاح يبقى في السياسات المالية قاصراً إن لم يرتبط بسياسات وإجراءات واضحة لإطلاق عجلة النمو الاقتصادي. كما انه لا معنى لأي من هذه الاصلاحات ان لم تكن مرتكزة على اهداف ومبادئ الانصاف والعدالة الاجتماعية وصيانة الحقوق والحريات العامة والخاصة.
وقال: إنّني سأبقى كما كنت دوماً، أعمل إلى جانب كل الملتزمين قضية التغيير، من أجل إصلاح الدولة وبسط سيادتها على كامل أراضيها واستعادة بلدنا موقعه ودوره العربي وثقة العالم به.
بو صعب والترسيم
على صعيد مهم آخر، عبر نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب، عن تفاؤله بـ»إمكان التوصل إلى حل في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية»، وقال: إن الوسيط الأميركي اموس هوكشتين اعترف هذه المرة بإيجابية الموقف اللبناني الموحد الذي أبلغه إياه الرئيس ميشال عون.
وكشف أنه «تبلغ هذا الأسبوع من السفيرة الأميركية دوروثي شيا، أن هوكشتين سلّم العرض اللبناني للحكومة الإسرائيلية. وتوقع أن يأتي الرد الأسبوع المقبل أو الأسبوع الذي يليه».
على صعيد مرتبط بموضوع الطاقة، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ «المونتيور: إنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترحب بصفقة الطاقة الموقعة حديثاً بين لبنان، سوريا ومصر، لكنها ستراجع العقود النهائية للتأكد من امتثالها للعقوبات الأميركية التي تستهدف الحكومة السورية.
وجاء في تصريح الخارجية الأميركية للموقع: حكومة الولايات المتحدة ترحب بإعلان 21 حزيران عن التوصل لإتفاق لتوفير الطاقة التي يحتاج إليها الشعب اللبناني بشدة، وسط أزمة الطاقة الحادة التي يعاني منها.
وأضاف: نتطلع لمراجعة العقود النهائية وشروط التمويل من الأطراف، للتأكد من أنّ هذه الاتفاقية تتماشى مع سياسة الولايات المتحدة وتعالج أي مخاوف محتملة بشأن العقوبات.
830 إصابة جديدة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 830 إصابة جديدة بفايروس كورونا، ليرتفع العدد التراكمي للاصابات منذ بدء انتشار المرضي إلى 1105959 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020، مع تسجيل حالة وفاة واحدة.
***************************************
الديار
ميقاتي «الرابع» دون غطاء مسيحي ــ درزي يُفاوض عون من موقع «الأقوى»؟
الاستشارات تكشف هزالة المعارضة والبخاري يُروّج لمرحلة فاصلة بعد تموز
لبنان يخسر «مُناورة» اللجوء… تنسيق أميركي ــ «إسرائيلي» لمواجهة حزب الله! – ابراهيم ناصرالدين
كما كان متوقعا تم تكليف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة لن «تبصر النور» الا بمعجزة، الا ان ميقاتي «الرابع» يبدو اقوى في مفاوضات التاليف بعدما حسم قدرة حكومة تصريف الاعمال على ادارة الفراغ الرئاسي المرتقب. وكل المؤشرات تفيد بان الساحة اللبنانية دخلت فترة «الوقت المستقطع» سياسيا، فيما الانهيار الاقتصادي يستمر دون «كوابح» على الرغم من محاولة تجميله «بالتهليل» لموسم سياحي واعد هذا الصيف. لكن ماذا عن استحقاقات الخريف؟ سؤال ليس له جواب واضح عند احد، فالكل داخليا يهرب من الاستحقاقات الرئاسية مراهنا على «لعبة الوقت» بانتظار ما يجري خارج الحدود، فالمنطقة تشهد خلطا «للاوراق» الاقليمية حيث ترسم معالم جديدة للتحالفات بقيادة سعودية تستغل لحظة تاريخية فرضتها الحرب الروسية على اوكرانيا، فيما تمر اسرائيل بواحدة من اسوأ مراحل عدم الاستقرار السياسي تزامنا مع استنفار امني وعسكري في اطار المعركة بين الحروب التي تخوضها مع ايران. وفيما تشعر «بالقلق» من «البطاقة» الصفراء التي رفعتها موسكو في وجهها بالاعداد لقرار ادانة في مجلس الامن لاستهدافها مطار دمشق الدولي، خطت خطوة متقدمة في التنسيق مع واشنطن بالاعلان عن مناورة عسكرية غير مسبوقة مع ضباط من الجيش الاميركي في محاكاة لحرب مفترضة مع حزب الله على الجبهة الشمالية، رفض الاميركيون ان يكونوا جزءا «نشطا» فيها.
والخلاصة ان لبنان الذي ينتظر ردا اسرائيليا على مقترحاته «لترسيم الحدود البحرية»، مع ترجيح المماطلة عبر الدعوة الى استئناف التفاوض على «التنازلات» اللبنانية، دخل «ثلاجة» الانتظار مرة جديدة، وسيكون عنوان المرحلة «المراوحة» التي لن تخلو من صراعات «الزواريب» المعتادة، حيث سيواصل «خصوم» رئيس الجمهورية ميشال عون منعه من الانجاز ليخرج «صفر اليدين» من بعبدا، فيما سيعمل مع «تياره» السياسي على خوض كل «المنازلات» الممكنة لتحسين شروط «اللعبة» بعد نهاية العهد، وواحدة من هذه المعارك عنوانها «الكباش» حول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
استشارات بمؤشرات «مقلقة»
اذا، انتهى يوم الاستشارات الطويل، دون مفاجآت، فالنتيجة كانت متوقعة بعدما خلت الساحة امام رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، بعدما تبين ان ترشيح نواف سلام كان مجرد «بدل عن ضائع» لدى القوى التي اعتمدت تسميته، فلا الرجل كان بصدد تحمل المسؤولية، ولا تبنته اي جهة خارجية. والنتيجة ان ميقاتي عاد بأغلبية 54 صوتاً مقابل 25 صوتاً لسلام وصوت واحد للرئيس سعد الحريري وآخر لروعة حلاب وامتناع 46 نائباً عن التسمية ومقاطعة النائب اشرف ريفي للاستشارات. وامام هذا المشهد توقفت مصادر نيابية بارزة عند ثلاثة مؤشرات لافتة، سيبنى عليها الكثير في المرحلة المقبلة. المؤشرالاول، استنكاف اكبر كتلتين مسيحيتين عن تسمية اي مرشح للموقع السني الاول في البلاد، وهو موقف يحمل في دلالاته سابقة سيبنى عليها الكثير في الاستحقاقات المقبلة. المؤشر الثاني، بروز «الرافعة» الشيعية كعامل مؤثر في تحديد هوية رئيس الحكومة المكلف. اما المؤشر الثالث، فيرتبط بفشل قوى المعارضة ومعها نواب «التغيير» «والمستقلون» مرة جديدة في تشكيل نواة جبهة واحدة للتاثير في استحقاق مفصلي بعد سلسلة من الاخفاقات المتتالية غير المبشرة. انها متشرذمة ومشتتة، ولن تقوم لها اي قيامة. اما عدم تسميته من النواب الدروز، فلا ترى فيها المصادر مؤشرا على «ازمة» ميثاقية، لان الحزب التقدمي الاشتراكي يعرف جيدا ان لا حكومة بدونه بعدما اسقط كل المرشحين الدروز في الانتخابات، وهو يرفع سقف المواجهة لتحسين شروطه.
ميقاتي «الرابع» اقوى؟
تكليف ميقاتي للمرة الرابعة، جاء بالحد الادنى من الاصوات، وكعادته جدد تبني استراتيجية «تدوير الزوايا»، واذا كان قد اكد ان يده ممدودة للجميع، فهو اقر ضمنيا بصعوبة مهمته، لكنه لمح الى ان «يده» هي العليا في التاليف. ولهذا كان ملفتا تصريحه مساء امس عن وجود استشارة قانونية، تؤكد ان حكومة تصريف الاعمال ستكون قادرة على «ملء الفراغ» الرئاسي، اذا لم تحصل الانتخابات في موعدها، وهو بذلك يرفع عن كاهله الضغوط، او محاولات الابتزاز المفترضة من القوى السياسية التي ستحاول تعزيز حضورها في الحكومة العتيدة، وبحسب مصادر مقربة منه، هو رئيس حكومة مكتملة المواصفات، والتكليف «بجيبه»، ولن يشكل اي حكومة لا ترضيه، وهذا يعني حكما ان «الفيتو» المناط بتوقيع رئيس الجمهورية، غير ذات قيمة بالنسبة لميقاتي القادر على «المناورة» حتى انتهاء العهد. ولهذا كان لافتا تصويبه على «التيار الوطني الحر» من بوابة وزارة الطاقة، باعلانه انه لن يقبل اي وزير لا يتعهد بان «يمشي» بخطة الكهرباء لان هذا الملف لم يعد يحتمل المماطلة، مجددا التاكيد على رفضه حكومة «اللون الواحد»، رافضا تقييد نفسه باي «شروط»مسبقة للتاليف. وهكذا، اذا كان رئيس الجمهورية لن يوقع المراسيم اذا لم تراع مصالح التيار الوطني الحر، فان ميقاتي لا يرى نفسه «محشورا» بالتاليف الا بالشروط التي تناسبه، وهذا يمنحه تقدما واضحا في عملية التفاوض.
«الصندوق» هو الحل
وكان ميقاتي اثر تكليفه تشكيل الحكومة، زار رؤساء الحكومة السابقين تمام سلام وفؤاد السنيورة، واتصل هاتفيا بالرئيس سعد الحريري، وعائلة الرئيس سليم الحص، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب، وقال ان فرصة الانقاذ الوحيدة المتاحة هي من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ودعا المجلس النيابي لاقرار المشاريع الاصلاحية المطلوبة قبل إستكمال التفاوض في المرحلة المقبلة لانجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد وبدء مسيرة التعافي الكامل. من جهته، شكر القاضي نواف سلام النواب الذين منحوه ثقتهم بتسميته لرئاسة الحكومة، وأكّد على ضرورة البدء بالإصلاح العاجل والجاد على مستوى السياسات الماليّة.
يوم الاستشارات الطويل
وعليه، بات التأليف على الارجح، بعيد المنال، الا اذا كان ميقاتي سيعيد تقديم التركيبة ذاتها الى الرئيس عون مع بعض التعديلات، وفي انتظار الاستشارات النيابية غير الملزمة التي يجريها الرئيس المكلف في ساحة النجمة، يومي الاثنين والثلاثاء، كانت نسبة اللا «تسمية» نجمة اليوم الطويل، وقد شكل النواب السنة الداعمون لإعادة تكليف ميقاتي القوّة الثانية بعد القوة التي امنها له «الثنائي الشيعي»، وكانت لافتة تسمية النائب جهاد الصمد الرئيس سعد الحريري، معتبراً أنّه رغم غيابه هو «الأكثر تمثيلاً للطائفة السنية» وأنّ «المظلومية» التي لحقت به «انعكست على الطائفة في الشِرْكة والسياسة»، كما سمّى النائب إيهاب مطر الدكتورة روعة حلّاب. وقد استُهلّت الاستشارات بلقاء مع نائب رئيس مجلس النواب، الياس بو صعب، الذي لم يسمِّ أحداً. وانضم إلى عدم التسمية كتلة «الجمهورية القوية»، وقال النائب جورج عدوان إنّ الكتلة لم تسمّ أحداً لأنّنا حاولنا خلال الفترة الماضية بعد صدور نتيجة الانتخابات تجميع القوى التي نلتقي وإياها في السيادة ليكون لدينا موقف واحد لتسمية رئيس الحكومة وللأسف لم ننجح في ذلك ولكن سنبقى نحاول. وكذلك امتنع من التسمية النواب المستقلون جميل السيّد، فؤاد مخزومي، أسامة سعد، عبد الرحمن البزري، ميشال الضاهر، النائب شربل مسعد والنائب عن كتلة «مشروع وطن الإنسان» نعمة افرام، إضافة إلى نواب «التغيير» سينتيا زرازير، الياس جرادة وحليمة قعقور.
