أبعاد زيارة وزير الدفاع السعودي إلى إيران

تحتاج المنطقة، أكثر ما تحتاج، إلى الأمن والسلام، وعلاقات حسن الجوار التي تؤسس لقيام علاقات مبنية على الندية والثقة المتبادلة، وتضع حداً للتوترات والصراعات العبثية التي لا تؤدي إلا إلى الخراب، ما يستدعي إغلاق كل الملفات الخلافية، كمنطلق لخطوات إيجابية تحقق الاستقرار والازدهار والتنمية لشعوب المنطقة، وتضع حداً لكل أشكال التوتر التي تعيشها المنطقة.
وتأتي الزيارة الرسمية لوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى إيران في هذا الإطار، وقبيل يوم واحد من الجولة الثانية من المفاوضات الأمريكية – الإيرانية في روما حول الملف النووي الإيراني، تعبيراً عن مدى اهتمام المملكة ودول الخليج بهذه المفاوضات التي سوف ترسم، في حال نجاحها، مساراً جديداً للعلاقات بين واشنطن وطهران، ثم بين دول المنطقة على ضفتي الخليج العربي، بما يضع حداً لكل الخلافات في العلاقات الإقليمية والدولية، ويدعم العمل المشترك بما يسهم في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة.
الزيارة التي تمت بدعوة رسمية من طهران وبتوجيه من القيادة السعودية، حيث قام الأمير خالد بن سلمان بتسليم المرشد الإيراني علي خامنئي رسالة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، كما التقى الوزير السعودي الذي رافقه وفد عسكري رفيع، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري وغيره من المسؤولين الإيرانيين، تأتي بعد محادثات هاتفية بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الإيراني عباس عراقجي، حيث بحثا نتائج الجولة الأولى من المفاوضات الأمريكية – الإيرانية التي جرت في مسقط يوم السبت الماضي، حيث رحب الوزير السعودي بسير المفاوضات، معرباً عن أمله في أن تؤدي إلى نتيجة إيجابية لإيران والمنطقة.
مروحة واسعة من القضايا على جدول أعمال الوزير السعودي، منها العلاقات الثنائية بين البلدين والعمل على ترسيخها، والعمل المشترك لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، فضلاً عن قدرة السعودية على القيام بدور مهم في تهدئة التوترات، والمساهمة الإيجابية في التقريب بين وجهات النظر الأمريكية -الإيرانية في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني.
وتعد زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران ثاني زيارة يجريها مسؤول دفاعي إلى طهران منذ استئناف العلاقات بين البلدين عام 2023 بوساطة صينية، ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قام رئيس الأركان العامة السعودي فياض بن حامد الرويلي بزيارة طهران بدعوة من نظيره الإيراني، وبحثا فرص تطوير العلاقات الأمنية بين البلدين، لكن زيارة وزير الدفاع السعودي الآن تحمل معنى آخر ولها أهداف تتعلق بمصير مفاوضات نووية سوف تكون لنتائجها تداعيات مهمة على صعيد الأمن والسلام في المنطقة والعالم.
كانت مفاوضات مسقط الأسبوع الماضي خطوة مهمة لأنها فتحت الباب للتواصل المباشر بين واشنطن وطهران وكسر حاجز عدم الثقة بينهما، والبدء بمناقشة القضايا المهمة المتعلقة بالملف النووي، على أمل أن تتكرس الثقة بين الجانبين في مفاوضات روما غداً وتخرج بنتائج إيجابية.
كانت مفاوضات مسقط الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف إيجابية، ووصفها الرئيس ترامب بأنها «تسير على نحو جيد للغاية»، فيما قال المرشد الإيراني علي خامنئي: «لقد نُفّذت خطوات المفاوضات تنفيذاً جيداً، لكننا نتعامل معها بحذر»، وأضاف: «لست مفرطاً في التفاؤل ولا التشاؤم». ومن الواضح أن الطرفين يتعاملان مع المفاوضات على أنها ضرورية، لكن الأمر يحتاج إلى الصبر والوقت والجهد، إذ لا ينتظر التوصل إلى اتفاق بين عشية وضحاها.
المهم أن قطار المفاوضات انطلق، وبذلك فتحت نوافذ التفاؤل، وأغلقت نوافذ التصعيد والتهديد، وطويت خطط الحرب التي كانت تسعى لها الحكومة الإسرائيلية.
المصدر: الخليج