أحزاب اليمين وتحالفاتها في البرلمان الأوروبي الجديد
كتبت لوسيا شولتن في DW.
تعيد الكتل اليمينية تشكيل نفسها بعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية. ومن خلال ذلك تجري إعادة صياغة تحالفات قديمة وإقامة أخرى جديدة، وهو أمر لن يخلو من المفاجآت داخل البرلمان الأوروبي الجديد.
في انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي التي جرت في بداية حزيران/ يونيو، حققت الأحزاب اليمينية المتطرفة مكاسب كبيرة، خصوصاً في فرنسا ، حيث أثار فوز حزب “التجمع الوطني” اليميني الوطني صدمة دفعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإجراء انتخابات برلمانية جديدة في البلاد. الجولة الأولى من الانتخابات في فرنسا أظهرت تقدم اليمينيين، وبينما ستتحدد نتائج الجولة الثانية يوم الأحد القادم القوة الفعلية لحزب “التجمع الوطني”في الجمعية الوطنية الفرنسية، تقوم الأحزاب الشعبوية اليمينية في البرلمان الأوروبي بإعادة صياغة تحالفات قديمة وتشكيل تحالفات جديدة.
تعزيز قوة المحافظين
حتى الآن، تتجمع الأحزاب اليمينية المتطرفة، الوطنية المحافظة، واليمينية الشعبوية والأحزاب الأخرى اليمينية المتطرفة في البرلمان الأوروبي في تكتلين أساسيين. يضم التكتل الأول وهو تكتل “المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين” (EKR)، حزب “القانون والعدالة” البولندي المعارض وحزب “إخوة إيطاليا” الذي تعود أصوله إلى حركات ما بعد الفاشية. وتترأس رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني فصيل المحافظين والإصلاحيين.
وقد حددت هذه الكتلة أولوياتها للفترة التشريعية القادمة على الشكل التالي: يجب على الاتحاد الأوروبي التركيز على مهامه الأساسية دون تطويره ليصبح دولة فوق وطنية. في مجال الهجرة، تسعى الكتلة إلى مكافحة الدخول غير القانوني وإنشاء ما يسمى بـ”منصات خارجية” لمعالجة طلبات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي، مع معالجة أسباب الهجرة بشكل نشط. كما تهدف إلى مراجعة قرار إلغاء محركات الاحتراق وإعادة النظر في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. ويدعم الفصيل بوضوح أوكرانيا ضد المعتدي الروسي. ويرى تييري شوبين، المحلل السياسي في معهد جاك دلور في باريس، أن النبرة المعتدلة لرئيسة الوزراء الإيطالية جزء من استراتيجية سياسية، خاصة فيما يتعلق بموقفها من أوكرانيا.
يبلغ عدد أعضاء كتلة “المحافظين والإصلاحيين” حسب أحدث التقارير 84 مقعدًا، مما يجعلها ثالث أكبر كتلة في البرلمان الأوروبي حاليًا. في جلستها التأسيسية يوم الأربعاء، أعادت الكتلة تنظيم صفوفها للسنوات القادمة، وقد تلعب دورًا حاسمًا في إعادة انتخاب أورزولا فون دير لاين بعد حوالي أسبوعين.
ما هو وضع اليمين المتطرف؟
الكتلة اليمينية الكبيرة الأخرى، هي كتلة “الهوية والديمقراطية” (ID) اليمينية الشعبوية والتي استبعدت قبل الانتخابات الأوروبية الأخيرة حزب البديل من أجل ألمانيا. ومن أبرز الأحزاب فيها حزب الرابطة الإيطالي بقيادة ماتيو سالفيني وحزب “التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان. استبعاد حزب البديل ولقاء جيورجيا ميلوني مع مارين لوبان أثار شائعات حول تشكيل “كتلة كبيرة” من الأحزاب اليمينية المتطرفة. ويبدو أن هذا غير مرجح حاليًا. وبهذا الشأن يقول المحلل السياسي تييري شوبين إن اختلاف توجهات الحزبين كبير جدًا، خصوصًا فيما يتعلق بعلاقاتهم مع روسيا. فبينما تدعم ميلوني أوكرانيا بوضوح، يصعب تحديد موقف لوبان.
ويشرح شوبين أن حزب “التجمع الوطني” كان تقليديًا أقرب إلى بوتين، لكنه خفف من خطابه قليلاً بعد دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا. هذه المسألة مهمة بالنظر إلى الجولة الثانية المقبلة من الانتخابات البرلمانية وفوز محتمل للشعبويين اليمينيين، حيث يتخذ البرلمان في فرنسا قرارات بشأن القضايا المالية، بما في ذلك المساعدات لأوكرانيا. وما زالت ملامح كتلة “الهوية والديمقراطية” المستقبلية غير واضحة، وربما تتشكل مجموعة يمينية جديدة.
“الوطنيون من أجل أوروبا”
من جهته أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربانو هو رئيس حزب “فيدس” المحافظ، بالتعاون مع نظيره التشيكي أندريه بابيش رئيس حزب “إي ن او/ ANO” الليبرالي الشعبوي، وهربرت كيكل رئيس حزب الحرية النمساوي اليميني (FPÖ)، عن تشكيل كتلة جديدة في البرلمان الأوروبي.
في بيانهم “بيان لمستقبل أوروبا”، أكدوا على رغبتهم بإقامة “أوروبا الأمم” بدلاً من الدولة الأوروبية الفوق وطنية، ويشدد زعماء هذه الأحزاب على حقوق السيادة والفيتو للدول الأعضاء، كما يشددون على حماية الهوية الأوروبية والتقاليد والعادات المستمدة من التراث اليوناني الروماني واليهودي المسيحي، إضافة لتشديدهم على وقف الهجرة غير القانونية للحفاظ على الهوية الثقافية. ويستخدم فيكتور أوربان حق الفيتو في المجلس الأوروبي بانتظام، وهذا كان واضحًا في الماضي خاصة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وبحسب التقارير الإعلامية، أبدى الشعبويون اليمينيون البرتغاليون من حزب “شيغا” اهتمامًا بالمشاركة. ويجري التكهن في بروكسل حول مشاركة حزب الرابطة الإيطالي وحزب “التجمع الوطني” الفرنسي الذين ينتميان حاليًا إلى كتلة الهوية والديمقراطية.
وحتى تحصل المجموعة على وضع كتلة في البرلمان، تحتاج إلى أعضاء من سبع دول، ويبدو أنها قد وصلت إلى الحد الأدنى من 23 عضوًا. وبحلول الجلسة الأولى للبرلمان الأوروبي في 16 تموز/ يوليو، سيكون واضحًا شكل الطيف اليميني في البرلمان الأوروبي في المستقبل.