اليوم، هو يوم القبول الخادع بكافة الاتجاهات. هذا النفاق يستصرخ وزارة العدل على قاعدة وضع الجميع قبالة الجدار ورميهم بالرصاص. فيستمع المحقق العدلي طارق البيطار إلى المدعى عليهما الوزيرين غازي زعيتر ونهاد المشنوق. فإذا أصدر البيطار مذكرتي توقيف في حق كل من زعيتر والمشنوق، فإن المدعي العام غسان عويدات سيعمد إلى إصدار مذكرة إحضار في حقه، تتقيد الجهات المعنية فيها تنفيذ القرارات حفاظا على المستدعى عليه مديرعام أمن الدولة اللواء طوني صليبا الذي يستمع إليه البيطار في العاشر من شهر شباط.
مساعدة الألف ميل
في المقابل، استسلم اللبنانيون، المنهكون من حرب داخلية مع اقتراب ضجيج للقوة الخارجية االوحيدة التي بإمكانها إنهاء كابوس بدوا غير قادرين على إنهائه بأنفسهم. وأميركا إلى جانب كونها ضرورة كهربائية حتمية، سرعان ما جعلت نفسها مصدر استياء كبير بعدما أدرك لبنان معلومات أكدتها وكالة الأنباء المركزية عن الاتصالات الرسمية التي أجريت بين لبنان ونيويورك وبيان حجم المعضلة التي لم يعد محتمل وضعها تحت قبضتهم لا سياسيا ولا إداريا، ويبقى لبنان بذلك فاقد أهلية التصويت في الأمم المتحدة.
في الموازاة، أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من أميركا التي يزورها برفقة وفد نيابي لبناني، أن الأميركيون قد أكدوا من خلال بنكهم الدولي أن القرض الذي كان مقررا لإستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان يتعدى مشروع البحث فيه ثمانية عشر شهرا، وبذلك وفروا على المنسق الخاص للمساعدات الدولية للبنان السفير بيار دوكان الكلام اللدود ولم يعد يحلم لبنان بأي قرض يتوج فيه انتصارات كهربائية “وهمية” قصيرة الأمد.
انتخابات “ديمقراطية” بنفس الوجوه
محليا، انتخبوا الكتائبيون قيادتهم الحزبية “الجديدة” سامي الجميل رئيسا والنقيب جورج جريج بمركز نائب الرئيس الأول بالتزكية، وميشال خوري بمركز نائب الرئيس الثاني. واعتبر جميل أن “الكتائب تعطي اليوم نموذجا في الديموقراطية الحقيقية ونأمل أن يحذوا حذونا.” وهنا تظهر أولى المغالطات التي بات ناطقها الرسمي نفس “المتسلل” الذي يرفع شعارات الديمقراطية بشكل انتخابات “ايقاعيتها” التسلية.
أما رئاسيا، تستمر المساعي الخارجية في مراعاة المظاهر الخارجية اللبنانية التي دمرت تماما في الجوهر، فقد حددت وزارة الخارجية الفرنسية جدول أعمال الإجتماع الذي اقتصر على التنسيق ومحاولة تشجيع اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة من دون أية مطامح “جنونية” حول صدور قرارات ملزمة او تبني أي مرشح لرئاسة الجمهورية علنيا.
أما رئيس مجلس النواب نبيه بري ما زال مصدرا “صامتا” قابلا لأي شكل من أشكال المسايرة السياسية أو التسوية في الواقع، ومن المستبعد أن يحدد بري حلسة انتخاب رئيسا للجمهورية هذا الأسبوع ما لم يتم تأمين نصاب خمسة وستين صوتا لأي مرشح “تسمية”. وفي السياق، لم تحرر مشاورات رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي شبرا واحدا من التعصب الطائفي المستمر.
وتحت غطاء مقاومة “مسيحية” رئاسية، توجه بكركي دعوات إلى جميعِ النواب المسيحيين سيكون من أول الحاضرين فيها حزب الطاشناق، التيار الوطني الحر، وتيار المردة أما الكتائب “الديمقراطية” لن تحضر قبل الاطلاع على جدول الأعمال “الملغوم”
رئاسيا.
مهزلة اقتصادية
في أي حال إن هذا الأسبوع السياسي الحافل لن يخلو من مهزلة اقتصادية مريعة، إذ أن وزير الاقتصاد أمين سلام يجتمع مع أصحاب السوبرماركت لوضع آلية وللحؤول دون تفلت الأسعار، في ظل ما يعانيه المواطن اللبنان من أسعار تزيد مع ارتفاع الدولار من جهة والإستقرار على حالها في حال هبوطه مم جهة أخرى.
حكوميا الرئيس نجيب ميقاتي دعا إلى عقد جلسة حكومية ضمن جدول مواضيع ملحة منها دوائية “دون دواء” واستشفائية “دون مستشفيات” وتربوية مع دخول اعتصام الأساتذة في الأسبوع الخامس على التوالي، وبيئية تخص مطمر الناعمة وغيره من المطامر التي شكلت أزمة سنوات و “مكانك راوح”.