أفرام: كيف نغرق في نزوح سوري يكاد يبتلعنا؟!
شارك رئيس الرابطة السريانية الملفونو حبيب أفرام في ندوة بعنوان” في النضال والتجربة وآفاق التجربة”، وألقى كلمة في ذكرى الشهداء السريان، جاء فيها: “حين إندفع أبناؤنا للدفاع عن بيوتهم وكنائسهم، لم يقدموا دمهم من أجل طلة بيار الجميّل، ولا وسامة كميل شمعون، ولا لاحقاّ جرأة بشير، ولا بطولة داني، ولا دهاء حبيقة ولا مشروع سمير. ولا لأي حزب، بل من أجل المسيحية الحرّة التي دفعوا ثمنها غالياً في تاريخهم وإيمانهم.
هم بوجوههم وأسمائهم، أثمن ما عندنا، أصلاً الرابطة السريانية التي تحتفل العام المقبل بيوبيلها الذهبي، اُنشأت كتنظيم سياسي عسكري في لهيب حرب في لبنان. تحية الى أرواحهم. وتحية الى كل رفيق مناضل تحت شمس الأرض.
لا أحد يزوّر التاريخ والرابطة كانت عضواً في قيادة القوات اللبنانية، كنا عن قناعة أن لبنان يستحق الشهادة. كنّا، طليعة في العطاء، رغم أن النظام كان وما زال عنصرياً يميّز ضدنا ويعتبرنا أقليّات مواطنين درجة ثانية”.
لكن، مع روعة الإستشهاد، كيف وصلنا الى هذه الأحوال القاتمة؟ كيف بقي التوطين الفلسطيني؟
كيف بقينا تحت سلطة سورية مباشرة لسنوات؟ كيف نغرق في نزوح سوري يكاد يبتلعنا؟ كيف سُرقت مدخراتنا وأفلس الناس؟ كيف فُجّر المرفأ ؟ كيف نبقى دون رئيس – الرئيس المسيحي الوحيد من المغرب حتى أندونيسيا . وحامي الدستور .
كيف نتراجع حضوراً ودوراً ومكانة وثقافة وفكراً وسياسة و ديموغرافيا؟”
وسأل افرام: “هل حاولنا مرة، أن نقوم بنقد ذاتي في أحزابنا وكنائسنا حول توجهاتنا وتحالفاتنا ورهاناتنا، حول خلافاتنا القاتلة المدمرة، حول إستعمال السلاح والإلغاء في المجتمع الواحد، حول السلطة و تداولها والتسلّط ، حول الرؤية والمستقبل والأهداف، حول الصيغة والميثاق والوطن ورسالته، وقوانين الإنتخاب، وصمود الناس في قراها والمدن في خطر الهجرة.
أليس علينا أن نفكر بطريقة مختلفة، وأسلوب مختلف؟ هل نستمر في هذا الضياع والإنكماش والفوقية؟ ألم يحن الوقت لنراجع كل حساباتنا؟ جاء فرنجية، وبشير،وأمين، وعون، رؤساء، فماذا حققنا؟ من يجرؤ على إنتفاضة على الذات، على قلب المفاهيم، على طلة جديدة بأن أولوياتنا ليست التفاهة والسفاهة والهبل وإستسهال السرقات وتغطية النصابين وتأثير المال والسلطة، بل العودة الى الجذور، من الهوية الى اللغة الى الأرض الى المقاومة الى الإنفتاح الى الجسور، الى الوعي، الى الحكمة.
كيف نثور حين نبقى بلا رئيس، وطن مصلوب معلّق، وكلنا نطعنه بحراب الحقد والأنانية. دمه على أيدينا كلنا.علينا ألا نيأس، لكن أيضاً أن لا نستمر هكذا. الوضع صعب ومعقّد . لكن لا شيء مستحيل، حذار الأوطان كالبشر تموت، وربما تُقسّم أو تُبتلع أو تُحتلّ، نحن شرقٌ ينام على مجزرة و يفيق على إرهاب”.
وختم: “غدنا نحن نصنعه. إما نستسلم للأقدار، أو للسفراء، أو للغرباء، نصبح نحن حجارة و دُمى، يُلعب فينا عند تقرير مصير المنطقة، أو نؤكد على أننا ملح الشرق وسكّره، وأننا قادرون على أن نستحق الحياة والحياة الأفضل، إذا كنا متضامنين واعين رسلاً فكل نظام جيّد، وإذا كنا منقسمين مجانين فلا خلاص لنا ولو بأفضل الدساتير إذا لم نكن نعرف الى أي مرفأ نحن مبحرون فأية ريح ليست الريح المناسبة.
رفاقي، مارون وألفرد، و انا منذ الجامعة الأميريكية طلّاباً حملنا مشعل قضية، في أكثر من موقع، نذكر كل من إرتقى شهيداً،كل من ترك وقرف وبعد واُبعد، كل من ظلمته الأيام، ونبقى طالما فينا عرق ودم لمجد لبنان”.