أخطأت ترامب و«أصابت» بايدن
كتب علي قباجة, في “الخليج”:
يبدو أن الرصاصة التي أخطأت دماغ ترامب وأصابت أذنه فقط، قد أصابت حملة بايدن في مقتل؛ إذ حولت محاولة اغتيال الرئيس السابق إلى أيقونة، وهو يرفع قبضته والدماء تسيل من رأسه، ما يجعله بطلاً في نظر الكثير من الأمريكيين، وخصوصاً المتأرجحين الذين لم يحسموا قرارهم؛ إذ دعمت الحادثة السردية التي يروج لها، من أنه يتعرض لحملات تحريض ممنهجة وقضايا وملاحقات ظالمة تدفعه إلى التخلي عن طموحه السياسي في ولاية رئاسية أخرى.
معظم مراكز الدراسات التي تعنى بقياس شعبية المرشحين الرئاسيين في الولايات المتحدة، أكدوا أن ما حدث سيكون مفصلاً في الحملات الانتخابية المقبلة، ومادة دسمة لترامب في مواجهة خصومه وتأكيد مظلوميته واستخدامه نظرية المؤامرة عليه، لرفع شعبيته، حيث سيقدم محاولة قتله دليلاً دامغاً على «الفساد» المستشري في أوصال الولايات المتحدة الذي طالما تحدث عنه، وحمّل خصومه الديمقراطيين المسؤولية عنه، يأتي ذلك متزامناً مع انقسام واضح في الحزب الديمقراطي بين مؤيد لاستمرار ترشح بايدن وآخر معارض، بسبب سنه، في ظل أخطائه الكثيرة، والضعف الكبير الذي أظهره في المناظرة الانتخابية أمام ترامب، وعدم قدرته على مجاراته، وهذه كلها ستسهم في رفع حظوظ الرئيس السابق، وتساعده على تخطي الكثير من العقبات بيسر وسهولة.
وثمة أمثلة تاريخية تشير إلى الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها السياسيون بعد محاولات اغتيال، وأبرزهم، الرئيس الأسبق رونالد ريغان؛ إذ كسب تعاطفاً ودعماً شعبياً بعد محاولة اغتياله، أثناء مغادرته فندق «هيلتون» في واشنطن، في 30 مارس/آذار 1981؛ حيث تمكن من هزيمة جيمي كارتر، وهذا ساعده على اتخاذ مجموعة من السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل، والتاريخ يعيد نفسه الآن مع ترامب؛ إذ إن الحادثة التي نجا منها ستمثل طوق نجاة له من الخسارة، وفق المعطيات التي يتفق معها الكثير من المحللين الأمريكيين، ما يجعله قاب قوسين أو أدنى من عودته للبيت الأبيض.
لكن في المقابل، فإن بايدن وحملته يحاولون امتصاص الحدث، والتعامل معه بروية، لأنه يمثل ضربة غير متوقعة جاءت في وقت غير مناسب؛ إذ كان خطابه الذي تبع الحادث أقل حدة، فقد دان العنف السياسي في الولايات المتحدة، ودعا إلى إجراء نقاش حقيقي، والتحلي بالمسؤولية للتخفيف من الجدل السياسي، مؤكداً أنه لحسن الحظ أن ترامب لم يصب بأذى، وفي اللحظة ذاتها سرد إنجازاته في محاولة لإعادة حملته إلى الواجهة مجدداً.
محاولة الاغتيال لها ما بعدها؛ بل هي نقلة نوعية، قد تقلب الأمور على عكس ما كان متوقعاً لها، لكن من المؤكد أن تداعياتها ستكون كبيرة على بادين لصالح ترامب.