حسين زلغوط.
خاص رأي سياسي…
يبدو ان الادارات العامة في الدولة باتت على عتبة الانهيار الكامل حيث ان هناك العديد من الوزارات والمؤسسات العامة لم يعد لديها القدرة على انجاز المعاملات اليومية للمواطنين اما بفعل المعاناة من جراء انقطاع الكهرباء وفقدان حتى الاوراق والقرطاسية . ووصل الامر الى حد ان اكثر من وزارة تدر الاموال على الخزينة لم يعد لديها الإيصالات التى تعطى لتمكين اصحاب المعاملات من دفع ما يتوجب عليهم وبذلك تحرم الخزينة من الاموال التي احوج ما تكون اليه الدولة في هذه الظروف، هذا بالاضافة الى ان حضور الموظفين بات يقتصر على يوم او يومين نتيجة الارتفاع الهائل في اسعار المحروقات وتدني الرواتب نتيجة الانهيار الكبير في اسعار صرف الليرة .
واذا كانت الدولة تقارب هذا الموضوع بخجل على قاعدة العين بصيرة واليد قصيرة، فان لجنة الطوارئ المكلفة متابعة وضع القطاع العام ستلتئم مطلع الاسبوع المقبل بعد ان يكون رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قد عاد من السعودية التي يزورها لاداء العمرة ، للاستماع الى وزير المالية حول ما يمكن فعله لتحسين ظروف العاملين في هذا القطاع وانتشاله من قعر البئر الذي وصل اليه، كما سيكون لوزير العمل مصطفى بيرم رؤية حول هذا الامر انطلاقا مما توصلت اليه لجنة المؤشر التي اجتمعت ووافقت على زيادة الرواتب وبدل النقل في القطاع الخاص ، وسيطرح وزير العمل الافكار التي من شأنها تحقيق التوازن بين القطاعين على مستوى الرواتب والاجور.
وفي هذا السياق فان مصدر وزاري يؤكد ان خزينة الدولة متهالكة وهي لم يعد لديها القدرة على تلبية مقومات الصمود للعاملين في القطاع العام، وان ما يجري لا يعدو كونه سياسة ترقيعية للعب على الوقت بانتظار ايجاد الحلول للوضع السياسي المأزوم.
ويسأل المصدر: من اين تاتي الدولة بالاموال فمعظم القطاعات الحيوية معطلة او شبه معطلة كالنافعة والدوائر العقارية، ولا مساعدات او هبات تأتي من الخارج، والليرة فقدت قيمتها الشرائية ، ولذلك فان كل الخطوات والاجراءات ستبقى قاصرة ولن تفي بالغرض، وان التدهور الحاصل في القطاع العام سيتواصل ، معتبرا ان اي خطة اصلاحية في الوقت الراهن لن يكون في مقدورها احتواء الازمة التي باتت عصية على الحل في ظل غياب الاستقرار السياسي، وهذا ان دل على شيء فانه يدل على تداعي الدولة وتحللها، لان تلاشي المقومات الاقتصادية في اي بلد هو مدخل لسقوط الدولة . فعندما تتوقف الخدمات العامة الأساسية، كما إمكانية إنجاز المعاملات الإدارية، يؤشر ذلك إلى مخاطر جمة تتهدد مصير ووجود لبنان.
ويضيف ما معنى ان تنتظر المؤسسات العسكرية ان يأتيها هبة من هنا او هناك ليتم توزيعها على الضباط والعسكريين، وما معنى ان يعطى العسكر الاذن بالعمل خارج الدوام، وما معنى الفرار وتقديم الاستقالات ؟ كل ذلك يعني اننا اقتربنا من الارتطام الكبير فالمؤسسة العسكرية يجب ان تكون اخر من يعاني ، ويجب المحافظة عليها لانها اساس الوطن .
ان ما تقدم يؤشر الى ان البلد اصبح في حالة تفكك ، والخوف مبرر من ان نكون في الاسابيع او الاشهر المقبلة امام انهيار جميع مؤسسات الدولة التي كانت ما تزال تعمل.
فالدولة لم تعد قادرة حتى على تحصيل ضرائبها وسط إلاضرابات المتواصلة لموظفي القطاع العام والتي تشلّ عمل العديد من المؤسسات في سابقة ربما تكون الأخطر في تاريخ لبنان الذي شهد حرباً أهلية وجولات اقتتال وأزمات عدّة وبقيت الادارة العامة في تلك الازمنة متماسكة ، حتى ان الرواتب في شطري العاصمة خلال الحرب لم تنقطع عن الموظفين .
ان الوضع الراهن بات يستوجب على الحكومة ان تدقّ النفير، حتى ولو كانت حكومة تصريف الاعمال، وتستنفر سياسياً واقتصادياً ومالياً لمواجهة هذا الانهيار الذي ينذر تفاقمه بانفجار اجتماعي بات قاب قوسين او ادنى ، فما تقوم به الحكومة الى الان هو اشبه بمريض يعاني من مرض خبيث ويتم علاجه بالبنادول.