الاصوات الداعمة لميقاتي
فيما سمّى ميقاتي كلٌّ من تكتّل «الاعتدال الوطني»، الذي تحدّث باسمه النائب وليد البعريني، و»التكتّل الوطني المستقل»، الذي يضمّ النواب طوني فرنجية، فريد هيكل الخازن وملحم طوق، وكتلة «جمعية المشاريع»، التي تضمّ النائبين عدنان طرابلسي وطه ناجي، وكتلة «الجماعة الإسلامية» التي تحدّث باسمها النائب عماد الحوت، وكتلة «الوفاء للمقاومة». وقال رئيس الكتلة، النائب محمد رعد، إنّ «موقفنا سهل ممتنع ولبنان بحاجة إلى حكومة تدير شؤونه»، ورأى أنّ الأزمات تتطلّب واقعية وتوفير كلّ الفرص وتذليل العقبات لتتشكّل حكومة تواجه في كل المستحقات والمستجدات. كذلك سمّى ميقاتي النائبان المستقلان حسن مراد وجان طالوزيان، والنائب عن كتلة «مشروع وطن الإنسان» جميل عبود، بالإضافة إلى النواب بلال الحشيمي، نبيل بدر، وفراس السلّوم. أما السفير نواف سلام، فسمّته كتلة نواب حزب الكتائب وكتلة «اللقاء الديموقراطي»، التي تحدّث باسمها النائب تيمور جنبلاط معلناً عدم المشاركة في الحكومة! إضافة إلى النائب غسان سكاف، ونواب «التغيير» ملحم خلف، بولا يعقوبيان، مارك ضو، رامي فنج، وضاح الصادق، ابراهيم منيمنة، ميشال دويهي وفراس حمدان، الذي تحدّث باسمهم ملوّحاً بـ «مواجهة قريبة في الشارع». كذلك، سمّت سلام كتلة «شمال المواجهة»، وتحدّث باسمها النائب ميشال معوّض الّذي وجّه نداءً إلى «المعارضة»، معتبراً أنّ «تشتُّتها عائق أساسي أمام التغيير»، داعياً إيّاها إلى أن تتوحّد «حتّى لا يبقى البلد في يد ميليشيا مسلّحة ومنظومة فاسدة»، وأعلن أنّه بصدد الانضواء في تكتّل يضمّ كلاً من النائبين فؤاد المخزومي وأشرف ريفي الذي قاطع الاستشارات.
البخاري يروج لمرحلة مفصلية؟
في غضون ذلك، سيكون منتصف الشهر المقبل مفصليا في المنطقة، بحسب زوار السفارة السعودية الذين نقلوا عن السفير الوليد البخاري قوله «انه بعد زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن في 15 و16 منه، لن يكون كما قبله». فهو يتوقع ان تتربع المملكة على «راس» حلف كبير وفاعل لمواجهة المد الايراني في المنطقة، وقد بدأ ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان نسجها في جولته على مصر، والاردن، وتركيا، بانتظار الرئيس بايدن الذي لا يملك الا التسليم بواقع القوة الاقتصادية السعودية التي ستكون الرافعة الاساسية لحلفاء واشنطن، وبعدها سيكون هناك كلام آخر، حول الموقف من الساحة اللبنانية، كما يقول البخاري، الذي يدعو «الحلفاء» الى ضرورة انتظار ما ستؤول اليه التطورات في الاشهر المقبلة، مبررا عدم وجود استراتيجية سعودية واضحة حيال الاستحقاق الحكومي، وكذلك الرئاسي، مفترضا ان القيادة غير مستعجلة في الوقت الراهن لاتخاذ اي خطوة بانتظار تبلور المشهد الاقليمي الذي يتجه برأيه لمصلحة بلاده!
«مبالغة» سعودية
في المقابل، ترى اوساط سياسية بارزة مبالغة سعودية في قراءة المشهد في المنطقة، لان اللاعبين الاخرين لا يقفون مكتوفي الايدي، فالرد الروسي لم يتاخر، فموسكو استبقت زيارة بايدن بزيارة وزير خارجيتها سيرغي لافروف الى طهران، للتنسيق، معلنا التعاون في إطار الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط والغاز، وهي ترفع تدريجيا مواقفها الاعتراضية ضد الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا، وتحاول رفع التنسيق مع الايرانيين لمواجهة الخطط الاميركية لمحاصرتها. وهذا يؤشر الى وجود «كباش» قاس غير محسوم النتائج. اما الساحة اللبنانية، فتبقى المشكلة السعودية في غياب «الادوات» اللبنانية القادرة على تشكيل رافعة لسياستها، وهذا ما يرجح عدم عودة الاهتمام السعودي الى سابق عهده، خصوصا ان «قيمة» لبنان الفعلية غير ذات جدوى اذا ما نجحت الرياض في تعميق علاقاتها مع دول الاقليم، وباتت القناعة في المملكة راسخة بان هذا البلد «مشكلة» لاسرائيل واميركا، ولسنا معنيين بحل مشاكل الاخرين…!
واشنطن تنسق ولا تتورط؟
في غضون ذلك، تتطلع اسرائيل الى تشكيل قوة إقليمية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة إيران، ليس الامر جديدا، فوزير الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، اكد على ضرورة بناء قوة مشتركة إقليمية بقيادة أميركية وتشمل الدول العربية المتحالفة مع واشنطن لمواجهة ايران، لكن الجديد، كان اعلان إسرائيل عن مناورة مشتركة مع الاميركيين، تم فيها اختبار الاستعداد المشترك لمواجهة تحديات أمنية، وفي مقدمها حدوث تصعيد عسكري على الجبهة الشمالية، وقد نوقشت السيناريوهات المفترضة بين ضباط كبار من قيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي (سينتكوم)، وضباط كبار من الجيش الإسرائيلي. ووفقا لصحيفة «هارتس» الاسرائيلية، الأميركيون والإسرائيليون نسقوا معاً مخططات للتعاون في مجال الدفاع الجوي، والاستخبارات والمساعدة اللوجستية. لكن لم تتم مناقشة سيناريوهات محتملة لتدخل أميركي «نشط» في هجمات إسرائيلية ضد حزب الله في لبنان. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ترى في الحزب «منظمة إرهابية» لكنها لن تأخذ دوراً نشطاً في الحرب الإسرائيلية ضده!
السماح باستخدام معدات اميركية!
وبحسب الصحيفة، فان السيناريو الرئيسي الذي نوقش هذا الأسبوع، تناول التصعيد في الشمال وتداعياته الإقليمية، من بينها تدخل إيراني إلى جانب حزب الله في لبنان. كل جانب عرض منظوره عن الأحداث المحتملة والمعضلات التي تواجهه. إلى جانب التعاون في فترة الطوارئ، وفي وضع التصعيد، نوقش أيضاً العمل المشترك في الوضع الروتيني. للجيش الأميركي مخازن طوارئ كبيرة في البلاد، ستكون إسرائيل مخولة بأن تستخدم منها معدات بموافقة أميركية أثناء الحرب.
خسارة «مناورة» اللجوء!
في هذا الوقت، علمت «الديار» ان تحركا اوروبيا حصل اثر كلام رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حيال اللجوء السوري في لبنان، ووفقا للمعلومات تلقى عدد من السفراء تطمينات رسمية من رئيس الحكومة بعدم اللجوء الى تسهيل او دفع هؤلاء الى الخروج عبر البحر نحو اوروبا، وجزم ان هذه الخطوة غير واردة على اجندة السلطات اللبنانية. وفهم الاوروبيون ان ما اراده ميقاتي هو اعادة طرح المسألة على «طاولة المجتمع الدولي» على امل تحصيل دعم اقتصادي للدولة اللبنانية تعويضا عن الخدمات التي تقدمها للنازحين السوريين، وفي هذا السياق، لفتت مصادر معنية بالملف الى ان اقدام رئيس الحكومة على تطمين الاوروبيين يفقده «ورقة» المناورة، وشبهت ما حصل بما جرى في ملف الترسيم والتخلي عن الخط 29 مجانا، واشارت الى ان رفع سقف التفاوض بات دون جدوى بعدما فقد عنصر «المفاجأة» عبر هذه التطمينات…؟!
جديد ملف «الترسيم»؟
في غضون ذلك، تحدث الاعلام الاسرائيلي عن بدء السلطات المعنية في اسرائيل بدراسة الطرح اللبناني، دون تسريب اي معلومات حول ماهية الموقف منها، علما ان بعض الترجيحات تحدثت عن سلبية ستترجم بمماطلة متوقعة بالعودة الى تفاوض مفتوح على المقترحات الجديدة. ووفقا لمصادر مطلعة لا مواعيد لزيارة «الوسيط» الاميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت، وهي غير مرجحة قبل الشهر المقبل. تجدر الاشارة الى ان نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب، قد عبر عن تفاؤله بـ «إمكان التوصل إلى حل في ملف ترسيم الحدود» وكشف أنه تبلغ هذا الأسبوع من السفيرة الأميركية دوروثي شيا، أن هوكشتاين سلم العرض اللبناني للحكومة الإسرائيلية، وتوقع أن يأتي الرد الأسبوع المقبل أو الأسبوع الذي يليه.
***************************************
الشرق
54 ميقاتي 25 سلام والرئيس الحريري؟!
هل يتمكّن المكلّف من نيل الثقة ؟.. والوضع مجمّد الى أوائل أيلول
كتبت تيريز القسيس صعب:
أفضت الاستشارات النيابية التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون امس لتكليف شخصية سنية لترأس الحكومة الجديدة، إلى نيل نجيب ميقاتي ٥٤ صوتا مقابل ٢٥ صوتا للسفير نواف سلام، وامتنع ٤٦ نائبا عن التسمية، فيما سجل صوت واحد للرئيس السابق سعد الحريري، وصوت للدكتورة روعة حلاب وقاطع النائب أشرف ريفي الاستشارات.
هذه الاستشارات التي كان طابعها بروتوكوليا دستوريا، على اساس ان النتيجة كانت معروفة سلفا، اعتبرتها مصادر سياسية ان الصورة السياسية اليوم مختلفة تماما عن سابقاتها لاسيما وأن هذه الاستشارات اتت بعد انتخابات نيابية أفرزت وجوها جديدة، ومشاهدة غير تقليدية بحيث ان التوافق المسبق على الكثير من المواضيع اليوم بات أمرا مستحيلا ومستبعدا كما كان يحصل سابقا.
المرحلة المقبلة بطبيعة الحال ستشهد شد حبال لاسيما وأن استحقاقات مهمة تنتظر لبنان وأولها تشكيل حكومة، انتخاب رئيس جمهورية جديد، متابعة التواصل والاتفاق مع صندوق الدعم الدولي، اجراء الاصلاحات المطلوبة خارجيا…..الا ان المشهدية السياسية تبدو صعبة جدا، بحيث ان تأليف الحكومة لن تكون طريقها مسالة في غياب شريحة وازنة فيها كالاشتراكي، القوات، الكتائب، وربما مقاطعة التيار.
وكشفت المصادر ان الكلام حول توجه الرئيس المكلف اجراء تعديلات وزارية على حكومة تصريف الأعمال لا يبدو أنه سيسلك طريقه الإيجابي نظرا لعدم دستوريتها وقانونيتها. من هنا استبعدت المراجع السياسية تمكن ميقاتي من تجاوز هذا المطب الحكومي، وبالتالي فإن حصول ميقاتي على ٥٤ صوتا قد يطرح علامات استفهام حول الثقة التي ستنالها حكومته، بمعنى آخر فإن الرئيس ميقاتي مجبر على الحصول على ٦٥صوتا كي تنال الحكومة الثقة، وهذا الامر غير متوافر اليوم.
المصادر وصفت الوضع الحالي بالستاتيكو والجمود السياسي حتى أوائل ايلول حيث يبدأ المجلس النيابي العقد العادي للفترة التشريعية، وعندها يحق للمجلس النيابي دعوة النواب الى انتخاب رئيس للجمهورية، وبهذه الحالة يدخل لبنان مرحلة جديدة ربما قد تفضي الى انتخاب رئيس ضمن الفترة الدستورية المحددة او نكون أمام فراغ جديد نعرف متى يبدأ ولكننا لا نعرف متى ينتهي.
وكانت الاستشارات الملزمة بدأت صباحا واستكملت عصرا . وعند انتهائها، أعلن المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبعدما تشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وأطلعه على نتائج الإستشارات النيابية الملزمة، استدعى نجيب ميقاتي ليكلفه بتشكيل حكومة».
ميقاتي : وقال الرئيس نجيب ميقاتي اثر تكليفه بتشكيل الحكومة: «بداية أقول شكرا لمن سماّني. وشكرا أيضا لمن لم يزكّني، لانهم جميعا مارسوا دورهم بكل ديموقراطية. هذا التكليف الجديد يحمّلني اليوم مسؤولية مضاعفة، ولكن تبقى الثقة الملزمة للجميع من دون استثناء لها عنوان واحد هو التعاون. فلنتعاون جميعنا اليوم على إنقاذ وطننا وانتشال شعبنا مما يتخبط فيه، لأن مسؤولية الإنقاذ مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فرد».
أضاف :»بكل صدق وإخلاص وتجرّد أمدّ يدي إلى الجميع من دون إستثناء، بارادة وطنية طيبة وصادقة».الوطن بحاجة اليوم إلى سواعدنا جميعا. لن تنفعنا حساباتنا ومصالحنا وانانياتنا اذا خسرنا الوطن. المهم اليوم أن نعي أن الفرص لا تزال سانحة لإنقاذ ما يجب إنقاذه. نحن قادرون معا على إنتشال البلد من أزماته”.
وقال : «المهم أن نضع خلافاتنا واختلافاتنا جانبا وننكب على إستكمال الورشة الشاقة التي تتطلب أن نضع أمامنا انقاذ شعبنا ووطننا كهدف واحد اوحد . لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب. أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة، التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا ساعدوا انفسكم لنساعدكم».