أبرزرأي

اجتماع “اللجنة الخماسية” حول لبنان.. “بدل ما يكحلها عماها”

حسين زلغوط

خاص: لرأي سياسي

يصح في اجتماع الدوحة للجنة الخماسية حول لبنان المثل القائل”بدل ما يكحلها عماها”، ففي الوقت الذي كان ينتظر ان يخرج عن هذا الاجتماع ما يثلج قلوب اللبنانيين بشأن معالجة أزمة الاستحقاق الرئاسي وما يتفرع عنها من ازمات متعددة، خرج المجتمعون ببيان حمل فقرات ممجوجة لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي مكونة من عدة عبارات متكررة تعوّد الشعب اللبناني على سماعها مع كل ازمة يمر بها لبنان وبات يدرك تماما انها من باب تمرير الوقت وغير قادرة على تصحيح الخلل الموجود، والمثال على ذلك ما جاء في البيان لجهة التهويل في فرض العقوبات على معرقلي انتخاب رئيس للجمهورية، حيث تناسى هؤلاء انه سبق لمجلس الشؤون الخارجية الأوروبي أن أقر، في شهر تموز من العام 2021، نظام عقوبات على ​لبنان​، يسمح بفرضها وهي محددة، منها حظر السفر إلى ​الاتحاد الأوروبي​ وتجميد أصول الأشخاص والكيانات، ومنع الأشخاص والكيانات في الاتحاد الأوروبي من إرسال الأموال إلى أولئك المدرجين على قائمة العقوبات الأوروبية، وهو يستهدف الأشخاص والكيانات المسؤولة عن تفويض الديمقراطية أو سيادة القانون في لبنان، كما انه سبق لسفراء الدول المشاركة في هذا الإجتماع، أن لوّحوا بهذا الخيار بعد الإجتماع الأول الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس، والى الان لا المسؤولين اللبنانيين اكترثوا لهذا التهديد او اعطوه اي اهمية ، ولو كان هذا التهديد حقيقيا وفعالا لكان تم انتخاب رئيس منذ عدة اشهر ولما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم.

والسؤال الذي يطرح نفسه ولا يجد حتى اعضاء اللجنة الخماسية جوابا عليه هو من سينفذ هذه العقوبات وعلى اي اساس، وما هي المعايير التي ستعتمد لذلك، ومن يستطيع تحديد الجهة المعرقلة لانتخاب رئيس ، طالما ان كل طرف لبناني يعتبر ان ما يقوم به خلال عقد جلسات الانتخاب ياتي في سياق العمل الديموقراطي والبرلماني والدستوري.

ان ما تقدم يعني ان مسألة العقوبات تأتي من باب التهويل ، وانه لو كانت هناك ارادة اقليمية ودولية للحل في لبنان لكان تم التعامل مع الملف الرئاسي بغير هذه الطريقة، سيما وان كل الدول الممثلة في اجتماع الدوحة لها نفوذ وتأثير على كل الاطراف في لبنان ولكان باستطاعتهم استخدام هذا النفوذ بدل اللف والدوران من دون مقاربة لب المشكلة بشكل جدي ، ففرنسا التي هي على تماس مباشر مع الازمة ولديها مبعوث يعمل على تقريب وجهات النظر وصلت الى قناعة باستحالة انتخاب رئيس للجمهورية من دون توافق لبناني داخلي وان هذا التوافق لا يمكن الوصول اليه من دون الجلوس على طاولة الحوار، ويلاقي باريس في ذلك غالبية الاطراف السياسية في لبنان ، وقد عبر عن ذلك بوضوح الرئيس نبيه بري حين قال انه ركّب طاولة الحوار بانتظار عودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان ثانية الى بيروت ، لكن المفاجئة كانت ان اللجنة الخماسية خرجت ببيان جامع اسقط من سطوره أي اشارة لهذا الحوار مفضلا انتخاب رئيس وتأليف حكومة أولا وهو ما اعتبر على انه اشارة واضحة بان عمر الفراغ الرئاسي سيطول وأن طبخة التسوية اقليميا ودوليا لم تنضج بعد، وان لبنان مقبل على ارتفاع في منسوب الازمات خصوصا الاقتصادية منها بالتزامن مع اشتداد في حدة الاشتباك السياسي حيال الكثير من الاستحقاقت المنتظرة في غضون الاسابيع والاشهر المقبلة.

من هنا فان الزيارة الثانية للموفد الفرنسي ستكون مختلفة عن الاولى ، اذ انه سيتحرك هذه المرة ملتزما ببيان الدوحة، على عكس الزيارة الاولى التي حصلت برعاية فرنسية حيث كان مزوّداً بافكار وطروحات حمله اياها الرئيس ايمانويل ماكرون، وهو ما يعني ان مهمة لودريان ستكون اكثر تعقيدا ولن يحقق الغاية المرجوة، لا بل هناك مخاوف من ان نكون عدنا الى المربع الاول من الازمة ، سيما وان الاطراف المشاركة في اللجنة الخماسية غير منسجمة حول الملف اللبناني ، وفي لبنان ايضا فان كل طرف بات يراهن على تعب خصمه السياسي لفرض الحل الذي يناسبه.

في الخلاصة هناك تباينات داخلية واقليمية ودولية ، مما يجعل التوافق على حل واحد للازمة في لبنان مستحيلاً، ويعطي قوة دفع للشغور الرئاسي لكي يستوطن في قصر بعبدا مدة طويلة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى