إيلات أقرب من أبو ظبي
كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”: “ينضوي حوثيو اليمن تحت راية المدرسة السياسية الإيرانية التي تهتف منذ 40 عاماً بشعارين ثابتين وشعارات إضافية مُلْحَقة.
يردد الحوثيون في تظاهراتهم ما تقوله تلك المدرسة الأم: الموت لأميركا والموت لإسرائيل. وفي السنوات الأخيرة أضافت إيران الى هتّافيها لازمة أخرى صار انصارها يرددونها بحماس حناجرهم، ويخطبون بوحيها: الموت لآل سعود هي تلك اللازمة، وعملاً بها استفاض جماعة إيران في هجماتهم على السعودية ودول الخليج خصوصاً الإمارات العربية، فهددوا مدن الزجاج، وزجوا بلدانهم في عداء مُحكم مع مجموعة الأقطار العربية التي تشكل بقعة التقدم والازدهار الوحيدة في منطقة الخراب المذهبي المتخلف، والتي إليها يلجأ الهاربون من تلك المنطقة كسباً للعيش أو هرباً من إضطهاد.
إرسال المتفجرات الطائرة الى أبو ظبي أمس عملٌ تنفيذي من أعمال المدرسة الإيرانية. الارتكابات الحوثية المماثلة تؤكد ذلك والسلاح المستخدم مصدره تصنيعاً وإعداداً وتدريباً واضح العنوان، إن كانت نقطة إطلاقه صنعاء أو كانت العراق أو جنوب إيران كما رجحت التحقيقات في قصف أرامكو قبل عامين.
لا يمكن تبرير جريمة الأمس بأنها رد على هزائم الحوثيين في شبوة ومأرب. هناك يقاتل أنصار الشرعية اليمنية وليس جيش الامارات، وقوات العمالقة التي برزت في المعارك ضد «انصار الله» الإيرانيين ليست لواء اماراتياً ولا سعودياً، إنها بإمتياز قوات النخبة التي أسسها الرئيس اليمني الشمالي إبراهيم الحمدي قبل نحو نصف قرن!
لا مبرر لضرب المنشآت المدنية في أبو ظبي أو في السعودية. ولن يُفهم ذلك إلا بوصفه تصعيداً إيرانياً لحظة استئناف المفاوضات في فيينا التي عاد اليها أمس ( مصادفةً) رئيس الوفد الإيراني، ولحظة الحديث الإيراني عن تطورات ايجابية في العلاقة مع السعودية آخرها أمس الإعلان عن إرسال ثلاثة ديبلوماسيين إيرانيين الى جدة للعمل في مقر منظمة التعاون الإسلامي!
وهذه ليست المرة الأولى تنتهج فيها ايران اسلوب المهادنة الديبلوماسية مقابل تحريك الحوثيين أو إخوانهم في العراق ولبنان، ففي يوم انتخاب ابرهيم رئيسي ترافق حديثه عن العلاقات الجيدة مع دول الجوار بـ 17 صاروخاً على المملكة! وأمس بالذات كان الناطق الحوثي محمد عبد السلام يلتقي رئيسي وعلي شمخاني مسؤول الأمن القومي الإيراني عندما انطلقت المسيّرات نحو الدولتين العربيتين، ومما قيل أن البيان الحوثي عن هذه الهجمات تأخر إصداره لتنسيق صيغته في طهران.
هل هو التصعيد المرافق لتحسين مواقع إيران في المفاوضات، أم هو اجتهاد حوثي بحت سيشدد من الحصار الدولي على الجماعة بعد استنفاد دورها الإيراني؟
في كل هذه الإحتمالات شيء من الصحة، لكن السؤال الذي يبقى من دون جواب هو أين إسرائيل من تهديدات الحوثي؟ لقد بزّ الزعيم الصعداوي (من صعدة) اساتذته في تهديد الكيان الصهيوني، ومثلهم لم يطلق طلقةً باتجاهه، مع أن إيلات تقع على نفس المسافة من أبو ظبي. فعلاً إن لله في «أنصاره» شؤوناً.”