أوساط ديبلوماسيّة: كلّ المنطقة الى الجنوب من “خط كيسنجر” هي مياه إقليميّة لبنانيّة ولكن..!
تتجه الأنظار الى زيارة الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكشتاين الخامسة الى لبنان حيث وينتظر أن يكون الردّ الإسرائيلي الذي سيحمله هذه المرّة مفصليّاً في هذا الملف، وسط الحديث عن قرب توقيع الإتفاق بين الجانبين.
أوساط ديبلوماسية متابعة للترسيم البحري والبرّي للحدود ، وبحسب مانقل صحيفة “الديار”، لا تزال متحفظة حول التفاؤل الذي أبداه هوكشتاين والمسؤولون اللبنانيون خلال الزيارة الأخيرة له الى لبنان، منطلقة من أنّ الأمور أكثر تعقيداً مع الجانب الإسرائيلي ممّا يعتقد البعض لا سيما في مسألة الترسيم. فنحن أمام عدو شرس وعنيد، ويطعن بالظهر، ورفض على أيام السفير فريدريك هوف الذي رسم ما يُعرف بخط هوف، الحصول على 45 % من المنطقة المتنازع عليها بمساحة 860 كلم2 تقريباً، مقابل 55% للبنان، معلناً أنّه لم يعتد على الحصول على نسبة كهذه من أي إتفاق.
لهذا من غير السهل حصول أي إتفاق مع “الإسرائيلي” اليوم، على ما أضافت المصادر، من دون أي ضمانات. فإذا كان يُطالب الجانب اللبناني بضمانات لعدم ضرب المقاومة سفينة “إنرجين باور” في أيلول خلال فترة عملها على إنتاج الغاز، وتحديداً من 4 الى 11 منه، كما هو مقرّر، فإنّه لا بدّ للبنان من طلب الحصول على ضمانات مقابلة تتعلّق بالتزام “الإسرائيلي” ببنود أي إتفاق “غير مباشر” سيعقده لبنان معه. وإلّا فسيكون من الصعب على لبنان الثقة بأنّه سيقوم بتنفيذ ما ينصّ عليه الإتفاق بحذافيره.
وإذ أكّد المسؤولون اللبنانيون أنّه لم تَجْرِ مناقشة مسألة تقاسم الثروات أو عائدات الحقول المشتركة المُحتملة بين لبنان والجانب الإسرائيلي في المنطقة الحدودية المتنازع عليها، أشارت الأوساط نفسها الى أنّ هوكشتاين طرح على المسؤولين اللبنانيين مبادلة الجزء الجنوبي من حقل “قانا” (بمساحة 160 كلم2)، مقابل قسم من البلوك 8 (بمساحة 120 كلم2) يريده “الإسرائيلي”. غير أنّ المسؤولين رفضوا هذا الطرح بشكل قاطع، وتمسّكوا بكامل البلوك 8، كما بحقل قانا كاملاً كونهما من حقوق لبنان الطبيعية.
وتقول المصادر بأنّه فيما يتعلّق بترسيم الخطوط، فإنّ الوفد اللبناني المفاوض لم يتقدّم على طاولة الناقورة، بخط مستقيم من النقطة 29 بل بخط شبه متعرّج، وهذا الخط قائم في معظم الخرائط المتداولة. أمّا اليوم فلم نرَ حتى الآن، الخط الذي يُطالب به لبنان أي الخط 23 مع حقل “قانا” كاملاً مرسوماً، فقد يكون مستطيلاً، وليس متعرّجاً.. في الوقت الذي يتحدّث فيه هوكشتاين عن أنّه ليس بالضرورة أن يُرسّم عند الخط 23 ليشمل حقل قانا.
وذكرت الأوساط عينها أنّ ثمّة خط يتجاهله البعض هو خط كيسنجر (الظاهر بوضوح على الخريطة المرفقة)، الذي ينتدّ الى النقطة 29، وكلّ المنطقة الى الجنوب من هذا الخط هي مياه إقليمية لبنانية، ولكن.. تحت “النفوذ الإسرائيلي”، وهذا يعني إستطراداً أنّ أي من النقطتين 1 أو 23 يُمكن اعتبارهما، نقطتي فصل بين الحدود اللبنانية والإسرائيلية بموجب خريطة كيسنجر، ولا حتى النقطة 29. فنقطة الفصل يجب أن تقع الى الجنوب من خط كيسنجر الأحمر. وعلى الأغلب، إفتراضياً، على ما عقّبت، لو تمكّن لبنان من الحصول على نسخة صحيحة من هذه الخريطة من الأرشيف السرِّي الأميركي، فعلى الأرجح أنّ هذه الخريطة كانت ستُبيّن أنّ المياه الإقليمية اللبنانية- الفلسطينية تنطلق بخط أفقي من رأس الناقورة وليس من الخط 1 أو 23 أو حتى 29.
ولفتت الى أنّ هذا الخط هو الفاصل بين القوّات السورية التي تدخّلت في لبنان في العام 1976، والمنطقة الجنوبية التي ستبقى خالية من أي وجود عسكري سوري كي لا يشعر الجانب الإسرائيلي بأن دخول هذه المنطقة، أي جنوب هذا الخط أو خط الليطاني سيُشكّل تهديداً لأمنه.
وذكرت بأنّه على هوكشتاين العودة قبل نهاية شهر آب الجاري بالردّ الإسرائيلي على طرح لبنان الأخير، قبل أن تبدأ “إنرجين باور” بعملها في إنتاج الغاز من حقل “كاريش” في الأسبوع الأول من أيلول المقبل، ومن ثمّ تقوم بتوزيعه على الدول الأوروبية. كما على العدو الإسرائيلي أن يرفع الضغط عن شركة “توتال” الفرنسية، ما يسمح لها بالمجيء لبدء عملها في حقل “قانا” بالتوازي. أمّا بعد هذا التاريخ فسيكون لبنان منشغلاً بجلسات إنتخاب الرئيس الجديد للجمهورية اتي يُمكن بدء الدعوة اليها في أول أيلول المقبل.