رأي

أين الأحزاب العروبية؟

كتب عبدالرحمن الجيران في صحيفة الراي.

ليس في المشرق العربي من يعرف هذه المذاهب السياسية على بصيرة بها أو عن استقلال بالرأي عنها… إلا القليل ولكن أغلب اتباع الأحزاب يلقنونها تلقيناً «ببغاوياً» أو يتهافتون عليها ولعاً بكِل غريب مجهول؟ أو هرولة وراء الموضة… وقد تموت المذاهب السياسية في الغرب ولها في الشرق دعاة يهتفون لها ويترنمون بشعاراتها التقدمية أو الثورية مع صيحات الإعجاب والتصفيق والتصفير… حالهم حال ذلك الرجل الأصم الذي ذكروه في (نوادر الأضاحيك) أنهم أيقظوه بعد انتهاء المُغَنّي وانفضاض السُّمار، فهبّ من نومته مصفقاً للمطرب المبدع بعد سكوته بساعات وخلو القاعة! ويشبه هؤلاء على هذا الطراز بعض الأدباء الداعين إلى (أدب الحياة) كما بشر به مايكوفسكي عام 1893، لم يقرأوه ولم يعلموا أنه انتحر مع زملائه من أدباء الحياة ولو أنهم علموا بذلك لما اقحموه في الأدب وفي المدارس ليتخذوه قدوةً لطلاب الحياة وأدب الحياة!
وعندنا في وزارة التربية وكرد فعل على أحداث 11 سبتمبر – تفجير برجي التجارة 2001، أنتجوا لنا كتاب (مهارات الحياة) للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة ليعالجوا مناهجنا التعليمية لأنهم ثاروا أو أُثيروا على مناهج دولة الكويت لأنها جمود على القديم – على زعمهم – واستبقاء لميزان النقد كما غبر عليه المقلدون في عصور الضعف والانحلال؟
فلم يتعلم الأبناء أي مهارة حياتية رغم كثرة اللجان التي تعاقبت على التأليف وضياع الجهود سُدىً! لسبب بسيط وهي إنهاء فكرة وليدة ردود الأفعال! والنتيجة استودع الكتاب في المخازن!
المتأمل اليوم في جميع الأحزاب العروبية أو الإسلامية المنحرفة يرى أنها ظهرت في وقت من الأوقات السياسية الحاسمة وأنها الآن تنتهي إلى مصيرها الأخير من ناحيتها الفكرية وقواعدها الشبابية.
وكل ما ثبت بحق هذه المذاهب الهدامة – التي ما جنت منها الأمة إلا الحنظل – أنها ظهرت في الشام والعراق والمغرب العربي واليمن والسودان وقد تقوضت نظمها العتيقة وتعذر بقاؤها لعجزها عن مواجهة تقلبات الزمان ومتطلباته العالمية فظهرت هذه الأحزاب لأن النظم والحكومات التي سبقتها لم يكن لها حق البقاء، ولم تظهر لأنها هي ذات حق في البقاء، ولم تبق بعد ذلك عاماً واحداً إلا بجهد جهيد من الترقيع والتعديل الدستوري – إن وُجد – حتى أصبحت اليوم وليس فيها من أصولها وقواعدها التي تدعي أنها قامت عليها غير العناوين وغير بعض التُّحف البرّاقة التي ما زالت تعيش أجواء التناقضات الفكرية والسلوكية، حيث يعترفون بالملكية الفردية ورأس المال ويفتحون الباب واسعاً للتفاوت بين الأجور وأنماط المعيشة وينادون بتثمين السلع والخدمات حسب قانون العرض والطلب، ثم هم يعرضون الكماليات والإكسسوارات التي تباع بالألوف ولا يقدر على شرائها عامل وأجير من عموم طبقة العمال!
وها هي المنظومة الاشتراكية ومن لفّ لفّها تدخل من الباب الذي دخلت منه الإمبريالية لتكون النهاية واحدة لكلا الفريقين، وهي لغة المصالح ومنطق الأمر الواقع! وهذه (قاعة الجدر) في أحداث العالم اليوم… فهل أغنت طفرة الأحزاب العربية التجربة الديموقراطية؟ خصوصاً أن أكثرها لم يكن يتعدى مقراً وجريدة؟ يبدو واضحاً مدى بُعد مبدأ التداول السلمي للسلطة؟
وهل أدركنا حقيقة هذا السراب؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى