هل تقسيم بلدية بيروت هو الحل؟
صلاح سلام – اللواء
الندوة الثانية التي عقدتها أمس جمعية متخرجي المقاصد الإسلامية في سلسلة «الحوار النيابي» والتي ضمت النائبين غسان حاصباني وفؤاد مخزومي، تحولت إلى جلسة مصارحة حول الأوضاع المتردية في العاصمة بيروت، وتداعيات تقصير البلدية في القيام بمسؤولياتها الإنمائية والخدماتية والإجتماعية.
النقاش تطرق إلى إشكالية الصلاحيات بين المجلس البلدي والمحافظ، الذي يتمتع بالسلطة التنفيذية كاملة، فيما رئيس البلدية والأعضاء المنتخبون معه تقتصر صلاحياتهم بالسلطة التقريرية فقط. أي أن المجلس البلدي يتخذ القرارات التي يراها مناسبة لتأمين المشاريع والخدمات للعاصمة، ويعود للمحافظ أمر توقيت تنفيذها، أو حتى وضعها في أدراج التأجيل والنسيان.
وتناول النقاش أيضاً مسألة إمكانية قيام بلديتين في بيروت، وفقاً للتقسيم الإنتخابي الطائفي الحالي، حيث تكون للدائرة الأولى بلدية تضم الأشرفية والرميل والسيوفي وبقية المناطق ذات الغالبية المسيحية، وتكون للدائرة الثانية بلديتها وتضم مناطق الطريق الجديدة ورأس النبع والمزرعة والخندق الغميق وزقاق البلاط والبسطة طبعاً، وبقية المناطق ذات الغالبية الإسلامية.
ولكن سرعان ما تبين في المداخلات التفاعلية التي جرت بين بعض الفعاليات المشاركة في اللقاء، أن مناطق بيروت ومختلف أحيائها، في الدائرتين الأولى والثانية، أو ما كان يُسمّى في زمن الحرب «شرقية وغربية»، متساوية في الإهمال المتمادي من قبل البلدية والمحافظ على السواء، وأن البلدية التي كانت تعتبر أغنى البلديات في الجمهورية، غارقة في مستنقعات الفساد والفشل، فضلاً عن الترهل الذي أصاب جهازها الإداري، وأفقده قدرته على العمل والإنتاج، بعدما هيمنت على التعيينات المحسوبية والزبائنية المقيتة.
كما تم التأكيد على أن تقسيم بيروت بين بلديتين ليس هو الحل، بل هي خطوة خارج سياق الدور الوطني للعاصمة الحاضنة لكل الأطياف اللبنانية، والتي حافظت على مكانتها الحضارية والثقافية، وحفظت صيغة العيش الواحد بين اللبنانيين في سنوات الحرب السوداوية، وفشلت معها كل دعوات التقسيم والتفريق بين البيارتة، مسلمين ومسيحيين، مما دفع دعاة التقسيم وقتذاك إلى التراجع عن محاولاتهم، والتسليم بوحدة العاصمة التي لا تنفصم، كما ردد رئيس القوات اللبنانية الشيخ بشير الجميل إثر إنتخابه رئيساً للجمهورية عام ١٩٨٢.
فتح أبواب الحوار على منبر متخرجي المقاصد يبقى بمثابة مبادرة وطنية بإمتياز تستحق كل الإهتمام والتقدير لرئيس الجمعية ومعاونيه، في زمن أضاع أهل السياسة بوصلة الحوار الوطني، وكرّسوا القطيعة والتباغض على إيقاع الأزمات والإنهيارات التي أوصلت البلاد والعباد إلى الإفلاس.